(( مشروع الدولة الفيدرالية في سوريا )) للمجلس الوطني الكوردستاني – سوريا

– مقدّمة :

ينقسم العالم حسب الفكر الديني إلى عالمي الخير والشر، حيث نجد ذلك راسخاً في العقائد الدينية المختلفة، ومنذ عهد الحكيم زرادشت تعرّف التاريخ البشري في منطقتنا على الصراع الأبدي بين “أهورامزد” و” أهريمان”، حيث في نهاية العالم ينتصر الأوّل ويندحر الثاني، ويسود الخير والأمان والسلام والنور على الشر والاضطراب والحرب والظلام… أما من الناحية الجمالية فالعالم ينقسم إلى “جميل” و “قبيح”، وعلى هذا الأساس يجد كل شيء مكانه اللائق به في عالم الألوان والأضواء والخطوط.
 ومن منطقٍ المادية والاقتصاد والسوق نجد الربح والخسارة في طرفين متعاكسين، ولكن من الناحية السياسية حيث تسعى الحكومات للاستفراد بها ينقسم العالم إلى صديق وعدو، والعدو ليس بالضرورة أن يكون عدواً شخصياً، بل إنه ذلك الذي يتوقّع منه أن يهاجم أو يؤذي أو يغتصب، والحروب التي حدثت ولا تزال تحدث قد زهقت أرواح الملايين من البشر وأذاقت أعداداً كبيرة منهم شتى ألوان العذاب، لم تكن إلاّ نتيجة هذا التفكير التقسيمي للسياسة في العالم.

ومن أجل القضاء على هذه الشرور التي مصدرها التفكير السياسي لجأ بعض المفكرين إلى طرح فكرة “الدولة العالمية” أو “المنظومة الكونية” التي لن تبقى فيها حدود بين الدول، وتزول بذلك قائمة التصنيف ويختفي الأعداء… ولكن هذا المشروع الذي تتضاءل فيه أهمية السياسة يبدو كحلم إنساني كبير وهدفٍ صعب المنال.


وهناك من فكّر بصورة أقرب إلى الواقع العالمي، فدعا إلى تنظيم الكيانات السياسية بحيث تفقد السلطة المركزية في الدولة الواحدة الاستفراد بالسياسة واحتكارها فطالبوا بتفتيت السلطة المركزية إلى سلطات لا مركزية وإقامة الدولة على أساس فيدرالي أو بمنح أقاليم منها حق الحكم الذاتي، إضافة إلى تأهيل وتقوية منظمات المجتمع المدني حتى تمتلك أسباب القوّة وتفرض اللازم على الحكومة في مجالات اجتماعية وإنسانية عديدة، مع ربط الدول بعضها ببعض بمعاهدات دولية متشابكة، جمركية وعسكرية وثقافية واقتصادية، وإيجاد رباط أو اتحاد أو تحالف “فوق وطني” كالاتحاد الأوروبي، أشد تأثيراً وفعالية، بحيث تتضاءل فرص اللجوء إلى استخدام القوة فيما بينها وتزداد فرص التعاون والعمل المشترك في مختلف المجالات التي فيها المصلحة المشتركة، وبخاصة في مجال البيئة والكوارث الطبيعية ومحاولات الإقلال من أخطار سلاح الدمار الشامل وتخفيف وطأة المجاعات والأوبئة على الصعيد الدولي أو على مستوى عدة أقاليم متجاورة، وتفقد السياسة الوطنية قيمتها كسلعة تستفرد بها السلطة المركزية وتستخدمها كعصا غليظة لتحقيق مآرب فئوية على حساب الشعب أو مصالح شعب ما على حساب الشعوب الأخرى.


وبقدر ما تتزايد قدرات مجتمع ما على امتلاك ناصية القرار العام تضعف أهمية “السياسة” التي تستفرد بها السلطة.

ولذا قال العلاّمة الألماني كارل شميدت (1888-1985) في الدولة بأنها تفقد المونوبول (الاستفراد) السياسي عندما تتداخل فيها أيادي المجموعات المجتمعية، وفي هذه الحال تقوم كل مجموعة مجتمعية بتعريف خاص بها عمن هو الصديق ومن هو العدو.

ورأى هذا الخبير بشؤون السياسة التي تقوم على فكرة التقسيم (صديق أو عدو) بأن “العداوة” مكوّن أساسي أو عنصر ثابت في النفس البشرية ولكن يمكن إعادة قولبتها أو صياغتها عن طريق تقليم أظافر السلطة الحاكمة، أيا كانت، وعن طريق التربية ومزيد من التعاون والتنسيق وتفتيت السلطة، كما حدث ويحدث عملياً في التاريخ البشري.


–  الفيدرالية كمبدأ عملي:
الفيدرالية “فيدراليزم” تأتي من الكلمة اليونانية “فيودوس” التي تعني العقد الوثيق والتحالف “العصبة” والاتفاق بين مكونات مختلفة، ومن ذلك نفهم أن فكرة الفيدرالية ليست انفصالية كما يزعم أنصار السلطة المركزية ويهاجمونها، والدولة الفيدرالية (ستيت فيدرال) أو الدولة التعاهدية (ايتات فيدرال) تقوم على أساس للحكم والاتحاد لولايات أو أقاليم أو دول تعيش مع بعضها دون انفصال أو وحدة مركزية شديدة، والفيدرالية تعود تاريخياً إلى عهد “ائتلاف الولايات اليونانية تحت إشراف مجلس الامفكيونيين” أو ما يسمى بمجموعة الدول المؤتلفة، إتحاد أثينا وديليا، الاتحاد الإيخائي… قبل الميلاد.

وفي الشرق عمل الهندوس أيضاً بفكرة الفيدرالية كاتحاد ولايات (ﭬيرات، سوبتاجانا، بينجاب)، كما تأسست الولايات المتحدة الأمريكية بعد مؤتمر فيلادلفيا عام 1787 ومؤتمر آنابوليس 1786 للعلاقات التجارية بين الولايات الأمريكية.
الدولة الفيدرالية تتضمّن كيانات دستورية متعددة، لكل منها نظام قانوني خاص بها واستقلال ذاتي، وتخضع كل الكيانات لدستور منظّم لمجمل البناء التشريعي والسياسي للكيانات المتحالفة ضمن الدولة الفيدرالية.

وهذا القانون الأساسي “الدستور” هو عقد سياسي بين مكونات هذه الدولة ملزم للجميع، وأحياناً يسمى ب”القانون الأعلى”.


هذا الدستور ينص على اختصاصات الهيئات الفيدرالية والإقليمية للولايات، ولا يتم تعديله إلا بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان الاتحادي، وينص على أن النظام السياسي مركّب من حيث تعددية السلطة السياسية والمؤسسات الدستورية، وللسلطة الفيدرالية صلاحيات في الأقاليم “الولايات” لا يمكن أن تعترض عليها الهيئات الإقليمية رغم تمتعها باستقلال ذاتي وتنظيم ذاتي.

وبالنسبة للدستور الفيدرالي الأمريكي – مثلاً –  تعتبر تشريعات الولايات باطلة إن تعارضت مع نصوص صريحة للدستور الفيدرالي.

لذا نجد الفدرالية كمبدأ عملي لصالح وحدة البلاد وليس لانفصال أجزاء منها… والتجارب الفيدرالية الشهيرة في العالم بأن راسخة ومساهمة في وحدة البلاد، وليس على العكس من ذلك.
يمكن أن تنشأ دولة فيدرالية عن طريق تفكيك دولة واحدة وإعادة توحيدها على أساس فيدرالي كما في الاتحاد السوفييتي في عام 1922، البرازيل في 1891، الأرجنتين في 1860، المكسيك في 1857 وتشيكوسلوفاكيا في 1969… أو بتنازل الإمارات والولايات عن بعض سلطاتها لصالح تكوين دولة فيدرالية مشتركة كما في الولايات المتحدة الأمريكية 1787، ألمانيا الاتحادية 1949، سويسرا 1874 واتحاد الإمارات العربية 1971، وكلا الأسلوبين يتضمنان عنصرين متناقضين هما (الاتحاد) و (الاستقلال الذاتي).


ربما تنشأ الدولة الفيدرالية بسبب حاجة الأقاليم إلى حلفاء وشركاء لتأمين القوة في حال الدفاع عن النفس، كما في الاتحاد الهولندي أو الاتحاد السويسري، وقد يكون في البدء بدوافع تجارية لا سياسية كما في حال اتحاد الولايات الألمانية الشمالية (هانزا شتاتن) في عهد بسمارك أو للسببين معاً كما في حال إتحاد الإمارات العربية.

وتلازم النزعة الاستقلالية والاتحادية في الدولة الفيدرالية يوفران لها الأمن والاستقرار ويساهمان رغم تناقضهما في ديمومة الدولة.
من خصائص الدولة الفيدرالية أنها تقوم على أساس فكرة الاتحاد وليس الانفصال، وهذا ما نراه جلياً في دساتير الدول الفيدرالية جميعاً، ووجود نظام المجلسين عوضاً عن المجلس المركزي الواحد، فهناك المجلس الأعلى الاتحادي ومجالس الأقاليم.


أما عن السلطة التنفيذية الفيدرالية فإنها قد تكون رئاسية يتم فيها انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة، كما في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الذي يختار طاقم حكومته ومستشاريه وموظفي الدولة ويعيّن قضاة المحكمة العليا بموافقة ومشورة المجلس الأعلى المنتخب من الشعب أو تكون حكومة جمعية كما في سويسرا، حيث هناك 7 أعضاء منتخبين من البرلمان الفيدرالي لمدة زمنية محددة)، أو نظاماً برلمانياً يتولى فيه (المستشار) رئاسة الحكومة الاتحادية الذي ينتخب من أعضاء البرلمان الاتحادي (البوندستاغ)، في حين يتّم انتخاب رئيس الدولة من قبل المجلسين معاً، البرلمان الاتحادي ومجلس الولايات (البوندسرات).

وتتفاوت أساليب عمل الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم في توزيع الصلاحيات والمسؤوليات من حكم مباشر أو غير مباشر أو بأسلوب مختلط، وأبرز مثال على ذلك هو وضع البوليس الفيدرالي الأمريكي “إف بي آي” حيث يتم التنسيق بينه وبين بوليس الولايات.

والهيئة القضائية الفيدرالية “محكمة فيدرالية عليا” هي التي تفصل في الحكم بين الحكومة المركزية وحكومات الأقاليم، وتنظر في نزاعات الأقاليم فيما بينها، كما في الهند وكندا وألمانيا وسويسرا والولايات المتحدة الأمريكية.

وتكون هناك محاكم للولايات (ديستريكت كورت) ومحكمة استئناف إقليمية للولاية ( كورت أوف آبيلز)، إضافة  إلى المحكمة العليا (سوبريم كورت).

وتتميّز الدولة الفيدرالية الهندية بأنها ذات نظام قضائي موحّد وليس ثنائي (اتحادي وإقليمي).
أما من ناحية السيادة الدولية للأقاليم والولايات والدول المنضمّة للاتحاد الفيدرالي فلا تبقى لها هذه السيادة، حيث تصبح الدولة الفيدرالية في نطاق القانون الدولي دولة واحدة وليس عدة دول، وهي وحدها صاحبة الشخصية الدولية وحاملة المسؤولية عن ولاياتها وأقاليمها، وهي المخاطب الدولي دون ولاياتها، أما في الاتحاد السوفييتي المنفرط فقد كان للحكومات الفيدرالية ضمن الاتحاد حق إقامة العلاقات الخارجية وإبرام المعاهدات وتبادل الدبلوماسيين وفتح القنصليات والمساهمة المباشرة في المنظمات الدولية، وحسب المادة 79 من دستور الاتحاد لعام 1977 فقد تمتعت بيلوروسيا وأوكرايينا بالعضوية في الأمم المتحدة.
ويكون لكل إقليم مجلس تشريعي ومجلس تنفيذي ونظام قضائي خاص به، ويتّم ذلك حسب الأصول الديمقراطية المعهودة، عن طريق انتخاب رئيس حكومة الإقليم من قبل شعب الولاية مباشرة أو من خلال انتخابه في برلمان الإقليم، أما في الهند فالمادة 155 من دستور الدولة فينص على تعيين حاكم الولاية من قبل رئيس الدولة الاتحادية.
– لماذا الدولة اللامركزية السورية؟
كانت سوريا أو أجزاء واسعة منها في الإمبراطورية الرومانية متمتّعة بصلاحيات إقليمية واسعة كما في حال مملكة زنوبيا التي كانت تنزع للاستقلال وتم القضاء عليها بسبب ذلك الطموح الكبير، وصارت سوريا في عهد الدولة الأموية صدر الدولة العربية الحديثة التي ضمت إليها بلداناً واسعة وبعيدة ومختلفة عن بعضها من عدة وجوه، ولكن نظام الحكم الأموي كان أشبه بالنظام الفيدرالي، من حيث منح صلاحيات واسعة للولايات والأقاليم التابعة للدولة، إلاّ أن الفارق هنا يكمن في أن الدولة الفيدرالية تبنى على أساس توافقي وطوعي وليس عن طريق السيطرة العسكرية والقوة كما في العهدين الروماني والأموي… وبعد أن انتقلت عاصمة الخلافة الإسلامية من دمشق إلى بغداد، صارت سوريا تابعة بعد أن كانت متبوعة، ولكنها تمتّعت على الدوام بصلاحيات إقليمية واسعة، كما في العهدين الزنكي والأيوبي، حيث كانت سوريا تابعة للخليفة في بغداد شكلياً، والسلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، الذي امتدت رقعة دولته من كوردستان إلى اليمن ومصر وليبيا، لم يخرج رغم قوته وسعة مملكته من تبعية الخليفة، إلاّ أنه كان سيد قراره السياسي وكان هو الذي يقرر الحرب والسلام وإدارة الدولة الأيوبية كانت في أيدي أتباعه الأيوبيين في القاهرة ودمشق، وليس في أيدي الخليفة في بغداد.


وشهدت ممالك سورية كمملكة حلب مثلاً  شبه استقلالية كاملة في الإدارة وبخاصة في عهد الملكة الكوردية “ضيفة خاتون” التي تولّت حكم المملكة بعد وفاة زوجها لمدة ست سنوات وكانت تصّد هجمات المغول من ناحية الشرق والصليبيين من ناحية الغرب في الوقت ذاته بهمة وشجاعة، دون العودة إلى المركز الأيوبي في دمشق والقاهرة أو إلى بقايا الخلافة في بغداد.


أما في عهد الاحتلال الفرنسي، فكانت سوريا تضّم دويلات متجاورة ولكنها كانت غير متناسقة أو متعاونة أو متحالفة بحلف سياسي مثبت ذي اتفاقيات ملزمة، إلاّ أن إرادة الشعب السوري في الاتحاد والقوّة وفي نيل الحرية، دفع بزعماء الطوائف والمذاهب والأديان (السنة، العلوية، الدروز، النصارى، اليزيدية والإسماعيلية) وكذلك أبناء القوميات (العربية والكردية والآشوريين والكلدان والسريان والشركس…) إلى التقارب والتعاون والكفاح الثوري المشترك لطرد الفرنسيين وتحقيق الاستقلال الوطني.


ويجدر بالذكر هنا أن الزعماء العلويين قد تقدّموا بطلب إلى السلطات الفرنسية قبيل استقلال سوريا، تطرّقوا فيه إلى مخاوفهم من سيطرة العرب السنّة على مقاليد الحكم بعد الاستقلال، ودعوا إلى إقامة دولة خاصة بهم في منطقة جبال العلويين المتاخمة للحود اللبنانية وفي حال تعثّر ذلك يأملون في ضم مناطقهم إلى لبنان ولا يريدون فرض البقاء ضمن الدولة السورية عليهم.


ومنذ الاستقلال ترسخت فكرة الدولة المركزية ذات السلطة التامة على شؤون البلاد والعباد، وتوالت حكومات بورجوازية وطنية على الحكم لم تكن مصلحة البلاد لديها بتلك الأهمية التي كانت عليها مصالحهم الطبقية، ثم جاءت حقبة طويلة من الانقلابات العسكرية الدموية، التي أضرّت بالتوجه الديمقراطي للبلاد وبالاقتصاد الوطني على حد سواء، وتعرّضت اللحمة الوطنية إلى هزات عميقة بسبب السلوك الطائفي أو الحزبي أو الأيديولوجي لبعض الزعماء السياسيين والجنرالات العسكريين، إضافة إلى تدخلات خارجية بتأثير ظروف “الحرب الباردة” على المنطقة برمتها.


وأثبتت الوحدة بين مصر وسوريا (1958-1961) فشل النظام المركزي، حيث تم إدارة القطر الشمالي (سوريا) كمنطقة تابعة للقطر الجنوبي (مصر) من قبل الإدارة الناصرية التي اختارت وسائل القمع والأجهزة الأمنية والتصرّف القاسي حيال الضباط السوريين وانتهجت نهج الإقصاء للسياسيين السوريين المطالبين بتنظيم العلاقة في الجمهورية العربية المتحدة على أساس وطني توحيدي ديمقراطي، ولقي الشعب الكوردي على أيدي جلاوذة النظام الناصري ومجرميه من أمثال عبد الحميد سرّاج شتى ألوان الإرهاب السياسي، وهو الشعب الذي قدّم تضحيات كبرى من أجل الحرية والاستقلال منذ أن خرج وزير الدفاع الكوردي (يوسف العظمة) لمقاتلة الفرنسيين لدى قدومهم صوب دمشق في عام 1920 وإلى خروج آخر جندي فرنسي من البلاد في17 نيسان من عام 1946.

ولا يمكن نسيان الضربة المؤلمة التي تلقاها الضباط الكورد في الجيش السوري الذي ساهموا بقوة في تأسيسه وتطويره، حيث تّم تسريح المئات منهم بقرارات تعسفية وعنصرية خلال فترة وجيزة.


ولم تتمكن البورجوازية الوطنية السورية من إعادة بناء النظام الديمقراطي الصحيح بعد حدوث الانفصال (1961-1963) ، بل تبعثرت جهودها بسبب التحارب الحزبي الضيّق الأفق، والاهتمام بالمصالح المالية والتجارية دون المصالح الوطنية الجامعة، واستمرّت في ممارسة سياسة عنصرية ضد الشعب الكوردي، حيث يعود قانون الإحصاء الاستثنائي الذي طبّق على الكورد دون سواهم في مناطق الجزيرة إلى عام 1962 حيث كان الانفصاليون لا يزالون في الحكم… ويجدر بالذكر أن الدراسة العنصرية للمقبور محمد طلب هلال (ضابط أمن سياسي) بصدد محافظة الجزيرة والحسكة ومشروعه لتهجير الكورد ومحو وجودهم القومي بأسلوب رهيب قد كتبت في ذلك العهد، مما زاد في اتساع الشرخً بين الكورد والحكومة المركزية التي لم يهمل الدستور السوري وجودهم القومي كمكوّن اثني أساسي إلى جانب العرب وسواهم فحسب، وإنما تعرّض لتمييز قومي صارخ منذ قيام السوريين بخطواتهم الأولى في عالم الحرية والديمقراطية بعد الاستقلال.


هذه السياسة الفاشلة للأحزاب الانفصالية هي التي مهدت الطريق لأن يستولي على الحكم في سوريا حزب عنصري متزمت أيديولوجيا ومتأثر عميقاً بأفكار النازية الألمانية والفاشية الايطالية، بل هو وليد عقائدهما الفاسدة، ألا وهو حزب البعث العربي الاشتراكي، وذلك عن طريق انقلاب عسكري دموي في 8 آذار عام 1963، ودعم ذلك وصول البعث إلى حكم العراق أيضاً، وهما بلدان متجاوران، لهما ذات الطموحات والمصالح والأهداف، ولهما المشاكل الاقتصادية والسياسية المتشابهة.


تفنن حزب البعث الذي يحمل شعار (الوحدة والحرية والاشتراكية) في ابتكار وسائل القمع الرهيب ضد الأحزاب الديمقراطية والشخصيات الوطنية السورية الرافضة لنظام وفكرة “الحزب القائد” وحارب بشكل فظيع الإسلاميين والشيوعيين والناصريين والمنافسين الاشتراكيين في الوقت ذاته، ولكن أشد الطغيان والظلم أصاب القومية الكوردية واليهود السوريين، وهذا لا يستطيع أحد إنكاره، بل إنه أرسل قوات عسكرية (قوات اليرموك) بقيادة العقيد فهد الشاعر (درزي) للمساهمة في حرب النظام المركزي العراقي ضد الثورة الكوردية التي كان يقودها الملا مصطفى البارزاني منذ عام 1961، وكانت الأوامر صريحة وواضحة “اقتلوا الكورد وارهبوهم” فالكورد حسب نظر البعثيين عاملون على إنشاء “إسرائيل ثانية” وانتزاع أراضي “عربية” من العراق وسوريا.

وتاريخ البشرية يثبت بأن الكورد يعيشون على أرض وطنهم التاريخي من قبل أن يفد العرب من اليمن والحجاز حيث موطنهم الأصلي إلى كوردستان، فزاد البعث بذلك في تعميق الشرخ بين الشعب الكوردي ونظامهم العنصري حتى العظم.


ويجدر بالذكر أن ممارساتهم العنصرية هذه  نالت الدروز أيضاً، حيث تّم تغيير اسم “جبل الدروز” إلى “جبل العرب”، ولم يقم وهو الحزب التقدمي الثوري الاشتراكي برفع الغبن عن المواطنين العلويين الذين كانوا يعيشون في ظروف اقتصادية سيئة منذ عقودٍ طويلة من الزمن ويعانون من إقصاء ٍ سياسي –  ثقافي وتمييز ديني باستمرار، وغرقوا في بحر من الأمواج المتلاطمة من انقلابات عسكرية على بعضهم بعضاً (12 انقلاب فاشل) تحمّل السوريين نتائجها الوخيمة سياسياً واقتصادياً وانعكس ذلك  سلبيا على وحدتهم الوطنية اجتماعياً، وهذا ما أفسح المجال أمام الضباط العلويين للقيام بانقلاب ناجح، تمكنوا بعده مباشرة إلى قلب الموازيين وإعادة نسج الخريطة السياسية للبلاد السورية ووضع الشروط التي يرغبون بها لإعادة ترميم البيت السوري.

ثم قام الجنرال حافظ الأسد (قائد سلاح الجو، ثم وزير الدفاع) بالانقلاب على رفاقه الحزبيين من سنة وعلوية، فأسس منذ عام 1970 ما أطلق عليه اسم “الحركة التصحيحية”، إلاّ أن النظام تحوّل من جراء ذلك إلى حكم العائلة – الطائفة، فتم تصفية المعارضين في الحزب “القائد” وفي الجيش، وأسس لدولة المخابرات أي “الدولة السرّية” التي صار مركز قرارها السياسي ليس العاصمة دمشق وإنما قرية “قرداحة: سابقاً كرداغه” موطن الرئيس الأسد، ولم تعد سوريا كما كانت عليه قبل انقلابه الأبيض، بل صارت مزرعة للنهب والسلب من قبل العائلة والأقارب وبعض ضباط الطائفة ومن والاهم من أبناء الطوائف الأخرى وتأليه “القائد إلى الأبد” والحكم المطلق للأجهزة الأمنية، ولم يكن تشكيل ما يسمى ب”الجبهة الوطنية التقدمية” من البعثيين والاشتراكيين وغلاة القوميين العرب والشيوعيين إلاّ تقليداً للطغاة الشيوعيين في أوروبا الشرقية الذين انتهجوا ذات السلوك للسيطرة على المعارضة.


لقد بدأ عهد جديد منذ عام 1970 يتسم بإثارة المزيد من الحقد والكراهية بين مكونات الشعب السوري وانتهاج سياسة “فرّق تسد” والضرب على أوتار العروبة المثالية و”تحرير فلسطين” ودعم “المقاومة”، وفي الحقيقة فإن النظام السوري لم يكن جاداً في أي مشروع بدليل أنه لم يحقق شيئاً من أهدافه المعلنة وهو يحكم البلاد منذ عقودٍ طويلة، لا في الوحدة العربية ولا في حرية الشعوب العربية ولا في تطبيق الاشتراكية، ولكن النظام استفاد في تثبيت دعائمه على الدعم الكبير من قبل المنظومة الشيوعية له، واعتباره عنصر “أمن واستقرار” في المنطقة من قبل العالم الحر الديمقراطي آنذاك.


شنّ النظام الأسدي الحرب على الإسلاميين منذ عام 1977 واشتد أوار الصراع بين الطرفين ( 1980-1982) إلى درجة ارتكاب النظام لمجازر وحشية للمواطنين المدنيين ومن أبرزها مجزرتا مدينة حماه وسجن تدمر العسكري.

وهذا ما دق إسفينا بينه وبين المكوّن السني السوري بشكل قوي.

أما سياسته حيال الشعب الكوردي فقد تميّزت بتطبيقه لمشروع “الحزام العربي” بجلب العشائر العربية من منطقة حوض الفرات وتوطينها في أكثر من 40 مزرعة من “مزارع دولة” بهدف تغيير التركيب الديموغرافي للمناطق الكوردية على امتداد الحدود التركية – العراقية السورية بعمق 15 كم وطول يزيد عن 300 كم، وذلك لفصل كورد سوريا عن أشقائهم في العراق وتركيا، كما استمر في نهج منع الثقافة الكوردية وسلوك سلوك عنصري إقصائي إزاء الكورد في مختلف مناحي الحياة السياسية للبلاد.


ولهذا، فإن مساهمات النظام القائم بنفسه في تعميق الشرخ بين مكونات البلاد الاثنية والدينية هي التي أوصلت سوريا إلى هذا اليوم الذي نرى فيه احتقاناً صارخاً، وتجاذبات قوية، قد تؤدي في ظل السياسات الحمقاء للأسد النجل وطاقمه الحاكم من الحرس القديم لأبيه إلى ضربة قاصمة للوحدة الوطنية السورية، والحديث المستمر لبعض المعارضين الكبار من أمثال الأستاذ عبد الرزاق عيد، رئيس المجلس الوطني لإعلان دمشق، أكبر التجمعات السياسية المعارضة في البلاد، عن إحداث النظام لفتنة “طائفية” بهدف تقسيم البلاد في حال عدم قدرته على سحق الاحتجاجات والمظاهرات الداعية لإسقاطه ولإقامة نظام ديمقراطي حر، حديث جاد ويجب عدم إهماله، أو الاستخفاف به.

فسوريا بعد طول الحقبة الأسدية منذ عام 1970 وإلى الآن ودوام اللعب على وتر “الطائفة” لن تعود إلى سابق عهدها، وعلينا تفهّم مخاوف أبناء وبنات الطائفة العلوية التي تدرك مخاطر انزلاق النظام إلى هذه الأوضاع، فهذه الطائفة لن تسمح لأحد بأن يعاقبها بسبب طغيان أو انحراف بعض منتسبيها الذين يستغلّون اسمها لتثبيت سلطانهم، وبخاصة بعد الغلو في الإرهاب السياسي والاستخدام المفرط للقوة من قبل النظام الأسدي ضد المواطنين، حيث تتصاعد نعرات “الانتقام” لدى بعض الذين ما عادوا يتحمّلون رؤية المناظر العدوانية الرهيبة التي تبثها الأقنية التلفزيونية عما يحدث في الشارع السوري، وسيسعى العلويون نتيجة المخاوف من المستقبل والقلق النفسي إلى مزيد من التماسك والمطالبة مثلما يطالب الكورد الذين أعياهم  سوء الإدارة تجاههم وعدم الاعتراف بهم كقومية متميّزة، بأن يتوّلوا بأنفسهم إدارة مناطقهم، أو حتى الانفصال عن سوريا وبناء دويلة علوية صغيرة في غرب البلاد، وهذا سيشجّع الدروز أيضاً في جنوب البلاد وفي هضبة الجولان ولبنان وإسرائيل على طرح مطالب شبيهة عندما تضعف الدولة السورية في مركزها السياسي.

كما أن السوريين السنة لن يقبلوا بأي شكل من الأشكال أن ينفذ المجرمون الذين آذوهم وأقصوهم عن الحكم طوال عقودٍ من الزمن وأهدروا دماءهم وسلبوهم أموالهم  دون عقاب، وسيعملون على فرض قوتهم من خلال تمتّعهم ب”الأكثرية السكانية” حسب قناعتهم…
لذا لا بد من طرح مشروع وطني بديل للانفراط والانفكاك، ويختلف تماماً عن الدولة المركزية والسلطة الأحادية التي ضربت الوحدة الوطنية بقمعها الطائفي والحزبي واستخدامها المفرط للقوة تجاه مكونات البلاد الاثنية والدينية.


– مشروع الفيدرالية السورية:
قبل كل شيء يجب أن يكون لسوريا دستور جديد، يضمن احترام اختلاف عقائد الشعب السوري وحقوق الإنسان، بغض النظر عن اللون والجنس والدين واللغة والمركز الاجتماعي، أي أن يكون حضارياً بكل معنى الكلمة، أسسه العدل والمساواة بين الجميع، أفراداً وجماعات، بعيداً عن العصبية الحزبية أو القبلية أو الدينية….

وهذا الأساس ضرورة للتقارب والتضامن والشعور بالانتماء للوطن الواحد المشترك.

كما يجب أن يصون الحق في اللامركزية وقيام نظام إتحادي على أسس واضحة وراسخة دستورياً.
النقطة الأساسية الأخرى في هذا المجال هي تحييد الجيش وقوى الأمن الداخلي دستورياً، وإسناد وظائفها حسب اختصاصها لها، وإيجاد المناخ القانوني الملائم لإعادة بناء وتنظيم قوى الدفاع عن الوطن والمواطن، وإخضاعهما بشكل تام لمؤسسات الحكومة، وعدم استخدامهما كقوة قمع سلطوية ضد الشعب السوري.


حيث أن العدالة أساس كل حكم صالح، يمكن أن يكون هناك اتفاق وطني على الحفاظ على وحدة البناء القضائي للبلاد، وصون السلطة القضائية دستورياً، وإنشاء محكمة دستورية عليا، وبالمقابل إفساح المجال أمام قيام محاكم إقليمية في الولايات (الأقاليم) تخضع من حيث هرميتها للنظام القضائي العام في البلاد.

وبهذا الشكل يتم منح (الاستقلال القضائي الذاتي) للولايات مع ارتباطها المسلكي مع القضاء الاتحادي الفيدرالي، دون إفراط أو تفريط.


لا يمكن الخلاص من نتائج المرحلة القمعية الحالية، دون التخلّص من شرور “الدولة السرية” ووضع حدٍ للذين زهقوا أرواح المواطنين وانتهكوا الحرمات ومارسوا التعذيب النفسي والجسدي ونهبوا الأموال العامة والخاصة، وهذا يعني إعادة النظر في مجمل مسيرة التاريخية الخاطئة لحزب البعث العربي الاشتراكي والنظام الأسدي، على قاعدة منح كل ذي حقٍ حقه، ومحاسبة المسؤولين عن التراكم الإجرامي تاريخياً…
في حين تتألف الولايات المتحدة الأمريكية من (52)، وجمهورية ألمانيا الاتحادية من (16) ولاية اتحادية، فإن سويسرا تتألف من (3) ولايات (مقاطعات اتحادية) فقط، والعراق الحالي من فيدرالية واحدة هي الفيدرالية الكوردية في جسم الدولة العراقية، وعليه يمكن تقسيم سوريا إدارياً إلى أربع مقاطعات (أقاليم، ولايات) اتحادية:
– مقاطعة الوسط، وتضم سائر المناطق السنيّة في وسط سوريا وشرقها بشكل خاص
– مقاطعة علوية وتضم مناطق الطائفة العلوية الأساسية في غرب البلاد، والتي منها منطقة جبال العلويين.
– مقاطعة كوردية (قومية) تضم المناطق الشمالية من سوريا، الجزيرة وكوباني (عين العرب) وجبل الأكراد (كورداغ)، حيث الأغلبية السكانية الكوردية (وهم في أغلبهم سنة وجزء منهم يزيديون مع تواجد قرية علوية واحدة بينهم في منطقة جبل الأكراد غرب حلب).

وبتصفية مزارع الدولة ومشروع “الحزام العربي” بصورة لا تضيع معها حقوق المجلوبين العرب في مراحل سابقة، يمكن القول بأن هذه المناطق تضم أغلبية ساحقة من الكورد وأقلية مسيحية من (سريان – كلدان ، وآشوريين).
– مقاطعة درزية في جنوب سوريا، حيث المناطق المتاخمة لإسرائيل (هضبة الجولان) ومناطق قريبة من الحدود اللبنانية.
ويمكن إضافة لهذه المقاطعات الأساسية التي تضم بمجموعها الأكثرية الساحقة من مكونات الشعب السوري، تخصيص منطقتين حكم ذاتي للإسماعيليين في مقاطعة الوسط السوري، وللمسيحيين في المقاطعة الكوردية الشمالية.


ولكن مع ذلك تبقى هنالك أقليات قومية أو دينية في سائر المقاطعات يجب ضمان حقوقها العقيدية أو القومية بشكل راسخ في القانون الأساسي (الدستور الاتحادي السوري)، وفي دساتير الولايات أو الأقاليم (المقاطعات) بصورة دقيقة.
وقد يتساءل البعض عن جدوى هذا التقسيم، ولذلك من الضروري تذكيرهم بأن هناك مدن ألمانية مثل (برلين وهامبورغ) تتمتّع بحقها الفيدرالي في الاستقلال الذاتي، لها برلمانات ودساتير وحكومات وميزانيات، وهذا ما يقوّي من الدولة الألمانية التي استفادت استفادة قصوى من تاريخها، ولا تسمح لأن يعود إلى الحكم نظام شبيه بالنازية الهتلرية التي استغلّت نظام الدولة الممركزة لتتحول إلى غول سفاح ضد البشرية….

ولا يقل البعث في طغيانه وفساده وإرهابه ضد الشعوب السورية إجراماً عن النازية أو الفاشية، ونستطيع إثبات ذلك بالوقائع والبيانات والإثباتات الدقيقة.
الفيدرالية الكوردية السورية:
أ- تتمتع كردستان سوريا بفيدرالية قومية ضمن حدود الدولة السورية وتسمى بالإقليم الكردي.


ب- يتحدد الإقليم الكردي بالمناطق التي تسكنها غالبية كردية.

وهي منطقة الجزيرة، منطقة كوباني (عين العرب)، ومنطقة جبل الأكراد (كورداغ)، وتعتبر قيود إحصاء عام 1957 أساسا لتحديد الطبيعة القومية للأغلبية السكانية المطلقة.
ج- يعتبر الإقليم الكردي بمناطقه الثلاثة وحدة إدارية واحدة لها شخصية معنوية تتمتع بالحكم الذاتي في إطار الوحدة القانونية والسياسية والاقتصادية للجمهورية السورية.
د- الإقليم الكردي  جزء لا يتجزأ من ارض سوريا وشعبها جزء لا يتجزأ من شعب سوريا.
هـ – تكون مدينة  القامشلي مركزا لإدارة الحكم الذاتي.
و– يتمتع المواطنون الكورد في سائر أنحاء البلاد السورية خارج الإقليم الكوردي بكافة حقوقهم الثقافية وبخاصة حق التعلم بلغتهم الأم في المدارس الحكومية والخاصة، وهذا ينطبق على العرب والأقليات القومية والدينية في الإقليم الكوردي.
ز- هيئات الفيدرالية الكوردية (حاكمية الإقليم، المجلس التشريعي، المجلس التنفيذي والقضاء، جزء من هيئات الدولة السورية، ويتّم انتخاب حاكم الإقليم (الولاية) ديمقراطيا من قبل جميع سكان الإقليم، كما ينتخب المجلس التشريعي، في حين يتم تكليف إدارة تنفيذية للإقليم من قبل حاكم الإقليم المنتخب من الأحزاب التي تحظى بأغلبية (51 %) من أصوات المجلس التشريعي، أما اللجنة القضائية فتخضع للقضاء المركزي الموحّد لكل سوريا.


ح- يتم تشكيل قوة أمن (شرطة) للإقليم، تكون تحت أمرة حاكم الولاية مباشرة، أو تحت أمرة من يكلّفه حاكم الإقليم بذلك….
ويمكن التعديل والتغيير في أسس الفيدرالية الخاصة بالكورد، ولكن من الضروري أن تكون فيدرالية قومية توافق الخاصية القومية للشعب الكوردي في البلاد، وأن تكون ديمقراطية ويكون للإقليم الكوردي “استقلال ذاتي” ضمن إطار الاتحاد السوري العام… 
وإننا إذ نؤكّد على ضرورة تعميق الوحدة الوطنية للبلاد السورية مع ضمان الحقوق الإنسانية وترسيخ مبادئ العدل والإحسان والمساواة بين المواطنين، ننزع بمشروعنا هذا فتيل الفتن الطائفية والنزعات العنصرية ونسد الطريق على التطرّف العقيدي أو القومي وكذلك نمنع وصول تيارات حزبية مجرمة بحق الشعب السوري أو قيام الطائشين بانقلابات عسكرية دموية على الشرعية الدستورية والحياة المشتركة في اتحادٍ طوعي متين.
*عاشت سوريا فيدرالية حضارية متحدة

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نارين عمر تعتبر المعارضة في أية دولة ولدى الشّعوب الطريق المستقيم الذي يهديهم إلى الإصلاح أو السّلام والطّمأنينة، لذلك يتماشى هذا الطّريق مع الطّريق الآخر المعاكس له وهو الموالاة. في فترات الحروب والأزمات تكون المعارضة لسان حال المستضعفين والمغلوبين على أمرهم والمظلومين، لذلك نجدها وفي معظم الأحيان تحقق الأهداف المرجوة، وتكون طرفاً لا يستهان به في إنهاء الحروب…

محمد زيتو مدينة كوباني، أو عين العرب، لم تعد مجرد نقطة على الخريطة السورية، بل تحولت إلى رمز عالمي للصمود والنضال. المدينة التي صمدت في وجه تنظيم داعش ودفعت ثمنًا غاليًا لاستعادة أمنها، تجد نفسها اليوم أمام تحدٍ جديد وأكثر تعقيدًا. فالتهديدات التركية المتزايدة بشن عملية عسكرية جديدة تهدد بإعادة إشعال الحرب في منطقة بالكاد تعافت من آثار النزاع، ما…

بوتان زيباري كوباني، تلك البقعة الصغيرة التي تحوّلت إلى أسطورة محفورة في الذاكرة الكردية والسورية على حد سواء، ليست مجرد مدينة عابرة في صفحات التاريخ، بل هي مرآة تعكس صمود الإنسان حين يشتد الظلام، وتجسيد حي لإرادة شعب اختار المواجهة بدلًا من الاستسلام. لم تكن معركة كوباني مجرد مواجهة عسكرية مع تنظيم إرهابي عابر، بل كانت ملحمة كونية أعادت…

إبراهيم اليوسف لقد شهدت البشرية تحوُّلاً جذرياً في طرق توثيقها للحياة والأحداث، حيث أصبحت الصورة والفيديو- ولأول وهلة- الوسيلتين الرئيسيتين لنقل الواقع وتخليده، على حساب الكلمة المكتوبة. يبدو أن هذا التحول يحمل في طياته نذر موت تدريجي للتوثيق الكتابي، الذي ظل لقرون طويلة الحاضن الأمين للمعرفة والأحداث والوجدان الإنساني. لكن، هل يمكننا التخلي عن الكتابة تماماً؟ هل يمكننا أن ننعيها،…