إبراهيم محمود
يكتشف الحاكم الأعلى للبلاد بمن فيها من العباد وما يملكه العباد، أن الشعب الذي باسمه كان ظهوره، هو شعبه الذي أراده لنفسه، شعبه الذي تكلَّم باسمه الممنوع من الصرف دونه، وكان له في كل صولة وجولة مديح يلي مديحه السابق فيه، لكنه الشعب الذي وجَّهه في المسار الذي أخرجه من الجغرافيا، وحازه في تاريخه الشخصي رغم أنه- قياماً وقعوداً- أو في كل مناسبة كان يأتي على ذكر اسمه، وهو يصفق له قياماً، ويدعو له قياماً، وينام قياماً،وليس عليه إلا أن يبقى قياماً، ويُمضي على موته الرمزي من أجله قياماً، ويدخل في مقبرة التاريخ حطاماً.
يكتشف الحاكم الأعلى للبلاد، أن الذي سمَّاه وابتغاه مديداً شعبه، لم يكن شعبه الذي يحاط علماً حقيقياً بأمره، ولم يكن شعبه الذي رُكّب في تاريخه، إنما الشعب الذي واجهه بتاريخه على امتداد جغرافيته، وتلك هي المرة الأولى الذي يكتشف الحاكم الأعلى للبلاد أن ثمة شعباً آخر له نظامه الحياتي، وأنه هو المحكوم به وليس العكس!
يكتشف الأمني صاحب المآثر التليدة ومرقّم المصائر: الكبائر للعباد باسم الحاكم الأعلى للبلاد، أنه في موقعه، قد مارس طويلاً هواية صناعة الشعب الذي يُلزَم بقول ما يريده، وهو يُسكِت فيه ما لا يريد أن يقوله، وهو يعسكره ويعوّده التقشف في الأقبية التي دشّنها في الجهات الأربع للبلاد، مأخوذاً بقناعة كوفئ عليها طويلاً: إن الإقامة المدروسة تحت الأرض لشعب كامل، هي الضمان الأوحد لإبقاء كل الطرق سالكة باسمه وباسم من يسوسه.
يكتشف الأمني صاحب الكشوف المريعة ما يريعه ويذيع روعه في النهاية الوخيمة، أن الشعب الذي عسكره في خانات معتمة، كان يعيش قيامته الموقوتة نافذاً في “زرد سلاسله”، وأن الخاص بـ” زلزلت الأرض زلزالها”، وها هي قد ” أخرجت أثقالها”، ليس أكثر مما يراه الآن، حيث كل الطرق تؤدي إلى الشعب وليس العكس.
يكتشف الحزبي ذو النسب الفئوي أو الانقسامي أو الزعاماتي، أن الشعب مرآته التي تعكس صورته كما يريد، وبالقياسات التي يريد، وأن وجهه الذي يتقدمه هو الذي يتقدم أصالة أي مرآة، والشعب من حوله مفتت، مشتت.
يكتشف الحزبي لاحقاً أن الشعب كان مخلصاً لمرآة حياته الخاصة، ولتاريخ ما تصنعه يداه، وأن هذا الذي يفاجَأ به الحزبي، مهما علت مرتبته، ليس شعبه الذي عايشه، إنما الشعب الذي أعيته حيلته كثيراً في تفهمه، الشعب الذي يتجاوز كل تصنيف تحزبي له، فيما هو يهدر في شارعه الذي لم يكتشفه إلا ساعة سماعه لهديره فيه.
يكتشف الكاتب في سويته المثلى، أن الشعب الذي أسكنه أو أودعه سطوره، أو مدوَّنته الشخصية في مكتبه النفسي الخاص به، ومارس فيه تصريفاً وتركيباً وتلويناً وتشكيلاً، قد منحه نشوة كان ينافس بها كل ممثليه واقعاً.
يكتشف الكاتب المتبرج مصدوماً كغيره ممن تقدم ذكرهم، أن الشعب كان أكبر من حدود مفكَّرته، أقوى من أن يجري التصرف به أو تعديله كما يشتهي هو أو من أتينا على ذكرهم، وأنه يشكّل تاريخه كما يرسم حدود جغرافيته بقوانين تعنيه، يستحيل الاستئثار بها، وأن الذي يشهده فيه يخرجه مرغماً من قبو مفكرته الرطب.
يكتشف المأخوذ بالبسملة والعوذلة والحوقلة أن الذي يقال له الشعب ليس سوى رعيته، وأنه راعيه فيما يصطفيه منه أو فيه مقتدياً بحكمة سماوية غير منظورة وذات طبعة أرضية في نهاية المطاف.
يكتشف الديني هذا، أن الشعب أمضى قامة من لحيته الطويلة، وأكثر سطوة من حبات مسبحته، وأعظم شأناً وصلابة من عصا رعويته، ومن كل اسم سماوي أحاله مقدمة لاحتوائه وإخفائه تحت جبَّته، وأن الذي باغته في الشارع وقد طغى صوته على صوت مسبحته، وأسقط عصاه من يده، وأنزله من علياء وهمه إلى حقيقته، كما هو المرئي فيما يظهره مهتدياً بما يراه في شعبه وليس رعيته، مستجيباً لصوت سماء أخرى أرضية المقام، رغم كل ما يسمعه من كلمات ذات نسب سماوي، باعتبارها التفاتة غير منتظرة على الناطقين زلفى باسمه طويلاً!
يكتشف الحاكم والأمني والحزبي والكاتب والديني، رغم التفاوت بين الواحد والآخر، جرَّاء هذا الجاري في شارعهم الوطني والمشترك الوحيد، في الوطن السوري الذي تبارك اسمه الوحيد الأوحد بكل حركات المعنيين به ولغاتهم، أن ليس من مخرج للحياة إلا بالإصغاء إلى لسان الشارع الشعبي القويم، ولكل منهم ما نوى.
في الحالات كافة، الشعب في مفهوم الكثرة الموحَّدة، هو الاكتشاف الإلهي، إذ الله نفسه بتجلّيه الواحد الأحد يرتد إليه، مهما اُختلِف حوله، وأن الشعب هو الطريق الأسلم لمعرفة الواحد هنا، الواحد في كل شيء يعيش تنوعاً.
تلك هي خاتمة الكلام الحي، والمضمون: إنا لـ” الشعب” وإنا إليه راجعـون!
يكتشف الأمني صاحب المآثر التليدة ومرقّم المصائر: الكبائر للعباد باسم الحاكم الأعلى للبلاد، أنه في موقعه، قد مارس طويلاً هواية صناعة الشعب الذي يُلزَم بقول ما يريده، وهو يُسكِت فيه ما لا يريد أن يقوله، وهو يعسكره ويعوّده التقشف في الأقبية التي دشّنها في الجهات الأربع للبلاد، مأخوذاً بقناعة كوفئ عليها طويلاً: إن الإقامة المدروسة تحت الأرض لشعب كامل، هي الضمان الأوحد لإبقاء كل الطرق سالكة باسمه وباسم من يسوسه.
يكتشف الأمني صاحب الكشوف المريعة ما يريعه ويذيع روعه في النهاية الوخيمة، أن الشعب الذي عسكره في خانات معتمة، كان يعيش قيامته الموقوتة نافذاً في “زرد سلاسله”، وأن الخاص بـ” زلزلت الأرض زلزالها”، وها هي قد ” أخرجت أثقالها”، ليس أكثر مما يراه الآن، حيث كل الطرق تؤدي إلى الشعب وليس العكس.
يكتشف الحزبي ذو النسب الفئوي أو الانقسامي أو الزعاماتي، أن الشعب مرآته التي تعكس صورته كما يريد، وبالقياسات التي يريد، وأن وجهه الذي يتقدمه هو الذي يتقدم أصالة أي مرآة، والشعب من حوله مفتت، مشتت.
يكتشف الحزبي لاحقاً أن الشعب كان مخلصاً لمرآة حياته الخاصة، ولتاريخ ما تصنعه يداه، وأن هذا الذي يفاجَأ به الحزبي، مهما علت مرتبته، ليس شعبه الذي عايشه، إنما الشعب الذي أعيته حيلته كثيراً في تفهمه، الشعب الذي يتجاوز كل تصنيف تحزبي له، فيما هو يهدر في شارعه الذي لم يكتشفه إلا ساعة سماعه لهديره فيه.
يكتشف الكاتب في سويته المثلى، أن الشعب الذي أسكنه أو أودعه سطوره، أو مدوَّنته الشخصية في مكتبه النفسي الخاص به، ومارس فيه تصريفاً وتركيباً وتلويناً وتشكيلاً، قد منحه نشوة كان ينافس بها كل ممثليه واقعاً.
يكتشف الكاتب المتبرج مصدوماً كغيره ممن تقدم ذكرهم، أن الشعب كان أكبر من حدود مفكَّرته، أقوى من أن يجري التصرف به أو تعديله كما يشتهي هو أو من أتينا على ذكرهم، وأنه يشكّل تاريخه كما يرسم حدود جغرافيته بقوانين تعنيه، يستحيل الاستئثار بها، وأن الذي يشهده فيه يخرجه مرغماً من قبو مفكرته الرطب.
يكتشف المأخوذ بالبسملة والعوذلة والحوقلة أن الذي يقال له الشعب ليس سوى رعيته، وأنه راعيه فيما يصطفيه منه أو فيه مقتدياً بحكمة سماوية غير منظورة وذات طبعة أرضية في نهاية المطاف.
يكتشف الديني هذا، أن الشعب أمضى قامة من لحيته الطويلة، وأكثر سطوة من حبات مسبحته، وأعظم شأناً وصلابة من عصا رعويته، ومن كل اسم سماوي أحاله مقدمة لاحتوائه وإخفائه تحت جبَّته، وأن الذي باغته في الشارع وقد طغى صوته على صوت مسبحته، وأسقط عصاه من يده، وأنزله من علياء وهمه إلى حقيقته، كما هو المرئي فيما يظهره مهتدياً بما يراه في شعبه وليس رعيته، مستجيباً لصوت سماء أخرى أرضية المقام، رغم كل ما يسمعه من كلمات ذات نسب سماوي، باعتبارها التفاتة غير منتظرة على الناطقين زلفى باسمه طويلاً!
يكتشف الحاكم والأمني والحزبي والكاتب والديني، رغم التفاوت بين الواحد والآخر، جرَّاء هذا الجاري في شارعهم الوطني والمشترك الوحيد، في الوطن السوري الذي تبارك اسمه الوحيد الأوحد بكل حركات المعنيين به ولغاتهم، أن ليس من مخرج للحياة إلا بالإصغاء إلى لسان الشارع الشعبي القويم، ولكل منهم ما نوى.
في الحالات كافة، الشعب في مفهوم الكثرة الموحَّدة، هو الاكتشاف الإلهي، إذ الله نفسه بتجلّيه الواحد الأحد يرتد إليه، مهما اُختلِف حوله، وأن الشعب هو الطريق الأسلم لمعرفة الواحد هنا، الواحد في كل شيء يعيش تنوعاً.
تلك هي خاتمة الكلام الحي، والمضمون: إنا لـ” الشعب” وإنا إليه راجعـون!
=======