الكرد ورقصة الموت على معزوفة مدافع آيات الله

خالص مسور:

منذ أيام ورحى حرب منسية طاحنة تدور في المناطق الكردية لكردستان العراق المتاخمة للحدود الإيرانية أو المحاذية للجانب الإيراني من كردستان، ونظراً لتواتر الأحداث في الربيع العربي البهيج فقد قل اهتمام الإعلام بحرب الإبادة والتهجير التي تشنها قوات الحرس الثوري الإيراني ضد القرى الكردية بضراوة بالغة، بهدف تحقيق مطامعها في ضم جبال قنديل إلى الأراضي الإيرانية والقضاء على حركة تحرير كردستان إيران(PJAK) لا بل القضاء على الشعب الكردي برمته وجره إلى الأبد إلى فخاخ العبودية والإذلال.
وهو ما يتوجب على الكرد عاجلاً وليس آجلاً، العمل على توحيد الكلمة والصف في وجه هذه الهجمة العنصرية الشرسة من قبل زمرة من الملالي (الدينوقومويين)، يستغلون الدين الإسلامي الحنيف لتحقيق مآرب قومية شوفينية تأباها مباديء الإسلام السمحاء والتي تحولت تحت ظلال اللحى المخملية إلى أداة تهدف للقضاء على العنصر غير الفارسي في الدولة الإيرانية مخالفة بذلك حقائق الإسلام المجلجلة: (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).

والمسلم من سلم المسلمين من يده ولسانه.

ولكن يظهر أن نظام الملالي في إيران في تمرد دائم على الله وآياته كلما آنس من هؤلاء الكرد أومن الشعوب الإيرانية الأخرى تمرداً على العبودية والدفاع عن وجودها وحقها في الحياة الحرة الكريمة، الحرية التي قال عنها الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب مقولته الخالدةً:(متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً).
نعم هذا هو الإسلام بأصالته وجوهره الذي لم تمسه أيادي مستغليه واستخدامه مطية لترويع الناس الأبرياء وقصف أعمارهم.

فهل من الإسلام في شيء أن تقصف مدافع آيات الله بكل وحشية وهمجية القرى الكردية وتهديمها على رؤوس ساكنيها من القرويين الأبرياء؟… وبأي حق وآية وحديث استحلل الملالي دماء المسلمين في شهر رمضام الكريم أقدس الشهور عند الله والمسلمين، بل استحللوا في هذا الشهر الفضيل شهر الرحمة والعبادات حتى المواشي والأغنام في مراعيها الآمنة، علماً بأنها هي مصدر رزق سكانها الوحيد في هذه الدنيا.

هل يستحلل الإسلام دماء المسلمين الأبرياء بهذه الفظاظة والعنجهية وهو القائل: من قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ودمه وعرضه إلا بحقها.

فأي إسلام هذا الذي يأمر الملالي بقتل أطفال المسلمين ياترى…؟ أم أنه الضحك على لحى الإسلام ووضعه في خدمة كاريزما (دينوقوموية) شوفينية ياباها الشعب الفارسي أن يسجلها على نفسه، أليس قتل الكرد المسلمين واستباحة أراضهيم وممتلكاتهم في قراهم البائسة هو نبذ لمباديء الإسلام وجعله مطية في خدمة القومية الفارسية لاغير؟.


نعم يسعى حكام إيران هذه الأيام وبالتواطؤ مع حكام العراق وتركية ومن لف لفهم وإلى ضرب المناطق الكردية في كردستان العراق وبشكل محموم، إلى تحقيق هدفين لا ثالث لهما، الأول هدف آني تسعى لتحقيه في اللحظة والتو وهو الضغط والتأثير على الحراك الشعبي الكردي في سورية لمصلحة النظام، والثاني هدف بعيد المدى وهو إرضاء تركية والتعاون معها لمحو الهوية الكردية من الوجود لكي يستأثروا بأرضهم وخيراتها ومآثرهم رغم الخدمات الجليلة التي قدمها الكرد لهم ولكل شعوب المنطقة خلال مراحل التاريخ العصيبة التي مرت بها هذه الشعوب جمعاء، ولكن يبدو أن حكام إيران قد فقدوا بوصلتهم الإسلامية والإنسانية معاً، وراحوا يوغلون في الدم الكردي المسلم في شهر رمضان المبارك فيعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما لايؤمرون.


ومن البداهة أن يتساوى الكرد مع شعوب المنطقة في كل شيء وهم سكان المنطقة الأصليون منذ عصور بلاد ما بين النهرين الموغلة في القدم.

وعلى حكام إيران وغير إيران أن تكف يدها الغليظة عن الشعب الكردي المسالم الذي لايريد إلا العيش الحر الكريم على أرض آبائه وأجداده، وهو الذي دافع ويدافع عن شعوب المنطقة من ترك وعرب وفرس بأكثر مما دافع ويدافع عن نفسه وبني جلدته، وهي خصيصة سايكولوجية واجتماعية باتت معروفة بين الشعوب المجاورة للكرد .
لقد استمعت قبل أيام إلى قائد القوات الكردية في جبال قنديل الشماء مراد قرة إيلان وقد بدا منفعلاً من الهجوم الإيراني على القرى الكردية في جبال قنديل في كردستان العراق، ومن الظلم والقتل والتهجيرالذي تمارسه إيران ضد الكرد منذ نهاية دولة ميديا على يدي كورش الفارسي وحتى هذه الساعة.

لقد كان مراد قرة إيلان يدعو الكرد على الوحدة والتكاتف في وجه الهجمة الإيرانية الشرسة، ويدعو الجحوش الجدد إلى رفض العبودية وحياة الذل وقتل شعبهم وبني جلدتهم، ودعا الإيرانيين إلى كلمة سواء أن لانعتدي عليكم ولا تعتدوا علينا، وأن لا مصلحة لاحد في هذه الحرب العبثية.

لقد قرأت في ملامح وجه هذا القائد المغوار مع الخلفية الجبلية المشجرة وراءه لوحة التراجيديا الكردية المليئة بالمآسي والظلم والقهر.

كما ارتسمت عليه آيات الإباء والشمم الكردي المعهود، فبدا كالأسد الهصور لايعرف الخوف إلى قلبه سبيلاً من هؤلاء قتلة المواشي وأغنام المسلمين والطفولة البريئة في مهدها.


وفي الختام نقول على إيران أن تكف عن ممارسة القتل والظلم باسم الإسلام، وأن تقبل بالأخوة الكردية الفارسية، والا يسخر هذا الدين القويم في خدمة القومية الإيرانية وشوفينية الملالي الذين ينزعون من لحاهم حبال مشانق لأحرار الكرد والبلوش والاحوازيين، لكن وكما قال قرة إيلان لن ترهب الكرد مدافعهم ولا طائراتهم ولا دباباتهم، وسوف لن ولن يسكتوا صوت الحق مهما أوتوا من قوة وجبروت ومن أسلحة الفتك والدمار، وهو يكرر قوله: نحن لانريد الحرب مع إيران، لكن ماذا لو تركنا تركية وتوجهنا نحو حرب إيران فإنها بالتأكيد لن تصمد أمامنا أكثر من ستة أشهر.

نعم ستة أشهر هكذا قال مراد قره إيلان ، وبعدها نقول لن يضيع حق وراءه مطالب.
كما قال عمر أبي ريشة:
لايمو ت الحق مهما لطمت        عارضيه قبضة المغتصب
وأم كلثوم:
أنا الشعب
أنا الشعب
لا أعرف المستحيلا
ولا أرتضي بالخلود بديلا
بلادي بلادي
مفتوحة كالسماء
تضم الصديق وتمحو الدخيلا.
…………………………   
26/7/2011      

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…

شيركوه كنعان عكيد تتميز سوريا كما يعرف الجميع بتنوعها القومي والديني وكذلك الطائفي، هذا التنوع الذي استطاعت السلطة البائدة أن تبقيه تحت السيطرة والتحكم لعقود طويلة في ظل سياسة طائفية غير معلنة، ورغم أن علاقة الدين بالدولة بقيت متشابكة، إلا أنها لم تصل إلى حد هيمنة العقلية الدينية أو الطائفية على مؤسسات الدولة بصورة صريحة. أدى ذلك الوضع تدريجيًا إلى…

علي جزيري نشرت جريدة قاسيون، في الخميس المصادف في 17 نيسان 2025 مقالاً تحت عنوان: “لماذا نحن ضد الفيدرالية؟” انتهج القائمون عليها سياسة الكيل بمكيالين البائسة بغية تسويق حجتهم تلك، فراحوا يبرّرون تارة الفيدرالية في بلدان تحت زعم اتساع مساحتها، ويستثنون سوريا لصغر مساحتها…! وتارة أخرى يدّعون أن سويسرا ذات (أنموذج تركيبي)، يليق بها ثوب الفيدرالية، أما سوريا فلا تناسبها…

صلاح عمر منذ أن خُطّت أولى مبادئ القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ترسخ في الوعي الإنساني أن الشعوب لا تُقاس بعددها ولا بحدودها، بل بكرامتها وحقها في تقرير مصيرها. ومنذ ذلك الحين، أُقرّ أن لكل شعب الحق في أن يختار شكله السياسي، وأن ينظّم حياته وفق هويته وتاريخه وثقافته. هذا المبدأ لم يُولد من رحم القوة، بل من عمق…