ربما الضبابية من حيث التحضير لسوريا المستقبلية لن يؤثر على موقف منظمي المؤتمرات لأن الهم الأكبر لمن يشرف عليها هو تعبئة الشارع وإعطاء المظاهرات المطالبة بالسقوط شكلاً رسمياً يسعى لاستمالة الرأي العام العالمي أكثر والكائنات الفاعلة في المجتمع الدولي ، الأمر الذي قد يتوج بمؤتمر جامع يضم كل من نظم ودعم المؤتمرات السابقة ويتفق على سوريا المؤتمر الجامع ، وهذا كله مع التأكيد بأنه مهما كان حجم المشاركة الكردية في كل كل مؤتمر فلن يتوج بمطلب مشترك بالتزامن مع المؤتمرات الأخرى لأنه يستحيل تحويل مجموعة الهامشيات إلى أساس ومستند .
– المعاناة المشتركة والمعاناة الخاصة
طبعا المشهد الكردي لا يختلف كثيرا من حيث طبيعة العلاقة بين الشعب ومن يشارك نيابةً عنه في المؤتمرات توصلا لصيغة يعتقد من يشارك أنهم ربما يحاولون الأقتراب من متطلبات الشعب ويعلنون في كل مرة أنهم لا يمثلون الشعب وإنما وبحكم ثنائية المعاناة الكردية ( المعاناة المشتركة والمعاناة الخاصة ) فهم يحاولون التوصل لمكتسباتٍ قد تساهم مستقبلاً في تفادي تكرار المعانتين.
وما يلفت الانتباه في الشأن الكردي هو عدم وضوح الموقف– طبعاً عدم الوضوح يعني عدم توفر رؤية مشتركة – من الثورة ما يؤثر سلباً على القضية الكردية ومستقبلها وبخاصة أن لا سوريا مستقبلية بدون توفر المشاركة الكردية الغير واضحة المعالم إلى الآن .
كنا سنكون بغنىً حتى عن ذكر اسم الكورد في الدستور السوري المقبل وبغنى عن سيناريوهات أخرى يلح عليها أحزاب وشخصيات لولا التخوف من إعادة إنتاج النموذج النابذ للآخر ولو بشكل مختلف وعصري ، إلّا أن الجميع – كل من في سوريا – يجب أن يتخلص من عقلية ( الظروف الغير ملائمة ) فلا أكثر ملائمة من وقت يقرر فيه الشعب حقاً بنفسه ولنفسه ، ولا أفضل من قوننة الحقوق وحمايتها في ظل عدم الثقة .
بنظري فإن عدم تجانس المعارضة الغير كردية لا يعني إلى الآن عدم أتفاقها أن الشيطان أكثر مقبوليةً من البعث ومن آل الأسد ولذلك فهي تحاول مع اتفاقاتها على أحقية الثورة وضرورة سقوط النظام التوصل إلى نقاط مشتركة تعطي زخماً أكبر للثورة وتمكنها من تحقيق مكتسباتٍ يمكن تطويرها في مرحلة ما بعد السقوط ، الأمر الذي يختلفون به مع الكورد الذين ينظرون إلى أنفسهم حتى اللحظة على أنهم بحاجة إلى ضمانة من أي طرف حتى لو كان هذا الطرف نفسه يبحث عن شرعية ما .
– الأتفاق الهزيل أكثر مقبولية من عدم الأتفاق القوي
يعتبر من بديهيات العمل السياسي إعطاء صبغة سياسية للقضية المراد تمثيلها ، والصبغة السياسية لأية قضية ما تتغير بتغير الظروف والمواقف التي من المفترض أن تدلل عليها ، وهذا بالضبط ما تستوعبه المعارضة السورية الغير كوردية وتعمل من أجله ، بالإضافة إلى أنه سيكون من الصعب جداً التأثير على المعارضة الغير كوردية في ظل غياب وثيقة مبادئ كوردية متفق عليها وتكون أساساً للعمل بصرف النظر عن توجهاتها – ومع الاحتفاظ بتوجهاتي السياسية – وعندها سيكون من السهل أولاً تمثيل التوجه الكوردي في أي مؤتمر كان وسيكون من الصعب استمالة طرف كوردي وفي حال استمالته سيجد نفسه خارج السرب وسيجده الآخرون كذلك .