إنها رسالة وطنية، ومناشدة إنسانية للجيش السوري، بألا ينجر لقتل الشعب السوري، أو ينحرف عن مهمته الأساسية في حماية الوطن والشعب من الأخطار الداخلية والخارجية.
كان القتل أقل من الأسابيع التي سبقت.
لقد سقط اثنا عشر شهيداً وعددٌ من الجرحى برصاص القوى الأمنية.
والمظاهرات المطالبة بالحرية والكرامة عمت كافة المدن السورية.
فهي تؤكد أن السوريين باتوا أكثر إصراراً وثباتاً وثقة بقدرتهم على الفوز بحرياتهم على الرغم من القتل والعنف ومكابرة النظام.
وما سيزيدهم إصراراً ما يُكشَفُ عنه كل يوم من مجازر ومقابر جماعية، وممارسات بشعة تخجل منها بربريات القرون الوسطى.
ممارسات النظام السوري وعنفه في مواجهة المتظاهرين العزل باتت تدفع بالموقف الدولي نحو التشدد تجاهه.
وهي ما برحت تعطيه الفرصة تلو الفرصة، وتنصحه بمغادرة الخيارات الأمنية، وأن يفتح المجال للعملية السياسية.
هذا ما بدر عن قمة الثماني، التي عقدت في فرنسا، وبعثت للنظام برسالة واضحة، بشكل جماعي وفردي، تفيد “بأن الملف السوري بات على بعد خطوات من التدويل”، ويبدو أن تركيا تبذل جهوداً استثنائية لإقناع الدول الفاعلة بالعالم من أجل منح النظام مثل هذه الفرص، فهل يستفيد منها؟.
من جانب آخر، تجري معارضة الخارج، تحضيرات لمؤتمر حول سوريا، يعقد في أنطاليا التركية آخر هذا الشهر، تداعى له عدد من الشخصيات والقوى المعارضة في الخارج، إن إعلان دمشق الذي هو أحد القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة في الداخل، وله امتداد في المهجر، لا بد وأن يوضح موقفه من هذا المؤتمر:
إن الإعلان، يرى أن من حق الجاليات السورية في الخارج، أن تتحرك لدعم انتفاضة الشعب السوري الباسلة في الداخل، بل من واجبها أن تشارك في صناعة مستقبل وطنها الذي حرمت من العيش فيه، ما دامت عيون المؤتمرين على الداخل وكسب تأييد الرأي العام العالمي إلى جانب قضية الشعب السوري المنكوب بالاستبداد.
إلا أن قيادة الإعلان في الداخل قررت المشاركة في هذا المؤتمر بصفة مراقب، وكلف السيدان أنس العبدة وكاميران حاجو بتمثيل أمانتي الداخل والخارج بهذه الصفة من التمثيل.
ذلك أن للإعلان تحفظات حول التسرع في عقد هذا المؤتمر دون أية استشارات مع الداخل بشكل مسبق.
والإعلان يتحفظ على نقطتين رئيسيتين في جدول أعمال المؤتمر، أولهما: البحث في تشكيل مجلس وطني انتقالي.
ذلك أن الوضع في سوريا يختلف عنه في ليبيا، والقياس هنا غير مفيد.
وثانيهما: البحث في وضع مسودة دستور جديد لسوريا المستقبلية، وهذه النقطة تحديداً، نرى أنها من حق الشعب السوري عندما تجتمع تمثيلاته المختلفة في الداخل والخارج في مؤتمر عام للحوار الوطني، يعقد داخل سوريا.
خلاصة موقف الإعلان أنه يرى أن العمل الأساسي المطلوب من الجاليات السورية في الخارج في هذه المرحلة، يجب أن يتركز على دعم انتفاضة الداخل، سياسياً وإعلامياً ومادياً، وبما يضمن استمرارها.
إن إعلان دمشق، يشكر ويدعو بالتوفيق، لكل جهد يبذله أبناء سوريا في المهجر لخدمة مشروع سوريا: “الدولة المدنية الديمقراطية”.
وليس من حق أحد مصادرة رؤى وتقديرات الآخرين.
وفي هذه المناسبة فإن الأمانة العامة لإعلان دمشق في الداخل، ترى أن من المناسب، إبلاغ المؤتمرين وكل أعضاء الإعلان ومناصريه في الداخل والخارج، مع كامل التقدير والاحترام لشخص الدكتور عبد الرزاق عيد، فإنه لا يمثل إعلان دمشق، وكل ما يصدر عنه، يمثل رأيه الشخصي ولا يوجد بيننا وبينه أي تنسيق.
إن تطور الانتفاضة السورية أضحى حقيقة لم يعد باستطاعة النظام تجاهلها، فالتضحيات كبيرة، والمآسي التي صنعها النظام كبيرة أيضاً.
وإصرار السوريين على التغيير الوطني الديمقراطي، ونقل سوريا نحو دولة مدنية ديمقراطية لكل أبنائها، بات أكثر وضوحاً ورسوخاً وثقة.
النظام بحلوله الأمنية، أخذ يهتز، وهذا فأل خير لسوريا وشعبها.
فعسى أن يُفتحَ بابٌ للحلول السياسية التي تنقذ سوريا من المجهول.
وربما يكون اعتراف الإعلام السوري بشكل خجول بحقيقة التظاهر، وهو الذي تعمد التضليل، وتحريف الحقائق، منذ شهرين ونيف، أحد دلالات ذلك.
هذا يرتب على الشعب السوري بكل فئاته، خاصة الكتلة التي ما زالت صامتة منه، ولم تقل رأيها بعد، إما خوفاً من النظام، أو لارتباط مصالحها به، عليها أن تغادر هذا الموقف السلبي، وأن تخفف آلام المخاض العسير، كي نحافظ جميعاً على سوريا مأمونة، ونحفظ دماء السوريين ووحدتهم المجتمعية من عبث المغامرين وأنصار العنف.
دمشق في 29/5/2011
لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي