سيامند ابراهيم
إذا ابتعدنا قليلاً عن مقولة “التاريخ يكتبه الأقوياء: وولجنا مملكة الحقيقة التاريخية المجردة من أية عاطفة تنحو ببوصلة أفكارنا وآرائنا نحو التشبث بالتطرف في ما نستقرأه من التاريخ الغابر الذي حفر مسارات وجروح أدمت قلوبنا في جراحات آن لها أن تندمل إلى الأبد, تلك الحوادث الجسام التي مزقت تلافيف روح المحبة والوئام في مسيرة المجتمعات المتعايشة في كردستان جنباً إلى جنبً طوال قرون عدة.
بادئ ذي بدء هل يستطيع أي مؤرخ أو أي باحث في التاريخ أن يكتب الحقيقة التاريخية كما حددت أو جرت بموضوعية ومبتعداً عن شيء يسير من الحقائق التاريخية الدامغة, لا أظن, فالمؤرخين العرب واليهود الترك والفرس يسحبون بساط البحث نحو مصالحهم واستراتيجية دولهم السياسية, هذه حقيقة لا جدال فيها.
إن ما دفعني إلى كتابة هذه المقدمة هو ما قرأته في جريدة (بقعة ضوء) الجريدة التي تصدر في دمشق, وفي العدد الثاني (20-22 -12-2005) – وضمن التحقيق الذي أجري من قبل الصحفية (لارا ملكي) وتعاون (وليد الهبل), تحت عنوان (الجميع تحت العلم) وهو استطلاع أجري بين فئات وشرائح مختلفة في محافظة الحسكة من السريان, العرب والأكراد, وأبدا كل واحد بدلوه و آرائه في واقع الجزيرة المعاش بود ومحبة وسلام, وإن ما جرى من أحداث 12 آذار من شرخ أرادت السلطة دفع بعض العشائر العربية إلى اتخاذ مواقف سلبية من الأكراد في الحسكة ورأس العين, وما تعرضت له أصحاب المحلات التجارية من نهب منظم وخسائر فادحة, وزالت تلك الغيمة لا بفضل جهود الدولة في بث روح المحبة, لكن بفضل وعي الشعب الكردي وحبه لوطنه سورية وللعلاقة التاريخية ووشائج القربى والدين الذي يجمع ما بين العرب والأكراد وللأخوة التاريخية بين شعوب كردستان المسيحية من سريان, كلدان, آشوريين’ أرمن… وفي بداية التحقيق الصحفي أدلى المطران (روهم متى) وهو من الشخصيات التي نعتز بها لما لما يحمله من سمات العالية للعلم والمعرفة في شؤون الدنيا والدين, ولما له من دور مشرف في تهدئة الأمور أثناء انتفاضة قامشلو وتلك هي صفة جيدة من صفات رجال الدين الذين يرون الأمور بشفافية وحس أخوي وديني وأخلاقي وتاريخي, لكن لم أتصور الأب متى روهم وهو يقول” إن السريان هم سكان سورية الأصليون, وإنني أعتبر كل من يسمي نفسه سورياً فهو سرياني, لأن كلمة سورية هي كلمة مرادفة لكلمة سرياني بغض النظر عن انتمائه المذهبي”.
مقولة يحتار المرء من أين يبدأ المناقشة الهادئة مع الأب روهم في هذه التقولات, والإسقاطات التاريخية, هل نهمس في أذنيه ونقول له إن السير على دروب المؤرخين القوميين العرب في تفسير التاريخ حسب أيدلوجيتهم القومية, لهو تجني واضح على الحقيقة التاريخية والدوران في كنهها, فالواقع إن الولوج في هكذا موضوع لهو شائك ومن الصعوبة بمكان إقناع الطرف الآخر بحججك التاريخية, ومن المصادر العربية غير السورية لأن المؤرخين العرب السوريين وعلى مختلف مشاربهم لا يجانبون الحقائق التاريخية, وتصل أحياناً درجة وعيهم التاريخي إلى درجة البله والتعامي التاريخي للصيرورة التاريخية للمالك والشخصيات التاريخية التي كانت لها الدور المؤثر فيها, ومنهم الدكتور سهيل زكار, احمد داوود وأكثرهم تطرفاً غازي عبد الغفور.
لكن الحالة مغايرة لدى الشخصية الاعتبارية روهم متى لكن ما صرح به للجريدة المذكورة أعلاه يصب في قناة أخرى, حيث يقول” إن السريان هم سكان سورية الأصليين, هل نستنتج بان بقية سكان سورية غير أصليين فهذه مقولة مرفوضة من رجل دين كان الأجدر به أن يلتزم الحياد في المسائل التاريخية الحساسة كهذه؟! هل يقصد بالقول” لا وجود لأعراق أخرى مثل الأكراد, العرب, التركمان..إلاً السريان!! وهنا دخل في بوتقة القوميين العرب, الذين لا يرون أكثر من أنوفهم, مصريين على عروبة المنطقة وحتى ينظرون إلى الآشوريين والسريان وغيرهم عرباً؟! نعم دخل الأب روهم الخط التعصبي السرياني عندما يقول: وإنني أعتبر كل من يسمي نفسه سورياً فهو سرياني, لأن كلمة سوري مرادفة لكلمة سرياني بغض النظر عن انتمائه المذهبي, وهذا تجن على التاريخ, والحقائق التاريخية التي تنكشف في الحفريات الأثرية في العراق وتركيا وسورية.
فالدكتور وديع بشور يذكر في كتابه أساطير آرام بأن سورية هو اسم أحد آلهة الحثيين من الشعوب الهندو أوربية, وهم أطلقوها على هذه الجغرافية الجديدة(1) إن كلمة سورية التي استعملها هيرودوت المؤرخ اليوناني لأول مرة) يقصد بها في أوسع معانيها جميع المناطق بين الفرات والساحل الشرقي للبحر المتوسط جنوبي سلسلة طوروس, إذٍ لابد من فهم الحقائق التاريخية ولا يغمط حق الآخرين الذين كانت حضارتهم تمتدد إلى 3500 قبل الميلاد فالكاشيين الأكراد الذين جاءوا بعد السومريون, ورد ذكرهم في الكتاب المقدس وفي الروايات البابلية, وهو شعب من شعوب زاغروس وكان قد احتل (بابل) شيئاً فشيئاً شرقي بابل إلى نهر دجلة, وكان هذا الشعب لا يفتأ يغير على البلاد البابلية, ولقد حافظوا على الحضارة السومرية وطوروها, واستطاع الكاشيون إقصاء الملك الحثي مورشيلي على آخر ملوك سلالة حمورابي باجتياحه العسكري الخاص لبلاد بين النهرين.
والكوتيون الأكراد (2270-2145) قاموا بغزو بابل وحكموها 125 سنة, وهم أقدم من الأراميين الذي استوطنوا كغيرهم من الشعوب الأخرى في بلاد الشام, م أول البروفسور (أنطوان مورتكارت) في كتابه تاريخ الشرق الأدنى:” أما المناطق الواسعة الممتدة من أرمينيا إلى فلسطين ومن الحدود الغربية لإيران حتى الساحل البحر الأبيض المتوسط الشرقي فقد اجتاحتها الشعوب الحورية منذ النصف الأول من الألف الثانية ق.م, لقد كان مركز ثقلهم ينحصر في شمال مابين النهرين الحد من توسع الساميين الغربيين, (2) والحور يون الذين بنوا أجمل المدن وبنوا فيها القصور الرائعة كما هي قصر الملكة (أوركيش) في (تل موزان) بالقرب من عامودا ووجد أول ختم ملكي نسائي, ويقول الأستاذ (ن ك.
ساندرز) في كتابه ملحمة كلكاميش, بأن الملحمة ترجمت إلى اللغة الحورية, في حين كانت المدن بفضل ثرائها مغانم عظيمة تغري بها القبائل السامية الوحشية في الجزيرة العربية (3) والميتانيين التي ظهرت حضارتهم في شمال سورية وعاصمتها (تل حلف) (واشوكاني) غرب مدينة رأس العين, وامتدت امبرطوريتهم من سواحل البحر المتوسط حتى شرقي تركيا, وحتى فلسطين جنوباً واشتهروا بصنع الفخار الجميل’ وفي القرن التاسع ق.م ظهرت على الساحة السياسية الإمبراطورية الميدية والذين اندمجوا مع القبائل الكردية واستمر نفوذهم حتى القرن السادس قبل الميلاد حثيث قام حلف ميدي بابلي وقضوا على الامبراطوية الآشورية بقيادة الملك الميدي كيخسرو سنة 635 ق.
م, وحرقوا نينوى عاصمة الآشوريين.
و لا نسى أيضاً الدولة المروانية والتي كانت عاصمتها فارقين في كردستان تركيا والتي استمر حكمها على شمال وشرقي سورية مدة مائة عام, 980م- 1080 ميلادي, وكان من ملوكها العظماء باد بن دوستك الفارقييني, إذاً هذه المنطقة تعتبر بمثابة خزان الشعوب حيث حكمتها مختلف الإمبراطوريات والدول, ولا يستطيع أحد أن يقول أنه ساهم في حضارتها لوحده ويعتبرها أرضه التاريخية.
· رئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية في سورية.
· عضو نقابة الصحافيين في العراق-اقليم كردستان · عضو حركة الشعراء العالمي ·
مقولة يحتار المرء من أين يبدأ المناقشة الهادئة مع الأب روهم في هذه التقولات, والإسقاطات التاريخية, هل نهمس في أذنيه ونقول له إن السير على دروب المؤرخين القوميين العرب في تفسير التاريخ حسب أيدلوجيتهم القومية, لهو تجني واضح على الحقيقة التاريخية والدوران في كنهها, فالواقع إن الولوج في هكذا موضوع لهو شائك ومن الصعوبة بمكان إقناع الطرف الآخر بحججك التاريخية, ومن المصادر العربية غير السورية لأن المؤرخين العرب السوريين وعلى مختلف مشاربهم لا يجانبون الحقائق التاريخية, وتصل أحياناً درجة وعيهم التاريخي إلى درجة البله والتعامي التاريخي للصيرورة التاريخية للمالك والشخصيات التاريخية التي كانت لها الدور المؤثر فيها, ومنهم الدكتور سهيل زكار, احمد داوود وأكثرهم تطرفاً غازي عبد الغفور.
لكن الحالة مغايرة لدى الشخصية الاعتبارية روهم متى لكن ما صرح به للجريدة المذكورة أعلاه يصب في قناة أخرى, حيث يقول” إن السريان هم سكان سورية الأصليين, هل نستنتج بان بقية سكان سورية غير أصليين فهذه مقولة مرفوضة من رجل دين كان الأجدر به أن يلتزم الحياد في المسائل التاريخية الحساسة كهذه؟! هل يقصد بالقول” لا وجود لأعراق أخرى مثل الأكراد, العرب, التركمان..إلاً السريان!! وهنا دخل في بوتقة القوميين العرب, الذين لا يرون أكثر من أنوفهم, مصريين على عروبة المنطقة وحتى ينظرون إلى الآشوريين والسريان وغيرهم عرباً؟! نعم دخل الأب روهم الخط التعصبي السرياني عندما يقول: وإنني أعتبر كل من يسمي نفسه سورياً فهو سرياني, لأن كلمة سوري مرادفة لكلمة سرياني بغض النظر عن انتمائه المذهبي, وهذا تجن على التاريخ, والحقائق التاريخية التي تنكشف في الحفريات الأثرية في العراق وتركيا وسورية.
فالدكتور وديع بشور يذكر في كتابه أساطير آرام بأن سورية هو اسم أحد آلهة الحثيين من الشعوب الهندو أوربية, وهم أطلقوها على هذه الجغرافية الجديدة(1) إن كلمة سورية التي استعملها هيرودوت المؤرخ اليوناني لأول مرة) يقصد بها في أوسع معانيها جميع المناطق بين الفرات والساحل الشرقي للبحر المتوسط جنوبي سلسلة طوروس, إذٍ لابد من فهم الحقائق التاريخية ولا يغمط حق الآخرين الذين كانت حضارتهم تمتدد إلى 3500 قبل الميلاد فالكاشيين الأكراد الذين جاءوا بعد السومريون, ورد ذكرهم في الكتاب المقدس وفي الروايات البابلية, وهو شعب من شعوب زاغروس وكان قد احتل (بابل) شيئاً فشيئاً شرقي بابل إلى نهر دجلة, وكان هذا الشعب لا يفتأ يغير على البلاد البابلية, ولقد حافظوا على الحضارة السومرية وطوروها, واستطاع الكاشيون إقصاء الملك الحثي مورشيلي على آخر ملوك سلالة حمورابي باجتياحه العسكري الخاص لبلاد بين النهرين.
والكوتيون الأكراد (2270-2145) قاموا بغزو بابل وحكموها 125 سنة, وهم أقدم من الأراميين الذي استوطنوا كغيرهم من الشعوب الأخرى في بلاد الشام, م أول البروفسور (أنطوان مورتكارت) في كتابه تاريخ الشرق الأدنى:” أما المناطق الواسعة الممتدة من أرمينيا إلى فلسطين ومن الحدود الغربية لإيران حتى الساحل البحر الأبيض المتوسط الشرقي فقد اجتاحتها الشعوب الحورية منذ النصف الأول من الألف الثانية ق.م, لقد كان مركز ثقلهم ينحصر في شمال مابين النهرين الحد من توسع الساميين الغربيين, (2) والحور يون الذين بنوا أجمل المدن وبنوا فيها القصور الرائعة كما هي قصر الملكة (أوركيش) في (تل موزان) بالقرب من عامودا ووجد أول ختم ملكي نسائي, ويقول الأستاذ (ن ك.
ساندرز) في كتابه ملحمة كلكاميش, بأن الملحمة ترجمت إلى اللغة الحورية, في حين كانت المدن بفضل ثرائها مغانم عظيمة تغري بها القبائل السامية الوحشية في الجزيرة العربية (3) والميتانيين التي ظهرت حضارتهم في شمال سورية وعاصمتها (تل حلف) (واشوكاني) غرب مدينة رأس العين, وامتدت امبرطوريتهم من سواحل البحر المتوسط حتى شرقي تركيا, وحتى فلسطين جنوباً واشتهروا بصنع الفخار الجميل’ وفي القرن التاسع ق.م ظهرت على الساحة السياسية الإمبراطورية الميدية والذين اندمجوا مع القبائل الكردية واستمر نفوذهم حتى القرن السادس قبل الميلاد حثيث قام حلف ميدي بابلي وقضوا على الامبراطوية الآشورية بقيادة الملك الميدي كيخسرو سنة 635 ق.
م, وحرقوا نينوى عاصمة الآشوريين.
و لا نسى أيضاً الدولة المروانية والتي كانت عاصمتها فارقين في كردستان تركيا والتي استمر حكمها على شمال وشرقي سورية مدة مائة عام, 980م- 1080 ميلادي, وكان من ملوكها العظماء باد بن دوستك الفارقييني, إذاً هذه المنطقة تعتبر بمثابة خزان الشعوب حيث حكمتها مختلف الإمبراطوريات والدول, ولا يستطيع أحد أن يقول أنه ساهم في حضارتها لوحده ويعتبرها أرضه التاريخية.
· رئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية في سورية.
· عضو نقابة الصحافيين في العراق-اقليم كردستان · عضو حركة الشعراء العالمي ·
——————————————–
المراجع:
(1)- جريدة الوفاق- العدد 35- الهوية الجغرافية والأقليات- بير رستم
2)- تاريخ الشرق الأدنى القديم- أنطوان مورتكارت- تعريب علي أبو عساف- قاسم طوير.
دمشق
دمشق
(3) ملحمة جلجاميش- حققها ونقلها إلى الإنجليزية – ن ك ساندر- ترجمة نبيل نوفل و فاروق حافظ القاضي- دار المعارف مصر-