متى يكون الحوار و المؤتمرات طريقا لحل ألازمه المتفاقمة في سوريا ؟

  محمد حنيف محمد

يعتبر الحوار لغة عصريه للتفاهم و مفتاح لحل الأزمات و المشاكل العالقة بين الأشخاص و الشعوب و الأمم عبر العصور , و لا يختلف اثنان على هذا , لكن للحوار شروط يجب توافرها لخلق الجو المناسب لنجاحه منها الثقة المتبادلة بين الأطراف المتحاورة و الابتعاد عن لغة العنف و اللعب بالألفاظ و المفردات بغية التشويه و الالتفاف على مبادئ و أهداف الحوار.

كثر في الاونه الأخيرة عقد المؤتمرات و الاتفاقيات و الائتلافات بين زمر و تكتلات من المعارضة السورية في الخارج , تلك المعارضة التي لم يقوى عودها بعد , بل تعاني من عدم  الانسجام و التوحد على رأي وعلى برنامج عام , فكل فصيل له برنامج خاص يتباحثون فيما بينهم اليوم و يختلفون غدا و يفسخون عقد الاتفاقات في اليوم الذي يليه , و الأغرب أن كل فصيل يعمل لوحده و كأنه الوحيد الذي سيرث ارث البلد.

هذه كانت و ما زالت حال المعارضة السورية في الخارج بعربه و كرده وباقي أطيافه الأخرى أما في داخل البلد فلا حول و لا قوة للمعارضة السياسية  فهي كرتونية فقط لا تحل و لا تربط  باستئناء بعض القوى الشبابية الكردية التي كانت تنزل إلى الشارع بعنفوان انتفاضة 2004-2005 مثالا و ما يحدث في نيروز كل عام , فيهدئ الأحزاب الكردية من عنفوانها , بل تروضها , ولا ننسى بعض الحركات الاسلاميه التي كانت تظهر و تختفي.
 إلى أن جاءت الانتفاضة الشبابية السورية التي تشجعت من الانتفاضات التي حدثت في بعض الدول العربية فأرادت أن تقلدها و تستفيد من نجاحاتها و من الأجواء التي خلقتها تلك النجاحات.


لا يعتبر العنف طريقا لحل الأزمات , جميعنا ندرك ذلك و لكن يعتبر التمرد و الاحتجاجات أحيانا وسيله للفت الانتباه لحالة مرضية مستعصية أو لحالة غليان شعبي عارم يجب معالجته منذ بدء الانتفاضة بالطرق السلمية و أن لا نجعلها تصل لحالة من اليأس نتيجة للأسلوب العسكري الذي تعاملت  معها الدولة الذي سيجر البلاد و العباد إلى نفق مسدود , و هو ما وصلت إليه الحالة في بلدنا العزيز سوريا حيث فقدت الثقة و سالت الدماء الذكية و كثرت الاتهامات بين طرفي النزاع السلطة و الشعب الثائر المغلوب على أمره.
فكانت اللقاءات و المؤتمرات بين أطراف المعارضة التي هي نفسها فوجئت بهذا الزخم من الاندفاع الجماهيري نحو الشارع و فتح صدورهم العارية لطلقات الرصاص فقط ليقول قوله و يعبر عما يختلج صدره منذ عقود , فهذه الحركة الجماهيرية فاجأت المعارضة بزخمها كما فاجأت السلطة أيضا , فهرعت المعارضة التي هي بالأساس غير منضبط تحت أي مسمى بل متشرزمه و فتبعثره , فحاولت أن تلم شملها , لكن لا تعرف كيف و لا متى و لا الطريقة السليمة التي يمكن لها أن تجمع قواها و يكون لها وزنا و كلمة و ثقل لتنال ثقة الرأي العام العالمي و لتثبت إنها مؤهله لتكون البديل الديمقراطي الشرعي للسلطة الحالية .
حتى عندما أطلقت المعارضة السورية نفيرها العام تم ذلك بمزاجيه و ليس بروح ديمقراطيه , فاجتمع الإسلاميين ومن يغني على منوالهم بمكان , و المستقلين بمكان  والأحرار و الليبراليين في مكان أخر بالإضافة إلى الاجتماعات و المؤتمرات الجانبية بين كل شلة متفاهمة فيما بينهم .


بقي الأكراد وحدهم الذين لم يجتمعوا فيما بينهم من منطلق وطني وحتى لا يتهمون بالطائفية , بل لبوا نداء كل طرف يناديهم فيلبونه  دون أن تذكر هذه الأطراف التي دعتهم بأنهم  سينالون حقوقهم كاملة فيما لو تبوؤوا سدة الحكم بل قالوا سنعالج أمركم فيما بعد و لم يعلنوها بشكل مكتوب , وبهذا الخصوص كنت قد كتبت مقالا بعنوان (هل سيصبح الأكراد وقود ألانتفاضه الشعبية القادمة في سوريا ؟) قبل اندلاع الانتفاضات في سوريا محذرا الأكراد من الدسائس السابقة لدول الجوار ووعودهم التي أعطوها للأكراد و التي تبدلت لإعدامات جماعية لقادتهم , الآن وفي المؤتمر الأخير(مؤتمر الإنقاذ الوطني) الذي عقد في مدينة استانبول التركية بتاريخ (16/07/2011)  و حضره وفد كردي لنجد أن صفوة المثقفين السوريين المجتمعين و الذين اجتمعوا ليقرروا مستقبل سوريا تراهم يهمشون الأكراد كثاني مكون رئيسي في سوريا و لا يذكرون ذلك في بيانهم الختامي بل يكتفون بوعود شفهية للأكراد مما أدى إلى انسحاب الوفد الكردي من المؤتمر , فهل هذا مؤشر على أن التاريخ سيعيد نفسه بالنسبة للأكراد في سوريا و سيخرجون من المولد بلا حمص كما يقال في المثل الشعبي وسيخرجون بخفي حنين أم أن المعارضة و من يمثلها سيفكرون بشكل ديمقراطي حر و يلتفتوا لإخوانهم  الكرد الذين لم يبخسوا بأي غال في سبيل الوطن, و الذين كانوا و ما يزالوا و طنيين بامتياز ؟ , كما أطالب القوى السياسية و ألشبابيه و المثقفين الكرد إلى توحيد الصف الكردي و أن تكون لهم كلمة واحدة قويه  .


ائمل ألا يحصل ما حصل في المؤتمر الأخير للمعارضة في تركيا و لنقف لكي نكون إلى جانب بعضنا البعض صفا واحدا لبناء سوريا المستقبل سوريا الديمقراطي و ألتعددي و الدستوري و الليبرالي  البعيد عن التعصب و التخوين و التهميش .


محمد حنيف محمد
رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي السوري
        تورنتو : 19/07/2011

 للتواصل    :  libralsyria@hotmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…