سلطة , أحزاب , ومخططات

حسين عيسو

     بداية , أعترف بأنني كنت مخطئا في عنونة مقالتي السابقة ب”مبادرة الهليلية وتخبط الأحزاب الكردية” حيث تأكدت اليوم من خطأي الذي يؤكد بساطة تقديري لما يجري من حولنا وبيننا نحن الكرد , والا فكيف لم أنتبه الى أن العنوان كان يجب أن يكون :…..

وتخطيط الأحزاب….

بدل التخبط , وحتى لا يذهب البعض بعيدا ويعتقد أن هذه الأحزاب لديها خطط فعلا , أجيب ان مخططاتها لا تتعدى التآمر علينا نحن الكرد المنكوبين بهم .
والتاريخ يقول أننا شعب ما زلنا لا نعرف ماذا نريد , لا نهتم بما يصيبنا من كوارث , ولا ندري ما يجري حولنا , لذلك تنقلنا عبر التاريخ من تيه الى تيه , دون أن نسأل لماذا ؟ , وهل العيب فينا أم في غيرنا , واذا تساءل أحدنا انهالت عليه التهم , فهل شباب اليوم هم بوصلتنا نحو المستقبل , أم سيتم التلاعب بانتفاضتهم وحرفها عن المسار الصحيح ؟ .
     ما نمر به هذه الأيام من ظروف كارثية تدعو الى الوقوف طويلا أمام تصرفات بعض أحزابنا التي تشبه أساليب البهلوانات واللعب على الحبال, لا يهمها أن تقع ونقع جميعا في حفرة أخطائها , فمنذ الانتفاضة السورية ومشاركة الشباب الكردي فيها بقوة , أنهت كل فترات الإقصاء والتشكيك التي مارستها سلطة الاستبداد وانطلت على الشارع العربي لفترة طويلة , نرى بعض هذه الأحزاب تحاول تكرار اللعبة , هل وكالة عن السلطة ؟ لست أدري , فتارة يطلب من الشباب التريث وتارة ينضمون الى احتجاجاتهم شرط القيادة , وتارة أخرى يتهمون الشباب المحتج بالسلفية , في تحريض مكشوف للسلطة على ضربهم واعتبارهم سلفيين مادامت القيادة الكردية المفترضة اتهمتهم بذلك , ثم يتدافعون الى لقاءات أمنية , كل من وراء ظهر الآخر في ألاعيب مكشوفة لا تخفى الا على الجاهل , بل ويستخدمون مزايدين يقفون بالمرصاد لكل من يحاول كشف تلك الألاعيب والاقتراب من ممنوع هذه القيادات الحزبية , مدافعين عن طهرانيتهم , ولا وطنية من يكشف الحقائق الدامغة , والتهمة جاهزة دوما ” لماذا محاربة أحزاب الحركة” مع أن الذين يتعاملون مع قضيتنا بالأسلوب البهلواني ليسوا كل أحزاب الحركة الكردية , وهؤلاء مجتمعين لا يمثلون أكثر من واحد في الألف من الكرد السوريين الذين ظلوا صامتين حتى اليوم حيث بلغ السيل الذبى .
   اليوم في هذه الظروف الدقيقة جدا , وقبل ممارسة أسلوب لعن الظلام بعد أن يحل , ومن ثم اشعال شمعة , أرى أن  نلقي الضوء على بعض النكبات التي حلت بنا نتيجة تصرفاتها التي لا أراها اليوم لا مبالية كما كنت أعتقد سابقا وانما هي مدروسة من قبل غيرنا وهنالك أدوات حزبية تنفذها مقابل مكاسب رخيصة , لن أغوص في التاريخ , ولن أعود الى بداية القرن العشرين هذه المرة , وانما الى التاريخ القريب جدا وأبطالها الذين ما زالوا أحياء وحيث أن السكوت أصبح كمن يشارك في الجريمة , لذا لا بد من العودة الى بداية التسعينات يوم دخول عدد من قيادات الحركة الكردية الى مجلس الشعب, وقبل أن يتبارى البعض للمزايدة علينا , ودفعا لكوارث قادم الأيام , خاصة على أهل المكان , أود القيام بمراجعة بسيطة وللقارئ أن يستخلص منها ما يريد أو يتهمني بما يرى .


1- بعد تفكك دول المنظومة الاشتراكية ووفاة القطب السوفييتي الذي احتمت به العديد من الأنظمة الاستبدادية في منطقتنا التعيسة , ورفع الغطاء عن تلك الأنظمة , وبذكاء سياسي قام النظام في سوريا وباتفاق تآمري خدمي مع بعض أحزابنا الكردية على تعيين عدد منهم في مجلس الشعب , حتى يظهر النظام للعالم الخارجي كبلد ديمقراطي , لا يضطهد شعبه , بل أن الكرد المضطهدين كما يشاع , هاهم يرسلون مندوبيهم الى مجلس الشعب وهذا تأكيد واضح على لا استبدادية هذا النظام  ولم يكتف النظام بذلك بل أوفد بعضهم الى الغرب ليشرحوا لهم كيف أننا ننعم بديمقراطية واضحة وليخرس كل من يدعي عكس ذلك , وليبق غيرهم في الداخل السوري للتآمر على بعض أحزابها وخلق انشقاقات جديدة فيها حتى لا تقوم قائمة لتلك الأحزاب التي كانت ما تزال تحمل شيئا من القوة والعنفوان بين نشطائها , ولينعكس تلك الانشقاقات الجديدة الى خلق نوع من الاحباط في الشارع الكردي وليصبح مصطلح “حزب” ممجوجا في الشارع الكردي , فاستفادت السلطة على الجبهتين الخارجية والداخلية , واستفاد الأشخاص من تسمية عضو في مجلس الشعب .
2- بعد المجزرة التي تعرض لها الشباب الكرد في ملعب القامشلي , وأسلوب تعاطي هذه الأحزاب معها , أدى الى أن لا نجد نصيرا في المعارضة السورية الا بشكل خجول , وتكررت نفس المأساة بعد اغتيال الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي والبهلوانيات التي مورست لوضع ستار على تلك الجريمة البشعة بتخطيط مدروس خدمة لسلطة الاستبداد – أرى أن قيام الشباب في سنوية الشيخ الشهيد منذ أيام بعدم السماح لقياديين حزبيين بتصدر التأبين , دليل واضح على عقلانية شباب الانتفاضة وكشفهم لما سكتنا عنه جميعا , ان بسبب قلة دراستنا للأمور بموضوعية بعيدا عن الغوغائية والعاطفية التي كانت السبب في أغلب الكوارث التي حلت بشعبنا على مر العصور , أو بسبب الخوف من التهم الجاهزة لكل من يريد البحث في تلك الأسباب التي أدت الى ما نعاني منه اليوم ,وكان ردهم أنهم لن يقبلوا بهلوانات أو سماسرة يتاجرون بدماء الشهداء .
 اليوم وبعد لقاءات سرية ومبادرات علنية وإبداء هذه الأحزاب لرأيين مختلفين خلال يومين حول مؤتمر انطاليا – الذي وبغض النظر عن رأيي فيه ليس اعتراضا على المكان وانما الزمان والتسرع في عقد المؤتمرات ونوعية المشاركات – فقد صرحوا بداية أن عدم مشاركتهم في المؤتمر كان بسبب المكان في تركيا , لكنهم في اليوم الثاني وبتصريح من أحد أحزابهم أعلنوا أن سبب عدم مشاركتهم هو أن هذه الأحزاب غير مدعوة الى ذلك المؤتمر , كما فعلت تجاه انتفاضة الشباب الكرد في الثورة الوطنية السورية , بعد مبادرة الهليلية .
   هاهم اليوم يقررون في العلن أنهم سيذهبون الى اللقاء مع السلطة التفافا ليس على احتجاجات الشباب وتضحياتهم , فحسب بل لدعم ما تريده السلطة من خلق شرخ بين الكرد وباقي أطياف المعارضة التي رفضت إجراء أي حوار تحت جنازير الدبابات والقتل اليومي فهل يعلن الشباب الكرد التبرؤ من هؤلاء أم سنبقى نحاول التستر عليهم حفاظا على وحدة الصف الكردي كما يقول بعض المزايدين .


الحسكة في : 5 حزيران 2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…