إن الثقافة السياسية والنهجَ النضالي العام الذي ثابرَ حزبنا على العمل الدؤوب لنشره وزرعه على أوسع نطاقٍ وطني على مرّ السنين، شأنه في ذلك شأنُ معظم القـوى والفعاليات السياسية والثقافية تمحورتْ ولا تزال حول مطالبَ وأهدافٍ محددة وواضحة المعالم، بدءاً بشعار الحرية لجميع المعتقلين السياسيين، طي ملف التعذيب والاعتقال السياسي وإلغاء حالة الطوارئ والقضاء الاستثنائي، مروراً بضرورة إلغاء المادة الثامنة من الدستور بجميع مفاعيلها بغية طرح مشروع دستورٍ عصري جديد يضمن وينجم عنه قانون حضاري للانتخابات المحلية والتشريعية، وآخر ينظم عمل الأحزاب والجمعيات، يرافقه قانون إعلام حر وصولاً إلى تحقيق التغيير الوطني الديمقراطي المنشود ومبدأ التداول السلمي للسلطة، وذلك من خلال انتهاج مبدأ ولغة الحوار البنّاء عبر الشروع بعقد مؤتمر وطني شامل دون إقصاءٍ أو تهميش لأحد، وتوفير بيئة ملائمة لانعقاد جلسات هكذا مؤتمر وطني تاريخي ومنشود، ليعتمد محاورَ ومواضيع محددة وجدول زمني معين في إطار الإقرار دون مواربة بأننا اليوم بصدد استحقاقات ميدانية للانتقال بالبلاد من مرحلة الاستبداد ونمطية حكم الحزب الواحد ، إلى مرحلة التحول الديمقراطي والغد الأفضل، غدٍ مرتقب لا مكان فيه للعسف والاستبداد أو التمييز بسبب الدين أو القومية والانتماء السياسي والفكري، غدٍ تعمّه مفاهيم السلم والحرية والمساواة، ويسود فيه القانون على الجميع، غدٍ تُستعادُ فيه كرامة وحرية المواطن وبعيداً عن الفقر والعوز.
إن مرحلة المخاض التي تعيشها سوريا اليوم والتي من الممكن وصفُها بالصعبة والعسيرة لا تحتمل التعنت في مواصلة الخيار الأمني-القمعي ومزيد من إراقة الدماء الذي بدوره قد يوفر ذرائع لتدخلات خارجية لها أجنداتها المريبة، نحن السوريون بغنىً عنها ويرفضها جميع من تعزّ عليه كرامة المواطن والوطن في الحاضر والمستقبل.
وإن النبضَ الوطني الحار الذي يتسم به الحراك الوطني الشعبي الديمقراطي العام بمختلف أوجهه وتجلياته السياسية والثقافية ولقاءاته ومؤتمراته التشاورية وتظاهراته السلمية المحقة والمشروعة، يستوجب حمايته والسهر عليه من مغبة مسعى إستغلاله أو الالتفاف عليه وحرفه عن مساره وتجييره في خدمة نزعات وشعارات لامسؤولة، حيث أن حماية استمرار الحراك في مساره السلمي، يشكل ضمانة وضرورة وطنية لإطلاق وإنجاح أي مؤتمر وطني شامل يعتمد مبدأ ولغة الحوار، وينشده الجميع في الأمس واليوم.
* الجريدة المركزية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) العدد (215) حزيران 2011