أنتم قمح الحياة

م .

بافي ژيـــن
bavejin@hotmail.com
 

 في انتفاضته المباركة, التي أشعل شرارتها الأولى, أظافر فتيان درعا, هب الشعب السوري,وقفة رجل واحد, تضامناً مع مأساة أهلنا في حوران, واستجابة لمطالبهم المحقة؛ فهتف الجميع وبصوت واحد نعم  للحرية, لا للظلم والطغيان, رافضين العنف والقتل وسفك الدماء, التي تمارسه الأجهزة القمعية للنظام الحاكم, وآلته الحربية القاتلة, التي قيلت على مدى أكثر من نصف قرن, بأنها تشكل سياجاً منيعاً, لحماية تخوم الوطن, من الخطر الخارجي المفترض, وتحافظ على راحة الواحد منّا, وتشعره بالأمن والطمأنينة؛ إلا أنها استخدمت لتقطيع أوصال البلاد, وإهدار كرامة العباد .
 يخال للمرء أحياناً, وهو يمعن في عدد القتلى والجرحى والمفقودين والمعتقلين والمهجّرين, بأن الثورة السورية قد طال أمدها, والنظام لا يتوانى عن ممارسة المزيد من المذابح, والجرائم لإطالة عمره, وهو يحاول عبثاً, إغراق الدولة في مشاهد من العنف المنظم, والدمار والفوضى, وتالياً إقناع الداخل والخارج, بوجود مؤامرة تحاك ضد سورية, وهذا مناف للحقيقة والواقع؛ فرغم التضحيات وعظم المأساة, استطاعت ثورة الكرامة إقناع الرأي العام العربي والإسلامي والدولي, بشرعية أهدافها ونواياها السلمية, وحررت المواطن السوري من رهبة المستبد, والسير به نحو الشفاء من بلاء (الفوبيا) المزمن, وما يشاهد اليوم من حراك (احتجاجات, مظاهرات, اعتصامات) في طول البلاد وعرضه, ما كان أن يتم, لولا إرادة الشباب, وحكمة قياداتهم المناضلة, ونسج شبكة متينة وناجعة, من العلاقات والتواصل بين (التنسيقيات) التي نأت بنفسها, عن النمطية الحزبوية السائدة, لدى المعارضة التقليدية, بشقيها الكردي, والعربي, وتجازوت التراتيبية التنظيمية, والتنظير الآيديولوجي المعرقل للتطور والتقدم إلى حد ما .

لا بدّ من الإشارة أوالإشادة ,ببعض نقاط القوة لنجاح التنسيقيات والحفاظ على ديمومة ونجاح عملها واستمراريته, وهي الاعتماد على الزخم الجماهيري المساند, واستجرار فئات واسعة منهم للمشاركة في الحراك السلمي التصاعدي, والأنشطة المتعلقة به, ثم العزوف عن البرامج النظرية, والشكلية (نظام داخلي, برنامج سياسي,…الخ) التي تلجم وتعرقل وتيرة العمل اللحظي, وتتعارض مع صيرورة الثورات, وعلاقتها ببعديها (الزمكاني) والتطورات المرتبطة بمعادلة تقاطع المصالح, بين الداخل والخارج, ولا ننسى إجماعها على أولوية الهم الوطني, ومركزية الهدف المشترك (إسقاط النظام) وترك التفاصيل, والمسائل الإجرائية المتعلقة بالبديل الافتراضي لحينه, وبعد رحيل النظام .


 

بوركت سواعدكم أيها الشباب, يا من اختزلتم القهر في نفحات عطر الشهادة, واختصرتم الزمن مقاس تخوم صدوركم العارية, وملئتم النفوس حب الوطن؛ فعلى وقع خطواتكم الأولى وصراخاتكم المدوية (الشعب يريد إسقاط النظام) راح الفلاح يزرع قمح الحياة, والعامل يعدّ معاول البناء, ويراع المثقف يرسم في صمته فجر الحرية؛ سيروا أيها الأبطال؛ فاالله معكم, والشعب معكم, والنصر حليفكم .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…