هيبت بافي حلبجة
لقد أنقسم المثقفون ، في هذه المرحلة الحرجة السامية من تاريخ المنطقة ، بصدد مفهوم الثورة ، إلى خمسة فئات .
الفئة الأولى : شرائح مثقفة تتصدر مقدمة الثورة ، كالمطر الربيعي ، وتنافح عنها منافحة مستميتة ، معتبرة نفسها أصحابها ومنفذيها الفعليين ، منهم كتاب وساسة وشخصيات إجتماعية وأشباه هؤلاء وأولئك ، لكنها لاتملك تصوراُ واضحاُ ومنهجاُ محدداُ لصيرورة وأبعاد هذه اليقظة ، وكأنها تحايث الحدث لأنه قد حدث ، ( كما فعل برودون ، كالينين ، كاوتسكي ) ، لإنها تفتقر ، من حيث الماهية ، إلى ثقافة نوعية تؤهلها لتأطير جوهر الثورة ، وشخصانية أهدافها ، وطبيعة الحركة السياسية والأجتماعية في بنيوية المجتمع ، والمسألة القانونية والدستورية ، والعلاقة اللامنفكة مابين القديم الزائل المتكسر والجديد الناعم المتماسك .
الفئة الأولى : شرائح مثقفة تتصدر مقدمة الثورة ، كالمطر الربيعي ، وتنافح عنها منافحة مستميتة ، معتبرة نفسها أصحابها ومنفذيها الفعليين ، منهم كتاب وساسة وشخصيات إجتماعية وأشباه هؤلاء وأولئك ، لكنها لاتملك تصوراُ واضحاُ ومنهجاُ محدداُ لصيرورة وأبعاد هذه اليقظة ، وكأنها تحايث الحدث لأنه قد حدث ، ( كما فعل برودون ، كالينين ، كاوتسكي ) ، لإنها تفتقر ، من حيث الماهية ، إلى ثقافة نوعية تؤهلها لتأطير جوهر الثورة ، وشخصانية أهدافها ، وطبيعة الحركة السياسية والأجتماعية في بنيوية المجتمع ، والمسألة القانونية والدستورية ، والعلاقة اللامنفكة مابين القديم الزائل المتكسر والجديد الناعم المتماسك .
فهذه الشرائح المثقفة ، في الوقائعية التجريبية ، فوضوية ، جاهلة في إدراك عمق القرار السياسي العملي المتنفذ ( والمفروض أن يتنفذ ، والتصارع مابين الممكنات ، والصراع فيما بينها ) على أرض الواقع .
كما إنها تعاني من أزمة حادة مفادها ( إنها موجودة في كل مكان ، وهي موجودة في لامكان ) ، لإنها تمتاز بالخصائص التالية .
الخصيصة الأولى : إنعدام أي علاقة موضوعية ما بين مفهوم الإنتماء ( إلى هذا وذاك من الأحزاب أو التيارات أو الجهات ) ودرجة الأهتزازات في المواقف والكتابة والتصريحات والآراء والطروحات .
الخصيصة الثانية : لاتفقه فحوى التدرج والتراكم والعلاقة ما بين الكم والكيف في علم الأجتماع ، وفي الفيزياء لاتدرك مفهوم التسارع ، إنما تفر كالبرق إلى أقصى مضمون السرعة ، وفي السياسة لالون ولامصدر ولاغرار لها ، وفي الفقه تستنبط النتائج دون مقدمات ، وفي علم الكلام لاتكترث إلا بإنزال النتيجة حالاُ .
الخصيصة الثالثة : تتمايز بالأستبداد والقمع وأساليب الرعوية – الأبوية في الوقت الذي تكافحه .
الفئة الثانية : شرائح مثقفة تزعم إنها مع إنتفاضة الشعب ، وتناصر فحوى الإحتجاجات ، وتتشدق وتتفكه إنها مع المبادىء الإنسانية ، ومضمون الحريات ، ونهج الديمقراطية ، وبالتالي إنها ( هكذا تدعي ) ضد القهر والتسلط والقتل ، لكن ، لكنها تركز على مفهوم ( لكن ) ، على محتوى جديد ل(لكن ) ، لإن لديها مشكل ، لديها حساسية ضد المجهول ، لدى المجتمع معضلة إزاء المستقبل ، أي ( لكن ) هي تخشى مفهوم ( الفراغ ، الفجوة ) القادم !! وتعلل ماذا لو سادت حالة من الفوضى المطلق !! ماذا لو أزدرد الحوت المجتمع كله !! ماذا لو أنتفى النظام العام والآداب العامة !! ماذا لو ندمنا على الماضي ( الحاضر ) المجيد ، الأمن المستقر ، السكينة المستتبة !! أوليس الأعور أفضل من الضرير !! أوليس هذا الوضع أحسن من حال الحرب الأهلية ، ومن حال الأزمة !! وهكذا فإن هذه الشرائح ، في المنطلق ، في الأسلوب والمنهج ، في النتيجة ، مناصرة للأنظمة القائمة وتناظر فكرياُ لبقائه وتؤسس إجتماعياُ لأستمراريته ولديمومته ، وهي تدري تمام الدراية إنها تنافق وتدالس في خطابها السياسي الفكري العام .
الفئة الثالثة : شرائح مثقفة ، هي في الحقيقة صاحبة الثورة الفعلية ، لإنها تدرك تمام الإدراك جوهر الحدث ، عوامله البنيوية ، تداعيات هذه المرحلة ، مسوغات الحركة التفاعلية في السياسي والأجتماعي ، حجم وجسامة التضحيات ، خطورة المسألة التناحرية ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، وهذا هو الرا ئع لدى تلك الشرائح ، إنها تمتلك رؤية واضحة في المسألة القانونية والدستورية ، ومفهوم الدولة ( عناصرها ، خصائصها ، أنظمتها ) ، والفرق ما بين محتوى التصارع والصراع ، وتمعن النظر في كل هذه المسائل بعيون موضوعية وكأنها توجه العملية السياسية والثورية في أرض الواقع ، في الفكر .
أضرب بعض الأمثلة ( الدكتور ناجي شراب ، الدكتور منذر الفضل ، الككتورة فاديا مغيث ) ، إن هؤلاء السادة لايكترثون بتعابير الحرية والديمقراطية ، أو القمع والقهر كتعابير جامدة أو منفصلة ، إنما يحللون حيثيات المختبر الواحد ونمط هذه الحيثيات وفق قاعدة التطور الخلاق والتطور الديا لكتيكي ، وعلى ضوء تأصيل مفهوم الحق والتاريخي الفردي والجماعي في سياق الحق والتاريخي العام والمشترك .
الفئة الرابعة : شرائح مثقفة دجالة حقيقية ، تساهم بكل ما أوتيت من وحشية في الوجدان ، وفي الفكر ، في طلسمة المعطيات السياسية لمجمل الأحداث لصالح منظومة ، هي تنتمي إليها عضوياُ .
وهذه الشرائح إما نتيجة مراكزها ، أو مناصبها ، أو مكاسبها المادية والمعنوية ، أو بحكم طبيعتها ، أو لأسباب خاصة ، أو لكل هذه الأسباب مجتمعة ، هي تنافق ذاتها أولاُ ومن ثم تنافق السلطة والنظام القائم ، لإنها بطبيعتها منافقة وتدليسية ( أمثال أحمد حاج علي ، ابراهيم الدراجي ، محمد سعيد رمضان البوطي ، أحمد بدر الدين حسون ) ، وحينما يتذرعون هؤلاء السادة بالعلل الواهية الوهمية – الفتنة ، المؤامرة ، العصابات المسلحة ، التنظيمات الإرهابية ، أو المقاومة ودول الممانعة وجبهة الصمود والتصدي والعدو الأسرائيلي – يعرفون كل المعرفة إن الواقع يضاد ويخالف هذه الفرضيات ، وإن هذا هو دورهم ( التزويري ) في منظومة النظم الأستبدادية اللادستورية .
الفئة الخامسة والأخيرة : شرائح مثقفة متمسكة بالفعل بملامح الحرية والديمقراطية والسلوك الأنساني السوي والواعي ، وتلتزم بمفاد الحضاري والمدني .
وتتعامل مع الأحداث بروح صادقة ومشاعر نبيلة ، وتتمنى الخير والسعادة ، الغبطة والحبور لكل المجتمعات البشرية ، وهي في غياهب ألبابها وقرارة أنفسها ضد معايير – الجور والظلم والطغيان – أمثال الدكتور محمد المسفر ، جهاد الخازن .
لكن المصيبة لدى تلك الشرائح ، إنها في الصميم وكأنها تحبذ لو واظبت هذه الأنظمة على ما هي عليه ، لإنها من جانب تسدي النصيحة لتلك ألأنظمة بالأصلاحات الجزئية ( فقط الضرورية للخروج من المأزق ) واحتواء التناقضات ( وليس معالجتها ) ، ومن جانب ثان هي تبني قراراتها على سلوكية التحليل الصوري الشكلي – الأرسطوي – فهي ليست نصيرة للتحليل البنيوي ولا للتغيير الجذري الراديكالي …
كما إنها تعاني من أزمة حادة مفادها ( إنها موجودة في كل مكان ، وهي موجودة في لامكان ) ، لإنها تمتاز بالخصائص التالية .
الخصيصة الأولى : إنعدام أي علاقة موضوعية ما بين مفهوم الإنتماء ( إلى هذا وذاك من الأحزاب أو التيارات أو الجهات ) ودرجة الأهتزازات في المواقف والكتابة والتصريحات والآراء والطروحات .
الخصيصة الثانية : لاتفقه فحوى التدرج والتراكم والعلاقة ما بين الكم والكيف في علم الأجتماع ، وفي الفيزياء لاتدرك مفهوم التسارع ، إنما تفر كالبرق إلى أقصى مضمون السرعة ، وفي السياسة لالون ولامصدر ولاغرار لها ، وفي الفقه تستنبط النتائج دون مقدمات ، وفي علم الكلام لاتكترث إلا بإنزال النتيجة حالاُ .
الخصيصة الثالثة : تتمايز بالأستبداد والقمع وأساليب الرعوية – الأبوية في الوقت الذي تكافحه .
الفئة الثانية : شرائح مثقفة تزعم إنها مع إنتفاضة الشعب ، وتناصر فحوى الإحتجاجات ، وتتشدق وتتفكه إنها مع المبادىء الإنسانية ، ومضمون الحريات ، ونهج الديمقراطية ، وبالتالي إنها ( هكذا تدعي ) ضد القهر والتسلط والقتل ، لكن ، لكنها تركز على مفهوم ( لكن ) ، على محتوى جديد ل(لكن ) ، لإن لديها مشكل ، لديها حساسية ضد المجهول ، لدى المجتمع معضلة إزاء المستقبل ، أي ( لكن ) هي تخشى مفهوم ( الفراغ ، الفجوة ) القادم !! وتعلل ماذا لو سادت حالة من الفوضى المطلق !! ماذا لو أزدرد الحوت المجتمع كله !! ماذا لو أنتفى النظام العام والآداب العامة !! ماذا لو ندمنا على الماضي ( الحاضر ) المجيد ، الأمن المستقر ، السكينة المستتبة !! أوليس الأعور أفضل من الضرير !! أوليس هذا الوضع أحسن من حال الحرب الأهلية ، ومن حال الأزمة !! وهكذا فإن هذه الشرائح ، في المنطلق ، في الأسلوب والمنهج ، في النتيجة ، مناصرة للأنظمة القائمة وتناظر فكرياُ لبقائه وتؤسس إجتماعياُ لأستمراريته ولديمومته ، وهي تدري تمام الدراية إنها تنافق وتدالس في خطابها السياسي الفكري العام .
الفئة الثالثة : شرائح مثقفة ، هي في الحقيقة صاحبة الثورة الفعلية ، لإنها تدرك تمام الإدراك جوهر الحدث ، عوامله البنيوية ، تداعيات هذه المرحلة ، مسوغات الحركة التفاعلية في السياسي والأجتماعي ، حجم وجسامة التضحيات ، خطورة المسألة التناحرية ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، وهذا هو الرا ئع لدى تلك الشرائح ، إنها تمتلك رؤية واضحة في المسألة القانونية والدستورية ، ومفهوم الدولة ( عناصرها ، خصائصها ، أنظمتها ) ، والفرق ما بين محتوى التصارع والصراع ، وتمعن النظر في كل هذه المسائل بعيون موضوعية وكأنها توجه العملية السياسية والثورية في أرض الواقع ، في الفكر .
أضرب بعض الأمثلة ( الدكتور ناجي شراب ، الدكتور منذر الفضل ، الككتورة فاديا مغيث ) ، إن هؤلاء السادة لايكترثون بتعابير الحرية والديمقراطية ، أو القمع والقهر كتعابير جامدة أو منفصلة ، إنما يحللون حيثيات المختبر الواحد ونمط هذه الحيثيات وفق قاعدة التطور الخلاق والتطور الديا لكتيكي ، وعلى ضوء تأصيل مفهوم الحق والتاريخي الفردي والجماعي في سياق الحق والتاريخي العام والمشترك .
الفئة الرابعة : شرائح مثقفة دجالة حقيقية ، تساهم بكل ما أوتيت من وحشية في الوجدان ، وفي الفكر ، في طلسمة المعطيات السياسية لمجمل الأحداث لصالح منظومة ، هي تنتمي إليها عضوياُ .
وهذه الشرائح إما نتيجة مراكزها ، أو مناصبها ، أو مكاسبها المادية والمعنوية ، أو بحكم طبيعتها ، أو لأسباب خاصة ، أو لكل هذه الأسباب مجتمعة ، هي تنافق ذاتها أولاُ ومن ثم تنافق السلطة والنظام القائم ، لإنها بطبيعتها منافقة وتدليسية ( أمثال أحمد حاج علي ، ابراهيم الدراجي ، محمد سعيد رمضان البوطي ، أحمد بدر الدين حسون ) ، وحينما يتذرعون هؤلاء السادة بالعلل الواهية الوهمية – الفتنة ، المؤامرة ، العصابات المسلحة ، التنظيمات الإرهابية ، أو المقاومة ودول الممانعة وجبهة الصمود والتصدي والعدو الأسرائيلي – يعرفون كل المعرفة إن الواقع يضاد ويخالف هذه الفرضيات ، وإن هذا هو دورهم ( التزويري ) في منظومة النظم الأستبدادية اللادستورية .
الفئة الخامسة والأخيرة : شرائح مثقفة متمسكة بالفعل بملامح الحرية والديمقراطية والسلوك الأنساني السوي والواعي ، وتلتزم بمفاد الحضاري والمدني .
وتتعامل مع الأحداث بروح صادقة ومشاعر نبيلة ، وتتمنى الخير والسعادة ، الغبطة والحبور لكل المجتمعات البشرية ، وهي في غياهب ألبابها وقرارة أنفسها ضد معايير – الجور والظلم والطغيان – أمثال الدكتور محمد المسفر ، جهاد الخازن .
لكن المصيبة لدى تلك الشرائح ، إنها في الصميم وكأنها تحبذ لو واظبت هذه الأنظمة على ما هي عليه ، لإنها من جانب تسدي النصيحة لتلك ألأنظمة بالأصلاحات الجزئية ( فقط الضرورية للخروج من المأزق ) واحتواء التناقضات ( وليس معالجتها ) ، ومن جانب ثان هي تبني قراراتها على سلوكية التحليل الصوري الشكلي – الأرسطوي – فهي ليست نصيرة للتحليل البنيوي ولا للتغيير الجذري الراديكالي …
heybat@maktoob.com