عمر كوجري
لا تشبه سوريا قبل الخامس عشر من آذار الماضي سوريا اليوم بالمطلق، فثمة تغييرات حصلت في كل مفاصل الحياة السورية، سوريا تغيرت بشكل كبير وعنيف أيضاً، ففي حين كان السوري بفعل عقود من الخوف والإخافة يخشى حتى من الهواء وحفيف الأشجار، ويشعر أن أي مظهر في الطبيعة هو خصمه، ويمكن أن ” يفسفس” عليه عند “الجماعة الطيبة”، صار يجهر برأيه وآرائه دون أن يلتفت يمنة ويسرة كثيراً.
الأحداث الجارية، غيرت هذا السوري تغييراً جذرياً، فحتى حلاق الحي، وموزّع الغاز، وبائع الخضرة، صار سياسياً ومهتماً بها، وأشهر هؤلاء “سائق التكسي” الذي صار يحكي بالسياسة، وربما يفاجئك بالقول: هل أنت موالاة أو معارضة قبل أن يطلبَ منك ربطَ الحزام؟
الأحداث الجارية، غيرت هذا السوري تغييراً جذرياً، فحتى حلاق الحي، وموزّع الغاز، وبائع الخضرة، صار سياسياً ومهتماً بها، وأشهر هؤلاء “سائق التكسي” الذي صار يحكي بالسياسة، وربما يفاجئك بالقول: هل أنت موالاة أو معارضة قبل أن يطلبَ منك ربطَ الحزام؟
بالطبع، قد يكون الرجل من الجماعة إيّاها خاصة أيام الجمع، وبدلاً من أن يأخذك إلى المنطقة التي تريدُ الوصولَ إليها -حسبما قرأت وسمعت- ليس للاشتراك في تظاهرة أو حتى التفرُّج عليها، فقد تأخذه النخوة فيأخذك مباشرة إلى أحد الفروع الأمنية، لأنك وثقت به، ووصفت المتظاهرين بأنّهم أصحابُ حقٍّ وطلاّب حرية، وسردت بعض المظالم التي يعاني منها السوريون، أو قلت إن المكان الطبيعي للجيش ليس داخل سوح وحواري المدن السورية، بل تخوم وحدود البلاد كي يحمي الوطن من غاشم ومعتد!!
من مفرزات سوريا ما بعد الخامس عشر من آذار، ظهور ثلة من المحللين السياسيين، الذين لولا الأحداث الأليمة التي تمرُّ بها سوريا لما سمعنا بأسمائهم، ولا استمتعنا بأصواتهم التي في الغالب مجلبة للهمّ والألم إلى حدٍّ كبير، لكثرة ما يعصرون مكمن الجرح السوري النازف إلى الآن.
ليس بقصد وضع اليد على الجرح ليشفى، بل ليتفسخ أكثر فأكثر.
القائمة تبدأ من (تكروري) الذي ادّعى أن البيشمركة الكردية هي من أهانت أهالي البيضا، “اعتذر وله الثواب بعد أيام” مروراً بـ إبراهيم، الذي قال: إن بارجة ألمانية سلمت السلاح للـ” عصابات المسلحة في بانياس، والبلابل والزهور بريئة من قتل آلاف الجنود، وصولاً إلى شحادة، الذي تفوّق على مَن سبقوه في استهبال واستحمار الناس، حينما قال: إن عناصر من شركة “بلاك ووتر” الأمريكية يُقدّمون التعليمات اللوجستية، وينسّقون مع المتظاهرين في حماه للقيام بأعمال تخريبية.
المحلل نفسه هو من وُضِعَتْ له لقطة من تظاهرة بعشرات الآلاف في حماه مباشرة، فقال وكلُّه ثقة وزهو: كم عدد هؤلاء مئة..
مئتان، ثلاثمائة؟
صورة التشبيح الإعلامي لدى شيخ “المحللين” بسام أبو عبدالله (أستاذ القانون الدولي ؟؟) ليست بأصفى، حيث لم يفتأ يؤكّد المؤكد، ويكرّر، أن من يخرجون إلى المظاهرات في سوريا هم حثالة.
صاحب الشهامة” الخائف من مجرد كلمة “التكبير” ويمقت سلوك المتظاهرين غير الحضاري لأنهم” يكبّرون”، يصرُّ يوماً بعد يوم على نعت أبناء الشعب السوري بهذا النعت” الحثالة”، وهو ما يؤلم، ويجرح الفؤاد والعقل معاً.
في اتصال للجزيرة معه على خلفية قتل أكثر من ثلاثة عشر مدنياً من بلدة كناكر بريف دمشق برصاص الأمن، أصرَّ على أنه لا يجدُ تعبيراً أدقُّ من التي يستخدمها بحقِّ طلاب الحرية، ورغم أنه يأكل من مذيعي الجزيرة “علقات ساخنة”، إلا أنه لا يتوانى عن زف بهدلة ع الطاير للمحطة ومديرها العام، والعاملين فيها، ويتهمُها بالتآمر على الشعب السوري، والغريب أنه وفي صباح اليوم التالي يتصدّر اسم أبي عبدالله قائمة اهتمامات الجزيرة لتتصل به، وتستفسر عن آخر قطرات دماء “الحثالة” السورية، ويبدأ مسلسل التخوين من جديد!!
الأقسى من هذا، والأكثر مدعاة للأسى أن تردّ عليه موبّخة المذيعة “غادة عويس” من قناة الجزيرة “المغرضة”، وتتطلع للدفاع عنا نحن “الحثالة” وتقول : أنت تشتم الشعب السوري، نحن لا نتبنى هذا الكلام، هذا رأيك، وتضطر لقطع الاتصال معه كي لا يكرّر أسطوانته عينَها.
مهما نختلف مع الآخرين، ومهما نكن متشنجين منهم، لا يجوز البتة وصف قطّاع كبير من الشعب السوري يخرج للمطالبة بحقوقه والحرية، أياً كانت نوع هذه الحرية بقطاع الطرق والمندسين والعصابات المسلحة والإرهابيين والمخربين.
وطالما الأمر بهذا الشكل، إذاً: لمَ التباكي الواضح على الحوار مع هؤلاء” الحثالة”؟؟
هل المتحاورون في الصالات والفنادق الفخمة لهم القدرة على الأرض وفي الشوارع لإعادة المتظاهرين إلى بيوتهم، ووقف نزيف الدم السوري؟
أعتقد أنّ هذا كلامٌ عبثيٌ طالما أن ثمة من يفكر بهذه العقلية الإقصائية والإلغائية والتغييبية.
أم أن الموضوع موجّه بكليته نحو الخارج، ولا علاقة للداخل به؟؟ حتى لا يقال أن النظام لا يملك غير العصا الغليظة، وها هو يمدُّ يدَ التفاهم والحوار، بينما الآخرون الخارجون عن الطاعة “يعضّون” هذه اليد الكريمة والحنونة.
من مفرزات سوريا ما بعد الخامس عشر من آذار، ظهور ثلة من المحللين السياسيين، الذين لولا الأحداث الأليمة التي تمرُّ بها سوريا لما سمعنا بأسمائهم، ولا استمتعنا بأصواتهم التي في الغالب مجلبة للهمّ والألم إلى حدٍّ كبير، لكثرة ما يعصرون مكمن الجرح السوري النازف إلى الآن.
ليس بقصد وضع اليد على الجرح ليشفى، بل ليتفسخ أكثر فأكثر.
القائمة تبدأ من (تكروري) الذي ادّعى أن البيشمركة الكردية هي من أهانت أهالي البيضا، “اعتذر وله الثواب بعد أيام” مروراً بـ إبراهيم، الذي قال: إن بارجة ألمانية سلمت السلاح للـ” عصابات المسلحة في بانياس، والبلابل والزهور بريئة من قتل آلاف الجنود، وصولاً إلى شحادة، الذي تفوّق على مَن سبقوه في استهبال واستحمار الناس، حينما قال: إن عناصر من شركة “بلاك ووتر” الأمريكية يُقدّمون التعليمات اللوجستية، وينسّقون مع المتظاهرين في حماه للقيام بأعمال تخريبية.
المحلل نفسه هو من وُضِعَتْ له لقطة من تظاهرة بعشرات الآلاف في حماه مباشرة، فقال وكلُّه ثقة وزهو: كم عدد هؤلاء مئة..
مئتان، ثلاثمائة؟
صورة التشبيح الإعلامي لدى شيخ “المحللين” بسام أبو عبدالله (أستاذ القانون الدولي ؟؟) ليست بأصفى، حيث لم يفتأ يؤكّد المؤكد، ويكرّر، أن من يخرجون إلى المظاهرات في سوريا هم حثالة.
صاحب الشهامة” الخائف من مجرد كلمة “التكبير” ويمقت سلوك المتظاهرين غير الحضاري لأنهم” يكبّرون”، يصرُّ يوماً بعد يوم على نعت أبناء الشعب السوري بهذا النعت” الحثالة”، وهو ما يؤلم، ويجرح الفؤاد والعقل معاً.
في اتصال للجزيرة معه على خلفية قتل أكثر من ثلاثة عشر مدنياً من بلدة كناكر بريف دمشق برصاص الأمن، أصرَّ على أنه لا يجدُ تعبيراً أدقُّ من التي يستخدمها بحقِّ طلاب الحرية، ورغم أنه يأكل من مذيعي الجزيرة “علقات ساخنة”، إلا أنه لا يتوانى عن زف بهدلة ع الطاير للمحطة ومديرها العام، والعاملين فيها، ويتهمُها بالتآمر على الشعب السوري، والغريب أنه وفي صباح اليوم التالي يتصدّر اسم أبي عبدالله قائمة اهتمامات الجزيرة لتتصل به، وتستفسر عن آخر قطرات دماء “الحثالة” السورية، ويبدأ مسلسل التخوين من جديد!!
الأقسى من هذا، والأكثر مدعاة للأسى أن تردّ عليه موبّخة المذيعة “غادة عويس” من قناة الجزيرة “المغرضة”، وتتطلع للدفاع عنا نحن “الحثالة” وتقول : أنت تشتم الشعب السوري، نحن لا نتبنى هذا الكلام، هذا رأيك، وتضطر لقطع الاتصال معه كي لا يكرّر أسطوانته عينَها.
مهما نختلف مع الآخرين، ومهما نكن متشنجين منهم، لا يجوز البتة وصف قطّاع كبير من الشعب السوري يخرج للمطالبة بحقوقه والحرية، أياً كانت نوع هذه الحرية بقطاع الطرق والمندسين والعصابات المسلحة والإرهابيين والمخربين.
وطالما الأمر بهذا الشكل، إذاً: لمَ التباكي الواضح على الحوار مع هؤلاء” الحثالة”؟؟
هل المتحاورون في الصالات والفنادق الفخمة لهم القدرة على الأرض وفي الشوارع لإعادة المتظاهرين إلى بيوتهم، ووقف نزيف الدم السوري؟
أعتقد أنّ هذا كلامٌ عبثيٌ طالما أن ثمة من يفكر بهذه العقلية الإقصائية والإلغائية والتغييبية.
أم أن الموضوع موجّه بكليته نحو الخارج، ولا علاقة للداخل به؟؟ حتى لا يقال أن النظام لا يملك غير العصا الغليظة، وها هو يمدُّ يدَ التفاهم والحوار، بينما الآخرون الخارجون عن الطاعة “يعضّون” هذه اليد الكريمة والحنونة.