حين تجهز الدبابة على الإصلاح

 فدوى كيلاني
 

مع تنامي وتزايد قمع النظام السوري،  الذي لم يتورع عن ضرب وقتل المتظاهرين، بدم بارد، في كل المدن السورية، فقط، لأنها نادت بالإصلاح، وقد جرت حمامات الدم في مختلف المدن والمحافظات،  وبذلك فقد أثبت النظام بأنه نظام قمعي بامتياز،  يقتل مواطنيه، ويستخدم العنف المفرّط، ضد شعب أعزل، لأنه يطمح إلى حياة كريمة، فكان حصار درعا والمدن الأخرى بالدبابات، وقصفها بالمدفعية الثقيلة لأن النظام اتخذ قراره بقمع وسحق المتظاهرين بالحديد والنار، موهماً العالم بأنه يتصدى للإرهاب،  إنها مهزلة حقاً، فقد كان أولى به أن يرسل دباباته للجولان لتحريرها، وطرد إسرائيل، ولاسيما بعد تقديم وجبتين من الشهداء الذين يزج بهم، لفتح جبهة لصرف الأنظار عن جرائمه الفظيعة .
  ها هو النظام يعيد مأساة حماة- والتي قتل وجرح العشرات منهم – عندما عزلها عن الداخل السوري، كما فعل اليوم في جسر الشغوروالرستن، على طريقة عزل درعا وغيرها من المحافظات،  وهو يريد أن يقنعنا بفبركاته الإعلامية،و عن طريق إعلامه الكاذب، الذي يسجل اعترافات وهمية لأشخاص يدعي بأنهم من خلايا إرهابية، وحركات تكفيرية،أو رمي السلاح بجانب جثث الشهداء، ليقدمهم على أنهم إرهابيون ومسلحون، و ذلك اعتماداًعلى أبواق النظام الذين يدافعون عن النظام وخطواته “الإصلاحية”،  ولكن الشعب السوري قال كلمته وكسر حاجز الخوف الذي طال أمده فها هو يتحدى السلطة وأجهزتها، ويجعلها تصاب بحالة ارتباك حقيقية، فلا عودة عن ورقة الشارع، ولا شيء يقف في وجه الزحف الكبير للمتظاهرين الذين جعلوا التحدي عنوانهم،  غير آبهين ولا مكترثين بتهديدات النظام ووعيده ورصاصه،  بل وذلك يزيده إصراراً على مواصلة المسير، مهما كلفه الثمن، وخاصة وإنه قد أدرك تماماً بأنه انتهى مفعول الإصلاحات،  عندما دخلت الدبابات ، وسقط الكثير من الشهداء،ليسقط الحوار،بعدأن أجهزت على ما تبقى من آمال، في الإصلاح، وهو ما لم تلتفت إليه حركتنا الكردية للأسف والتي تجرب وصفة غير سورية، وفي غير زمانها، وهو ما سيكون له من أثر كارثي على  رصيد من يقوم بمثل هذه المبادرة.
 
لذا  فالشعب ماض في مسيرته، ولن ترهبه أجهزة القمع البعثية، ولا أية حوارات ، يخسر فيها المحاور ماء وجهه،  في هذه الفترة التي باتت المظاهرات ترعبه بحق، وهو لم يعد  يستطيع السيطرة عليها،  فهي سترفع عنه الشرعية، عاجلاً أم آجلاً، وإن أي حوار خارج سياقه سيكون صباً في قناة النظام، ولا تفسير آخر له.
لا للحوار مع الدبابة وهي تواصل الحصار والقتل والدمار
لا مصافحة مع يد ملطخة بالدم مهما كانت المبررات 
المستقبل للثورة   …   
المستقبل للشباب
لنا
لنجعل التحدي الكبير عنوان المرحلة المقبلة
المجد للشعب

ورحم الله شهداءنا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…