لعبة الشطَّار: الأحزاب الكردية وحرابها الذاتية

إبراهيـم محمــــــود 
 
صرخة “حتى”
حتى كتابة هذه الكلمة،غالباً ما تسمع أحدهم يتحدث في مجلس كردي (حزبي وغيره)، لحظة التذكير بالأحزاب الكردية، أو الحديث عنها، فيقول بداية بأنه (ينحني أمامها، أو يعترف بتاريخها المشرق أو المشرّف)، وبعد ذلك يبدأ بسرد ملاحظاته أو توجيه نقده إلى الأحزاب مجتمعة، متوخياً الحذر في توجيه نقد يؤلّب عليه الجميع.

والحقيقة (حقيقة الجاري والساري المفعول)، هي أن القائل أو المتحدث لا يخفي عنف الذين يصغون إليه ويتحرُّون أي كلمة خارجة عن سياق المقبول، بقدر ما يتحفظ على حقيقة ما يريد قوله وعلى تحفظه نفسه.
لنقل صراحة: إن القائل أو المعترف لا يقول إلا ما يستدعي الخجل منه، ولا يعترف إلا بنقيض الحقيقة.
تُرى ما الذي يتراءى مشرقاً في الأحزاب الكردية ويُبقي تاريخها مشرّفاً، وثمة انقطاعات وانقسامات وانقلابات أشخاص هم أولو أمرها، يختلفون فيما بينهم بين ليلة وضحاها، حيث إن ذريعة تصحيح الخطأ أو تقويم الانحراف تؤدي إلى المزيد منه، ويبقى التشريف البائس متعلقاً بسلسلة من حالات التخوين والمطاردة الكلامية على الطريقة الكردية التي باتت معروفة بأهلها وديارها؟ تُرى ما الذي يشرّف في تاريخ متخَم بالانشقاقات وحرب الزعامات الجانبية الصامتة والعلنية حتى اللحظة؟ أم ترانا في حالة صم بكم لا نعمه شيئاً من الجاري والهاري؟!
إن حاضر الحزب: الحرب، مرآة لماضيه، وماضيه، كما يظهر، ترجمان أحوال معاناة لم تشأ أن تدوّن سيرتها الذاتية الكفاحية والنضالية كما يجب، لأن العناية بالتاريخ كانت دون المعتاد أو المطلوب، وهذا الحاضر الذي نعنيه كما نعانيه، هو حاضر جملة الأحزاب الكردية وهي تشهر حرابها السيئة الصيت وذات العراقة فيما بينها وفي وجوه من يقول (لا) للانشقاق أو الافتئات الحزبي- الحزبي، أو التقريع الطرَفيّ أو التسفيه المتبادل، حيث يسهل العثور على هذه الأحزاب: الحراب الصدئة في غرفة العناية التاريخية المشددة، ولم تشب عن الطوق بعد، أو تخلع عن نفسها طوق التبعية لخصومها أو لبيئتها أو فيما بينها جهة الاستقلالية الذاتية أو جهة شعور أعضاء الحزب الواحد أنهم يعيشون الروح الوفاقية دون تذويب” النحن” في ” أنا” وجاهية، زعاماتية طافحة بالذهنية الريفية، وقد أكل عليها الدهر وشرب وعافها.
وهذا المكتوب يندرج في إطار النقد الحاد (سيقال إنه هجوم وتجنٍّ!)، لأن ثمة رؤية لحالة هذيان حزبية من القمة دون القاعدة، بما أن القاعدة لا تعمل إلا وفق توجهات القمة، وهذه بائسة على كل حال.

لنقل إن كل ذلك يردُ هنا يطال” المثالب” أما” المناقب” التي يُصرَّح بها هنا وهناك، فليستعد لها راهناً سواي.

إذ إنني فيما أقوم به لا أخفي انشغالي بها، ولست كائناً غريباً عما تقوم به، وهي تعاني من احتشاء ايديولوجي ومعنوي حاد، وخصوصاً في الآن الراهن، لهذا كتب المقال بأسلوب الصدمة الكهربائية، وعليه فإنني لست معنياً بكل ما يمكن أن يصدر من فتاوى تكفير كوني اعتدتُها منذ عقود صحبة غيري، حسبي أن يقرَأ مقالي، وأن يؤرشَف تاريخياً، وأن أتحدث عن ” لعبة الشُّطار”، وما تعنيه من خدع فقدت صلاحيتها منذ زمان، ولأن الذي يتردد هنا ليس استناداً إلى رواية شهود زور، ولا انطلاقاً من تصورات هانئ ملتزم بيته، كما يتصور المتحزب كلما( دق كوز النقد بالجرة الحزبية الأثرية)، كما لو أن تبادل المعلومات بين هذا الحزب أو ذاك، أو إصدار بيان مشترك، أو من جهة حزب ما، أو الحديث المفخَّخ عن جلسة حوارية رفاقية وأخوية حزبية كردية يخرس ألسنة العيارين والعيائين، ويكون كافياً للتعبير عن أن كل شيء بخير، بينما يضيق” الشارع” الكردي” بالنفوس المتضخمة عبر تصريحات تترى!
 
شاهد العيان
 يكون شاهد العيان البليغ على ما تقدم، هو ما يجري راهناً والأحزاب الكردية في مجموعها لا تتبصر طريقها الجامعة” كرديتَها” ونوعية الطريق هذه” مقامها السوري” وما هو أبعد من ذلك استراتيجياًً، كما يوحى إلينا أو يصلنا الخبر” التعبوي” حول ذلك أو نتلقاه ” أول بأول”، ونحن نعيش فورة البيانات صحبة التنسيقيات في حمَّى التعليقات والمقالات الدعائية لطرف حزبي دون آخر، أعني ضد حزب آخر، وإن لم يُسمّ” صاحبه: زعيمه، سكرتيره العتيد” ذلك بالحرف، فالمعنى ليس في بطنه السياسي الضامر إنما يسبقه ويتم تداوله قبل النطق بهذا الحكم أو القرار المصيري، إن لم يكن بلسانه فإنما بلسان المقرب منه أو من يكون منتمياً إلى خانته…الخ.
كما لو أن ثمة ميثاقاً قائماً، أبدياً حتى الآن، يقوم بين قائمة الأحزاب الكردية التي يصعب حصرها إن تم التدقيق في أوجه الخلافات القاعدية داخلها وفيما بينها، وهو أن لكل منها كامل الصلاحية في استصدار بيان أو تعليق أو تزكية أحدهم لتمثيل حزبه أو يتكلم بلسان رمزه الأول ذي العراقة، كما هو المرئي في المواقع الانترنتية، كما لو أنها في جملتها أكدت على أنها لم تعد بحاجة إلى التستر أو اللجوء إلى السرية( كما نقرأ كل ذلك غالباً في الموقع الحزبي أو في الموقع العام)، إنما صارت العلنية قاعدة إطلاق الشعارات أو البيانات مهما بدت خطورتها، الأمر الذي يقلق كل حريص على الجاري فيها، ويحفّزه على التساؤل: إلى أين تمضي يا ترى؟ هل حققت آمال ما يسمى بـ” الجماهير”؟ وماذا بقي من معنى لوجودها وهي تعلن عن أنشطة لافتة لها؟ وبنبرة تحدٍّ مكشوفة، تعبيراً عن” جرأة” غير مسبوقة، تجاوباً مع المستجدات، على أنها تدعو إلى اجتماع عام لجماهيرها ومحبيها وأنصارها وأصدقائها وأهل المعرفة المقربين والمصير الواحد، في ساحات مكشوفة( على الأقل تابعنا ذلك إعلام عدة أحزاب، انترنتياً) شرق قامشلو، غربيها، وشمالها الشرقي)، وهذا يشكل تحدياً لبقية الأحزاب التي لا بد أنها تحضر نفسها لاجتماع على الشاكلة ذاتها( فلا حدا أحسن من حدا، رغم وجود أطقم العِدا)، وسواء تم عقد الاجتماع لاحقاً أو لم يتم، فإن الفضل يعود إلى ناشري التعليقات أو البيانات أو الكتابات التي تعلِم بذلك، صراحة هنا وهناك، ويعني ذلك أن هذه الأحزاب فقدت  كل معنى لوجودها جملة وتفصيلاً، وقد أصبحت علنية، أو أجيز لها في سياق المرئي فيها واقعاً، في أن عن تكشف عن صدرها أو ظهرها، أو حتى عن عورتها للمعني بجسدها التاريخي المتقيح والمتقرح هذا أو ذاك من الأصلاء والغرباء والهجناء (كما قلت دائماً وسابقاً ، في غرفة العناية التاريخية المشددة؟!)، وأن تطوي صفحة السرية في تاريخها إلى الأبد، وبالتالي لا يعود لها من مسوَّغ في أن تتحدث بالمزيد من الخيلائية والأنوية ذات الصدى، عن المتربص بها: عدواً أو خصماً سياسياً أو قومياً أو وطنياً، طالما أن السرية تمثل( حاضنة الروح النضالية)، أو (علامتها الفارقة)، وهي لم تقم إلا تعبيراً عن رفض لهذا التضييق عليها أو النفي لوجودها ووجود من تزعم أنها تمثلهم تاريخياً.

لنكشف حساباً تاريخياً لها إذاً!
أبصرت الأحزاب الكردية صورتها في مرآة التاريخ المعتمة في حالة السرية، ومارست الانشقاقات ومن ثم الانقلابات الطرَفية أو سواها دون السرّية، وأقسمت بينها وبين نفسها على أن تمضي قُدماً فيما عاهدت عليه في مواجهة خصومها( من أهل دارها)، قبل الغرباء عليها كردياً حتى النفس الأخير، فهي دون ذلك لا تعرف التحرك أو لا تتمكن من إدارة مصيرها الخارج عن يدها واقعاً، وهي لا تكف عن توليف صورة الآخر في المقابل الكردي : الحزبي وغير الحزبي إلى درجة التشنيع، مستلهمة حتى هذه النقيصة الضالعة في السفه من السابقين عليها ممن ينتمون إلى أحزاب أخرى: قومية( البعث)، وذات طابع أممي (الشيوعية)، ولعل الإرث الفاخر الذي يشكل تباهياً لها وذخراً شاهداً على فعالية الأحزاب الكردية ونصاعة حرابها الذاتية، هو التخوين والتقريع وكذلك التشتيم وتلفيق الحكايات ذات الصبغة الجنائية الهازئة والمحقّرة، وهو تقليد آخر لم تبرع فيه، طالما أن هذه الروح الاستقوائية المسفّهة مستوردة وطاعنة في العمر( منذ خمسينيات القرن الماضي على الأقل، وفي حاضنة الحرب الباردة)، وهي روح تشعر بقشعريرة بردية تاريخها ولو تعرَّت تحت شمس تموزية، استناداً إلى بنيتها.
لا بل يمكن الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك، لحظة النظر فيما يُقرَأ من أحكام يقينية أو قطعية فيما يسمى بـ”مقالات” في هذا الموقع أو ذاك، إذ إنها لا تخلو من تشهير له قاعدة بياناته التحزبية الواسعة، وتكون الطامة الكبرى عند إمعان النظر فيما يقرَأ، وفيما يُسمى ثانية بـ” التعليقات” المريعة ضد هذا أو ذاك، طالما أنه يظهر في سياق المختلف، مهما كان موقعه الأدبي أو الثقافي، ومحاولة النيل منه بصيغ شتى، وهي تعليقات تهمُّ من هم على بينة مما ينشَر ومن يكون الناشر في الوسط المجتمعي الكردي وغيره، ونوعية مهامهم وعدم ترددهم في تخوين هذا أو ذاك أو تحقيره أو الطعن في تاريخه( لستُ الوحيد هنا)، وأعتقد أنها الظاهرة ” الصحية” المعكوسة الوحيدة لإفرازات الأحزاب أو تحت رعايتها، أو بدعم ما ولو غير مباشر منها، وهي تعليقات سافرة تعرّي طبيعة القائمين بها في الوسط الكردي، إذ لو أن المعنيين بها امتلكوا الحد الأدنى من الجرأة ووعي الذات الكردية، أو شجاعة الموقف لتمكَّنوا من تسمية ما يقرأون بدقة وأفصحوا عن أسمائهم التي تترجم ضحالة حضورهم عملياً!
 
في سياق العيانية الهادرة
ويكون بجانبها أو معها، أو من خلفها زمر الذين يمثلون أصدقاء أو موالين كتاباً وفي عداد الحياديين لا يكفون عن اعتماد النبرة التحزبية ذاتها وتوجيه رسائل تهديد ووعيد إلى خصومهم ومن يعتبرونه خلافهم، دون النظر في تاريخ التحولات أو المستجدات، إنما إيماناً بفعالية الجاري في رواق هذا الحزب: الحرب أو سواه، وإعلاماً مباشراً بأن شيئاً لم يتغير (وإلا فكيف يكون الحديث عن الثبات في المبدأ والعقيدة، والشعور بالتاريخ الخاص)، وهي الطريق المثلى للتواصل في التاريخ الذي لا شأن له بما يجري عولمياً أو عالمياً أو سورياً( ليحاول أحد المعنيين بالتاريخ درسياً ومن له خبرة بالأحداث، ولو على بعض من الحياد، ربط مناسبة الاحتفالية بستينية الراحل جلادت بدرخان، والتي تمت في 15 تموز، ونشرت حيثياتها في 16 منه في موقع ” ولاتي مه” على الأقل، بما يجري، ومن قبل نخبة من الكتاب الكرد وسواهم في حُمَّى ما نعيش ونتنفس بصعوبة؟)، وأي دور للأحزاب الكردية في صناعة مفرقعات ِمناسبات كهذه، وأية ذهنية فعلتها خارج كوكبة الحدث السوري الدامي؟!
نعم، نعم،إن قاعدة( الاتحاد قوة)، معمول بها بحذافيرها في مجتمع الأحزاب الكردية، في حالات ثلاث:
في حالة الوفاة، أعني وفاة حزبي ما، يتدافع إلى خيمة العزاء ممثلو الأحزاب الكردية الأخرى.
في حالة إطلاق سراح معتقل حزبي، وليس أي معتقل عادي طبعاً.
في الوقوف صفاً واحداً ضد كل من ينال من الأحزاب، بصفتها أحزاباً قابلة للنقد أو للتشخيص الصحّي.
وهي في الحالة الثالثة على أتم وفاق وتتجاور بقدر ما تتبادل الخبرات في كيفية رد كيد الناقد أو الساعي إلى النقد إلى نحره، مطبّقة بذلك على أتم ما يكون التطبيق درس أعدائها التاريخيين في تسفيه الشخص أو تخوينه أو النيل من ذاته بصور شتى ، هي ومن معها من المتعاطفين أو السائرين في ركابها( أتذكر هنا في الحال قصة التركي” عزيز نسن” وفحواها أن أحدهم رأى جريمة قتل( شخصاً يقتل آخر)، فسارع إلى الإبلاغ عن الحدث في أقرب مخفر، ولكن الجميع رفضوا تلبية ندائه، كون أقسامها ملتزمة بوظائف، وهذه لا علاقة لها بنوعية الجريمة تلك” أي:القتل”، فما كان منه إلا أن وقف في منتصف الشارع وصرخ: يا هو لا أحد في هذا البلد! وحينها خرج جميع من في المخفر، وألقوا القبض عليه وجرُّوه إلى الداخل…)، إن الأمثلة أكثر من أن تحصى لتأكيد ما تقدَّم.
 
اللعب بين الكعكة الوعكة
كثيراً ما يتردد هنا وهناك ذلك الحديث المتعلق بما تعدُ به الأحزاب الكردية نفسها، أو بعضٌ منها، لحظة حصول تحول ما في المجتمع السوري على الصعيد السياسي ومن داخل النظام أو خارجه، أعني بذلك : تسنُّم منصب أو أكثر يستحق عناء الرهان عليه من جهة هذا الحزب أو ذاك، كما هو رهان الجاري وهو على أشدّه.
تُرى أي كعكة تكفي جموع الأحزاب الكردية الغفيرة، أي نوع من الكعكات وهي تعيش وعكتها؟ بقدر ما يُنظَر في نوعية الدعكة التي يمكن أن تتعرض لها فيما بينها أولاً، وليس من قبل الخصوم من الخارج.

أي استمراء للكعكة السياسية أو المواقعية يكون حيث يَفتقد الطعم من في فيه مرارة جرَّاء وعكة تاريخية مزمنة كعهدنا بها..؟!
لنقل : إن هذه الكعكة لا تنفصل عن العراضات السياسية ولعب الأدوار ومن يتقنها وثم من يتفنن في نيلها.
يحدث هذا لحظة النظر في التاريخ وكيف يمارس إنضاجَ أهليه ومن يخلص لدرسه الكفاحي بمرونة أكثر، وما إذا كانت الأحزاب قد دخلت التاريخ من بابه المتجدد والقادر على تمرير شرطه وهي دونها قوة عددية ودلالية!
إنها عودة أخرى إلى لائحة الأحزاب اللاهثة فيما تستلفه من تاريخ سواها وتعمل بموجبه في حضرة الآخرين ناسية أو متناسية أنها أحزاب تعمل بمبدأ” التحدي التاريخي”، وهي في ضوء ذلك تكون ملزمة بالتاريخ وما يسفر عنه من نتائج تصحح مسارها أو تخرجها من مسار وتضعها على سكة تاريخ آخر تبعاً لنوع التحدي، وليس أن تمضي في سبر المحيطين بها أو تعمل رقيبة على أعضائها( قاعدياً)، وكل من تسول له نفسه بمحاولة مسها بسوء ما( أي بنقد تجده تحريضاً من عدو قومي أو بناء على مهمة مدفوعة الثمن من هذه الجهة أو تلك، حتى لو كانت من ذات الطينة القوموية وليس من طينة معادية على الصعيد القومي أو السياسي)، وفي وسع الباحث عن فضائحيات هذه الحراب الكردية المتبادلة والمتداخلة وجانبها الاستشعاري المحدود النظر أن يمعن النظر قليلاً في فضائياتها وأية أخبار يتم بثها، ومن يكون المتكلم ومن هو المصفّق، ومن المشغول بالدعاية لها هنا وهناك، وهي على  بيّنة تامة أن ليس من كردية خارج سورها، حيث لا وجود لشعب كردي إلا ويكون موسوماً، كما هو وسم القطيع بميسم كاو ٍ من جهة الحزب هذا أو ذاك، وكل خارج محارباً يكون، لأنه ” سيهتف” ضده لا “لأجله”!
ولعل الحاصل في الآونة الأخير قد أسقطها في امتحانها التاريخي وبناء على حجّيتها، لحظة البدء بتجنيس الأجانب أو حتى المكتومين من الأكراد مهما كان عددهم ضئيلاً، وإلغاء العمل بالقرار( 49)، وهذا يضفي على السلطة القائمة كامل مشروعية البقاء والاستمرارية، وليت أولي أمر السلطة يمضون خطوة أخرى إلى الأمام وهم يصرّحون بعلنية رسمية للأحزاب هذه، أي بإطلاق سراحها للنظر ماذا يمكنها أن تفعل في الحالة هذه، وهل يمكنها البقاء على ” زخمها” الذاتي، كما تقول دعايتها الخاصة، وضد بعضها بعضاً، أم أنها تبقى واقعاً في حالة من ” حيص بيص”، كونها لم تتعود السير المنتظم في طريق التاريخ دون شعور بمرقب رادار خصم ما!
يبقى وارداً طرح سؤال من هذا النوع: ماذا يعني لو حلت الأحزاب الكردية نفسها مجتمعة؟
ذاك سؤال يستغرق جواباً، وهذا يتطلب  الدخول في صُلب بحث آخر أو مقال تال ٍ!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

النقل عن الفرنسية إبراهيم محمود باريس – أكد البروفيسور حميد بوزأرسلان على ضرورة تحقيق الكُرد للاندماج الداخلي، وشدد على أن المسألة الكردية، بسبب الاستعمار فوق الوطني لكردستان، لا تقتصر على دولة واحدة بل هي شأن إقليمي. وتحدثت وكالة الأنباء ANF عن المسألة الكردية مع حميد بوزأرسلان، مؤرخ وعالم سياسي متخصص في الشرق الأوسط وتركيا والمسألة الكردية، يقوم بالتدريس في كلية…

درويش محما* خلال الاعوام الستة الماضية، لم اتابع فيها نشرة اخبار واحدة، وقاطعت كل منتج سياسي الموالي منه والمعادي، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم اتواصل معها ولا من خلالها، والكتابة لم اعد اكتب واصبحت جزءا من الماضي، كنت طريح الخيبة والكآبة، محبطا يائسا وفاقدا للامل، ولم أتصور للحظة واحدة خلال كل هذه الأعوام ان يسقط الاسد ويهزم. صباح يوم…

إبراهيم اليوسف من الخطة إلى الخيبة لا تزال ذاكرة الطفولة تحمل أصداء تلك العبارات الساخرة التي كان يطلقها بعض رجال القرية التي ولدت فيها، “تل أفندي”، عندما سمعت لأول مرة، في مجالسهم الحميمة، عن “الخطة الخمسية”. كنت حينها ابن العاشرة أو الحادية عشرة، وكانوا يتهكمون قائلين: “عيش يا كديش!”، في إشارة إلى عبثية الوعود الحكومية. بعد سنوات قليلة،…

سمير عطا الله ظهر عميد الكوميديا السورية دريد لحام في رسالة يعتذر فيها بإباء عن مسايرته للحكم السابق. كذلك فعل فنانون آخرون. وسارع عدد من النقاد إلى السخرية من «تكويع» الفنانين والنيل من كراماتهم. وفي ذلك ظلم كبير. ساعة نعرض برنامج عن صيدنايا وفرع فلسطين، وساعة نتهم الفنانين والكتّاب بالجبن و«التكويع»، أي التنكّر للماضي. فنانو سوريا مثل فناني الاتحاد السوفياتي،…