اجتماع تشاوري للمستقلين حول الأزمة القائمة في سوريا (1) *

محمد قاسم (ابن الجزيرة)

وصلتنا الدعوة من المستقلين الذين تداعوا إلى عقد اجتماع تشاوري في دمشق للبحث في النقاط الثلاثة التالية:

1-   كيفية إخراج سوريا من هذه الأزمة؟
2-   كيفية التحول إلى دولة مدنية ديمقراطية؟

3-   تبني مطالب المتظاهرين كحق.
في البدء اسمحوا لي أن أذكّر بأفكار نعتبرها-نحن معدّي هذه الورقة- مهمة وينبغي أن تؤخذ في الاعتبار-بحسب رؤيتنا- في نهج التفكير، وطريقة البحث، وتكوين الرؤية الشاملة.
وقبلها تسجيل ملاحظة حول  التبليغ في زمن متأخر مما أربكنا في التحضير والتشاور المطلوب مع  من يفترض أننا نمثل –معنويا على الأقل – آراءهم وطموحاتهم هنا-.
إننا نفهم من هذا الاجتماع التشاوري انه اجتماع لا صلة للحكومة به،وانه اجتماع يضم مستقلين عن الأحزاب السياسية والحكومة،عموما.
 مما يعني أننا نتصرف بتحرر من المؤثرات الرسمية والحزبية المباشرة.
هذا تصورنا.
فإن لم يكن كذلك، نرجو وضعنا في الصورة الصحيحة.

ونقترح تخصيص فترة ما بين نصف الساعة إلى الساعة– في بداية الاجتماع للتعريف بظروف الاجتماع والمجتمعين؛ منطلقا ومسارا وغاية.

مقدمة:

1-   إن ما يحدث في العالم العربي –وسوريا جزء منه- هي قضية ثقافية في أصولها وتجلياتها، وتمتد إلى زمن طويل من هيمنة نمط ثقافي(فكري) يجعل الحاكم يمتلك كل القوة والصلاحيات – ربما لا تزال الصلة بين مفهوم الخلافة الإسلامية والتمثيل الديني وفقا لما بدأت منذ الخليفة معاوية وتوريث الخلافة لابنه وابتكار نظام ولاية العهد التي لا تزال سارية في النظم العربية –الملكية منها والجمهورية…الخ.

ربما هذه الصلة  لا تزال هي الجوهر فيها، فضلا عن استمراء القوى الحاكمة –والمتحكّمة- نمط الاستبداد في الحكم، والاستئثار بكل شيء في الوطن؛ دون ممانعة شعبية تذكر..فكان تراكم تفاعل مع مفاهيم تتطور حول طبيعة الحقوق والعدالة ؛ أدى إلى  تفجير الثورات في العالم العربي،وليت الشعوب العربية- كمنظومة متكاملة حكاما ومحكومين- وعت كفاية؛ لكي تقتنص أفضل فرصة متاحة لتتحرر من الماضي المثبِّط وتطويرها نحو العصرنة .
أما حشر المؤثرات الخارجية فهي مصادرة على المطلوب –كما يقال في المنطق.

لأن الرغبة الخارجية في المصالح في المنطقة، قديمة، وتتعامل معها الحكومات أكثر من الشعوب حتما- وعن رضا – من اجل البقاء في الكرسي، بينما الشعوب تكتفي منها ببعض حماية من طغيان السلطات- إذا صح التعبير.
وزادت الظاهرة الاستبدادية –المُعطِّلة لفعالية الطاقات والقوى الشعبية والوطنية – في العصور الأخيرة -والعقود الأخيرة خاصة- وزاد تشديد قبضة الجهات الأمنية حتى تحوّلت الدولة إلى مجرد سلطات أمنية، لها مظاهر مؤسساتية هشة؛ لا تنضبط بقوانين في الممارسة واقعيا.

بل أحيانا- وربما غالبا- أصبحت القوانين طوع أيدي المؤسسات الحكومية هذه ؛ لتنفيذ ما ترغب فيه من الممارسات  المتجاوزة على شعوبها..!
 إن هذا الإجراء في حد ذاته؛ استمرار في نهج ثقافي يهيئ لمثل هذا السلوك ويكرسه.

وبالتالي يقرر –تلقائيا- العلاقة بين الحاكم والمحكوم على أساس مفهوم تبعية الأخير للأول.
 ولذا فكل خروج عن ذلك، يُفسّر من قبل الأنظمة ؛ ضمن كل مواصفات الإدانة له، من خيانة وعمالة وتمرد على الشرعية..الخ.وهذا ما هو حاصل في الواقع، والعنف من أهم تجلياته.
(ثقافة مستقرة في نسيج التكوين الفكري للسلطات، فضلا عن النزوع إلى الاستبداد الطبيعي في الإنسان ما لم يُعالج).
وكدليل لا يزال جديدا جدا الكتاب المنشور من قبل جهات رسمية، في بعض المواقع حول التوجيه بمنع الانترنيت في مناطق، وإبطائها في مناطق أخرى في سوريا، وكأن الوصاية  حق مكفول بلا نقاش للسلطة، وهي التي توزع مساحة الحرية كما تشاء..متجاهلة أن هناك ما هو حق للجميع”الكلأ والماء والأرض” !
الحرية في التفكير والعقيدة والتعبير والانتخاب واختيار نهج الحياة الخاصة والمأمونة والمحفوظة بالقوانين ،وان اختراقها من أية جهة أو فرد بدون ضوابط قانونية متوافقة مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان؛ هو تجاوز يحاسب القانون عليه.
لهذا فإن فكرة- أو مفهوم- التعاقد التي تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم كانت الأكثر تقبلا تاريخيا وحاضرا؛ لتكون الأساس للعلاقة بين الحاكم والمحكوم.

وهذا ما ينبغي أن يعاد إليه الاعتبار الآن أيضا.

……………………..

·  تم تحضير مداخلة لتقديمها إلى الاجتماع التشاوري في دمشق، لكن عدم وضوح المناخ الذي سيتم فيه اللقاء لجهة التحضير والشخصيات المدعوة واحتمالات أخرى جعلنا نستنكف عن الحضور .

وقد وجدت نشر المداخلة –او الورقة- قد يكون مفيدا كأفكار علما بان الكثير منها ورد في البيان الختامي..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…