و كل منهما له مبرراته و السياسة هي مصالح و مكاسب في النهاية.
و هناك طرف ثالث و يمثل أكثرية الشعب السوري واقف في الوسط و على مسافة واحدة من الطرفين فهو ليس مع النظام لأنه عانى منه كثيرا خلال فترة حكمه من القمع و مصادرة الحريات فلم يعد يثق بوعوده في الإصلاحات و تحقيق الديمقراطية.
و الوسط الذي ذكرناه يخشى من تدهور الوضع في سوريا إما بسقوط النظام و انفلات الأمور و إشاعة الفوضة و دخول البلد في أزمة داخلية,أو بفشل المعارضة و بقاء النظام و الرجوع إلى أساليبه القمعية مرة أخرى.
لذلك فهو يراقب الوضع عن كثب و يتابع الأمور بتفاصيلها فهو بمثابة بيضة القبان التي سيرجح الكفة التي يقف معها سواء كان النظام أم المعارضة فكل منهما يراهن عليه فمن يكسبه سيسقط الآخر.و من يراهن على الموقف الدولي أو المعارضة الخارجية فهو مخطأ و رهانه خاسر.
أما بالنسبة للشعب الكردي في سوريا فهو جزء لا يتجزأ من الشعب السوري له ما له من حقوق و عليه ما عليه من واجبات و لكن له خصوصيته القومية فهو القومية الثانية في سوريا بعد القومية العربية و هو محروم من جميع حقوقه القومية المشروعة كشعب يعيش على أرضه التاريخية و نضاله من اجل تامين حقوقه خلال الخمسين السنة الماضية من تشكيل أحزاب سياسية و منظمات فكرية و فعاليات ثقافية و فنية الخ ,و المشاريع و الممارسات العنصرية المطبقة بحقه جعله في موقع أكثر تعقيدا من غيره في سوريا.
فلم يعد يثق بالنظام الحالي و وعوده والذي لم يعترف بحقوقه خلال فترة حكمه ناهيك عن المعانات التي عاناه على يده إذا فهو ليس معه بالتأكيد.
و هو لم ينضم الى المعارضة حتى الآن عمليا مع انه متفق معها الى حد ما من الناحية النظرية .
و الاسباب عديدة أهمها: فشل الاحزاب الكردية في سوريا خلال المرحلة السابقة الى الآن في توحيد صفوفها, بل بالعكس ازدادت انقساما و تشرذما يوما بعد يوم الامر الذي أدى الى فقدان شرعيتهم بين الجماهير الكردية و ازدياد الهوة بينهما , و بالتالي غير قادرة على تحمل مسؤوليتها التاريخية في قيادة و تحريك الشارع الكردي و لذلك نلاحظ و بشكل واضح و صريح هروبها من ساحتها الحقيقية الى ساحات اخرى وهمية هنا و هناك و بدل من ان تحاور شعبها و جماهيرها الكردية و تشكيل قوة تستطيع ان تؤثر و تنافس القوة العربية و غيرها في سوريا و تقوم بدورها في الدفاع عن شعبها و تامين حقوقه القومية في سوريا,تذهب بعض هذه الاحزاب و تحاورمجموعات و أشخاص لا تمثل إلا نفسها و لا تستطيع أن تؤمن حقوقها الشخصية حتى تعترف بحقوق الاكراد.
و تكتفي بعض هذه الاحزاب باصدار بعض البيانات النظرية التقليدية على المواقع الالكترونية , دون حتى تكليف أنفسها بتوزيعها و توصيلها الى الجماهير .
ان هذا السبب بالذات جعل غالبية الشعب الكردي في سورية يقف موقف المتفرج من الأحداث التي تجري في سوريا الآن و لا يعرف كيف يقترب منها و هو محق في ذلك الى حد ما لأنه لم يذ ق طعم الحرية في حياته أولا,و لأنه شعب بدون قيادة ثانيا و هو مخطأ من ناحية ثانية لانه بسكوته هذا سيكون الخاسر الاكبر من التغييرات التي ستحصل و عليه أن ينتظر ربما مئة سنة أخرى .