نعم.. نحن ضحية طيبتنا لك يا سيادة الرئيس

عارف رمضان

 بعد خطابه الثاني، غاب الرئيس مختفياً عن الأنظار وبدون عذر لأكثر من شهرين.

حيث ساد الرعب شوارع سوريا في أبشع صوره متمثلاً في قمع واضح لحقوق الإنسان، فمن الاختفاءات والاعتقالات القسرية لعشرات الآلاف وقتل وجرح الآلاف من المتظاهرين الذين يقابلون النار بصدورهم العارية، إلى الآلاف من النساء والأطفال الفارين إلى تركيا خوفاً من بطش آلة النظام وشبيحته..
من هنا يطلُّ علينا الرئيس من مدرج قاعة جامعة دمشق التي خلت من طلابها، وامتلأت بتلامذته البعثيين من خبراء التصفيق والتهليل.

حيث يبدأ خطابه المنتظر بقهقهاته المعتادة ليوزعها على أرواح الشهداء متحدّياً العالم بأن سوريا ستعطي دروساً للمنطقة، ولن تأخذ دروساً من أحد..


 أن يعطي دروساً للغير، فهذا صحيح وذلك عبر الرسالة الخالدة لحزب البعث، الذي يريد أن يثبت أن ما حصل في تونس ومصر لن يتكرر في سوريا، لأن نظامه هو الأكثر قمعاً ووحشية ودموية،
أما أنه لن يأخذ دروساَ من أحد فلا داع له، لأن الذي لم يفهم من دروس الحياة ولم يشعر بآلام شعبه خلال أحد عشرة سنة، ولم يعتبر من إحراق صوره، وسماع  شتائم مئات الآلاف من المتظاهرين من خلال شاشات الفضائيات، ناهيك عن تحطيم أصنام والده في الساحات العامة فيفكك ما تبقى منها لينقلها إلى مخازن آمنة، بعيدا عن مطارق المنتفضين وراشقي الأحذية، فلن يعتبر أبداً، وهو ليس جديراً بأن يُعطى له دروساً.

  
لا يزال بشار يصرّ في خطابه على وجود المندسّين والمخرّبين والمتآمرين، وينسى أنه المتآمر الوحيد على شعبه حينما يقسمهم، في خطابه، إلى ثلاث فئات: الأولى من يبحثون عن وظيفة أو عمل، والثانية وهم الأخطر وتعدادهم أربعة وستون ألفاً، ويبدو أنه يشير إلى معتقلي الرأي والمتظاهرين، أما الفئة الثالثة حسب الرئيس فهم من السلفيين والإرهابيين، مشيراً إلى باقي أبناء الشعب السوري الصبورين والطيبين، الذين كانوا ولا زالوا ضحايا مؤامرات نظامه ونظام والده لأكثر من خمسين سنة من الوعود الكاذبة.


ويدعو بشار اللاجئين الفارين من جسر الشغور بالعودة إلى قراهم ضامناَ بأن الدولة سوف لن تنتقم منهم.

وكأنهم مذنبون فعلاً، ناسياً وعوده السابقة في الخطاب الأول، بمنع قتل المتظاهرين ورفع حالة الطوارئ، بينما ازداد شبيحته بطشاً وتنكيلاً وقتلاً لم يستثن منه الأطفال والشيوخ والنساء، حتى بات الناس يترحمون على فترة فرض حالة الطوارئ.
ويحافظ رأس النظام على كبريائه قائلاَ: “إن الإصلاحات جرى إقرارها قبل سنة من الأن، أي قبل الثورة وإنها ليست نتيجة التظاهرات” واصفاً نفسه بالقريب والمحبوب من الشعب الذي كان ضحية مؤمرات خارجية لطيبته، فهكذا توصيف لا يليق إلا بهكذا رئيس، يحكم بلاد يظهر فيه المزيد من الفجوة بين الرئاسة المتآمرة على الشعب والنظام السياسي والنظام الاجتماعي والنظام الجماهيري على الارض.

وبذلك يعترف الرئيس لأول مرة بوجود أزمة في سورية و يقدم وعوداً جديدة بالإصلاح ويبدي إستعداده بتوسيع دائرة المشاركة في الحكم لإرضاء الشعب، من أجل أن يستمر في النظام ليننهب أموالهم،  فهذا أمر لا يقبله الشعب، الذي وصل إلى نقطة اللارجوع عن إسقاط النظام الذي خسر ثقة شعبه في خطابه الثالث ، وأكسب المعارضة والمتظاهرين زخماً قوياً بالمضي قدما للإطاحة بنظام يتآمر على شعبه مستغلاً طيبتة لتكون ضحية له
عارف رمضان – رئيس مؤسسة سما للثقافة والفنون الكوردية –  دبي
 arefram1@yahoo.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…