السورييون بين الجمهورية السورية والجمهورية العربية السورية

د.زياد اليوسف/  جامعة دهوك

   أصبحت اسم الدولة في سوريا احد أهم النقاط الخلافية بين المعارضة الكردية من جهة والمعارضات العربية من جهة أخرى، فالمعارضة الكردية تصر على تبديل الجمهورية العربية السورية باسم (الجمهورية السورية ) اسم سوريا قبل وصول حزب البعث إلى السلطة، مستندا بذلك على التنوع الاثني، بالمقابل تتمسك المعارضات العربية القومية منها والإسلامية والأصولية وحتى العلمانية على اسم (الجمهورية العربية السورية).

لقناعتها على ما يبدو أن إزاحة (إزالة) كلمة العربية يعني الاعتراف بالتعدد الاثني الذي قد يضعف القومية العربية أو الشعور الوطني لدى السوريين.
   طبعا هذا تحليل خاطئ ونظرة قاصرة إلى الأمور أو حقد كامن لدى اغلب أطراف المعارضة او او او او ………وهناك أمثلة كثيرة في العالم تثبت عكس ذلك.

اذ يعيش أكثر من قومية في دولة واحدة ولا تحمل الدولة اسم أية قومية منها  ولديهم إحساس وطني مزدوج ((ازدواجية الانتماء)).

اذكر هنا مثالا (المملكة المتحدة):
    الاسكتلنديون على الرغم من اعتزازهم بالانتماء إلى بريطانيا، وأنهم مواطنون بريطانيون، واسهم الاسكتلنديون إسهامات بالغة الأثر في بناء الإمبراطورية البريطانية وتوسيع رقعتها في البر والبحر، وعملوا على استمرار هيمنتها وسيطرتها على جهات كثيرة في العالم لعدة قرون، وساعد المقاتلون الاسكتلنديون على تحقيق النصر البريطاني والحلفاء على دول المحور في الحرب العالمية الثانية مما أكد الانتماء الوطني البريطاني لكافة طوائف الشعب في الجزر البريطانية، إلا انه في نفس الوقت نجد أن الشعب الاسكتلندي لا ينسى مطلقا أن له وطنيته الخاصة وهي الوطنية الاسكتلندية، وان أمتهم الاسكتلندية الصغيرة شمال الجزر البريطانية لا تقل أهمية عن الإمبراطورية البريطانية وربما تكون أهم في المجالات المحلية، أما أوقات الأزمات فان الجميع ينسى الانتماءات المحلية ويفكرون في الانتماء الوطني العام الخارطة رقم (1).

 

     أما في سوريا ومنذ أن انهارت الإمبراطورية العثمانية وتلاشت جسدها وتكونت على أثرها دول قومية، حيث لعبت قوى خارجية تحديدا (فرنسا ـ  بريطانيا)  في تجزأة المنطقة، وبموجب اتفاقية سايكس بيكو وضع الحدود السورية التركية دون مراعاة خصائص الشعب الكردي، والحق جزأ من المناطق الكردية (جغرافيا) بدولة سوريا، بالإضافة إلى أن أعدادا كبيرة من الكرد يرجع وجودهم إلى الحروب الصليبية، يتوزعون في بلاد الشام عامة وفي سوريا في محافظات دمشق – حماة – ادلب – درعا وحتى الساحل السوري.

ومنذ تأسيس الدولة السورية والكرد يعملون فيها على أنها وطنهم فحاربوا الفرنسيين جنبا إلى جنب مع إخوانهم العرب في كل من دمشق وحلب والجزيرة وساهموا في بناء الدولة الحديثة على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ………، وفي كافة الحروب التي خاضتها وفي مختلف الجبهات ولم يتوانوا يوما عن القيام بواجبهم, لكن بالمقابل لم ينسوا يوما انهم قومية لها خصوصيتها، وعملوا من اجل الحصول على حقوقهم المشروعة داخل الجمهورية السورية.
    أقول الجمهورية السورية لان التركيب السكاني متنوع اثنيا ولو أن غالبيتهم من العرب، (يتراوح عدد سكان الكرد بين 15 – 20 %) وهنا لا يحق للعرب فرض عروبتهم على الآخرين تحت ذريعة الأكثرية أو إنكار الآخر أو ربط الدين بالقومية أو ما شابه ذلك، وطبيعي أن لا يتساوى كافة المكونات من حيث العدد والحجم والتوزيع الجغرافي ………، لكن طبيعي  جدا أن يتساوون في الحقوق والواجبات.
    سوريا (الجمهورية السورية) تتميز بالتنوع القومي والديني والطائفي ولا يستطيع احد أن ينكرها، مثلها مثل اغلب دول الشرق الأوسط مهد الحضارات وتنوع الشعوب والأمم والقبائل والديانات والطوائف فعلى أرضها خلال فترات زمنية مختلفة عاشت شعوب وقبائل متنوعة وهذه الشعوب و القبائل لم تبتلعها الأرض ولم ترفع إلى السماء بل موجودة على أرضها (العرب ,الكرد، الجركس ،الاثوريين ،الارمن ، التركمان ، الكلدانيين … وغيرهم) وتتوزع على ارض الجمهورية السورية كما هو واضح في الخارطةرقم (2).

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…