المبتدأ و (الخبر)

 بقلم: المحامي فيصل بدر

قرأت الخبر الصحفي بخصوص انعقاد اجتماع مؤسس لهيئة تنسيق للقوى الوطنية و الديمقراطية في سوريا بغية تأطير هذه القوى في هذه المرحلة و هو أمر مطلوب و بإلحاح و قد تضمن الخبر نقاط ايجابية و أخرى هي محل تساؤلات تنتظر أجوبة حاسمة بنظري و اعتقد انه يجب مناقشتها مليا و علنا كونها تمس بشكل مصيري الوضع النهائي لسوريا المستقبل بكافة مكوناتها و إنا ما قرأنا الخبر نفهم من فحواه و كأن الوثيقة مبنية على أن النظام هو صاحب و محور الحل و هذا برأي يشكل معادلة مستحيلة الحل بالنسبة لنظام تأسس على استلاب كلي للدولة والمجتمع و صبغ جميع مناحي الحياة العامة بطابعه
 و ليست هي المرة الأولى – و لن تكون الأخيرة- التي واجه فيها النظام أي محاولة لكسر هذه الهيمنة بأقسى أساليب العنف و العدد الكبير للضحايا و المعتقلين اكبر شاهد على ذلك بل و وصلت الأمور إلى حد لجوء الآلاف من السوريين إلى دول الجوار هربا من بطش النظام و لم يتطرق الخبر إلى أي إشارة و لو بالتلميح إلى انخراط هذه القوى في أي فعل ميداني في سبيل تحقيق الأهداف المنشودة للهيئة و على الأخص فيما إذا لم يتجاوب النظام المطالب التي تضمنها الخبر المبني على الوثيقة و كأن الهيئة لا تريد أن تواجه هذا الاستحقاق والاكتفاء بالاتكاء على قوى الحراك الشعبي وهو ما أرجو أن يوضحه لنا المؤسسون في الوثيقة النهائية ناهيك عن أن الخبر لم يتطرق إلى العلاقة فيما بين الدين و الدولة نظرا للأهمية التي تحتلها هذه القضية في رسم مستقبل الدولة السورية

و الأكثر أهمية بالنسبة لي ولكافة أبناء شعبنا الكردي في كردستان سوريا هو الصيغة التي تناول فيها الخبر القضية الكردية التي خلا الخبر حتى من ذكرها كمصطلح جرى تداوله في السنوات الأخيرة من قبل المعارضة العربية و الذي جاء مطابقا إلى حد كبير للتسريب الذي نشره احد المواقع الكردية ( (welati  و الذي تم نفيه من الحركة الكردية المشاركة في الحوارات آنذاك  إذ نص الخبر الصحفي  على: (كما تطرق لمسالة الاعتراف بالوجود القومي للكرد السوريين ضمن وحدة البلاد أرضا وشعبا وان سورية جزء لا يتجزأ من الوطن العربي والعمل معا لإقرار ذلك دستوريا.)  الأمر الذي استثار عندي تساؤلات عديدة لعل أبرزها :
هل هذا يعني إن الأحزاب الكردية الموقعة على هذه الوثيقة ستتخلى عن مصطلح كردستان سوريا ومصطلح الشعب الكردي لان الوثيقة لن تأتي على مصطلح الشعب الكردي بل على مصطلح الكرد السوريين استنادا للخبر وهو تعبير قومي ليس بالضرورة أن يقترن بالجغرافيا وقد لا يفهم بأي معنى قومي لدى الكثيرين و هو مناقض لما هو متداول بشكل دائم و مستمر من كافة أطراف الحركة الكردية و بخاصة من اتجاه بارز في الحركة تبنى الحكم الذاتي و الإدارة الذاتية كحل لقضية الكردية وهذا يتطلب أن توضح هذه الأحزاب مشروعها لحل قضية شعبنا بشكل لا لبس فيه و نهائي لا يحتمل أي ممارسة باطنية بل تستلزم الوضوح وعلى أشده و إن الإصرار على اعتبار سوريا جزءا لا يتجزأ من الوطن العربي في الخبر الصحفي إن دل فإنما يدل على إمعان القوى العربية على المضي في مواقفها القديمة والثابتة من إنكار أي وجود يستند على التاريخ و الجغرافيا لشعبنا الكردي في سوريا وعليه إذا كانت سوريا جزا لا يتجزا من الوطن العربي فالمناطق الكردية والتي هي كردستان سوريا في التداول الكردي لا تعتبر جزءا من كردستان عملا بمبدأ المخالفة في التفسير و إن أي إقرار دستوري (للكرد السوريين) فيما إذا تأسس على ما ورد في مشروع الوثيقة سيبقى فارغا من أي مضمون حقيقي لهذا الاعتراف و سيبقى ذو مغزى لفظي و لذر الرماد في العيون (كرديا) و من ثم ألا تحتاج مثل هذه القضايا من قبل هذه الأحزاب إلى شرعنه تنظيمية وسياسية لها قبل التوقيع عليها باعتبارها سياسات مقرة من مؤتمرات و مدرجة في وثائق تأسيسية على الصعيد التنظيمي لهذه الأحزاب على الأقل و من باب أولى طرحها للنقاش العام لان الموضوع لا يخص شخص أو حزب أو إطار بعينه بل هي قضية قومية بامتياز
و هذا يذهب بنا إلى التساؤل عن موقعنا كشعب كردي من الالتزامات المستقبلية لبلادنا من الناحية القومية و اقصد مسالة الوحدة العربية (من الماء إلى الماء) طالما أن سوريا جزء لا يتجزأ من هذا الوطن و يبدو أن الموقعين العرب على الوثيقة لم و لن يتزحزحوا عن مواقفهم القومية و بل و حتى القبول بان تكون سوريا وطنا نهائيا و أخيرا لجميع السوريين على قاعدة اعتراف كافة مكوناته القومية يبعضها البعض و تثبيت هذا الاعتراف دستوريا و حل القضية القومية في البلاد وفق مبادئ القانون الدولي و حقوق الشعوب و بذلك كان سيعود التوازن إلى العلاقة بين كافة القوميات و هو اضعف الإيمان .
  الحسكة في  27/6/2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…