الثورة السورية وانبثاق شرق أوسطي جديد…..

فرحان مرعي

مهمة الشعب السوري ليست سهلة وبسيطة كما كان يتوقع البعض بل مهمة كبيرة وشاقة لأنه يخوض ثورة ضد اعتى الديكتاتوريات في العالم بما يملك من قوة أمنية وعسكرية فاشية وعلاقات مع قوى إرهابية إقليمية تأتي ايران في المقدمة وميليشيات ارهابية في المنطقة تمتد من افغانستان الى الصومال مروراً بلبنان الى جانب الدعم من قوى عالمية ترعى الاستبداد والديكتاتوريات في المنطقة منذ خمسين سنة مثل امريكا واوربا ومن يدور في فلكهما لما بينهم من علاقات استراتيجية وعلى اساس الهيمنة على المنطقة واستغلال خيراتها وافقار شعوبها وابقائها ضعيفة ومتخلفة،
لذلك استطيع ان اشبه الثورة السورية بالثورة الفرنسية لانها ستنقل ليس بسوريا فقط وانما بكل شرق الاوسط الى مرحلة تاريخية جديدة اي شرقاً اوسطياً جديداً ولكن ليس على الطريقة الامريكية وشركائها كما لن اكون مغالياً ان قلت ان سقوط النظام البعثي في سوريا سوف لن يكون بأقل من سقوط الهتلرية في اوربا أي انها ستنقل بالمنطقة من مرحلة الفاشية والعنصرية والإرهاب الى مرحلة الليبرالية والديمقراطية وانتهاء النظم الشمولية والى الابد .
على الشعب السوري اليقظة والحذر والتحمل والصبر، فالنظام يحاول جاهداً استخدام كل الوسائل القذرة لاجهاض الثورة وحرفها عن اتجاهها الحقيقي ، فلذلك تجده يستخدم كل الفزاعات الدينية والطائفية والتدخل الدولي والقومية لمنع الناس من التعبير عن رأيهم السلمي والديمقراطي ، كما انه يصدر يومياً قوانين ومراسيم باسم الاصلاح للالتفاف على الثورة ولكن هذه المراسيم والقوانين ليست الا مفرقعات اعلامية لتشويش العالم ، والحقيقة انه مع كل هذه المفرقعات لم يقترب حتى الآن من مقدساته ، السلطة ، الرئاسة ، ومستحقاتها الانتخابية، لم يعلن الرئيس حتى هذه اللحظة انه لا رئاسة مدى الحياة ، بمعنى ان موضوع الرئاسة لم يطرح إلى هذه اللحظة كونها مقدسة في اعتقادهم ولا تمس ، او هي جزء من ملكيتهم الخاصة لا تقسم ، ولم يعلن عن فك جهاز الامن ومحاكمة رموزه الاجرامية او إعادة هيكلية الجيش بحيث يصبح جيشاً وطنياً لا طائفياً او حل حزب البعث باعتباره حزباً فاشياً وشوفينياً ومحاكمة قياداته التاريخية لمسؤوليتهم ايضاً فيما جرى في سوريا منذ عام 1963 ، ولا يأتي دعوته (النظام) الى الحوار الا في اطار اللف والدوران والخديعة واللعب بعامل الوقت ، فهو يدعو الى الحوار تحت سقفه وبوجوده كاملاً او جزئياً على طريقة ابعاد هذا او ذاك ثم اعادة الانتاج على الطريقة القديمة ، وتجربة الثمانينات ماثلة امام اعيننا وليست ببعيدة عندما ابعد رفعت الاسد وحل محله فيما بعد اكثر من رفعت ورفعت ، كما لا يأتي الصمت الدولي او تردده في في اتخاذ موقف حازم الا في اطار الحفاظ على هذا النظام لأنه الاكثر اطاعة ووفاءاً لهم والمجرب الذي لا يخذل.
المكان هو نفسه ولكن الربيع مختلف كما يقال،  فالشعب السوري صار أكثر وعياً وحنكة من ان يضحك عليه  ثم يحكموه ويقتلوه ثم يأتي الكهنة يخدعوه، ان تجربة اربعون سنة من الانهيار والفساد والتخريب والقتل علمته ان  لا ينخدع لان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، فالشعب السوري حسم امره اما ان يعيش بحرية وكرامة او يموت بشرف وكرامة .

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…