بيان العيد…..وحكاية .!!!!

خليل كالو

   بداية وفي موضوع منفصل نعتذر للأخ لوند حسين فيما تكهن به البعض وفسر من كلام حول مقالنا الجمل لإشاعة الفتنة بيننا ولم نقصده “لا من قريب أو من بعيد” وكل ما قيل جاء من باب الدسيسة وعار عن الصحة وهو كريم وبن كريم ..!!

 المفرح فيما جاء في  بيان العيد أنه لم يقل بألا تحتفلوا بل أكد ألا تظهر علينا مباهج الفرح (لفتة كريمة)..

كلام  دقيق ومحسوب بدقة المرحلة وحساسيتها , ولكن  السؤال متى كان تظهر علينا المباهج..؟ وإذا سمع الغريب من غير أهل الدار بهذا الكلام  سيظن بأننا كنا نمضي أيام الأعياد في شانزليزيه أو سنغافورا أو جزر هاواي …؟ ولا يعوزنا شيء وفيكم الخير والبركة والحمد لله حيث لا ينقصنا إلا الموت حتى تكتمل معنا الحياة.
 قالوا لا تحتفلوا فلن نحتفل وما الضير في ذلك  وماذا ينقصنا ..؟ إذا ما ابتهجنا هذه السنة بالعيد أو لم نحتفل أصلا أين تكمن المشكلة..؟ وعن أي عيد تتحدث يا عياد وأي احتفال وأي مظاهر ومتى كنا نحتفل بالعيد مثل الخلق حتى نحتفل هذه السنة وأغلب الناس من الكرد لا يحسون بقدومه ولا يستعدون له وحتى الكثيرون منهم لا يملكون  مصروف ربع عيد..

حيث ينامون الليل ويأتي العيد في ثاني نهار عنوة يطرق باب البيت كالشبيح أي يسقط عليهم العيد سقوطا يدوخهم إلى العيد الذي يليه ولو كان الأمر بيد البعض منهم لألغوه من أساسه ومن رزنامة السنة.

فالذي يدري ـ يدري والذي لا يدري يقول كفة عدس Yê zanê zanê û yê nizanê dibêje baqî nîskaye وكأن باقي أمورنا تسير على ما يرام ولم يعد ينقصنا شيء سوى العيد أو بقيت مشاكلنا معلقة على هذا اليوم علما أن هذا اليوم يأتي ويذهب دون إحساس حقيقي به من قبل الكثيرين منا منذ زمن بعيد.

ولن يبدو للقارئ أن صدور بيان لمجموعة من الأحزاب الكردية منذ يومين التي اجتمعت حول رفع مباهج العيد  هذه السنة ونعم الاجتماع  وكأنه اكتشاف عظيم ونضال كبير تعب عليه كثيرا وأشغل الرأي العام العالمي ووسائل الإعلام بمضمونه وغطى على أحداث ما يجري في ليبيا “و ربما  ونقول ربما” ولما لا  قد يكتب التاريخ عنه يوم ما  ويحفظ هذا البيان كوثيقة في أرشيف الأمم المتحدة تدرس للأجيال القادمة عما ورد فيه من بعد نظر استراتيجي .

   هذا البيان يذكرنا بالقرارات التي كان يصدرها أحد رؤساء الحكومات السورية الأسبق واقتصر  صلاحياته على تقديم الساعة وتأخيرها وما تبقى من أيام السنة لا يسمع له حس ولا خبر إلى أن أقيل عن منصبه   وهكذا حافظ على العهدة حيث لا قدم ولا أخر وخرج من الحكومة دون ضجة “كالشعرة من العجين” .

و لا ندري من تعلم من من  ..؟ فليكن وليست بمشكلة فيما كان الحزب أو سيادة الرئيس المقال أولا ولكن الأحزاب الموجودة على الساحة الكردية  لها شهرة عالمية بهذا النمط من البيانات التي لا تسمن ولا تغني عن جوع  وخاصة في هذه الأيام العصيبة التي تترك الأم رضيعها هلعا وخوفا عما سوف يجري غداً والوضع الراهن في وضع شائك ومصير البشر في هذا الوطن نحو المجهول وكأن مصيرنا قد وقفت على الاحتفال بالأعياد ولكن لا استغراب ولا دهشة ويبدو أن التاريخ يكرر نفسه  ويذكرنا بمناسبة سابقة في التسعينات وكذلك في عام الانتفاضة  2004  البيان المشهور لبعض منها  بعدم الاحتفال بعيد النوروز بل الاكتفاء برفع أو تعليق قطعة قماش أسود على أبواب البيوت حزنا علما أن يوم عيد نوروز في وجدان الكرد وتاريخهم كان أكثر قدسية وطوطمية من ذلك اليوم المحزن .

  بمناسبة البيان التاريخي حضر إلى الذاكرة حكاية طريفة ربما تعوض بعض من ابتهاج العيد المفقود ومن المؤكد أن عصا العيد  والأحزاب سوف تنكسر في مؤخرتنا  كما كان يقوله أسلافنا Darikê cejnê di mede şikest  , حيث يحكى أن رجلا حكيم وذو منزلة اجتماعية وميسور الحال كان له ابن وحيدا ذو شخصية بسيطة لا يعرف “الطيخ من البطيخ ” وساذج إلى أبعد الحدود في كلامه, فكلما تحدث هذا الابن بين الجماعة أو مع شباب القرية  كان الأب يخجل من كلامه المثير للامتعاض و يسبب له الألم  والشجون في الداخل وقد فكر الأب كثيرا لكي يكون له شأن وسوف يكون هذا خليفته بعد مماته وفي أحد الأيام قال له والده : يا بني أنت تسبب لي الإحراج أمام أهل القرية بحديثك الساذج والسطحي.

فترجاه بألا يتكلم إذا لم يطلب منه ذلك .وإذا تكلمت يا بني تحدث عن الأشياء والأمور الكبيرة ولا تتحدث في تفاهات الأمور فلنا منزلة اجتماعية وقدر لدى الناس وكثيرا ما اسمع منهم من كلام عنك وأتحسر حينما يقولون يا حيف : أن أباه قد جمع كل هذه الثروة والجاه  وأن الله أعطاه كل شيء ما عدا الخلف.

فقال له الابن سمعا وطاعة يا أبي هيا انصح وقل فأنا لك من السامعين .

قال له الأب : إذا حضرت المجالس فلا تحشر نفسك في الكلام وإذا تكلمت فتحدث عن الأشياء الكبيرة فقال له الابن سمعا وطاعة يا أبي .

وفي الليل ذهب إلى مضافة القرية ووجد الناس يتحدثون كالعادة عن بطولاتهم الشخصية أيام الحصاد  والحب والتهريب والسلب والصيد والتجارة ويتسامرون إلى أن تنقضي ليلتهم وهو يستمع إليهم إلى أن غلبه النعاس وصار يتثائب وفجأة قام من مكانه مودعا وقال: الجمل   Devih حيث نطق من دون فعل ولا جار ومجرور فضحك الجميع من كانوا في المضافة وسألوه سبب تصرفه وقوله هذا.

فأجابهم أن أبي قد أوصاني حين التحدث بين الجمع أن أقول الأشياء الكبيرة … ونعم الخلف الذكي  .

xkalo58@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…