elyousef@gmail.com
“يعجبني في الرجل إذا سيم الذل أن يقول “لا” بملء فيه”
عثمان بن عفان رضي الله عنه
الكلمة، كلمة غد الاثنين، أية كانت، حتى ولو قال الرئيس: سأرحل، وأحتاج إلى جدول زمني لتسليم مقاليد الحكم، بشكل سلمي للشعب السوري، وحتى لو قال: سيتم إلغاء المادة الثامنة من الدستور التي ظل حزب البعث يحكم بوساطاتها كل هذه العقود المريرة، من القتل والسجن والتجويع، وانتهاك الكرامة والفساد، وحتى لو قال: إن إعلاميي الدنيا وشقيقاتها-وهم أسوأ إعلاميي الدنيا قاطبة- سوف يحاكمون على كذبهم ودجلهم، وهكذا بالنسبة لمحللي الدم السوري المنافقين، وإن محمد رستم كان ضحية، لا قاتلاً، وتم إظهاره على فضائية الدنيا، معترفاً أنه هو من أطلق الرصاص على مركبة أطفال المدرسة، لا كما قال الأطفال بأن قاتليهم هم من أفراد الجيش، ليقدم جثمانه إلى أهله، بعد أن مثل به، كما مثل بحمزة الذي تم قطع عضوه الذكري في رسالة واضحة….
تعتبر امتداداً لمقولة ذلك الضابط الأمني في درعا، كيف تم ذلك؟، أجل، من دون أية محاكمة شفافة، بعد أن مثل بها، والأمثلة تكثر، وحتى لو قال: سأقدم كل من….
كل من…….
كل من…..
أمر بالقتل للمحاكمة-وهو الأب ويعرف كم الابن غال عند أبويه-فإن لم يكن لديه جواب، فلم صمته هذا، كل هذه الأسابيع وبلده يحترق.
ما الذي سيقوله بشار الأسد لأم نكبت بطفلها، أو زوجة نكبت بزوجها، ما الذي يقوله لذوي أكثر من ألف وثلاثمئة شهيد قتلوا برصاص الشبيحة والأمن، ولن تعيدهم مليارات الخطب إلى الحياة، أياً كان خطابه، السحري، النوراني،فليس بين كل من خرج رافعاً صوته بإعادة الكرامة إلى السوري، بعد أن أذله النظام وسرقه، من خرج لجاه، أو كرسي أو مأثرة، وإنما خرج هؤلاء-وسيستمرون في مواصلة اعتصاماتهم السلمية، رافعين أغصان الزيتون، والورد، في وجوه قاتليهم المجرمين، سيخرجون ، ولو بقي في بلدنا سوري واحد- ليحققوا ما طلبوه، وهوأن يكون بلداً لا تتوحش مخابراته على مواطنه، بل أن يكونوا وكل مسؤول من أجل خدمة هذا المواطن، لكي يعيشوا في وطن تكون صحافته حرة، وانتخاباته نزيهة، وطن لا سجون فيه إلا للمجرمين واللصوص، ممن يجب إصلاحهم، وطن لا يخون فيه إلا المتواطىء مع العدو الإسرائيلي، وطن لا يبلغ فيه الناشط المحب لسوريا بأن عليه مراجعة الفرع الأمني الفلاني، ويلاقي المهانة في التحقيق، ولا أن يمنع فيه من السفر إلا المجرم، واللص، لا صاحب الرأي، وطن يقول فيه الطفل لرئيسه على غرار طفل إبسن، ما يراه، بعينه: امبراطورنا عار…، لا ما يقال له، ليردده ببغاوياً، مادام أنه رمز للنقاء، والطهر، والصدق، والنبل، لا أن تقلع أظافره، ويشتم في أمه، أوعرض أبيه، إن راح يطالب به، وهو سجين؟؟؟ -من يسجن أطفالاً على خلفية رأي؟- وألا يقول لأبيه ضابط أمن، لا ميزة له في سجل المواطنة عن أي جامع قمامة، وربما كان هذا أفيد منه، ومن الآلاف من سواه ولاسيما الفاسدين المتجبرين، الظالمين، وأنا أحددهم هنا، ألا يقال له: انس ابنك، وفكر ببديل عنه، وإن لم تستطع فارسل إلينا أمه، إنها ذروة اللاأخلاق، ومن المؤلم بعد كل هذا أن تقول لوفد من أبناء جوبر يلتقيك: هو الآن طليق، لأن لا دعوى ضدّه، فمن يجرؤ أن يدعي على قتلة النظام، بعد أن تحصن الأمن-بأمر منك- بما يجعله في حرز عن المحاسبة، ولو قتل ثلاثة وعشرين مليوناً من أسود سوريا؟، ومن يقتلون الآن في مدننا وقرانا، هم هؤلاء الذين قتلوا في قامشلي والرقة والحسكة وعفرين وديريك ورأس العين وغيرها مواطنيك الكرد في العام 2044 و2007 و2008 و 2010، ولم تتم محاكمتهم، وها ضباط الأمن وعناصر الجيش الذين أطلقوا النار وفي مقدمهم المجرم سليم كبول طلقاء، مكرمين، يعلقون صورك ونياشينهم وأوسمتهم الخلبية،في مكاتبهم بعد كل ما فعلوه من أعمال إجرامية، أو لم يكن ببالك- وأنت تأمر بتشكيل الحكومة الأخيرة من عهد الظلام- أن هناك مواطنين كرداً، يشكلون القومية الثانية، في الفسيفساء السوري الجميل، ولم يتم تمثيلهم، وهم صناع سوريا التي تشغل فيها مهمة رئيس جمهورية، ماذا يعني لك أن لا محافظ كردي، ولا مدير منطقة كردي، وهل أشير لك من هم الكرد؟؟؟.
أسألت نفسك وأنت لم تقدم لسوريا أكثر من أي موظف سوري مخلص، لم يتسبب في قتل نملة،كيف أنه كان على الجموع المساقة للاحتفالات أن يقولوا: الله وسوريا وبشار وبس، فمن من أبناء جيلك، أو من هم أكبر وأصغر منك سناً خدمت سورياهم بأكثر منهم؟.
إن كلمتك التي ستقولها عليها أن تستند لرواية الشعب الذي يهتف في الشوارع، وعددهم أكبر من أعداد من نزلوا لساحات التحرير في مصر وفي تونس،وأوسع منها، وليعذرني هؤلاء وأشجع منهم،وهم معلمونا في الثورة، وعلى كلمتك أن تنطلق من ذلك القهر الذي يدفع مواطنك ليحرق صورة، أو يكسر تمثالاً، من دون أن يتقنع، أمام كاميرات التصوير، وهو عارف ماذا ينتظره؟
أعترف أن مهمتك جد صعبة، ولن تستطيع دموعك-إن سالت… ولن تسيل- بعد أن كنت تضحك في كلمة التحدي المخطط لها، في مجلس” المهرجين”-وكنت أحد من كتبوا عن تلك المسرحية- بعد استشهاد عدد من أبناء درعا، وكان في مقدورك آنذاك تطويق المسألة، ومحاكمة المجرمين، وإطلاق سراح “الشعب المعتقل”، المطعون في كرامته، لكنك لم تفعل أي شيء، و لم تعلن حرصك على أبناء سوريا الذين يهانون في المنفردات، والزنازين، وفي الفروع والأقسام الأمنية، وتمارس بحقهم كل الإهانات، بل ويتم تسليم جنازات بعضهم إلى ذويهم، وعليها آثار التعذيب، ويتم إطلاق الرصاص على مشيعي الجنازات وهذا ما لم نجده إلا على أيدي الإسرائيليين بحق أبناء فلسطين الأبية، وهو ما كان يتم في سوريا–قبل ثورة أبنائها-وهم أنفسهم الذين تفاءلوا بك، ولم ينظروا إليك من خلال إرث ارتكبه سواك، وهذا ما يدل بجلاء على أن الشعب السوري مسالم، حضاري، جبّار، تهمه مصلحة وطنه وإنسانه، وقد قدم كل ما لا يصدق من التضحيات من جراء “تحمل” الاستبداد عقداً بعد عقد، وبات الآن يتهم بأنه مندس، ومتآمر، وليس بين أبناء سوريا من يلجأ إلى شوكة ضد قاتله، لئلا يساء لثورته السلمية والنبيلة.
سأكتب إليك غداً أيضاً-وقد لا يصلك ما أكتب- بعد كلمتك التي لا أعول عليها أي حلم، بعكس حالتي وأنا أترقب كلمتك الأولى التي خيبت خلالها ظني وظنون المليارات في العالم، وكانت أكبر إساءة بحقك، وحق شعبك.
18-6-2011