في التنسيق والإقصاء الكوردي الكوردي ..!

دهام حسن

ما خفي أدهى وأعظم، هذا ما يشغلني في هذه الفترة، هذا الصمت المريب الذي يلف واقع الحركة الكوردية، والتكتم الذي يسبق العاصفة، هو الذي ينذر في القادم من الأيام بأن هناك ما يعد في المطبخ الكوردي، ربما كان بخلاف ما يشاع من التلاقي والتوادد، ما يبدو لي هو أن الحركة أمام استحقاقات واصطفافات جديدة لم تتبلور بعد، فما يجري الآن هو تكريس الشقاق أي إقصاء أطراف وبالتالي تكريس واقع الشرذمة، إن جهودا أكيدة تبذل في هذا الإطار، فسيناريو لملمة فصائل يوازي جهودا تبذل بغاية بعثرة فصائل أخرى، وإقصائها بالنتيجة عن المشهد ..
حاولت أن أستفسر عن واقع الحركة في ضوء هذا التكتم من المطلعين على الحقيقة، وما هي الصورة التي هم فيها، فلم أحظ بغير إشارات عابرة، وحالات غير مكتملة، فالصورة تبعث على الريبة عن واقع الحركة، ويبدو لي أن هؤلاء أنفسهم لا يحيطون بما يحاك في الاجتماعات الخاصة أو الاجتماعات الخصوصية، التي تنعقد في الغرف المغلقة، وأن لاشيء من المعرفة أو الحقيقة في جعبة هؤلاء الدائرين في شوارع البلدة، وهم في الحقيقة لا شيء في الحياة السياسية، فمجرد حضورهم لقاء تحت اسم أو رقم ما، وبالتالي يعدونه كسبا واعترافا بوجودهم، ولذلك فهم غير مستعدين أن يأخذوا موقفا تاريخيا مسؤولا في حياة الحركة السياسية الكوردية فيما إذا صب هذا الموقف السليم والصحيح في مصلحة الحركة الكوردية مجتمعة، حتى لو تذمرت واستاءت لهذا الموقف رموز عرفت تاريخيا بتهادنها ومساومتها على كثير من المسائل النضالية..
ثمة سعي كوردي محموم، سعي مخطط ومدروس لتشتيت واقع الحركة، يتبنى هذا الموقف بعض القادة الكلاسيكيين الذين فقدوا بريقهم، هؤلاء يرون قوتهم وظهورهم كرموز كما في السابق في بعثرة الحركة..

واليوم بعد هبّة الشباب وأخذهم المبادرة من يد المعارضة التقليدية، هؤلاء المعارضون الكلاسيكيون قد خفّ شأنهم، وقلّ قدرهم، وجاء دأبهم في هذه المرحلة الدقيقة بالتقليل من شأن الشباب، ومحاولة لعب دور الريادة كما في السابق لكن المحاولة تأتي في الوقت بدل الضائع..
بصراحة أنني أقرأ وأسمع ولا أصدق بأن ثمة جهودا تبذل في سبيل لملمة جميع فصائل الحركة دون إقصاء أو تهميش لأي فصيل، أو الإيهام بذلك، الحقيقة غير هذا، أبدا لم يكن في بال الجهة المعنية وحدة فصائل الحركة مجتمعة، بل ربما كان إقصاء هذا الفصيل أو ذاك هو هاجسهم، بل كثير من الأسباب تدفع هؤلاء لدق إسفين الفرقة في جسم الحركة، ثم من هي الجهة الساعية لتقريب وجهات النظر إذا كانت تملك الجرأة فلتعبر عن نفسها بالاسم في هكذا مساع لكن هيهات فلسوف تخونها الجرأة حتما، ومن المعلوم أن الثقة مفقودة بمن يتوارى خلف تاريخ حافل بالنقائص، والدعوة إلى الوحدة بعد ذلك من وراء الستار، وإننا حقيقة نشك ولا نستطيع أن نشخص الجهة المتخفية لتلعب هذا الدور، لكنها أيضاهي بعيدة أبدا عن وحدة كلمة الحركة, ولسوف تكلف سواها وتدفعها لتنوب عنها في لعب هذا الدور جراء فقد الثقة بها، أتحدى هذه الجهة أن تلعب دورا إيجابيا جريئا وجامعا، دون أن تزرع الفتنة بين فصائل الحركة، وأن تمد يدها بيضاء إلى كافة الأفرقاء، وهي حقيقة محط الشبهات نظرا لتاريخها الطويل في هذا المنحى المريب وماضيهم شاهد على تاريخهم القذر..

دعاية كاذبة لاكها للأسف بعضهم، بأن ثمة سعيا يبذل حول وحدة الكلمة الكوردية، إذا كان هذا المسعى حقيقة، فلماذا إذن هذه القطيعة بين فصائل الحركة السياسية، وانعدام الزيارات بين غالبية هذه الفصائل.؟ إذا كانت الموادعة والسلام والتواصل مفقودا لاغيا بين هذه الفصائل، فكيف سيتم هنا التنسيق فيما بين تلك الفصائل، بمعنى آخر، إن ما تتشدق به بعض الفصائل في تواصل ومواءمة بين الفصائل ليست إلا كذبة يروج لها هؤلاء لإيهام الآخرين بأنهم هم الداعون للوحدة، هذا للأسف رياء..

لأنهم تاريخيا أصل الداء، ولم يكن يوما كانوا من أنصار الوحدة، ما يبعث على الأسف والاستغراب والدهشة هو أن كثيرا من هؤلاء رغم مرورهم وخضوعهم لغدر وإساءة هذا الفريق لم يعتبروا، أي أنهم لم يأخذوا عبرة، فلم يقدروا التحرر من أحابيل هذا الفريق، وكلما انفضوا من حوله لا يلبثون أن يعودوا إليه للأسف صاغرين، فلم يستوعبوا الدرس، وقد تفجؤك اليوم دعوة هذا الفريق بثوب متطرف في بعض مفرداته، دعوة مغلفة بالتصادم فيما (بين بين) لكن كل ذا يعتبر حيلة لن تنطلي على أحد من الذين دفعوا ضريبة الثقة والغفلة غير مرة، ثمة إجهاض متعمد لمساعي بعض فصائل الحركة نحو التلاقي والتنسيق للعمل النضالي المشترك، يقابل بالتجاهل والتنكر لفصيل أو أكثر متنفذ داخل الحركة فالفيتو الكوردي لا يتوقف ضد الكوردي، بغاية الإقصاء والتهميش، والتغبير على أي مسعى وحدوي كوردي نحو عقد مؤتمر ما لن يتوقف، عجيب أمر هؤلاء البراغماتيين لا ثبات على موقف محدد، مواقف متناقضة وليدة الرغبة ساعة، والمصلحة ساعة أخرى، والتذبذب في كل ساعة، وهذا دأب الانتهازيين في كل زمان ومكان…

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…