بداية وفي موضوع منفصل نعتذر للأخ لوند حسين فيما تكهن به البعض وفسر من كلام حول مقالنا الجمل لإشاعة الفتنة بيننا ولم نقصده “لا من قريب أو من بعيد” وكل ما قيل جاء من باب الدسيسة وعار عن الصحة وهو كريم وبن كريم ..!!
كلام دقيق ومحسوب بدقة المرحلة وحساسيتها , ولكن السؤال متى كان تظهر علينا المباهج..؟ وإذا سمع الغريب من غير أهل الدار بهذا الكلام سيظن بأننا كنا نمضي أيام الأعياد في شانزليزيه أو سنغافورا أو جزر هاواي …؟ ولا يعوزنا شيء وفيكم الخير والبركة والحمد لله حيث لا ينقصنا إلا الموت حتى تكتمل معنا الحياة.
حيث ينامون الليل ويأتي العيد في ثاني نهار عنوة يطرق باب البيت كالشبيح أي يسقط عليهم العيد سقوطا يدوخهم إلى العيد الذي يليه ولو كان الأمر بيد البعض منهم لألغوه من أساسه ومن رزنامة السنة.
فالذي يدري ـ يدري والذي لا يدري يقول كفة عدس Yê zanê zanê û yê nizanê dibêje baqî nîskaye وكأن باقي أمورنا تسير على ما يرام ولم يعد ينقصنا شيء سوى العيد أو بقيت مشاكلنا معلقة على هذا اليوم علما أن هذا اليوم يأتي ويذهب دون إحساس حقيقي به من قبل الكثيرين منا منذ زمن بعيد.
ولن يبدو للقارئ أن صدور بيان لمجموعة من الأحزاب الكردية منذ يومين التي اجتمعت حول رفع مباهج العيد هذه السنة ونعم الاجتماع وكأنه اكتشاف عظيم ونضال كبير تعب عليه كثيرا وأشغل الرأي العام العالمي ووسائل الإعلام بمضمونه وغطى على أحداث ما يجري في ليبيا “و ربما ونقول ربما” ولما لا قد يكتب التاريخ عنه يوم ما ويحفظ هذا البيان كوثيقة في أرشيف الأمم المتحدة تدرس للأجيال القادمة عما ورد فيه من بعد نظر استراتيجي .
و لا ندري من تعلم من من ..؟ فليكن وليست بمشكلة فيما كان الحزب أو سيادة الرئيس المقال أولا ولكن الأحزاب الموجودة على الساحة الكردية لها شهرة عالمية بهذا النمط من البيانات التي لا تسمن ولا تغني عن جوع وخاصة في هذه الأيام العصيبة التي تترك الأم رضيعها هلعا وخوفا عما سوف يجري غداً والوضع الراهن في وضع شائك ومصير البشر في هذا الوطن نحو المجهول وكأن مصيرنا قد وقفت على الاحتفال بالأعياد ولكن لا استغراب ولا دهشة ويبدو أن التاريخ يكرر نفسه ويذكرنا بمناسبة سابقة في التسعينات وكذلك في عام الانتفاضة 2004 البيان المشهور لبعض منها بعدم الاحتفال بعيد النوروز بل الاكتفاء برفع أو تعليق قطعة قماش أسود على أبواب البيوت حزنا علما أن يوم عيد نوروز في وجدان الكرد وتاريخهم كان أكثر قدسية وطوطمية من ذلك اليوم المحزن .
بمناسبة البيان التاريخي حضر إلى الذاكرة حكاية طريفة ربما تعوض بعض من ابتهاج العيد المفقود ومن المؤكد أن عصا العيد والأحزاب سوف تنكسر في مؤخرتنا كما كان يقوله أسلافنا Darikê cejnê di mede şikest , حيث يحكى أن رجلا حكيم وذو منزلة اجتماعية وميسور الحال كان له ابن وحيدا ذو شخصية بسيطة لا يعرف “الطيخ من البطيخ ” وساذج إلى أبعد الحدود في كلامه, فكلما تحدث هذا الابن بين الجماعة أو مع شباب القرية كان الأب يخجل من كلامه المثير للامتعاض و يسبب له الألم والشجون في الداخل وقد فكر الأب كثيرا لكي يكون له شأن وسوف يكون هذا خليفته بعد مماته وفي أحد الأيام قال له والده : يا بني أنت تسبب لي الإحراج أمام أهل القرية بحديثك الساذج والسطحي.
فترجاه بألا يتكلم إذا لم يطلب منه ذلك .وإذا تكلمت يا بني تحدث عن الأشياء والأمور الكبيرة ولا تتحدث في تفاهات الأمور فلنا منزلة اجتماعية وقدر لدى الناس وكثيرا ما اسمع منهم من كلام عنك وأتحسر حينما يقولون يا حيف : أن أباه قد جمع كل هذه الثروة والجاه وأن الله أعطاه كل شيء ما عدا الخلف.
فقال له الابن سمعا وطاعة يا أبي هيا انصح وقل فأنا لك من السامعين .
قال له الأب : إذا حضرت المجالس فلا تحشر نفسك في الكلام وإذا تكلمت فتحدث عن الأشياء الكبيرة فقال له الابن سمعا وطاعة يا أبي .
وفي الليل ذهب إلى مضافة القرية ووجد الناس يتحدثون كالعادة عن بطولاتهم الشخصية أيام الحصاد والحب والتهريب والسلب والصيد والتجارة ويتسامرون إلى أن تنقضي ليلتهم وهو يستمع إليهم إلى أن غلبه النعاس وصار يتثائب وفجأة قام من مكانه مودعا وقال: الجمل Devih حيث نطق من دون فعل ولا جار ومجرور فضحك الجميع من كانوا في المضافة وسألوه سبب تصرفه وقوله هذا.
فأجابهم أن أبي قد أوصاني حين التحدث بين الجمع أن أقول الأشياء الكبيرة … ونعم الخلف الذكي .