إبراهيم اليوسف
لى عبد الله دقّوري
ثمّة دين كبير، للمدينة العظيمة روحاً، والصّغيرة جغرافياً: عامودا التي قرضتها المدن، من الشرق، والجنوب، ومن الغرب، والشّمال، على امتداد خريطة سوريا، وتعدّت عدوى القرض حدود هذه الخريطة، لتكون فريسة خريطة العالم كله، في ذمّتي، تمتد على شريط عمري كاملاً، طفلاً، وفتى، وشاباً، وكهلاً.
أينما كنت في أوربا، يقال لك: ثمّة عامودي، هنا، سواء أكنت في بروكسل، أو باريس، أو برلين، أو امستردام، أو استوكهولم، وأوبسالا، وغيرها، ثمّة: عامودي، يصبح أفقياً، أو شاقولياً، لا تتخلص من أسر حنوه، وخفة روحه، وشهامته.
لى عبد الله دقّوري
ثمّة دين كبير، للمدينة العظيمة روحاً، والصّغيرة جغرافياً: عامودا التي قرضتها المدن، من الشرق، والجنوب، ومن الغرب، والشّمال، على امتداد خريطة سوريا، وتعدّت عدوى القرض حدود هذه الخريطة، لتكون فريسة خريطة العالم كله، في ذمّتي، تمتد على شريط عمري كاملاً، طفلاً، وفتى، وشاباً، وكهلاً.
أينما كنت في أوربا، يقال لك: ثمّة عامودي، هنا، سواء أكنت في بروكسل، أو باريس، أو برلين، أو امستردام، أو استوكهولم، وأوبسالا، وغيرها، ثمّة: عامودي، يصبح أفقياً، أو شاقولياً، لا تتخلص من أسر حنوه، وخفة روحه، وشهامته.
عامودا، توسلاتُ حاملي السّلال، وهم يتتبعون أباك الممسك بيدك، لئلا تضيعَ، مقالبُهم الجميلة، متصوّفة عامودا وأئمّتها، يسيرون ببطء تحت عمائمِهم، شتائم صبيتهم، وشيوخهم، ذات النكهة المميزة، السينما تاريخاً، حين تقول لك أمّك: لقد ولدت بعد السينما بستة أشهر، كي تحدّد التاريخ على ورقة “روزنامة” اشتراها أبوك، من كتبيّ عاموديّ، وخبأها بين صفحات أحد كتب الفقه، في مكتبة البيت الكبيرة.
عامودا المدينة التي سرعان ما ارتدّت إلى قرويتها، وإن كان تاريخ ولادتها-كما يشير إلى ذلك المارّة بها إلى-داري- الشجرة، القريبة، أصدقاؤك من الأدباء والفنانين، وبيوتهم، ومكتباتهم: محمد عفيف-جميل داري- يونس الحكيم-عبد المقصد حسيني- عبد الباسط سيدا- توفيق حسيني- سعيد ريزان دحام عبد الفتاح- أحمد حسيني ومن ثم لقمان محمود- محمد نور حسيني – أحمد عمر-حليم يوسف -مروان شيخي-عبد اللطيف حسيني- وليد حسيني غسان جانكير سيامند ميرزو…..، ممّن عرفتهم في ثمانينيات وتسعينيات القصيدة والفكر والأدب، من القرن الماضي، وممن ستتعرف عليهم لاحقاً: عبد الله دقوري-هيثم حسين آرشك بارافي- فيصل قادري- أحمد حاج محمد-……..، وآخرون، وهم بالمئات، أو الآلاف، رفاق الحزبية، ممّن كانوا يفتحون القلب، قبل باب البيت، “يزمبلكون”نابض الرّوح، ويغسلونها، كي تنشدّ إلى رؤيتك أكثر، عامودا وهي تأخذ قصيدة من أول ديوان لك، فيخيل إلى كثيرين أنك ابن عامودا، هذا ما ستقوله لك، صبية لا تفتأ تواظب على دلق روحها، في المحبرة، كي تصير قصيدة تالية، في كل مرة.
عامودا التي تحمل على ساعدك الأيمن رائحة أصابع أوسي حرسان، وهو يداويك من حرق طفولي، كاد يودي بك، وهو يدأب على عيادتك في بيت” الملا عبد العزيز”، أول كل صباح، حيث يقول لك المضيف:tu can “ezabe”، ليقول لي بعد خمسة وأربعين سنة-لا عاماً- عبارة أخرى، العبارة التي قالها لك، وأنت في الرابعة والنصف من عمرك، ولم تجد لها من تفسير إلا بعد أن تكاد تصبح جدّاً، هي ذي عامودا التي حملتها معك، وصديقك مشعل تمو-كما تقرأ الآن….- وكنتما تخصصان دقائق من كل ندوة، أو سهرة، في أوربا، عن أمثولة مدينة، كانت الأولى في إسقاط تمثال المترئس، ونالت حريتها أياماً معدودات، بعد أن استجابت لصرخة: قامشلي، الآذارية: أن هلموا، وكانت كلّ مدن الكرد وقراهم، قد لبّت النداء،على ما يرام، وكان الكردي أوّل من لقن الاستبداد درساً بلغته السلمية، كي يهتزّ عرش الدكتاتور في علياء عرينه الهشّ، وسهوه عن سابلة الشعب الأبيّ، فيبدأ زبانية إعلامه المزوّر، من تشويه صورة الكردي، كما لايشوِّه الآن صورة ثلاثة وعشرين مليون سوري.
عامودا التي باتت تئمُّ الجزيرة، في هلهولتها، وحلمها، وتكاد تقول لقامشلي: لك أمناؤك العامون، بياقاتهم، ولي طرائفي، وطرائقي في النضال، كانت تسبقنا في كل مرة بطرفة.
أنتظر التلفزيون، بين جمعتين، كي أقرأ شعارات هذه المدينة التي تكتبها بالتوازي مع شقيقتها الصغرى عمراً، والكبرى جسداً: قامشلي، وأقول: يالروحِ أهلها……!
-عامودا المعاقبة لمواقفها في الزمن المعوق سابقاً”…”
-عامودا التي لم تقبل ككل المدن الكردية أن تكون في آخر الرّتل الوطنيّ، بل اصطفت في أوّل الخطّ، معلنة سوريتها، من دونِ أن تنسى أنّ لها همّاً خاصاً، وهو ما يكادُ لا ينتبه إليه المغفّلون، مراهقو السياسة، والببغاوات، ممن ينظرون إلى الثورة كمسلاة، أو كدرج.
المدينة التي لم أستطع ترجمة سخرياتها، حرصاً عليها، وهي تكذّب- مظاهرة المساقين رغماً عن أنوفهم للهتاف باسم الاستبداد-فكانت أولى مدينة أخرجت تظاهرة سلمية مضادة- هزّمت تظاهرة مدفوعاً بها، أو مدفوعاً لها، ارتآها العقل الأمنيّ، في بدعة تراجيدية، وهو يواصل غيّه في تزوير إرادة “بعض” المناضلين المتنادين للقاء “حسن النية”، لتحاول أن تحسّن صورتها في مرايا العالم المختال، ولتواصل في حصد أرواح أبناء إدلب، وجبل زاويتها الأشم-أو غيرهما- زاعمة أنها التقطت أنفاسها غير متذكرة نظرية- لهب الشمعة وهو يبلغ ذروته قبل انطفاءاته الأخيرة.
عاموداالتي ترثي طلبة جامعة في السجون والمنفردات، أو من لا يزال جسده في ثلاجة مشفى
-عامودا التي تصرخ من أجل شبلين قامشلويين: مجيداً ومحموداً، في قبضة المجهول، لم يكتب عنهما أكثر أحزابنا الغافية.
-عامودا التي ترتدي قميص حداد على الشهداء السوريين، وتعلق قميص نجاح الثورة، وأيديها في الصلصال، لا تفتأ تعد لتماثيل للأبطال الحقيقيين.
اسم عامودا، بات يعرف في كل بقعة من المعمورة، وهي التي لم يسمع بها رئيس جمهوريتها، وأبوه، من قبل، وطوّقها الأمن بمفارز تحصي زوار المدينة، ومقاصده.
-عامودا: قبلة الكردي، وضميره، تعرف في قرارتها أن أية شوكة تدنو منها، لتدعو الكرد بملاينهم الأربعة، سواء أكانوا ممن أُنسُوا لغتهم ،أم أنِسوا بها، لقرع الأجراس على مرتفعات” كري شرمولا” من دون أن يقفوا مكتوفي الأيدي، البتة.
*أرجو من أبناء مدننا الكردية تدوين يوميات الثورة، وشعارات أبنائها، وإن كانت في عصر الصورة لن تضيع، ومن أبرز شعاراتها مثلاً: أن تكون مندسّاً خير من أن تكون مُداساً
**اشترط ثوار عامودا على مظاهرات الولاءأمرين: ألا تكون مسيرة أمنياً، من جهة، وألا يستورد إليها الموالون للتصوير كما يحدث في مدن كثيرة، لئلا تلوث مدينتهم الطاهرة.
*** تعرفت عامودا اليوم على أصوات الرصاص والقنابل لأول مرة، بعد عقود من طوشتها المعروفة
**** كري شرمولا: تلة عامودا الأشهر من ” هوارو” ورتل مجانينها، بعد أن توزعت في طين بيوتاتها، كي تغدومقبرة تجمع بين مسيحيي المدينة ومسلميها في آن .
**** لم أنس الملاصدقة- ومعذرة ممن لم أذكر أسماءهم سهواً
-كتب إلي صديقي أبو آلان: أكتب إليك وأكاد لا أبصر شاشة كمبيوتري..
تباً للغاز المقنبل” فساء الخوف”
عامودا المدينة التي سرعان ما ارتدّت إلى قرويتها، وإن كان تاريخ ولادتها-كما يشير إلى ذلك المارّة بها إلى-داري- الشجرة، القريبة، أصدقاؤك من الأدباء والفنانين، وبيوتهم، ومكتباتهم: محمد عفيف-جميل داري- يونس الحكيم-عبد المقصد حسيني- عبد الباسط سيدا- توفيق حسيني- سعيد ريزان دحام عبد الفتاح- أحمد حسيني ومن ثم لقمان محمود- محمد نور حسيني – أحمد عمر-حليم يوسف -مروان شيخي-عبد اللطيف حسيني- وليد حسيني غسان جانكير سيامند ميرزو…..، ممّن عرفتهم في ثمانينيات وتسعينيات القصيدة والفكر والأدب، من القرن الماضي، وممن ستتعرف عليهم لاحقاً: عبد الله دقوري-هيثم حسين آرشك بارافي- فيصل قادري- أحمد حاج محمد-……..، وآخرون، وهم بالمئات، أو الآلاف، رفاق الحزبية، ممّن كانوا يفتحون القلب، قبل باب البيت، “يزمبلكون”نابض الرّوح، ويغسلونها، كي تنشدّ إلى رؤيتك أكثر، عامودا وهي تأخذ قصيدة من أول ديوان لك، فيخيل إلى كثيرين أنك ابن عامودا، هذا ما ستقوله لك، صبية لا تفتأ تواظب على دلق روحها، في المحبرة، كي تصير قصيدة تالية، في كل مرة.
عامودا التي تحمل على ساعدك الأيمن رائحة أصابع أوسي حرسان، وهو يداويك من حرق طفولي، كاد يودي بك، وهو يدأب على عيادتك في بيت” الملا عبد العزيز”، أول كل صباح، حيث يقول لك المضيف:tu can “ezabe”، ليقول لي بعد خمسة وأربعين سنة-لا عاماً- عبارة أخرى، العبارة التي قالها لك، وأنت في الرابعة والنصف من عمرك، ولم تجد لها من تفسير إلا بعد أن تكاد تصبح جدّاً، هي ذي عامودا التي حملتها معك، وصديقك مشعل تمو-كما تقرأ الآن….- وكنتما تخصصان دقائق من كل ندوة، أو سهرة، في أوربا، عن أمثولة مدينة، كانت الأولى في إسقاط تمثال المترئس، ونالت حريتها أياماً معدودات، بعد أن استجابت لصرخة: قامشلي، الآذارية: أن هلموا، وكانت كلّ مدن الكرد وقراهم، قد لبّت النداء،على ما يرام، وكان الكردي أوّل من لقن الاستبداد درساً بلغته السلمية، كي يهتزّ عرش الدكتاتور في علياء عرينه الهشّ، وسهوه عن سابلة الشعب الأبيّ، فيبدأ زبانية إعلامه المزوّر، من تشويه صورة الكردي، كما لايشوِّه الآن صورة ثلاثة وعشرين مليون سوري.
عامودا التي باتت تئمُّ الجزيرة، في هلهولتها، وحلمها، وتكاد تقول لقامشلي: لك أمناؤك العامون، بياقاتهم، ولي طرائفي، وطرائقي في النضال، كانت تسبقنا في كل مرة بطرفة.
أنتظر التلفزيون، بين جمعتين، كي أقرأ شعارات هذه المدينة التي تكتبها بالتوازي مع شقيقتها الصغرى عمراً، والكبرى جسداً: قامشلي، وأقول: يالروحِ أهلها……!
-عامودا المعاقبة لمواقفها في الزمن المعوق سابقاً”…”
-عامودا التي لم تقبل ككل المدن الكردية أن تكون في آخر الرّتل الوطنيّ، بل اصطفت في أوّل الخطّ، معلنة سوريتها، من دونِ أن تنسى أنّ لها همّاً خاصاً، وهو ما يكادُ لا ينتبه إليه المغفّلون، مراهقو السياسة، والببغاوات، ممن ينظرون إلى الثورة كمسلاة، أو كدرج.
المدينة التي لم أستطع ترجمة سخرياتها، حرصاً عليها، وهي تكذّب- مظاهرة المساقين رغماً عن أنوفهم للهتاف باسم الاستبداد-فكانت أولى مدينة أخرجت تظاهرة سلمية مضادة- هزّمت تظاهرة مدفوعاً بها، أو مدفوعاً لها، ارتآها العقل الأمنيّ، في بدعة تراجيدية، وهو يواصل غيّه في تزوير إرادة “بعض” المناضلين المتنادين للقاء “حسن النية”، لتحاول أن تحسّن صورتها في مرايا العالم المختال، ولتواصل في حصد أرواح أبناء إدلب، وجبل زاويتها الأشم-أو غيرهما- زاعمة أنها التقطت أنفاسها غير متذكرة نظرية- لهب الشمعة وهو يبلغ ذروته قبل انطفاءاته الأخيرة.
عاموداالتي ترثي طلبة جامعة في السجون والمنفردات، أو من لا يزال جسده في ثلاجة مشفى
-عامودا التي تصرخ من أجل شبلين قامشلويين: مجيداً ومحموداً، في قبضة المجهول، لم يكتب عنهما أكثر أحزابنا الغافية.
-عامودا التي ترتدي قميص حداد على الشهداء السوريين، وتعلق قميص نجاح الثورة، وأيديها في الصلصال، لا تفتأ تعد لتماثيل للأبطال الحقيقيين.
اسم عامودا، بات يعرف في كل بقعة من المعمورة، وهي التي لم يسمع بها رئيس جمهوريتها، وأبوه، من قبل، وطوّقها الأمن بمفارز تحصي زوار المدينة، ومقاصده.
-عامودا: قبلة الكردي، وضميره، تعرف في قرارتها أن أية شوكة تدنو منها، لتدعو الكرد بملاينهم الأربعة، سواء أكانوا ممن أُنسُوا لغتهم ،أم أنِسوا بها، لقرع الأجراس على مرتفعات” كري شرمولا” من دون أن يقفوا مكتوفي الأيدي، البتة.
*أرجو من أبناء مدننا الكردية تدوين يوميات الثورة، وشعارات أبنائها، وإن كانت في عصر الصورة لن تضيع، ومن أبرز شعاراتها مثلاً: أن تكون مندسّاً خير من أن تكون مُداساً
**اشترط ثوار عامودا على مظاهرات الولاءأمرين: ألا تكون مسيرة أمنياً، من جهة، وألا يستورد إليها الموالون للتصوير كما يحدث في مدن كثيرة، لئلا تلوث مدينتهم الطاهرة.
*** تعرفت عامودا اليوم على أصوات الرصاص والقنابل لأول مرة، بعد عقود من طوشتها المعروفة
**** كري شرمولا: تلة عامودا الأشهر من ” هوارو” ورتل مجانينها، بعد أن توزعت في طين بيوتاتها، كي تغدومقبرة تجمع بين مسيحيي المدينة ومسلميها في آن .
**** لم أنس الملاصدقة- ومعذرة ممن لم أذكر أسماءهم سهواً
-كتب إلي صديقي أبو آلان: أكتب إليك وأكاد لا أبصر شاشة كمبيوتري..
تباً للغاز المقنبل” فساء الخوف”