لجنة حقوق الإنسان الكردي في سوريا ( ماف )
أصبحت قضية حقوق الإنسان اليوم قضية عالمية ، ولم يبقى الاهتمام بها وبمدى احترامها منحصرا ً في ميدان معين أو مقتصرا ً على فئة محددة ، بل تجاوز هم المهتمين بها كل البقاع ، ولم تعد الحدود الجغرافية أو الخلافات الايديولوجية تشكل أي حاجز ، كما أنه لم يبق من حق الدول التذرع بالسيادة الوطنية لمنع التدخل من أجل قضية إنسانية لرفع الحيف ورد الاعتبار للكرامة الإنسانية .
فقضية حقوق الإنسان أصبحت في آن واحد ملكا ً مشاعا ً وهما ً مشتركا ً – ملكا ً مشاعا ً كمكتسب غير موقوف على فئة دون أخرى وهما ً مشتركا ً باعتبار أن خرقه في جهة معينة أو وقعه على فئة معينة لا يمكن اغفاله من طرف الآخرين فالوعي الدولي بقضية حقوق الإنسان خلق نوع من الأمل في القضاء على الانتهاكات ، بل غيّر عدة مفاهيم كانت إلى وقت قريب مقياسا ً لتحديد موقع الدولة وتصنيفها ، وأصبحت مصداقية الدول تقاس بمدى احترامها لحقوق الإنسان .
بل بات من المؤكد أن التنمية الاقتصادية لا سبيل إليها بدون احترام حقوق الإنسان بعدما كان بعضهم يعتقد خطأ ً أن نمو الاقتصادي شرط لاحترام حقوق الإنسان .
وأدرك المجتمع الدولي أن الاهتمام الدولي بقضية حقوق الإنسان لا بد وأن يعالج من الناحية القانونية والقضائية .
فبدأ التفكير في تدوين قواعد حقوق الإنسان وإفراغها في قالب تشريعي دولي ، وإن كان الكل يؤمن بأن وضع القاعدة القانونية وحده غير كفيل بمنع الخروقات ، ولكن لا مناص من التدوين والتشريع كإجراء أولي .
وهكذا عرف العالم عدة مواثيق وعهود عالجت مختلف مواضيع حقوق الإنسان .
ومن خلال تزايد اهتمام المجتمع الدولي بقضية حقوق الإنسان وتوسيع مجال عمله وتعدد مواضيع تدخله،أصبحت من المسلم به أن المجتمع الدولي يشكل عنصرا ً فعالا ً في تطوير وتنمية حقوق الإنسان وأصبح يلعب دور الحارس والمؤتمن عليها .
فالمجتمع الدولي وحدود صلاحياته ووسائل عمله تختلف كما أن سبل تدخله تختلف من حيث الأشكال والوسائل ، إلا أن مبررات ذلك تستمد شرعيتها وقانونيتها من المعاهدات الدولية التي تعتبر إلى جانب العرف الدولي تشريعا ً يحدد ( في مادة حقوق الإنسان ) الحقوق والواجبات ويسن حدود صلاحياته الأجهزة الدولية والوسائل القانونية والقضائية لحماية هذه الحقوق .
وإلى وقت قريب كان الانضمام إلى هذه المعاهدات كاف ٍ للقول والادعاء باحترام حقوق الإنسان ، لكن سرعان ما اتضح أن مسألة المصادقة على المعاهدات بالنسبة لبعض الدول وسيلة للتفاخر والتباهي في الأوساط والمحافل الدولية ونتيجة لذلك تعددت قوائم المنضمين إلى المعاهدات ولم تتقلص حالات انتهاكات حقوق الإنسان ولعل مرد هذه الاشكالية يكمن في القوة الالزامية للقاعدة القانونية الدولية أي في الوسائل الالزامية التي يملكها المجمتعم الدولي للدفع بالدول إلى الرضوخ إلى أحكام المواثيق الدولية التي ارتبطت بها .
والتي تعتبر حاجة أساسية ودعامة كبرى لأي اصلاح ديمقراطي في البلدان النامية وخاصة بلدنا سوريا ففي الوقت الذي تزداد فيه أهمية الديمقراطية وتعزيز دور المجتمع المدني والاصلاح الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان فإن النظام السوري لا يزال يصر على موقفه الرامي إلى الضغط على الشعب السورية بموكوناته المختلفة في اتجاه معاكس لتطور المجتمعات البشرية، والحيلولة دون تحقيق أي تطور ايجابي لوضع المواطنين واحترام حرياتهم الأساسية .
وعلى نقيض المنطق السليم بضرورة العمل على احداث تحولات ديمقراطية والقيام باصلاحات دستورية وقانونية يتوافق مع المواثيق العالمية والاقليمية لحقوق الإنسان وضمان سيادة القانون واستقلال القضاء والقيام باصلاحات سياسية دون مواربة ليتيح للمواطنين السوريين ممارسة حرية الرأي والتعبير والمشاركة في الحياة العامة والاستفادة من الموارد الطبيعية لبلدهم والاعتراف بالشخصية القانونية لهم ، بدلا ً من ما نشهده من التردي الملحوظ في مجال حقوق الإنسان والحملات الأمنية التي طالت مجمل الحراك السياسي في محاولة يائسة لخنق إرادة هيئات المجتمع المدني ، حيث كثرت حملات الاعتقال بحق الناشطين المستقلين والسياسين المدافعين عن حقوق الإنسان كما تم منع التجمعات السلمية المتعلقة بالشأن العام وكذلك إجراءات منع السفر للعديد من المواطنين وبدون وجه قانوني والاستدعاءات الأمنية المتكررة وتلفيق تهم باطلة بحق بعض المناضلين بغية اسكات صوتهم ، ناهيك عن معاناة أبناء الشعب الكردي من عدم الاعتراف بحقوقه المشروعة في الوثائق العالمية لحقوق الإنسان ، وكذلك عدم معالجة قضيته بشكل ديمقراطي لالغاء كافة المشاريع العنصرية والاجراءات الاستثنائية المطبقة بحقه لوقف انتهاكات حقوق الإنسان ضد أبنائه .
لذلك كله آلينا على أنفسنا نحن كوكبة من المثقفين على تأسيس لجنة حقوق الإنسان الكردي في سوريا (ماف) بتاريخ 5/10/1996 في ذكرى السنوية الرابعة والثلاثين للاحصاء الجائر وهي لجنة أهلية طوعية مستقلة لا ترتبط بأية جهة سياسية كردية أو عربية أو غيرها في داخل سوريا و خارجها وهي تعمل كلجنة حقوقية اجتماعية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا بشكل عام و في المناطق الكردية بشكل خاص بجوانبه المتعددة ، ورصد كافة خروقات حقوق الإنسان قديما ً وحديثا ً ومستقبلا ً بالتعاون مع المنظمات الموزعة في سوريا والعالم وعلى ضوء الوثائق العالمية والاقليمية لـ حقوق الإنسان واليوم يمر ذكرى السنوية العاشرة لتأسيس (ماف) ونحن أكثر اصرارا ً لتقديم المزيد من العمل الجاد في خدمة أبناء الشعب السوري بمكوناته المختلفة وعلى هدى برنامج (ماف) ونظامه الداخلي في نشر وتطوير ثقافة حقوق الإنسان على الأرض السورية تزامنا ً مع ذكرى مرور ( 44 ) عاما ً على الاحصاء الاستثثنائي الذي جرى فقط في محافظة الحسكة (الجزيرة) دون المحافظات الأخرى بتاريخ 5/10/1962 وفقا ً للمرسوم التشريعي رقم (93) تاريخ 23/8/1962 فقد تم تجريد أكثر من ( 120) ألف إنسان كردي من الجنسية السورية ( قسرا ً) واعتبروا في عداد الأجانب وقد تزايد هذا العدد بسبب الولادات الطبيعية إلى حدود ربع مليون إنسان بين مجرد من الجنسية ومكتوم القيد في سجلات الأحوال المدنية ومحروم من حق العمل والتملك والانتخاب والترشيح والسفر …..
ألخ أي حرموا من كافة الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحقوق المدنية الأخرى ، عدا عن هذا فقد قامت الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم بتنفيذ مشاريع عنصرية وتدابير استثنائية أخرى تهدف إلى عرقلة التطور في كافة مناحي الحياة ومنها
1- مشروع الحزام العربي الاستيطاني الذي تم بموجبه تجريد الفلاحين والملاكين الكرد من أراضيهم (قسراً ) وذلك في خطوة تمييزية واضحة باتجاه التعريب والصهر القومي والتبعيث وافراغ الشخصية الكردية من جوهرها الإنساني .
2- عدم الاعتراف بالوجود الديمغرافي التاريخي لأبناء الشعب الكردي وحركته السياسية .
3- قيام السلطات السورية بتنفيذ مجزرة الحريق في سينما عامودة 1960 وضحاياه المئات من الطلبة الكرد الدارسين في مدارس عامودة حينذاك .
4- قيام السلطات السورية بتنفيذ مجزرة الحريق في سجن حسكة المركزي عام 1992 وضحاياه أكثر من (60 ) شخصاً من أبناء الشعب الكردي في سوريا .
5- قيام بعض الجهات في السلطة السورية بتخطيط مسبق بالاقدام على تنفيذ مؤامرة لا إنسانية نابعة عن حقد شوفيني أعمى في يوم الجمعة المشؤوم على خلفية المباراة بين فريقي الفتوة والجهاد في الملعب البلدي بمدينة القامشلي وبسيناريوهات جاهزة من قبل بعض القوى المعادية لتعزيز الوحدة الوطنية بين أبناء البلد الواحد بالتنسيق بين بعض الجهات في دمشق في وزراة الداخلية وبين بعض المسؤولين المتنفذين في محافظة الحسكة (الجزيرة) من المحافظ – قيادة الشرطة – رؤساء الفروع الأمنية – ميليشيات حزب البعث ، افتعلوا الفتنة في الملعب ومن ثم رشق المدنيين بالرصاص الحي والمتفجر الغير متوفر إلا لدى الأجهزة الأمنية ، حيث استشهاد العديد من الشبان وجرح آخرين في اليوم الأول 12 /3 / 2004 وفي اليوم الثاني 13 / 3 / 2004 في المسيرات الجنائزية والاحتجاجية للشهداء .
واجهت سلطة القتل والترهيب المواطنين العزل بوابل من الرصاص من قبل الأمن والميليشيات البعثية وعلى أثرها استشهد العشرات وجرح المئات واعتقل الآلاف من خيرة أبناء الكرد في محافظات ( الجزيرة – حلب – دمشق – حماة ) لكونهم شاركوا في مسيرات سلمية داعية لوقف القتل والاعتقالات العشوائية وبالتالي ضرورة التعامل الحضاري مع الحركة الوطنية الكردية ممثلة للشعب الكردي وكذلك مع القوى الوطنية السورية بدلا ً من المراهنة على السجن والقتل والترهيب والتعذيب حتى الموت في الزنزانات الأمنية المختلفة في ظل الأحكام العرفية .
6- قيام بعض الجهات في قيادة الأمن السورية بدمشق باختطاف الشيخ العلامة الدكتور محمد معشوق الخزنوي عبر مسلسل ارهابي منظم واقتياده إلى زنزانات القمع لدى الأجهزة الأمنية حيث اسشتهد تحت التعذيب الجسدي والنفسي ولم يكتف رؤوس الأرهاب بهذا فقط بل فكروا باللعبة القذرة عن طريق التمثيلية المفبركة عبر رواية الأجهزة الأمنية على شاشة التلفزيون السورية .
7- من الممارسات القديمة االجديدة المنافية لمواثيق حقوق الإنسان :
– عدم الاعتراف الرسمي بعيد نيروز في 21 آذار الرمز القومي والتاريخي للإنسان الكردي
– عدم الاهتمام بالمناطق الكردية
– التدخلات الأمنية السافرة في شؤون أبناء الشعب الكردي
– تبديل وتعريب الأسماء الكردية التاريخية للمدن والقرى والعشائر …الخ
– حظر اللغة الكردية في دوائر الدولة
– عدم قبول الطلبة الكرد في الكليات والمعاهد العسكرية وغيرها
– الفصل التعسفي ولأسباب واهية للطلبة والعمال
– خضوع سوريا للأحكام العرفية بشكل عام والمناطق الكردية بشكل خاص .
– عدم تسجيل الولادات الحديثة إلا بعد موافقة الأمن السياسي
– عدم وجود قانون عصري للسماح بتشكيل الأحزاب والجمعيات علما ً بأن جميع الأحزاب والجمعيات الموالية والمعارضة بما فيها حزب البعث الحاكم غير مرخصة دستوريا ً .
وعلى ضوء هذه المعطيات وانطلاقا ً من معاناة الشعب الكردي في سوريا والتي قل نظيرها من اضطهاد قومي واجتماعي وإنساني بجوانبه المتعددة والمختلفة والرامية إلى صهر الشعب الكردي – قسرا ً – في بوتقة القومية العربية السائدة بالاضافة إلى تعرضه لمشاريع عنصرية بغيضة .
فإننا في لجنة حقوق الإنسان (ماف) ندعو ونناشد كافة المنظمات الإنسانية وكافة المؤسسات الاقليمية والدولية الرسمية والغير الرسمية إلى التضامن والتعاون معنا على العمل بكل الوسائل السليمة الممكنة للضغط على الحكومة السورية ودفعها نحو العمل على تلبية المطالب العادلة لأبناء الشعب الكردي في سوريا والتي تتجسد فيما يلي :
1- إلغاء الأحكام االعرفية في سوريا وإزالة كافة المشاريع التمييزية والمطبقة بحق أبناء الشعب الكردي وذلك بإعادة الجنسية السورية للمجردين منها والمكتومين نتيجة احصاء عام 1962 وانتفاعهم بالأرض وإلغاء كافة القرارات الصادرة بحقهم وتعويضهم عن الأضرار والمادية والمعنوية التي لحقت بهم خلال (44) عاما ً خلت
2- إعادة المستوطنين العرب إلى مناطق سكناهم الأصلية وتأمين العيش الكريم لهم في مناطقهم وإعادة توزيع الأرض دون تمييز على الفلاحين المحرومين في محافظة الحسكة (الجزيرة)
3- الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي في سوريا وتأمين حقه المشروع وفق المواثيق العالمية والاقليمية لـ حقوق الإنسان .
4- رفع الحظر عن اللغة والثقافة الكردية وتأمين حرية الصحافة والنشر وحرية تشكيل الأحزاب والجمعيات بقانون عصري وفتح المدارس الخاصة بالشعب الكردي في المناطق الكردية وبشكل تصاعدي لكافة المستويات الدراسية
5- اطلاق سراح كافة المعتقلين والسجناء السياسين في سوريا ومن بينهم معتقلوا الحركة الوطنية الكردية في سوريا وغيرهم من الوطنيين الكرد والوطنيين السوريين في سجون البلاد .
6- التعويض المادي والمعنوي لذوي الضحايا والشهداء في المجازر القديمة والحديثة وكذلك السجناء وذويهم ، والتعويض المادي والمعنوي لأبناء شعبنا السوري نتيجة لأعمال وممارسات السلطة المهيمنة على كاهل الشعب السوري كافة وأبناء الشعب الكردي على وجه الخصوص .
لجنة حقوق الإنسان الكردي في سوريا ( ماف )
قامشلي 4/ 10 / 2006