كان – رئيسنا – واختبرنا خطاباته في مناسبات عدة بينها مانطق به في العامين الأولين من ذكرى جلوسه على – العرش – وتأكدنا ومعنا غالبية السوريين على أن الرئيس يضلل ولايصدق ويلقي الكلام على عواهنه من دون أي التزام أخلاقي تجاه الشعب والوطن فكان ربيع دمشق وحملات الاعتقالات وزج الوطنيين بالسجون والتورط في اثارة الفتنة القومية العنصرية بين العرب والكرد من خلال افتعال أحداث القامشلي وما رافقها من هبة كردية دفاعية شجاعة تطورت من موقعها المحلي الكردي الى الفضاء الوطني الديموقراطي العام وشكلت الشرارة الأولة للانتفاضة الراهنة ثم تمادى في التورط الى درجة الانعزال عن المحيط العربي والانزلاق الى التحالف مع ايران وحزب الله ومجموعات الاسلام السياسي الارهابية مما نتج عنها اغتيال الحريري وكوكبة من رجال الدولة والصحافيين والمناضلين اللبنانيين بهدف السيطرة الكلية على لبنان كما سار في درب والده لتمزيق منظمة التحرير الفلسطينية وتفكيك السلطة وانفصال غزة عبر الانقلاب العسكري من جانب – حماس – ومال شرقا باتجاه العراق ليعيث فيه تفخيخا وتقتيلا واثارة الطائفية والعنصرية وفي الشمال تنازل نهائيا عن الاسكندرون بل عقد اتفاقية أضنة الأمنية الاستراتيجية مع الجار التركي للتعاون في محاربة الحركة الكردية والمعارضة في الجانبين وفي كل هذه السنوات لم يتذكر أن جزءا من الأرض السورية تحت الاحتلال الاسرائلي .
ولكل تلك الأسباب لم ننتظر أي جديد من مؤتمره الصحفي الأخير الذي اتسم بالآتي :
أولا – الاخراج المدروس الواضح من حيث التحضير المسبق للأسئلة والأجوبة والا لماذا الاقتصار على الفضائية الرسمية الملتزمة بسياسة النظام فقط واستبعاد وسائل الاعلام الأجنبية .
ثانيا – التقمص المفضوح لشخصية رئيس لاتعاني بلاده أية أزمة بل تعيش في بحبوحة الاستقرار والاقتصاد المتنامي والحياة الحرة السعيدة والوحدة الوطنية الراسخة .
ثالثا – الاصرار على سلوك خياره البعثي وبقاء حزبه كما كان بوسيلة أخرى حتى لو استبدلت المادة الثامنة من الدستور القاضي ” بقيادة الدولة والمجتمع ” والتجاهل التام للشعب السوري وحركته الوطنية المعارضة وانتفاضته الوطنية السلمية المندلعة المتصاعدة وهي في شهرها السادس ولكل الأهداف والمطالب والشعارات المرفوعة كل يوم وكل ساعة في طول البلاد وعرضها وأولها : الشعب يريد اسقاط النظام والرئيس ولعشرات الاف من الشهداء والجرحى والمخطوفين والمهجرين واختزال كل ذلك بوجود مسلحين وارهابيين يتم التامل معهم عبر القوى المعنية المختصة وهي (قطعات الجيش الموالية للعائلة الحاكمة والأمن والشبيحة وميليشيات صديقة) ثم ينفي الحل الأمني بل يزعم أنه ينتهج الحل السياسي لمعالجة مسألة ارهابية بعكس المشهد الحقيقي تماما : انتفاضة شعبية سلمية مقابل القتل والابادة الرسمية .
رابعا – التهرب المكشوف من الحالة الداخلية السورية المأزومة بكل تجلياتها الموضوعية نحو الاصرار على نظرية المؤامرة الخارجية من الامبريالية والغرب واسرائل المحبوكة ضد سوريا – ولايقول ضد النظام – منذ القدم وخاصة منذ عهد أبيه الذي كان (معاديا حتى العظم للامبريالية العالمية !؟) ومن سمع أقواله من غير العارفين بخفايا المشهد السوري وحقيقة النظام قد يعتقد أن أساطيل الغرب وجيوشه الجرارة تحاصر سوريا من الجهات الأربع مضللا الشعب السوري للمرة الألف حول مهادنة اسرائيل سابقا ولاحقا ودورها في تلكؤ الغرب على اتخاذ خطوات جادة ضد نظامه الفاسد .
خامسا – الامعان في اهانة الشعب الكردي السوري والتلاعب بمصيره ومحاولة التأثير في موقفه المناهض للنظام وذلك من خلال اعتباره ” جزءا من النسيج العربي ” والاصرار على ” تجنيس ” المحرومين وليس اعادة جنسياتهم المصادرة وكأن الكرد وافدون جددا على البلاد والتهديد بورقة ” المواجهة العربية الكردية ” التي لوح بها وله ولأخيه الجزار العقيد ماهر سابقة في ذلك عام 2004 متناسيا أن عملية التعريب التي تبناها ومارسها حزب البعث الحاكم التي استندت الى وسائل التهجير والحرمان من حق المواطنة والأرض واثارة الفتنة بين الكرد والعرب قد انتهت الى الفشل الذريع وأن جذور ووشائج علاقات الصداقة والعيش المشترك بوئام بين الشعبين أقوى من مخططات الحكام الشوفينيين ومصالحهم الضيقة وليس هناك أي فضل لحاكم سوريا المتسلط عندما يضطر تحت ثقل الأحداث ولأغراض تفتيتية خبيثة تقود الى عزل الكرد عن الانتفاضة الوطنية بسرد جزء من الحقيقة الكردية التاريخية المتأصلة في النسيج الوطني السوري بعد أكثر من نصف قرن من الحرمان والاقصاء والابادة السياسية والاحصاء الاستثنائي والحزام بل الفضل كل الفضل لانتفاضة شعبنا السوري وشبابنا في القامشلي وعامودا والدرباسية ورأس العين وديريك والحسكة وكوباني وعفرين وحلب وحي الأكراد – ركن الدين – بدمشق وكل الهمم العالية في الداخل والخارج .
سادسا – المحاولة اليائسة في استرضاء وكسب ود السوريين المفقود بواسطة العصا والجزرة بآن واحد في التمظهر أولا بالاستمرار بالحل الأمني أي القتل والتدمير وقطع الأرزاق وشرعنة وامتداح القوى الأمنية المكلفة بمواجهة الشعب بتصويرها وكأنها تدافع عن السيادة والاستقلال وتحارب العدوان الخارجي وبالتلويح ثانيا في الاسراع بتشكيل الأحزاب حسب قانوه الجديد من أجل احداث انقسامات جديدة في الصف الوطني واعادة الفرز مجددا لصالح النظام بعد تقلص أحجام بعض الأحزاب السياسية التقليدية أمام الموجات الهادرة للانتفاضة الثورية الوطنية في مختلف المناطق السورية .