بقلم: م.رشيد
العولمة بمفاهيمها وتقنياتها أمرٌُ واقع لا مفر منه، هي التي جعلت البشرية جمعاء في قرية كونية صغيرة تحكمها ظروف ٌوشروط ٌخاصة للتعامل والتفاعل والتعايش..، فلم يعد هناك حرمات للحدود فأجهزة الاتصالات الحديثة أصبحت تخترقها ، ولاحصانات للأنظمة التي تمارس الاستبداد والفساد على أراضيها وضد شعبها، بذريعة أنها شؤون سيادية أوداخلية، فبات الرأي العام العالمي يحاسبها تحت مظلة الأمم المتحدة وعبرمؤسساتها ومنظماتها ذات العلاقة والاختصاص، والأمثلة كثيرة وحية في هذا المضمار،والبداية من كوسوفو وأفغانستان،مروراً بالعراق والسودان وساحل العاج..، والحبل على الجرار)، وبدورها تفرض تحولات حقيقية وجدية في البنى والرؤى والممارسات..،
تبرز ملامحها بوضوح في عموم الشرق الأوسط، وتستكمل فصولها الآن في سورية بالتزامن مع اليمن وليبيا وغيرها بعد تونس ومصر اللتين حسمتا من أمرهما بأقل الضحايا والتكاليف، ومازالتا تعيشان ارهاصات التحول المطلوب والتطهير المنشود بحيوية ومثابرة، تحت سقف الوطن، وفي أجواء يسيطر عليها الحوار والسلمية والديموقراطية والشفافية..، ووفق أصول وشروط جديدة في الحراك مغايرة تماماً لتلك المعتادة والمعتمدة من قبل الأنظمة الحاكمة سابقاً، وسوريا التي تمتاز بأهمية تاريخية وجغرافية واستراتيجية في اقليمها، فهي محط أنظار العالم، فأي تغيير يحصل فيها، ستنعكس تداعياته سلباً أو إيجاباً على محيطه المليء بالقضايا السياسية والأمنية والاقتصادية الساخنة والمتشابكة، وستمتد خيوطها إلى أقاصي العالم..
وقبل ذلك ستؤثر بشكل فعال ومباشرعلى بلدانه و سكانه…
وقبل ذلك ستؤثر بشكل فعال ومباشرعلى بلدانه و سكانه…
من قراءة ممعنة ودقيقة (مسؤولة ومنصفة) للأحداث الجارية، حيث تستمر الحركات الاحتجاجية الشبابية-الشعبية المطالبة بالتغيير (المتعاظمة وتيرة والمتسعة رقعة) بالرغم من معالجتها أمنياً وعسكرياً من قبل السلطات الحاكمة بشكل مفرط وعنيف، والتي طغت على منحى الإصلاحات التي جاءت متأخرة وناقصة وخجولة..، والتي زادت من غضب الشعب، ورفعت من سقف شعاراته وهتافاته، حتى وصلت الأمور إلى خط اللاعودة، وهذا مايجعل الأبواب مفتوحة على جميع الاحتمالات الغامضة في مساراتها والمجهولة في عواقبها، والدليل هو محاولة تدويل الأزمة، ودخول لاعبين اقليميين وأخر دوليين في خضم الأحداث لتصفية حسابات عالقة وفرض أجندات خاصة بها، إضافة إلى وجود تيارات متشنجة ومتشددة (من الغلاة والعصاة والجناة والقتلة..) تصر على دفع الأحداث نحو المزيد من التصعيد والتأزيم عبر إراقة المزيد من الدماء وخلط الأوراق وتعقيد الأمور..
فحرصاً على استقلال الوطن وأمنه وسلامته، وصونا ً لثرواته وطاقاته، وحفاظا ًعلى حريته وكرامة أبنائه، وحمايته من كيد المتربصين وغدرالغاشمين الذين يحاولون بكل صلافة وضغينة إذكاء نار الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد،تلك النار وإن أضرمت (لاسمح الله) فإنها ستحرق الجميع بدون استثناء وسيدفع الوطن ثمناً باهظاً من الأرواح والممتلكات، وهذا ما لا يريده الانسان الوطني العاقل الشريف والمنصف والمخلص..ولا يرضى به (تحت أي مسمى كان)، لهذا ينبغي على جميع الأوساط الشعبية والرسمية بمختلف أطيافها وألوانها (من العامة والخاصة في الداخل والخارج ومن المعارضة والموالاة …) وبالأخص أصحاب الرأي والقرار والسلطة والمقدرة..، أن تستوعب طبيعة المرحلة الخطرة والحرجة، وتتفهم المستجدات والمتغيرات، التي أصبحت يقيناً لا ريب فيها، وتستعد للتعامل معها بعقلانية وموضوعية، بدافع وطني وإنساني، ومنطلق أخلاقي وضميري..،وتقتنع وتؤمن ( أولاً وأخيراً) بأن الحل الوطني هوالأمثل والأسلم والأنجع، وبناؤه يؤسس على قواعد وثوابت أهمها :
– نبذ العنف والقمع والتنكيل والبطش والتشهير ..، ووقف كل أشكالها وأدواتها ومظاهرها فورا ً ودون أي تأخير أو تأجيل..
-القيام باجراءات بناء الثقة والمصداقية والائتمان والاطمئنان..،عبر تبييض السجون باطلاق سراح جميع الموقفين سابقاً ولاحقاً بسبب الرأي والضمير والتعبير..واعادة كافة المهجرين والمنفيين إلى الوطن، وإصدار عفو عام يشمل جميع المعتقلين والفارين وتوفير سبل عودتهم إلى دورهم وديارهم بأمن وسلام.
-الدعوة إلى مؤتمرللحوار الوطني العام والشامل لكل المكونات العرقية والدينية والفكرية..، لإيجاد خارطة طريق للخروج من المأزق الخطير وإيصال البلاد إلى بر الأمان والاستقرار والسلام بأسرع وقت ممكن بعد توفير أجواء صالحة وتدابير مناسبة لعقده، تسودها التآخي والتسامح والتراضي والتعويض..
-الالتزام بالتغيير الديمقراطي السلمي والتدريجي نهجاً وحلاً، ووضع مقدمات ومستلزمات ومقومات تنفيذية صحيحة وصالحة وضامنة لذلك.
-عدم الاستقواء بالقوى الخارجية وعدم المراهنة على حلولها، مهما كان شكلها ولونها ومصدرها بما فيها الدول العربية وتركيا وايران.
-الوطن غني بأبنائه ونخبه الغيارى المخلصين، وبعقلائه من الساسة والمفكرين والدينيين، لايجاد مخرج آمن وسالم من النفق المظلم، الذي يصر الطائفيون والشوفينيون على اطالته لأجندات اقليمية لا طائل للسوريين منها، وجعل الوطن ضحية لمساومات وتوازنات دولية، فالسوريون بغنى عنها، ولايجنون منها سوى الانهيار والعار والدمار..
-التاكيد على أن الوطن للجميع بدون تمييز أو استثناء أو تفضيل، لكل المكونات بمختلف أعراقهم وأديانهم ومذاهبهم، وبمختلف مشاربهم وتنوعاتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية..، على قاعدة كل أبناء الوطن شركاء حقيقيون في أرضه وسمائه وثرواته وإدارة شؤونه وتقرير مصيره، والكل متساوون في الحقوق والواجبات وفق عقد اجتماعي معاصر مدني تعددي ديموقرطي (يتطلب وضعه)، يكون الشعب فيه هو مصدر السلطة والشرعية.
-التأكيد على أن الوطن السوري ثري وجميل بفسيفسائه الاثني والديني والطائفي، وبتنوعه الفكري والثقافي والسياسي..، وعليه يجب إلغاء كافة القوانين والمشاريع الاستثنائية التي قررت من قبل الأنظمة الحاكمة، وطبقت في البلاد من منطلق عنصري أوطائفي لغاية التذويب أو الالغاء أو الاقصاء..، واحترام الخصوصية الثقافية والاجتماعية والروحية..
لكل المكونات، وأخص بالذكر الكورد، فهم جزء أساسي وأصيل من النسيج التاريخي والسياسي الوطني، يجب الاعتراف بهم دستورياً كثاني أكبر قومية بعد العربية، بما يضمن حقوقهم القومية والوطنية المشروعة ضمن وحدة الوطن وشعبه، بعد أن همشوا وأقصوا ظلماً وعدواناً طيلة خمسة عقود مضت، بسبب سياسات شوفينة واجراءات تعريبية وقوانين تعسفية طبقت بحقهم وفي مناطقهم.
لكل المكونات، وأخص بالذكر الكورد، فهم جزء أساسي وأصيل من النسيج التاريخي والسياسي الوطني، يجب الاعتراف بهم دستورياً كثاني أكبر قومية بعد العربية، بما يضمن حقوقهم القومية والوطنية المشروعة ضمن وحدة الوطن وشعبه، بعد أن همشوا وأقصوا ظلماً وعدواناً طيلة خمسة عقود مضت، بسبب سياسات شوفينة واجراءات تعريبية وقوانين تعسفية طبقت بحقهم وفي مناطقهم.
وختاماً نقول أن السلاح الأمضى والأجدى لصد المتآمرين والأعداء، هو وحدة الوطن وسيادته وسلامته، ووحدة أبنائه وتآلفهم وتعاضدهم بدون استثناء أو تمييز، وما سواه زاهق وزائل وزائف ..، والذي يدوم ويخلد هو الوطن..الوطن وحده، لأن الوطن هو الكرامة والشرف، ولا يغار على الوطن ولا يضحي في سبيله إلا أبناؤه الأوفياء الشرفاء الذين خرجوا من رحمه فأحبوه وأقسموا على الذود عن حياضه، وصونه من كل دنس أو دلس .
18/6/2011