نـوري بـريـمـو
في خضمّ الثورة السورية المتعاظمة التي صارت قاب قوسين أو أدنى من إسقاط نظام البعث، وبعد أن تلاشت آمال أهل سوريا من أكذوبة الإصلاح التي أطلقها (الأسد الإبن) منذ أن ورث الرئاسة عن (الأسد الأب) قبل أن يبلغ السن القانوني، ورغم إنقضاء أكثر من عشرة سنوات على حكمه الذي بدأ بالوعود الوهمية الموحية إلى أنها مجرّد سرابات ليس إلا!، ورغم أنّ النفاق قد حشر رأس النظام وجلاوزته في خانة ضيقة واستحق نقمة السوريين وتخلى عنه الجوار ونال قسطاً من العقوبات الدولية، ورغم أنّ خياراته الأمنية الرهيبة تدق ناقوس الخطر وقد تدحرج البلد للوقوع في فخاخ كافة السيناروهات التي قد تؤدي إلى حالة محيّرة قد تترتب عليها مفاجآت مجهولة النتائج والتداعيات والمواصيل،
في خضمّ الثورة السورية المتعاظمة التي صارت قاب قوسين أو أدنى من إسقاط نظام البعث، وبعد أن تلاشت آمال أهل سوريا من أكذوبة الإصلاح التي أطلقها (الأسد الإبن) منذ أن ورث الرئاسة عن (الأسد الأب) قبل أن يبلغ السن القانوني، ورغم إنقضاء أكثر من عشرة سنوات على حكمه الذي بدأ بالوعود الوهمية الموحية إلى أنها مجرّد سرابات ليس إلا!، ورغم أنّ النفاق قد حشر رأس النظام وجلاوزته في خانة ضيقة واستحق نقمة السوريين وتخلى عنه الجوار ونال قسطاً من العقوبات الدولية، ورغم أنّ خياراته الأمنية الرهيبة تدق ناقوس الخطر وقد تدحرج البلد للوقوع في فخاخ كافة السيناروهات التي قد تؤدي إلى حالة محيّرة قد تترتب عليها مفاجآت مجهولة النتائج والتداعيات والمواصيل،
ورغم أنّ الأسد كان بإمكانه أن يعترف بالهزيمة وأن يستثمر الفرصة بعد أن صارت سيرته على مختلف الألسُن التي تعتبره المسؤول الرئيسي عن عسكرة الحلول وقمع الآخر واستعمال القوة المفرطة ضد المدنيين واعتقالهم بالجملة وقتل آلاف المتظاهرين وتهجير عشرات الألوف من المواطنين المسالمين.
ورغم أنّ حاكم سوريا الذي دنا أجله قد أضحى مضطراً للإعتذار من الشعب السوري والإنسحاب من الساحة وتركها لأهلها، إلا أنّ خطابه جاء خشبياً ولم يأتِ بأي جديد ولم يحتوي على أية مواقف جدية من مجمل القضايا السياسية الحاضرة بقوة والمربكة للغاية في الساحة السورية المتأججة بفعل فاعل سلطوي لا يفقه سوى لغة الحديد والنار، ولم يختلف خطابه شكلاً ومضموناً عن كافة خطاباته السابقة وقد جاء بغالبيته وصفياً وتسويفياً ومخيباً لآمال المراهنين عليه، وقد أوحى إلى أنّ صاحبه لا يستطيع الإستفادة من تجربة أمثاله وسابقيه المخلوعين في العراق وتونس ومصر والحبل على جرار ليبيا واليمن وغيرها، إذ لم يتخلى الأسد عن نبرة تحديه لكل من يقف بوجهه في الداخل والخارج، ورغم الإطالة والإسهاب إلا أنّ ما ورد في كلمته من مقولات إنما هو إعتراف صريح بأنّ حكمه بات في حكم المنتهي وأنّ كافة الأمور ستنكشف في غضون الأشهر القليلة القادمة، وبالتالي فقد جاء كلامه راسماً لسياسة أمنية صلفة تقصّدت تخويف الشارع السوري وإخداعه بأنّ السلطة لا زالت قوية ومحتفظة بهيبتها وأن بمقدورها قَمْعْ كل من يحاول إحداث أي خلل في الشأن السوري العام الذي يبدو أنه تحوّل إلى شأن خاص بأهل الحكم!، وفي الوقت نفسه حاول تهدئة الأجواء بإطلاقه ـ كما العادة ـ لوعود تسويفية تبرّر عدم التسرّع في تطبيقه للمراسيم التي أصدرها بشكل مكثّف خلال هذه المظاهرات وتحت ضغط الشارع، وأراد أن يرسل رسائل عديدة إلى دول الجوار والمحيط الشرق أوسطي والمجتمع الدولي، مفادها بأن نظامه لا يقبل الدروس من أحد وأنه سيلقن الدروس للآخرين وأنه لا يزال يمتلك أوراق قوة وأجندة يستطيع إستخدامها ضدهم حين الحاجة واللزوم، وأكد على (أكذوبته) بوجود مؤامرة خارجية تستهدف نظامه (الممانع) وأن هذه المؤامرة ستزيده “منعة”، وإتهم ثوار سوريا الأشراف بالمخربين ورأى بأنه لا سبيل سوى مواجهتهم بالجيش والأمن والشبيحة الذين وصفهم بلا أي استحياء بـ (المتطوعين لحماية أمن البلد).
في حين كان المطلوب من الأسد الإحتكام إلى جادة الصواب وإحترام الحقيقة ومراجعة الذات والتخلي عن مسلكية قمع الداخل وتحدي الخارج في هكذا راهن سوري عقد أهلها العزم على اسقاط نظامه الذي أمسى خائفا ومتحبطا وغير قادر على إجراء أي إصلاح أو مصالحة.
وبهذا الصدد، يُحكى أنّ راعياً كان يأخذ ماشية قريته إلى المراعي المجاورة، وفي أحد الأيام خطرت بباله فكرة إخافة الأهالي، فصعد على سفح تلة وصاح مستغيثاً: هيا أنقذوني قبل أن تأكلني الذئاب مع ماشيتكم، فترك الجميع أشغالهم وهبّوا لنجدته وحينما وصلوا وجدوه يهزأ منهم ويضحك عليهم!، ولم يستح الراعي وكرر كذبته لعدة مرات متتالية، وفي صباح أحد الايام وجد نفسه مع القطيع وسط ذئاب جائعة، فناشد الأهالي كعادته لكنّ أحدا لم يكترث به ولم يسمع لصيحاته، وعندما غابت الشمس ولم يعد الراعي والقطيع هرع أهل القرية فلم يعثروا سوى على ملابسه الملطخة بالدماء، وأطلقوا عليه اسم ((الراعي الكذاب)!؟.
فيا بشار الأسد إتقي الله وإتعظ من مغزى هذه الحكاية وكفاك كذباً ووعوداً وتسويفاً وهروبا إلى الأمام، وألا تعلم بأنك لن تجد أحداً يثق بك ويصدقك بعد كذباتك المتكررة طيلة سنوات حكمك، ثم ألست الأدرى بأنّ حبل الكذب قصير وأنّ البئر السوري الهائج سيكذّب أمثالك من الغطاسين الغارقين في أوهام جبروتية لا تريهم ما آلت إليه مناصبهم وأحوال البلدان التي يحكمونا بسطوة أجهزتهم الأمنية.
في كل الأحوال، وبما أنّ نظام البعث قد أصم آذانه وثبُت كذبه وألغى الآخر واسترخص دماء الأبرياء، ولأنّ فاقد الشيئ لا يعطيه فلا حوار مع قاتل الشعب ولاسبيل أمام السوريين سوى المضي قدما في ثورتهم السلمية السائرة صوب إجراء تغيير ديمقراطي حقيقي من شأنه الإتيان بدولة مدنية تعددية يسودها إنصاف كافة مكونات سوريا بموجب الدستور والحق والقانون.
20 – 6 – 2011
ورغم أنّ حاكم سوريا الذي دنا أجله قد أضحى مضطراً للإعتذار من الشعب السوري والإنسحاب من الساحة وتركها لأهلها، إلا أنّ خطابه جاء خشبياً ولم يأتِ بأي جديد ولم يحتوي على أية مواقف جدية من مجمل القضايا السياسية الحاضرة بقوة والمربكة للغاية في الساحة السورية المتأججة بفعل فاعل سلطوي لا يفقه سوى لغة الحديد والنار، ولم يختلف خطابه شكلاً ومضموناً عن كافة خطاباته السابقة وقد جاء بغالبيته وصفياً وتسويفياً ومخيباً لآمال المراهنين عليه، وقد أوحى إلى أنّ صاحبه لا يستطيع الإستفادة من تجربة أمثاله وسابقيه المخلوعين في العراق وتونس ومصر والحبل على جرار ليبيا واليمن وغيرها، إذ لم يتخلى الأسد عن نبرة تحديه لكل من يقف بوجهه في الداخل والخارج، ورغم الإطالة والإسهاب إلا أنّ ما ورد في كلمته من مقولات إنما هو إعتراف صريح بأنّ حكمه بات في حكم المنتهي وأنّ كافة الأمور ستنكشف في غضون الأشهر القليلة القادمة، وبالتالي فقد جاء كلامه راسماً لسياسة أمنية صلفة تقصّدت تخويف الشارع السوري وإخداعه بأنّ السلطة لا زالت قوية ومحتفظة بهيبتها وأن بمقدورها قَمْعْ كل من يحاول إحداث أي خلل في الشأن السوري العام الذي يبدو أنه تحوّل إلى شأن خاص بأهل الحكم!، وفي الوقت نفسه حاول تهدئة الأجواء بإطلاقه ـ كما العادة ـ لوعود تسويفية تبرّر عدم التسرّع في تطبيقه للمراسيم التي أصدرها بشكل مكثّف خلال هذه المظاهرات وتحت ضغط الشارع، وأراد أن يرسل رسائل عديدة إلى دول الجوار والمحيط الشرق أوسطي والمجتمع الدولي، مفادها بأن نظامه لا يقبل الدروس من أحد وأنه سيلقن الدروس للآخرين وأنه لا يزال يمتلك أوراق قوة وأجندة يستطيع إستخدامها ضدهم حين الحاجة واللزوم، وأكد على (أكذوبته) بوجود مؤامرة خارجية تستهدف نظامه (الممانع) وأن هذه المؤامرة ستزيده “منعة”، وإتهم ثوار سوريا الأشراف بالمخربين ورأى بأنه لا سبيل سوى مواجهتهم بالجيش والأمن والشبيحة الذين وصفهم بلا أي استحياء بـ (المتطوعين لحماية أمن البلد).
في حين كان المطلوب من الأسد الإحتكام إلى جادة الصواب وإحترام الحقيقة ومراجعة الذات والتخلي عن مسلكية قمع الداخل وتحدي الخارج في هكذا راهن سوري عقد أهلها العزم على اسقاط نظامه الذي أمسى خائفا ومتحبطا وغير قادر على إجراء أي إصلاح أو مصالحة.
وبهذا الصدد، يُحكى أنّ راعياً كان يأخذ ماشية قريته إلى المراعي المجاورة، وفي أحد الأيام خطرت بباله فكرة إخافة الأهالي، فصعد على سفح تلة وصاح مستغيثاً: هيا أنقذوني قبل أن تأكلني الذئاب مع ماشيتكم، فترك الجميع أشغالهم وهبّوا لنجدته وحينما وصلوا وجدوه يهزأ منهم ويضحك عليهم!، ولم يستح الراعي وكرر كذبته لعدة مرات متتالية، وفي صباح أحد الايام وجد نفسه مع القطيع وسط ذئاب جائعة، فناشد الأهالي كعادته لكنّ أحدا لم يكترث به ولم يسمع لصيحاته، وعندما غابت الشمس ولم يعد الراعي والقطيع هرع أهل القرية فلم يعثروا سوى على ملابسه الملطخة بالدماء، وأطلقوا عليه اسم ((الراعي الكذاب)!؟.
فيا بشار الأسد إتقي الله وإتعظ من مغزى هذه الحكاية وكفاك كذباً ووعوداً وتسويفاً وهروبا إلى الأمام، وألا تعلم بأنك لن تجد أحداً يثق بك ويصدقك بعد كذباتك المتكررة طيلة سنوات حكمك، ثم ألست الأدرى بأنّ حبل الكذب قصير وأنّ البئر السوري الهائج سيكذّب أمثالك من الغطاسين الغارقين في أوهام جبروتية لا تريهم ما آلت إليه مناصبهم وأحوال البلدان التي يحكمونا بسطوة أجهزتهم الأمنية.
في كل الأحوال، وبما أنّ نظام البعث قد أصم آذانه وثبُت كذبه وألغى الآخر واسترخص دماء الأبرياء، ولأنّ فاقد الشيئ لا يعطيه فلا حوار مع قاتل الشعب ولاسبيل أمام السوريين سوى المضي قدما في ثورتهم السلمية السائرة صوب إجراء تغيير ديمقراطي حقيقي من شأنه الإتيان بدولة مدنية تعددية يسودها إنصاف كافة مكونات سوريا بموجب الدستور والحق والقانون.
20 – 6 – 2011