ونطق «المعلّم» جهلاً

عارف رمضان

من يرتضى طوعاُ مجالسة الجاهل، سيتحمل سماع أفكاره وآرائه، لكن حينما يُفرض عليك وزيرٌ جاهل لدولتك، يُفرض من قِبل رئيس مستبد مفروض عليك أيضاً، فارضين عليك الإنصات لإعلام كاذب فإعلم أنك في سورية الأسد..

سورية التي تفرض عليك كل شيء يتعلق بمفاصل حياتك اليومية منذ ولادتك إلى إختيارهم لإسمك، إلى نوع دراستك، مروراً باعتقالك وأسلوب عيشك في زنزانتك، وصولاً لطريقة إزهاق روحك.
سوريا التي دخلت شهرها الرابع وأزمتها الحاضرة في جميع المحافل الدولية، وعلى طاولات وزراء دول العالم بأسره، عدا وزرائها الغائبون منذ أشهر ثلاث.

لينوب عنهم مجموعة من أبواقهم الحقيرة والكاذبة والنتنة من عديمي الضمير والكرامة والدم.

يظهر لأول مرة من مخبأه وزير خارجيتنا المفروض علينا “المعلم” أو كما يُسمى “المعلك”، لينطق جهلاً ناكراً وجود أية أزمة في بلاده ومستعيداً كالببغاء تلاوة إسطوانات معلمه الأسد في خطاباته الثلاث، متهجماً بدوره على فرنسا وتركيا كثناء لمواقفهما الإنسانية مع شعبه وضد نظامه، ناسياً أنهما عملا معاً لاسترجاع الشرعية لمعلمه عندما ألغى رسمياً لواء إسكندرونة من الخريطة السورية، وفتح أسواق سوريا أمام البضائع التركية مقابل فك عزلته وانفتاحه على العالم، بعد أن كان متورطاً باغتيال الحريري وتجنيد الانتحاريين ضد الأمريكيين في العراق.
ثم يمضي قائلاً: “سننسى أن أوروبا على خارطة العالم، ونتجه شرقاً وجنوباً”، متجاهلاً بغبائه أنه بهكذا قرار سيضر بمصالح خمس وعشرين مليوناً من شعبه، ومتناسياً أن أوروبا منعت سلفاً دخوله بلادها مع مجموعة من القادة المجرمين القتلة و تجميد أرصدتهم، ثم يضيف وبدون خجل أن “إيران وحزب الله تدعمان نظامه سياسياً”، ليأتي الجواب الفرنسي سريعاً أن “من يقتل شعبه فاقد للشرعية”، كل هذا مرفقاً بفرض عقوبات جديدة لسبع شركات وأربعة أشخاص منهم ثلاثة إيرانيين متورطين بقمع المتظاهرين.

  
إذاً شرقاً إلى إيران.

وهذا ليس بجديد، لأن الأسد الأب الإيراني الهوى، اتخذها قبلة مقدسة له منذ أمد بعيد ومنذ حربها، أي حرب إيران الفارسية ضد الشقيقة العراق، حينما كان يمدها بصواريخ سام المتطورة لضرب دفاعات الجيش العراقي وتدميرها والمشتراة من أموال الشعب السوري المقهور، هذه الصواريخ التي لم تستخدم ضد طائرات إسرائيل حين انتهكت سماء سوريا وحامت فوق القصر الجمهوري ثم قصفت المنشأة العسكرية بتكنولوجيا إيرانية كورية مثيرة للجدل في عمق الأراضي السورية بدير الزور.


لكن جنوباً إلى أين؟ يبدو إلى إسرائيل حيث أصدقاء رامي مخلوف الذي قال فيهم إن “أمن سوريا من أمن إسرائيل” ..إسرائيل المحتلة للجولان السوري منذ أن خسرها الأسد الأب، حينما كان وزيراً للدفاع، ليستلم زمام الحكم في سوريا التي لم تبادر بإطلاق رصاصة واحدة باتجاهها، وهو غير مبال بإرساء معاهدة السلام أسوة بمصر والأردن، ليستنزف اقتصاد بلاده هو وبطانته من الضباط الفاسدين، مستفيداً من التناقضات ومتذرعاً بالممانعة لإطالة عمر نظامه و بقائه في الحكم.


و بما أن الفاشلون يتذرّعون بالظروف، فيرمي “المعلم” أيضاً بفشل النظام وتأخره في الإصلاحات على الظروف التي مرّت على سوريا والمنطقة؛ تلك الظروف التي لم تأت بمحض المصادفة، بل نتيجة كيد النظام الذي انشغل بإخفاء أدلة اغتيال الحريري، وشجّع الشباب السوري والعربي بالجهاد في العراق ومررّهم بعد تفخيخهم، ليلقوا حتفهم بعمليات انتحارية، وبالتالي إشعال فتنة طائفية بحجة الجهاد ضد الجيش الأمريكي، نيابة عن إيران، وكذلك ضرب تجربة الديمقراطية الفتية في العراق وكبح امتدادها إلى سوريا، التي طالتها فيما بعد رياح ثورات الياسمين العربية، حين لبّى شباب  سوريا الدعوة لنيل الحرية منتفضين ضد نظام فاسد و جاهل.
فهل سينهض الشعب كله ليمنح الأجيال مستقبلاً آمناً ويغسل عار وطنه ويتخلص وإلى الأبد من نظام الأسد ؟؟
عارف رمضان – رئيس مؤسسة سما للثقافة والفنون الكوردية – دبي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…