رقصة الذابح

فدوى كيلاني

بعد أن تابعت الخطاب الرابع للأسد وهو المقابلة التلفزيونية التي أجراها معه التلفزيون السوري رأيت بأن اللقاء
كان يخلو من الضحكات ، ويخلو من التهريج والميوعة التي عرف بها في خطبه وهو يخفف الدم ، في هذا الخطاب  كان يبدو إحساسه بأن النهاية وشيكة ، وأنه في أيام دكتاتوريته الأخيرة ، بعد أن عاث قتلاً وفساداً وكان

الارتباك واضحاً على خطابه، والأسئلة كانت محدودة ، والأكثر أهمية أن الأسئلة الموجودة كانت تتعلق بما هو مهم له ، لا بما هو مهم للشعب السوري ، وهذا ما يؤكد مرة أخرى أنه وحاشيته ينظرون إلى سوريا وكأنها عبارة عن مزرعة لهم .
بشار الأسد مهما صال ، ومهما جال ، فإن أيامه على كرسي الرئاسة هي الأخيرة ، وإنه الآن  في مراحل الوداع ، وصار همه أن يمرر أكبر ما يمكن من أموال إلى الخارج تحت أسماء أخرى قريبة (ولم يكن صادقاً عندما قال بأن المنصب لا يعنيه وليس قلقاً من الأحداث )
الخطاب كان فارغاً من المضمون ، وكان هشاً وعبارة عن مفرقعات كلامية ، لا معنى لها ، ولا أعرف كيف أن بشار الأسد  قبل على نفسه أن  يظهر أمام  24 مليون سوري ، وأمام المليارات في العالم ، لقد كان في وضع لا يحسد له .
الأجوبة كانت عامة ، مدرسية ، لا تفي بالغرض المطلوب ،
كان بشار الأسد يتحدث ، يرد على الأسئلة ، وكان المشاهد الذكي يلاحظ أنه  كالديك  الرومي  الذي تمس السكين رقبته
بشار الأسد أكد للعالم كله أنه مجرد  من الإحساس الإنساني ، وإنه مجرد من الغيرة على قتل وذبح السوريين ، بأوامر منه ، وإنه مجرد من الإنسانية (فها يقول بوقاحة :  كل من تورط بجرم ضد مواطن سوري سواء كان مدنياً أم عسكرياً سوف يحاسب عندما يثبت عليه ذلك بالدليل القاطع)
من يحاسب من ؟
فعلا  صدق عليك القول الشعبي : يقتل القتيل ويمشي في جنازته
اللعنة كنا ننتظر منك كلمة واحدة : التنحي – ولم تكن حينها بحاجة لمذيعة ومذيع ومقابلة وحوار .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…