قراءة في مقالات وحوارات ومواقف الدكتور عبد الحكيم بشار المتناقضة

دلشاد أحمد

 لقد آمن الشعب الكردي في سوريا وعلى مرّ سنين التعايش السلمي بينه وبين أخوتهم من مختلف أطياف النسيج الوطني السوري ومنذ اتفاقية سايكس بيكو أوائل القرن المنصرم … آمن بضرورة الاعتراف المتبادل بحقوق كل مكون من قبل المكونات الأخرى في سوريا … وعلى هذا الأساس وبعد أن تنكرت أنظمة الحكم المتعاقبة على دفة الحكم في سوريا لحقوق الشعب الكردي القومية ومحاولاتها لصهره في بوتقة القومية العربية وفق رؤى عنصرية شمولية , وقد تزايدت حدة تلك العقلية بعد استلام البعث للحكم عام 1963 حيث طبق بحق الشعب الكردي العديد من الإجراءات الشوفينية كالإحصاء الاستثنائي والحزام العربي وعمليات التعريب للمناطق الكردية ….
 وعليه فقد خاض الشعب الكردي في سوريا وبطليعة حركته الكردية نضالاً مريراً طيلة هذه العقود , وقد كانت السمة الأساسية في نصالاته وسياساته هو اعتماد الحل الديمقراطي السلمي في إطار وحدة البلاد … إنّ وجود كيان كردي مستقل للشعب الكردي حق طبيعي , لا هبة ولا منة لأحد علينا , ولكن هذه الأمنية لا تتجاوز كونها حلماً قومياً للكرد , كأمنية الأخوة العرب بوجود كيان يجمع الأمة العربية قاطبة , فذلك لا يعتبر تآمراً على سوريا … , وطبعاً الحلم شيء والواقع شيء آخر … إن وطنية الشعب الكردي في سوريا لم تكن تحتاج يوماً إلى أدلة … وتاريخهم يبرهن على مدى إخلاصهم لبلدهم سوريا … من يوسف العظمة إلى إبراهيم هنانو … إلى ثوار عامودا وبياندور … الموقف الغريب للدكتور عبدالحكيم بشار : نشر الدكتور عبدالحكيم بشار , سكرتير البارتي , مقالة باسمه بعنوان (سوريا وخيارات الحلول) بتاريخ 17 /8/2011يستعرض من خلالها أربعة حلول للأزمة السورية , وهذه الحلول هي : الحل الأول : قبول السلطة بمبدأ المؤتمر الوطني العام بعد توفير مستلزمات انعقاده ونجاحه … والمؤدي بالمحصلة إلى انتقال سلمي وآمن للسلطة , ويرى بأن هذا الحل شبه مستحيل من جانب السلطة .

الحل الثاني : انقلاب عسكري , ويرى بأنه أمر ليس مستبعداً وقد يعتبر الخيار الأفضل بالنسبة للدول العظمى ودول الخليج العربي لأن مثل هذا الحل كفيل بوقف دوامة العنف والقتل في سوريا .

الحل الثالث : إقامة أربع فيدراليات ” عربية وكردية وعلوية ودرزية ” ويرى بأنه يعتبر من الخيارات الجيدة .

الحل الرابع : إعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة على أساس قومي أو ديني أو مذهبي بحيث يحقق أكبر قدر من التجانس … أي بما معناه إقامة كردستان الكبرى الشاملة للمناطق الكردية في سوريا وتركيا والعراق وإيران … ويعتبر هذا الخيار هو الأفضل … موقف الحركة الكردية وموقف حزب الدكتور عبدالحكيم بشار : في ظلّ الثورة السورية ضد النظام السوري , أكدت الحركة الكردية ومن جديد تمسكها بحقوقها وضمن وحدة البلاد , حيث جاء في نص مبادرة أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا , والمعروفة بمبادرة الهلالية , “طبعاً الدكتور عبدالحكيم بشار وحزبه من الموقعين على هذه المبادرة ” : ((إن أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا، التي هي جزء من الحركة الوطنية والديمقراطية العامة في البلاد، ترى أن القضية الكردية في سوريا قضية وطنية أساسية ويساهم حلها في حل القضايا الأخرى وتعزيز الوحدة الوطنية في البلاد … حل القضية القومية للشعب الكردي حلا ديمقراطيا عادلا في إطار وحدة البلاد، بالاعتراف الدستوري بوجوده القومي كمكون رئيسي، وتأمين ما يترتب على ذلك من حقوق قومية .

)) ويأتي هذا الرأي موافقاً لرأي المجلس السياسي الكردي في سوريا ” طبعاً الدكتور عبدالحكيم بشار وحزبه من المنضوين في ظل المجلس السياسي ” , حيث جاء في الرؤية المشتركة للمجلس السياسية ما يلي ” ((في الجانب الكردي : إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في إطار وحدة البلاد )) … ولكن الغريب أنّ موقف حزبه ( حزب الدكتور) أيضاً يتنافض مع موقفه الجديد هذا , حيث جاء في مقالة نشرت في جريدته المركزية ( صوت الأكراد العدد 438 – شهر أيار 2011 ) وتحت عنوان : ” في الحدث السوري … كوردياً … ؟ ” ليس المطلوب من الحركة الكوردية القفز على موقف الحركة الوطنية والديمقراطية السورية، بل يجب أن يتمشى معه سياسياً وتنظيمياً ووطنياً لكي لا نقع ضمن العزلة السياسية التي سيستفيد منها النظام بالدرجة الاولى والعزف على التمرد الكوردي الانفصالي المدعوم من كوردستان العراق ومن خلفها إسرائيل، بمعنى آخر ليس المطلوب قيادة الشارع العربي واستلام زمام المبادرة سورياً.

”  لماذا يقدم الدكتور عبدالحكيم بشار على هذه الخطوة : إنّ الدكتور عبدالحكيم بشار ليس من الجهل السياسي بمكان حتى ينشر هذه المقالة باسمه الشخصي, فبعد تحجج بعض رفاقه في التنظيم بأن المقالة باسمه وهي تعبر عن موقفه الشخصي أطلّ مجدداً ليؤكد أنّ المقالة تعبر عن موقف حزبه وذلك في سياق اللقاء الذي أجري معه من قبل موقع ” سوريا الجديدة ” 19 – 8 – 2011 , حينما سئل عن الحل الأمثل للقضية الكردية في سوريا … أولاً – الدكتور عبدالحكيم بشار على ما يبدو أنه متخبط في اتخاذ المواقف فبعد أن أكد في مقالته ” سوريا وخيارات الحلول ” بتاريخ 17 – 8 أن أفضل الحلول هي إعادة رسم الخارطة السياسية في سوريا أي تقسيم سوريا … جاء بعدها وبيومين فقط بتاريخ 19 – 8 – 2011 أن أفضل الحلول هي الفيدرالية في سوريا … والملفت انه ينقلب على رأيه الأول فيقول أن (يعتبر التقسيم أحد الخيارات التي قد تدفع بها تطورات الأحداث في سوريا في إشعال فتيل حرب أهلية أو إقليمية مفتوحة ) ثانياً – كما رأينا أعلاه أن الدكتور يناقض موقف الحركة الكردية وموقف حزبه أيضاً بخصوص حل القضية الكردية ضمن وحدة البلاد .

ثالثاً – كيف يستطيع الدكتور أن يوفق بين موقفه هذا وبين هذه الجملة التي وردت في جريدته المركزية العدد 438 ” ليس المطلوب من الحركة الكوردية القفز على موقف الحركة الوطنية والديمقراطية السورية، بل يجب أن يتمشى معه سياسياً وتنظيمياً ووطنياً لكي لا نقع ضمن العزلة السياسية التي سيستفيد منها النظام بالدرجة الاولى والعزف على التمرد الكوردي الانفصالي ….

” رابعاً – إن الدكتور عبدالحكيم بشار ومن خلال العديد من مقالاته وجلساته وندواته يشن هجوماً لاذعاً على المعارضة السورية , وبشكل واضح … خامساً – لماذا يقوم الدكتور بتمويه الإجابة على سؤال موقع سوريا الجديدة بخصوص سبب زيارته لإقليم كردستان العراق : حيث كما ورد في نص اللقاء (قبل فترة قمتم بزيارة لإقليم كردستان العراق… ما هي أسباب هذه الزيارة؟ كانت زيارة ضرورية واعتذر عن الدخول في تفاصيلها.

) … وكأنه يلمح إلى أشياء خطيرة تخص الثورة السورية , وأنه تلقى تعليمات , وأن هناك تنسيق بين الاقليم وبين الحركة الكردية بخصوص الثورة السورية , وخاصةً أن المقابلة تدور حول الثورة السورية … هذا ما يفهم من جوابه ….

وإلا كان بإمكانه أن يقول أنه ذاهب لزيارة عائلية … مالضير من ذلك ؟؟؟ إن الدكتور من خلال تهجمه على المعارضة بهذه الطريقة – يحدث شرخاً عميقاً بين المعارضة والحركة الكردية , ويقدم هدية كبيرة إلى أصحاب العقول الشوفينية والعنصرية حيث يقدم لهم ثبوتيات ومن سكرتير حزب كردي بأن الشعب الكردي انفصالي … وكذلك يكون بفعلته هذه قد احدث شرخاً في الحركة الكردية في سوريا … * فيا ترى من المستفيد من هذه البلبلة في المعارضة الوطنية السورية ( العربية والكردية ) , ألا يحق لشعبنا الكردي وحركته السياسية , وحتى حزبه أن يقولوا للدكتور عبدالحكيم بشار أن هرطقات حلولك الدونكيشوتية لا تعبر عن موقفنا ….

* لماذا يا ترى يقوم الدكتور بهذه الخطوة التي تخدم النظام , هذه الخطوة التي تفرق المعارضة السورية , وتباعد بين العرب والكرد … ؟؟؟ * هل يعقل أنّ الدكتور عبدالحكيم بشار قد كتبها سهواً … وسيعتذر عن سهوه هذا ؟؟؟ أم أنه كتبها قصداً , وعلى النظام أن يشكره ؟؟؟!!!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…