هل أذعنت الحركة الكوردية للشارع الكوردي؟

عدنان حسن

رغم أن قرار عدم تلبية دعوة الدكتاتور السوري للحركة الكوردية الملتوية تحت ما يُسمى بـ “أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا” يصب في الطريق الصحيح، إلا أن بيان الأحزاب  الكوردية الذي ينبعث منه رائحة غير مفهومة، ألا وهي أنهم يأملون الألتقاء بالدكتاتور في ظروف أفضل، وهذا ما لا نجد له مبرراً، هذا يعني أنه إذا توقف النظام عن القتل، و سحب جيشه من المدن، سيكون حينها الظرف مناسباً للقاء الدكتاتور و زبانيته؟ هل يعني ذلك أن النظام أصبح شرعياً، و لا داعي لمحاسبته، وعليه يمكن اللقاء به؟؟
طبعاً هنالك معلومات متداولة على الفيسبوك تقول أن بشار رفض أستقبالهم، و هذا جاء في خطوة استباقية، قد يكون للحفاظ على ماء الوجه للمحافظ، و من يتصل بقادة الأحزاب الكوردية، و المعلومة على ذمة الفيسبوك، بعد تصريح العديد من قادة الحركة بعدم تلبية الدعوة.
 مسألة اللقاء من عدمه إن كان اليوم، أو بعد حين، إنما يدل على أن بعضاً من أطراف الحركة لا تزال تأمل أن يعود العهد القديم، و يبقى بشار رئيسهم، متناسين أن الأمم المتحدة تدرس حالياً سبلاً للحيلولة دون قتل المدنيين (و بحسب المعلوم أن كل من أستشهد يُعتبر مدنياً، منهم الجنود أيضاً الذين رمو السلاح، و رفضوا قتل أبناء شعبهم الأعزل)، إلى ذلك لم نجد من أطراف الحركة موقفاً فعالاً من هذا القتل المستباح للشعب السوري، و آخرها في جسر الشغور، الذين ذاقوا في الثمانينات نفس الألم من هذا النظام الدموي.

و لا يعني الإعتذار عن اللقاء معناه الانضمام إلى الحراك الشعبي، كون الأحزاب الكوردية تترقب ظروفاً أكثر ملائمة لمثل هذا اللقاء، هذا لا يدل إلا على إزدواجية المعايير في الحركة الكوردية، حيث صرح الأستاذ فؤاد عليكو منذ أيام لوكالة “يونايتد برس إنترناشيونال ” قال فيها أن “من حيث المبدأ نحن موافقون على اللقاء ” و “ان الأحزاب الكردية تقف على مسافة واحدة من المعارضة والنظام “، و الذي تبرأ من التصريح بعد حين، و كان من قبله الأستاذ صالح مسلم محمد رئيس حزب الإتحاد الديمقراطي قد صرح للشرق الأوسط بأن ” هناك مندسين بين صفوف المتظاهرين في درعا والمناطق السورية الأخرى التي تشهد مظاهرات جماهيرية مطالبة بالحرية و الديمقراطية ” و هذه الرواية نفسها التي يُرددها النظام و أبواقه منذ إندلاع الثورة في سوريا، و قد تنصل الأستاذ صالح مسلم محمد أيضاً من تصريحه، و التصريحان لم يأتيا من فراغ طبعاً، و لا نعتقد أن الوكالتين العالميتين لا يمكنها تفسير أقوال الأساتذة، و لا غاية لهم من تقويل ما لم يُصرحا به، و من المُرجح أن يكون لدى الوكالتين تسجيلاً صوتياً أيضاً للتصريحين، إلا أن تنصلهما من تصريحاتهما لا تزعزع الثقة العالمية بمصداقية الوكالتين المذكورتين.

هذا يؤدي بنا إلى استنتاج ما لا يرغبه الشارع الكوردي، ألا و هو أن بعضاً من هذه الأحزاب الكوردية مُسيرة و ليست مُخيرة، خاصة أننا سمعنا مؤخراً أن تعليمات أتت من أيمرالي، هولير، و السليمانية تأمر الأحزاب التابعة لها بالامتثال لدعوة الدكتاتور بشار، و لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، و رغم الأوامر العُليا، إلا أنهم كانوا أمام خيارين أحلاهما مر، فكان لهم البيان المهزوز الذي لا يرفض اللقاء، بل يؤجله.

هل نترقب يوم غد انضمام قادة “أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا” إلى الثورة، و المشاركة الفعالة في إسقاط النظام الذي لا أمل في إصلاحه؟

سؤال ستجاوب عليه القنوات الإعلامية يوم غد.

adnanhasan@live.de

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…