رسائل عاجلة …إلى الجالية الكردية في المهجر..(.. خامساً..)

خليل كالو

       كنتم ولا زلتم أبناء هذا الشعب ولكم الجذور والأهل والتاريخ تعتزون به, فلم تنسوا بعد أيام طفولتكم ولم تمسح صور شوارعكم وقراكم عن الذاكرة لأنكم في تواصل مع الجذور والأحبة وهذا ما لا يستطيع أحد أن يقول عكس ذلك , ولا أحد ينكر عليكم حبكم لبلادكم والكثير منكم يعيش في حسرة ولوعة لرؤية الوطن منذ أمد بعيد ونحن نشاطركم هذا الشعور .

كما لا يخفى عليكم وليس بسر دفين أن الشعب السوري بدأ يفكر ويتحرك لصنع واقع سياسي واجتماعي وثقافي أفضل مما كان ومستقبل موعود وها قد بدأت مسيرته.

 وإزاء هذه التطورات والمستجدات لا يسمع صوتكم عاليا إلا عدد قليل من الشخصيات الإعلامية والمشاركة بشكل فعال لما سوف تؤول إليه مصير الكرد  وماهية وجودنا مع الذات والآخر في الواقع الجديد مستقبلا والدور الذي ينتظركم  الآن وأنتم ما زلتم  قوة مبعثرة وجدانيا ومشتتين فكريا وغير فاعلين ثقافيا تراوحون المكان وتعيشون حالة من العزلة والعطالة البينية بالرغم من امتلاككم الكثير من الإمكانيات ولكن يبدو أنكم ما زلتم  تعيشون ثقافة الماضي بكل سلبياته وإرثه البالي وأنتم في مركز الحضارة والثقافة العالمية تنتظرون القوى التقليدية أن تقوم وبالنيابة عنكم لتحقيق أمانيكم وأنتم تتفرجون, لقد آن وقت الحراك الشعبي ومن كل الشرائح  وفي كل مكان وها قد أثبت الواقع المعاش نظرية حراك الشارع الشعبي ونجاحها من أجل الحرية وصنع المستقبل الأفضل.

  

     إن ترتيب بيت الكردي من الداخل والخارج وتغيير السلوك بشكل وطراز جديدين أمر في غاية الأهمية ومسئولية عاجلة جدا وخطوة مصيرية إلى أبعد الحدود فلا يمكن بالهيئات القديمة والسلوك الموروث وذلك التفكير الذي أسس للضعف والتشتت مجاراة الواقع الراهن أو الاعتماد على الصدف والقوى الكلاسيكية ومنهجها  لتحدي الصعاب وبناء الجديد , كما أن عملية المشاركة مع الأخوة والشركاء من باقي المكونات الأخرى من الشعب السوري سيكون أمر صعبا مستقبلا إذا ما دخل البلاد والعباد الحياة السياسية التعددية الواسعة حيث لا يستطيع أي من الأحزاب الصغيرة  الصمود والعمل بنجاح أمام القوى الكبرى التي سوف تتشكل في الغد لا محالة علما ولغاية تاريخه بأن الكرد ليسوا على أتم الجاهزية والاستعداد  لذلك الأمر ولهذه الأسباب فلا بد من أن  يفكروا كي يكونوا قوة وكتلة متراصة لهم وزنهم وقيادتهم الموحدة , ولا يخفى على الجميع ما يعانيه الحراك الكردواري من شلل نصفي وعطل مزمن في بعض مفاصله منذ عشرات السنين لم تعالج بعد بسبب التخبط المنهجي والسلوكي للنخب وبسبب غياب الخطاب التنويري والنقدي والتفكير الحر وضعف الحراك الثقافي للتأسيس للوعي الجمعي وضعف التواصل الميداني.

فما يهم في هذا الحوار هو أن يسعى الكرد في مجملهم إلى بناء موقف سليم ورأي ثابت موحد يخدم مصالحهم على ضوء المستجدات والأحداث الجارية على أرض الوطن والتوقف على ماهية دور الكرد مستقبلا وكيفية الاستفادة من المناخات الجديدة لتأسيس مركز قرار كردي مغاير لما هو قائم دون تأخير وإقصاء البعض وإلغاء الحرس القديم من النخب السياسية الكردية و المشاركة الواسعة للنخب الثقافية والاجتماعية الأخرى وممثلي الطبقات الشعبية والقوى الفاعلة على الأرض وخاصة الشباب منها .

     أنتم جميعا مدينون للكردايتي الآن وعن طريقها حصلتم على ما حصلتم من لجوء وعمل وتأمين الحياة في المهجر, ولن نحسدكم على ما أنتم  فيه أو لن نقول أنه كان على حساب بعض من شقاء كرد الوطن والآن قد جاء دوركم لرد الجميل وتبرئة الذمم والوجدان لفعل شيء علما بأن الأغلبية العظمى منكم لم يكن له بال ونصيب في السياسة ولم يمارس السياسة الكردية قط  ” كما لا يخفى أن الكثيرين من هؤلاء  تعاملوا مع القضية الكردية بمنطق التاجر ولا زال” , نذكر فإن الذكر قد ينفع من كان ضميره حياً بأن كبر الإنسان ومقامه يقاس بأفكاره ووجدانه وتفاعله مع الواقع وليس بما يملكه من مال وما يضع في بطنه كل يوم , ربما يعيش الكثير من الأخوة في المهجر هذه الثقافة والسلوك ويتعامل البعض الآخر مع القضايا الكردوارية من منظور تحزبي وشخصي لا أكثر وبالرغم من ذلك فهذا لا يعني أن ليس لهم شعور ووجدان حي تجاه هويتهم القومية أو ليس عليهم مآخذ كثيرة و هم بمنأى عن النقد والتقييم , وبالتأكيد أن أغلبهم مقصرون في واجباتهم الكردوارية ولا يزال البعض له عقدة وخوف دفين من ” أبو علي وأبو رامي وهو خارج القطر ” و منهم من يعيش التقليد لنفس الأسباب, فما هو مطلوب الآن هو السعي الحثيث لبناء هيئة يعمل فيه النشطاء لتكوين رأي عام في جميع أرجاء الأصقاع التي يتواجد فيه الكرد من خلال نخب مسئولة وجريئة ومضحية بدل حالة الشقاق والتشرذم وبعيدا عن الصراعات الحزبوية تردف الداخل وترفع صوتها عالية هذه الأيام للتأثير على الرأي العام في الداخل كي تتضافر الجهود لتأسيس ثقافة الجمع والتوحيد وخلق مناخات أكثر إيجابية لتوحيد الصف الكردي استعدادا للأيام القادمة .لذا نناشد كل الأخوة الكتاب والمثقفين في المهجر المشاركة الفعالة في نقاش كردواري كواجب قومي ووطني وأخلاقي بدل النقاشات والكتابات التي لا تؤسس لشيء سوى تعبير عن رأي شخصي حول مسالة ما وطرح الحلول والرؤى السليمة بعيدا عن ثقافة الأنا وإنكار الذات وفاءا للقيم وإرضاء للوجدان تمهيدا لتوحيد قرار الشعب الكردي من أجل الحرية والحفاظ على شخصيته الثقافية كمتحد له خصوصية.

    

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…