الثورة السورية بين القمع والسرقة

  الشيخ محمد شبيب عبد الرحمن

عندما هبت رياح التغيير في الوطن العربي وقامت الثورة في تونس وخرجت من تونس مروراً بمصر ثم ليبيا وإلى اليمن .

تنسم الشعب السوري عطر الحرية التي حرم منها أكثر من أربعين عاماً فخرجوا إلى الشوارع يطالبوا بالإصلاح والحرية لعلهم يجدوا من يصغي إليهم أو يسمع ندائهم فما وجدوا إلا الرصاص يخترق لذة أكبادهم من أيدي القوى الأمنية ليقع العديد من أبنائهم أطفالاً لم يتجاوزوا الخامسة عشر صرعا على أرصفة الشوارع ولم يكن لهم ذنباً إلا أنهم نادوا بالحرية المفقودة التي لا تعرف في سوريا إلا في نصوص الدستور المعطل عن العمل بالمراسيم الجمهورية والقانون العرفي الذي استبدل بقانون الإبادة الجماعية وتشديد القمع والتعذيب.
فهكذا بدأت الأزمة ورفع سقف المطالب إلى أعلى مستوى فاهتز عرش النظام وأحس بالخطر وأخذ يتساءل أجهزته الأمنية كيف استطاع هذا الشعب التوحد خلال أيام وأخذ المواطن السوري يحس بألم أخيه المواطن من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وبعد أن قمنا بتفريقه إلى قوميات ومذاهب وتقسيمات دينية فكيف اليوم يتوحد فتوجه كعادته بالكذب من خلال إعلامه المجرم المزور للحقيقة باختراع الأكاذيب وأخذ يقول أن ما حدث هو مخطط استعماري يهدف إلى تجزئة سورية وتحييدها عن موقفها الوطني وإبعادها عن إستراتيجية المقاومة والصمود المزعومة وإن هذه العناصر التي تقوم بهذا المشروع عناصر خارجية مدسوسة وليسوا بسوريين وأخذ يقمع المتظاهرين بالقتل والسجون ولكنني أنا كاتب هذه المقالة كنت أحد هؤلاء المتظاهرين ودخلت السجن ولكنني لم أرى في داخل السجن من عناصر مدسوسة أو مواطنين أجانب لكنني وجدت أبناء الشعب السوري هم المسجونون وهم من يقصد بهم العناصر الغريبة والمدسوسين وأيضاً هم من يعذبون ويقتل بعضهم في داخل السجون على أثر التعذيب وعرفت كما عرف الشعب السوري أن النظام يعتبر كل من كان يطالب بحقوقه المغتصبة هو ضده وعلى هذا الأساس يعتبره النظام ليس بسوري بل مدسوس لأن النظام قد أسقط الجنسية عن اثنتا وعشرين مليون ونصف من السوريين وجردهم من حقوقهم بتهمة أنهم متآمرين وليسوا بسوريين وأبقاها على الحاشية التي تخدمه من مرتزقة وهؤلاء هم أقل من نصف مليون وهم المواطنين الشرفاء بالنسبة للنظام أما تسعة وتسعين بالمئة من الشعب فهم مدسوسين حتى أصبحت كلمة مدسوس هي وسام شرف يحمله كل مواطن سوري وإن كان معظم الشرفاء من الشعب السوري هم مدسوسين فيشرفني أن أكون أول المدسوسين ولكن الحقيقة أن النظام الذي يحكم سوريا حالياً هو المدسوس على الشعب السوري والسؤال الذي يخطر ببال كل من يرى الإعلام السوري ونحن متأكدون أن لا أحد يتفرج عليه إن هذه الثلة القليلة التي لا تشكل شيء من تعداد الشعب السوري التي هي أقل من نصف مليون كيف تتهم الأغلبية فتفرج يا رعاك الله
وهكذا وضحنا كيف كان القمع وجاء دور السرقة
عندما سمع المعارضين الذين في الخارج أن الشعب السوري تنسم عطر الحرية وأخذ يثور في الشارع الذي هم هربوا وتركوه فارغاً من القوى السياسية سال لعابهم وأخذت تراودهم الأحلام القديمة ولكي لا نظلم الكل ولكن نقول أكثريتهم دخلت المطامع السياسية إلى قلوبهم وأخذوا يحاولوا العودة إلى الملعب السياسي السوري كنجوم سينما على الفضائيات العربية التي لم تجد أحداً أمامها غير هؤلاء الفاتحين الجدد لأن النظام السوري أخرج جميع هذه الفضائيات من سوريا وطرد مراسليها وأعتبر أن هذه الفضائيات هي دول عظمى تهدد نظامه والحقيقة إن هذه الفضائيات فعلاً تهدد النظام السوري لأنها تتسلح بالحقيقة والمصداقية وتنقل الخبر الحقيقي ويشكرها على هذا الموقف جميع الشعب السوري ونعود إلى إخوتنا المعارضين في الخارج فأخذوا يتحاوروا بينهم كي يوحدوا صفوفهم ويكونوا البديل السياسي لهذا النظام الحالي الذي انتهت صلاحيته عند الشعب السوري مع احترامي الشديد لبعض الشخصيات النزيهة في المعارضة ولكن الحقيقة يجب أن تقال وهذا مصير وطن وكل من يسكت عنه فهو مقصر
فاخذوا يعقدوا المؤتمرات ويجمعوا بعض السوريين الذين هم في الخارج
والذين هم خرجوا بقصد العمل أو الدراسة ولم يخرجوا من هذا الوطن بخلفيات سياسية كي ينتخبوهم ويشكلوا مجلس الوصاية على الثورة السورية وهنا نستذكر كما قال الشاعر: هم يطلبوا على العراق وصاية عجباً فهل أولاده أيتام.
فهنا السؤال فهل من ثاروا في الشارع السوري لم يستطيعوا إلى هذا اليوم أن ينظموا نفسهم أو يختاروا من ينظمهم ويقود ثورتهم ممن معهم من داخل البلد بل نأكد لكم أن خروجنا عفوي واستمرارنا منظم ونعود ونقول أن بعض الدول لها مصالح إستراتيجية مع سورية كون أن سورية من الدول المهمة وكيف ستؤول الأوضاع بعد سقوط النظام وكيف تربط هذه الدول مع من سيأتي
فها هم من في الخارج يلوحوا إلى هذه الدول بعقد المؤتمرات ليلفتوا نظرهم بأننا موجودين ونستطيع أن ندير البلاد ونحفظ النظام والاتفاقات الدولية على أكمل وجه وأنا لا أتهم الدول التي لها مصالح أو تجارة في سوريا لأن كل الدول لها مصالح مع بعضها ولا أتهم المعارضين أنهم عملاء لكن هم جزءاً من الشعب السوري بل أقول أنهم منفردين بآرائهم وقاموا بالوصاية على الشعب السوري عندما عقدوا مؤتمراتهم في الخارج ولم يدعوا من في داخل سوريا من ثائرين ولم يأخذوا رأيهم على ما قرروه واستخدموا نفس أسلوب النظام السوري بإقصاء الإعلام عن مؤتمرهم وانفردت به محطتهم الوحيدة وعندما أصبح الخلاف في القاعة لم يسلطوا الكاميرات على ذلك وخرج أحدهم إلى المنصة ليقول كلمة يرددها النظام السوري بأن هناك مندسين وإن عبارات هذا النظام نكرهها كما نكره النظام وكان الأحرى بهم أن تكون جميع الفضائيات تنقل ما يحدث وإن كان حقيقة هناك مندسين كما يقولون من النظام كان يجب أن يسمحوا للكاميرات أن تصورهم وهكذا يحكم عليهم الشعب السوري ويا إخوتي المعارضين في الخارج هذا الذي أكتبه ليس برأيي فقط ولكن رأي من معي من ثائرين وهو عبارة عن لفت نظر وليس بالهجوم عليكم لأننا اليوم توحدنا ولا نقبل بأي شيء يفرقنا وأنتم جزء منا كما نحن جزء منكم

وأود أن أشكر الإعلام والمحطات الفضائية التي تساند الشعب السوري وتنقل المجزرة وأود أن ألفت نظركم أن تعطوا الفرصة لمن في داخل سوريا للتحدث من خلال إعلامكم إلى العالم لننقل ما جرى وسيجري من مأساة وأن تجدوا قنوات الوصل بيننا وبينكم فخروج صوتنا من خلال إعلامكم ونحن في الداخل وإلى إخوتنا من في الداخل يعجل بإنهاء هذه المجزرة ويثبت موقفنا فنرجو على التركيز على من بداخل سوريا لأن وسائل الاتصال بيننا في الداخل يحاول النظام تعطيلها ولم يبقى لنا منبر غير منبركم الحر ونطلب التوفيق من الله لنا ولكم

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…