حسين جلبي
jelebi@hotmail.de
jelebi@hotmail.de
ذكرتني التوبة النصوح الأخيرة، لرامي مخلوف و إعلانه الزهد بالدنيا و دولاراتها، ذكرتني بما كان يجري لمختلس المال العام بعد القبض عليه متلبساً و إيداعه السجن لمصلحة المحكمة الإقتصادية (التي أُلغيت فيما بعد)، حيث كانت تلك المحكمة تحدد مبلغاً ما، تعطي المختلس فرصةً لإعادته إلى خزينة الدولة، على أن تأخذ ذلك بعين الإعتبار في الحكم الذي ستصدره لاحقاً عليه، و هكذا كان المختلس بعد إعادة المبلغ المتفق عليه يعود إلى عمله السابق طليقَ (الوجهِ و اليدِ و اللسانِ) أكثر من ذي قبل، كونه مُسلحٌ بقرينة البراءة التي كانت تساعده بالإضافة إلى الخبرة التي إكتسبها، ليس على تلافي أخطاءه السابقة التي أدت إلى إفتضاح أمره فحسب، بل في الإغارة هذه المرة بصورة إنتقامية على المال العام، بحيث يصبح المبلغ المستولى عليه ميتاً يستحيل إعادته، إن لم يتم الفرار به إلى أبعد دولة.
و الحال أن مخلوف لم يكن موظفاً في الدولة في يومٍ من الأيام، لكنه إستطاع توظيف الدولة عنده في أعمال جباية الأموال في كل الأيام، رغم أن خطابه الثاني التوبوي العتيد، قد كشف مثل الخطاب الأول (عن الإستقرار السوسرائيلي) عن رجلٍ أمي لا يمتلك أية إمكانيات تؤهله حتى لإكتساب شرف العمل لدى الدولة في وظيفة هامشية.
و ليس المجال الآن للخوض في تفاصيل إستيلاءه و أمثاله على أعلى الشهادات الدراسية في الوقت الذي لم يتعرفوا فيه إلى كتابٍ أو يدخلوا إلى قاعة إمتحان، بل لم يبرحوا غرف نومهم، اللهم إلا إلى فضاء البذاءات.
لكن هذا الأمي إستطاع، ليس بإمكانايته و مواهبه طبعاً، بل نتيجةً للظروف التي وجد نفسه فيها و بسبب الدور الذي أُعد له، إستطاع أن يسخر حتى كل غيمة تطير فوق سوريا و خارج فضائها لمصلحته و يجعل (خراجها عائدٌ له) مهما إبتعدت، فقد باع السوريين حتى الهواء، و باع الآخرين أي شئ يطلبونه في سوريا بإستثناء كرسي الحكم، كان يمتلك حصة الأسد في أرباح الأعمال و الصفقات التي تتم في سوريا، لا لشئ إلا لأن العمل (يرتكب) في سوريا، إذ ما إن يجتمع رجلي أعمال حتى يكون ثالثهما مخلوف، ترفرف روحه على العقود.
إن محاولة رامي مخلوف إرتداء ثياب الدروشة اليوم، و إعلانه عن رغبته إعتزال المال و الأعمال في صومعةٍ لتوزيع الخيرات على السوريين، ليس سوى حلقة من سلسلة طويلة من التقية السياسية، و من الإستهتار بالعقول، و الإهانة للناس، بدأتها منظومة الحكم في سوريا منذ إنطلاقة الثورة السورية بإعلانها عن رفع حالة الطوارئ.
و إذا كان رفع حالة الطوارئ قد أصاب السوريين بخسائر بشرية فادحة، فليس من المستبعد أن تؤدي حركة رامي مخلوف هذه و خاصة مسألة طرح أسهم شركاته للإكتتاب العام إلى الإجهاز على السوريين و إصابتهم بخسائر مادية و ذلك بالإستيلاء على ما تبقى من أموالٍ لدى المواطنين، بالإضافة إلى مسألة غسيل الأموال، و أشياء أخرى جهنمية لا يستطيع أن يدركها إلا من كان في موقعه.
كل ما يقدم عليه النظام إذاً هو تكتيكات لخدمة معركته ضد العاصفة، التي لا ينفع معها سوى الإنحناء حتى تمر و عندها لكل حادثٍ حديث، و حتى هذه الإنحناءة يحاول تصويرها كوقفةً إيمانية بين يد الله و سجوداً له، و كل ما يصدر عنه أثناء ذلك من تمتمات ليست في الحقيقة سوى وعودٌ يحاول بيعها لمصلحة الدنيا، و لا علاقة لها بالأخرويات.
يتخيل مخلوفٌ إذاً إن العاصفة ستمر، و لن تتمكن بسبب الرماد الذي ينوي ذره في العيون من أن تقتلع المنظومة التي ينتمي إليها، و سيعود بعدها مع منظومته للإغارة مجدداً و بصورة إنتقامية على حياة السوريين و أموالهم.
إن محاولته تغيير جلده و تجميل أمواله ليس سوى بسبب إدركه المتأخر أنه أصبح مع أمواله و نظامه عملةً قديمة غير قابلة للصرف لا في أوروبا و لا في هذا العصر، ليس مهماً من منهم يشكل عبئاً على الآخر، المهم أن الأسلوب الذي يرغب ترويج نفسه و ماله و نظامه به لن ينجح، و لن يأتيه بالفرج حتى لو تطوع من تلقاء ذاته على القسم بصدق النوايا بأغلظ الأيمان، فالثورة السورية قد فتحت عيون السوريين على وسعها، و هي من النقاء بحيث يستحيل أن يصيبها رماد العالم كله بالتغبيش.
و ليس المجال الآن للخوض في تفاصيل إستيلاءه و أمثاله على أعلى الشهادات الدراسية في الوقت الذي لم يتعرفوا فيه إلى كتابٍ أو يدخلوا إلى قاعة إمتحان، بل لم يبرحوا غرف نومهم، اللهم إلا إلى فضاء البذاءات.
لكن هذا الأمي إستطاع، ليس بإمكانايته و مواهبه طبعاً، بل نتيجةً للظروف التي وجد نفسه فيها و بسبب الدور الذي أُعد له، إستطاع أن يسخر حتى كل غيمة تطير فوق سوريا و خارج فضائها لمصلحته و يجعل (خراجها عائدٌ له) مهما إبتعدت، فقد باع السوريين حتى الهواء، و باع الآخرين أي شئ يطلبونه في سوريا بإستثناء كرسي الحكم، كان يمتلك حصة الأسد في أرباح الأعمال و الصفقات التي تتم في سوريا، لا لشئ إلا لأن العمل (يرتكب) في سوريا، إذ ما إن يجتمع رجلي أعمال حتى يكون ثالثهما مخلوف، ترفرف روحه على العقود.
إن محاولة رامي مخلوف إرتداء ثياب الدروشة اليوم، و إعلانه عن رغبته إعتزال المال و الأعمال في صومعةٍ لتوزيع الخيرات على السوريين، ليس سوى حلقة من سلسلة طويلة من التقية السياسية، و من الإستهتار بالعقول، و الإهانة للناس، بدأتها منظومة الحكم في سوريا منذ إنطلاقة الثورة السورية بإعلانها عن رفع حالة الطوارئ.
و إذا كان رفع حالة الطوارئ قد أصاب السوريين بخسائر بشرية فادحة، فليس من المستبعد أن تؤدي حركة رامي مخلوف هذه و خاصة مسألة طرح أسهم شركاته للإكتتاب العام إلى الإجهاز على السوريين و إصابتهم بخسائر مادية و ذلك بالإستيلاء على ما تبقى من أموالٍ لدى المواطنين، بالإضافة إلى مسألة غسيل الأموال، و أشياء أخرى جهنمية لا يستطيع أن يدركها إلا من كان في موقعه.
كل ما يقدم عليه النظام إذاً هو تكتيكات لخدمة معركته ضد العاصفة، التي لا ينفع معها سوى الإنحناء حتى تمر و عندها لكل حادثٍ حديث، و حتى هذه الإنحناءة يحاول تصويرها كوقفةً إيمانية بين يد الله و سجوداً له، و كل ما يصدر عنه أثناء ذلك من تمتمات ليست في الحقيقة سوى وعودٌ يحاول بيعها لمصلحة الدنيا، و لا علاقة لها بالأخرويات.
يتخيل مخلوفٌ إذاً إن العاصفة ستمر، و لن تتمكن بسبب الرماد الذي ينوي ذره في العيون من أن تقتلع المنظومة التي ينتمي إليها، و سيعود بعدها مع منظومته للإغارة مجدداً و بصورة إنتقامية على حياة السوريين و أموالهم.
إن محاولته تغيير جلده و تجميل أمواله ليس سوى بسبب إدركه المتأخر أنه أصبح مع أمواله و نظامه عملةً قديمة غير قابلة للصرف لا في أوروبا و لا في هذا العصر، ليس مهماً من منهم يشكل عبئاً على الآخر، المهم أن الأسلوب الذي يرغب ترويج نفسه و ماله و نظامه به لن ينجح، و لن يأتيه بالفرج حتى لو تطوع من تلقاء ذاته على القسم بصدق النوايا بأغلظ الأيمان، فالثورة السورية قد فتحت عيون السوريين على وسعها، و هي من النقاء بحيث يستحيل أن يصيبها رماد العالم كله بالتغبيش.