مرشد اليوسف
دشنت أحداث 12 آذار 2004عهدا جديدا مفعما بالروح الوطنية والتضحية في حياة الشعب الكردي في سوريا ووضعت حدا بين ماض مضى و انقضى وغد آت, ان تعليل الدور التاريخي لأحداث 12آذارباعتبارها العلامة الكبرى في تاريخ النضال الوطني الديمقراطي الكردي في سورية ضد التمييز العنصري ضرورة للشعب السوري بشكل عام و للوطنيين الأكراد بشكل خاص من أجل فهم الماضي وتفسير الحاضر, بل من أجل تصويب النشاط الوطني الموجه نحو تحقيق الغد الأفضل للجميع, وان الدراسة الموضوعية لمجمل تجربة الأحزاب الكردية في سوريا ضرورة وطنية هي الأخرى لفهم جوهر السنن العامة للمسيرة الوطنية الكردية مع مراعاة النجاحات و الاخفاقات التي رافقتها طوال فترتها الطويلة .
وتشغل مركز الصدارة بالنسبة لي في هذه الدراسة مسألة العلاقة بين الأحزاب الكردية السورية والأحزاب الكردستانية في جنوب وشمال كردستان بوصفها العامل الأكثر جدلية في الفترة ما قبل أحداث 12 آذار, لقدغطت تلك العلاقات الغير متكافئة بظلالها على الحياة الكردية السورية سواء على الصعيد التنظيمي أو الجماهيري طوال نصف قرن تقريبا وهي الفترة التي تمتد بين ولادة الحزب الديمقراطي الكردي السوري (البارتي) في عام (أول حزب كردي في سوريا)1957 وحتى اليوم .
وشأن كل مشكلة في حياة الشعوب فقد جلبت تلك العلاقات أو جزء منها (حتى لا نعمم) المصائب والآلام والجمود الفكري الى فئات من الشعب الكردي وأدت الى تمزيق الوحدة الفطرية وتحطيم البعض وازدهار وتقوية البعض الآخر, وتركت شرخا وانقساما وجرحا عميقا (لا يندمل بسهولة) في جسم المجتمع الكردي السوري , وكان ذلك أيضا درسا صارما للمفكرين والمثقفين والسياسيين الأكراد, وأقتبس هنا قول الاستاذ عبد الحميد درويش وهو أقدم زعيم كردي سوري في معرض رده على سؤال للاسناذ سيروان ح.
بركو حول التمزق الكردي السوري – مقابلة في موقع عامودة بتاريخ7- 10- 2006 : (كان للحركة الكردية خارج سوريا دورا كبيرا) ( اذا عدنا الى التاريخ سنجد أن الخلافات كانت تدور حول أن البعض برزانيون والأخرون غير برزانيون ) ولو أكمل الاستاذ عبدالحميد الجملة وافصح لقال طالبانيون أيضا نسبة الى فخامة الرئيس جلال الطالباني وفيما بعد آبوجيون نسبة الى الزعيم الكردي الشمالي عبد الله أوجلان (فك الله أسره), هذه الشهادة ( وهو اعتراف) من الاستاذ عبد الحميد وهو خير من يفتي بهذه القضايا, وكذلك ما حصل من خلافات وتجاذبات وانقسامات في المؤتمر العاشر للحزب الديمقراطي الكردي السوري (البارتي) في الاسبوع الماضي حول الاهتداء بنضال الزعيم الخالد الملا مصطفى البرزاني (مقالة نقدية لصديقي الاستاذ عبد الرحمن آلوجي, في موقع ولاتي مه بتاريخ 8-10-2006 ) يؤكد على ماذهبنا اليه, ولست هنا لأنبش الماضي ولست قاضيا حتى أحكم على تلك المرحلة التاريخية وماشابها من منغسات وأخطاء وويلات, ولا أريد أن أتهم أحدا فالمسالة برمتها مرتبطة بزمنها ولكل زمن أذانه و ظروفه, ولكن آن الأوان كي يجتمع أكراد سوريا جماهيرا وأحزابا ومجتمع مدني حول الميراث الانساني التاريخي الذي تركه شهداءنا الأبرار, سواء من استشهد منهم في جنوب وشمال كردستان أو في قامشلو وبقية المناطق الكردية قبل وخلال أحداث 12 آذار, ويؤسفني أن أقول أن التمسك بميراث الزعيم الخالد البرزاني و السير على خطى الزعيم عبد الله أوجلان ليس بالشعارات واللافتات والكلام والافتراءات والاتهامات والخصومة وكيل الشتائم والمزاودات والادعاءات الباطلة والصراعات الحزبية (أصحاب المصالح الشخصية) , بل بالوحدة الوطنية والعمل الديمقراطي والحراك السياسي الجماعي, والرأي الواحد من خلال ايجاد مرجعية وطنية عليا على مستوى أكراد سوريا, وأهيب هنا بالأحزاب الكردستانية أن يتركوا اخوانهم أكراد سوريا لشأنهم, فأهل البيت أدرى بشؤونه, واذا ذهبنا أبعد من ذلك فان اخواننا أكراد الجنوب والشمال ليسوا بحاجة الى مساعدتنا اليوم, بل نحن بحاجتهم, لقد قدم أكراد سوريا بشرف وأمانة التضحيات تلو التضحيات بالمال والأنفس من أجل الثورات في جنوب وشمال كردستان, وليسوا نادمين (حسب اعتقادي), بل يفتخرون بما قدموه, وقد جاء اليوم الذي يلتفتون فيه الى مشكلتهم وقضيتهم الكردية في سوريا, لقد جاء وقت الاستحقاقات وعلينا أن نبادر جميعا أحزابا ومنظمات وشخصيات وطنية بصوت واحد وعزم واحد الى مؤتمر وطني كردي سوري للخروج برؤية وقرار واحد ومطالب واضحة, اننا بحاجة الى مساعدات غير مشروطة من اخواننا في الجنوب والشمال, ونشعر بدفئ علاقاتهم معنا, ونأمل أن يرفعوا أيديهم عن خصوصياتنا.