قراءة لواقع أحزابنا الكوردية السورية و خياراتها عن الثورة السورية. «الحلقة الثالثة، والأخيرة»

محمد سعيد آلوجي

إن تمعنا في ” الحلقة الأولى ” و ” الحلقة الثانية ” من هذا المقال سوف لا يمكننا اعتبارهما سوى محاولة للتعرف على حقيقة ما تُسيير عليها أحزابنا من قبل القيمين عليها، وهم الذين يكونوا قد أطبعوها بفهمهم للسياسية على أنها “فن ما يمكن ممارسة المتاح منها دون تحمل تبعات مرهقة”.
وهو ما يحد ويضعف من تفاعلهم فيه إلا ضمن العمل بسياسة الأمر الواقع المفروضة عليهم من قبل السلطات نفسها والتي سبق أن كتبا فيها مطولاً..

هذا ولم أتعمد كتابة الحلقتين السابقتين من هذا المقال إلا من أجل أن أنبه إلى ما يُرسم لأحزابنا من خلال تلك الرؤى والأفكار التي لا تقبل غير ممارسة العمل السياسي إلا ضمن تلك الحلقات المغلقة التي يسمح بالتحرك داخلها وفق مصالح معينة على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وإلا فلا بد أن يواجهوا ما لا يحمد عقباه.
كما أود أن أقول هنا بأنني لست بصدد التعريف بالسياسية، وإنما أنا بصد توضيح خيارات أحزابنا من ثورتنا السورية المباركة.


وقد لا يمكننا العثور على  ما يثبت عكس ما ذهبنا إليه بحقهم إلا نادراً.

ليدفعوا بالمقابل ثمن أي خرق للقواعد المرسومة بما لا يُستهانُ به، وهو إقدام السلطات على اعتقال الخارجين منهم على تلك القواعد من دون أن يسارع المتبقين طلقاء من زملاء المعتقلين إلى اتخاذ مواقف وإجراءات تربك السلطات المتحكمين بتصرفاتهم، وهكذا دواليك.
كما أستطيع أن أقول هنا بأن كل تلك الأمور والممارسات القمعية والشوفينية للسلطات تجاه ممارسة العمل السياسي في سوريا، وكبت حرية الرأي للمواطنين، والفساد في كل نواحي الحياة، ومؤسسات الدولة، وانتهاك حقوق الإنسان.

ووو  هي التي دفعت بشباب ثورتنا إلى النهوض لمقارعة الظلم المحدق بهم جميعاً في تحد واضح وصريح لكسر حواجز الخوف من السلطات، وهو ما جرى ويجري عملياً.

مطالبين في الشوارع وبأعلى أصواتهم بإصلاحات جذرية على كل الأصعدة.

لينتقلوا بعدها وبسرعة إلى المطالبة بالحرية بعد أن تجاهلت السلطات لمطالبهم، ولسوف تعم المطالبة بإسقاط النظام الذي بدأ يتردد على لسان الكثيرين وفي عدة مناطق طرداً مع زيادة عدد شهداءنا، وحدة ردود أفعال العنف الممارس من قبل السلطات على المتظاهرين وو..
ومما يؤسف له هو بقاء مراوحة أحزابنا الكردية والعربية التقليدية في انضباط داخل تلك الدوائر المرصودة من قبل الأمن السوري والمضروبة حولهم بإحكام ، والثورة على أبواب تجاوز شهرها الثالث.

وما زال شباب ثورتنا تواقون إلى مشاهدة أحزابهم وهي تقدم على المشاركة في فعالياتهم الميدانية.

بعد أن تمكنوا من تحطيم أغلب حواجز الخوف ، وأزالوا الكثير من المعوقات التي تحول بينهم وتفعيل العمل الميداني ضد السلطات..


هذا وقد فاجأنا اثنا عشر حزباً كردياً بما أسموها بمبادرتهم لوقف ما يهدد بلدنا من مخاطر حقيقية، والتي دعوا من خلالها السلطان إلى ” إلى إجراء إصلاحات شاملة و سريعة من أهمها إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين و سجناء الرأي و المعتقلين على خلفية “الأحداث الأخيرة” بما فيهم السجناء السياسيين الكرد ، و تطبيق المرسوم الرئاسي القاضي برفع حالة الطوارئ و الأحكام العرفية ، و إصدار قانون عصري للأحزاب ، و آخر للانتخابات ، و إطلاق حرية الإعلام و التعبير ، و غيرها من الإجراءات التي تمهد الطريق نحو حياة ديمقراطية وتعيد الثقة بين السلطة و الشعب

فإن تناولنا ببعض من التحليل ما أعلنت عنه أحزابنا أثناء لقائهم بمجموعة من السياسيين والمثقفين وبعض من ممثلي ثورة شبابنا المدعوين لذلك الخصوص، سوف لا يمكننا اعتباره ” مبادرة لمصالحة شعبية أما عامة بهدف لمنع تدهور الأوضاع في البلد.

لأنه لم يتناول ما يجري داخل الوطن كما هو.

كما لا يمكننا اعتباره بياناً صحفياً لأنهم لم يستطيعوا أن يوضحوا خياراتهم لما بعد هذه البيان إن لم يؤخذ به، أو إن لم تستجب السلطات لما يكونوا قد حددوا فيه من مطالب.

هذا ولم ترتقي ورقتهم تلك إلى مستوى وثيقة عهد منهم بخصوص ما يجري في الوطن، وإنما هو خليط من كل هذا وذاك.

حيث قاموا بخلط الأوراق ربما عن قصد.

ليخففوا بها عنهم ما يواجهونه من ضغوطات وانتقادات سواءً من الثوار أم من الوطنيين.

أم من السلطات نفسها.

حيث يتراءى لنا ذلك واضحاً عندما سموا الثورة “بالأحداث الأخيرة “.

وبالمقابل تغافلوا عن ذكر الكثير مما تسببت به السلطات للمدنيين العزل المسالمين، وتكاد تلك الأحزاب أن توحي لمن يتمعن في محتوى ورقتهم تلك بأنهم طرف محايد، وليسوا بمعارضة كردية يحملون أعباء الدفاع عن معاناة شعبنا. كما يتضح ذلك في ما أوردوه في نهاية مطالبهم من صياغة حيث يقولون “و غيرها من الإجراءات التي تمهد الطريق نحو حياة ديمقراطية و تعيد الثقة بين السلطة و الشعب“.

 كما يمكننا أن نتلمس منها ميلهم للدخول في حوار مع السلطة إن أبدت هي أي استعداد لتدارس ما عرضوه من مقترحات، في الوقت الذي لم يعد يخفى لا على كبير ولا على صغير كذب السلطات على المواطنين والعالم أجمع.

بخصوص ما يجري داخل سوريا.

كذلك عدم إيفائها بوعودها التي تقطعها على نفسها.

ولا أظن بأن القيمين على أحزابنا غافلون عن كل ذلك.؟؟.

نرى أن نطرح هنا عليهم بعضاً من الأسئلة التي تدور في خلد الكثيرين من أبناء شعبنا..
1.

     لماذا لم تطرح أحزابنا خياراتها من كل ما يجري داخل الوطن حتى الآن.
2.

     هل ما زال القائمون على أحزابنا يثقون بالسلطات السورية حتى الآن بعد كل ما جرى ويجري داخل الوطن..
3.

     لماذا لم تستطيع أحزابنا أن تعلن على الملأ أساسيات شعبنا القومية والوطنية بواضح تام حتى الآن.

طالما أنهم ما زلوا يعتبرون أنفسكم ممثلين شرعيين له.

لا سيما وأن بلدنا مشرف على أعتاب تغييرات كبير وجذرية.
4.

     لماذا لم تتقدم أحزابنا بمبادرة كردية كردية للملمة صفوف جميع معارضتنا مع شخصيات وطنية من ذوي كفاءات وخبرات معروفة.
5.

     لماذا لم تستطع أحزابنا أن تخرج حتى الآن بمبادة وطنية خاصة بهم إلى المعارضة السورية بكل أطيافها.

سواء من أجل تطوير إعلان دمشق الذي أصبح مجمداً يحكم ما يجري الآن على الساحة السورية لكونه لم يستطع أن يواكب مستجدات ذلك.

خلافاً لما يقوم به ممثلوه خارج الوطن، أو لبناء تحالف آخر بالتعاون بالتعاون مع القوى الوطنية السورية بمختلف أطيافها بغية الخروج بميثاق وطني عام وشامل يستطيع أن يواكب ما تستجد في الساحة الوطنية الداخلية والخارجية معاً، ويرسم للبلد إستراتيجية مستقبلية.


أما بخصوص ما سعيت للكشف عن خياراتها من الثورة السورية، والسلطات.

عبر مقالتي هذه والتي تكون قد أبقتها سراً ضمن حلقاتها المغلقة كما يعتقدون.
أستطيع أن أقول بأن القيمين عليها قد وفروا علي جهداً إضافياً، وأزلوا عن طريقي بعضاً من المحاذير بسبب التعرض لمثل تلك المواضيع.

التي يعتبرونها مقدسة، يمنع التقرب منها.
أقول لهم بأنكم قد حددتم في مبادرتكم تلك بشكل غير مباشر خياراتكم لما يجري على الساحة الوطنية السورية فيما بين ثوارنا، والسلطة.

فسميتم ثورتهم ب “الأحداث الأخيرة”. وأبديتم ميلاً واضحاً للدخول في مباحثات مع السلطة بما طرحتموه من أفكار أو مقترحات لإعادة الثقة التي لم تكن موجودة أصلاً بين المواطنين والسلطة.

إن هم أبدوا أية رغبة للنظر في مقترحاتكم تلك.

بغض النظر عن صدق نواياها أو عدم صدقها.
كل ما نرجوه هو أن تعيدوا النظر في خياراتكم لتتماثل مع كونكم معارضة كردية عن حق وحقيقة.

محتضنين أساسيات شعبنا الكردي.

القومية والوطنية، وأن تنضموا بها وبكل قوة إلى شباب الثورة دون أية مواربة متحملين بذلك مسؤوليتكم التاريخية قبل فوات الأوان…
وما زالت الفرصة مواتية لذلك..

محمد سعيد آلوجي
28.05.2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…