حسين جلبي
jelebi@hotmail.de
jelebi@hotmail.de
بقدر ما تحمل عمليات القتل و التنكيل التي يمارسها النظام السوري يومياً و على رؤوس الأشهاد جانباً إنتقامياً مرضياً رهيباً، تتضمن هذه العمليات بالقدر ذاته جانباً نفسياً (تربوياً تأديبياً) الغاية منها جعل الضحية عبرة لمن إعتبر، لذلك يُمارس عليها فنون العذاب بحيث يكون الموت رحمة تتمناها و لا تنالها، فالغاية من الدماء التي يسيلها هذا النظام بسخاء سواءٌ عبر القتل أو التنكيل القاتل هو جعل كل نقطة منها بمثابة حجر يلقيه في مستنقعه المستقر الراكد، تحرك من جهة ذكريات الرعب لمن هم بداخله، و من جهةٍ أخرى تشكل رسائل له إلى كل الإتجاهات من إمكانية تحول تموجات الدماء الصغيرة إلى تسوناميات عملاقة لا تقف عند حواف هذا المستنقع بل قد تتجاوزه لتغرق ما تشاء دون حدود و تهدم كل المعابد على كل الرؤوس.
لكن دماء الضحايا كما ظهر في الأيام الأخيرة بدأت تغرق النظام دون سواه، قبل أي أحدٍ آخر.
و يعد من وسائل التنكيل التي لها آثار نفسية و جسدية قاتلة في الوقت ذاته، ظهور مخلوقات عجيبة بصفة إعلاميين ومحللين سياسيين و إستراتيجيين سوريين، و هم لا يفقهون شيئاً لا في الإعلام و لا في السياسة و لا في الإستراتيجيا و لا في غيرها من العلوم الإنسانية المفيدة، يكررون و منذ ظهورهم الأول العزف على آلة النظام التي تصدر المعزوفة ذاتها دون زيادةٍ أو نقصان، و التي لم و لا و لن تقنع أحداً حتى لو تطهر هذا النظام بمياه المحيطات و إرتدى أنصع الثياب و حلف على كل الكتب المقدسة.
يعتبر هؤلاء إذاً أداة في حرب نفسية قذرة لها آثار مادية مدمرة أيضاً، حيث يؤدي التعاطي بها و معها إلى الإصابة بجلطات و إرتفاع ضغط الدم و إحتشاء العضلة القلبية و السكتة الدماغية و كل الأمراض التي وردت و لم ترد في القاموس الطبي و التي تعتبر مع ذلك موتاً رحيماً بالمقارنة مع جرائم السلطة التي لم يرد لها مثيلاً في علوم الجريمة وقواميسها، ففي الوقت الذي لا يرف لهؤلاء جفن و لا يتحرك لهم إحساس ينفثون سمومهم و يتجنون على الحقيقة و يشوشون عليها، ليس عبر تقديم المعلومة بل في عدم تقديم شئ أصلاً.
لقد دأب المهتمون بالثورة السورية في البداية على متابعة ما يقوله هؤلاء إحتراماً لمنطق الأمور في الإستماع لوجهتي النظر للوقوف على حكمٍ سليم، و هنا كانت إطلالة شبيحة الإعلام تحوز على بعض الإهتمام، لكن لوحظ يوماً بعد آخر أن أجوبتهم لم تكن تتعدى الشتائم و الشجارات مع المذيعين و وصف المتظاهرين بالحشرات و الدعوة لإبادتهم، و نسج الأكاذيب، و تبرير القتل، و اللف و الدوران، و الهروب من إستحقاقات الإسئلة إلى مواضيع جانبية بعيدة عن جوهر الموضوع، بحبث يضيع المرء معهم دون أن يفهم ما يريد أن يقوله هؤلاء، إذ لا جملةً مفيدة نطقوا بها، أو فكرة أحسنوا تسويقها، و لا وجهة نظر نجحوا بإبرازها، فيخرج المشاهد بنتيجة مفادها أنه أضاع وقته و فقد صحته وكاد يفقد عقله بحضوره حفلة تيأييس و إحباط سميت تجنياً لقاء مع محلل سياسي سوري.
أي قدرٍ قاسٍ عديم الرحمة هذا الذي أنزل هذه العاهات الممانعة على رأس الشعب السوري في هذا الوقت الحرج، و كأن النظام الممانع الجاثم على صدره طوال أربعة عقود لا يكفي لوحده؟
في الحقيقة هناك واحدٌ من إحتمالين يتوصل إليهما المرء من مراقبة هؤلاء:
الأول: أن النظام يعتقد فعلاً أن مستوى فهم المواطنين السوريين و كذلك العالم لا يتجاوز المستوى المتواضع الذي يقدمه هؤلاء، فدفع بهم ليخاطب مواطنيه باللغة التي يفهمونها، على مبدأ خاطب الناس على قدر عقولهم، و ليقول للناس أن هذا هو مستواكم العقلي و هو لا يتجاوز مستوى تحليلات هؤلاء للوضع.
الثاني:أن هذا هو المستوى السياسي و الثقافي الحقيقي للنظام السوري، و هؤلاء يمثلونه خير تمثيل، و ربما هم أفضل ما لديه، و القصص التي يروونها يقتنع بها النظام فعلاً أو أقنع نفسه بها لكثرة تكرارها، و يعتقد بأنها بتكرارها ستقنع الآخرين أيضاً، و ربما لو تعقدت القصص أكثر من ذلك و إرتفعت حبكتها لعجز النظام نفسه عن إستيعابها و بالتالي إقناع الآخرين بها، و لعجز هؤلاء عن إيصالها، لذلك إكتفى بما يفهم.
وفي كل الأحوال يشكل هؤلاء بالحالة البائسة التي يظهرون عليها، أداة تعذيب إضافية بيد النظام، تضاف إلى وسائل التعذيب التي يتجرعها السوريون ليل نهار، و التي غايتها تحطيم معنويات الناس و جعلهم يرضون بأقدارهم و يفقدون الأمل بالمستقبل.
يعتبر القتل العاري الذي يمارسه النظام و ينصب على الجسد أكثر رحمةً ربما من رصاصه الموجه للعقول و القلوب، لكنه لم يعد يخيف السوريين، و ليس أدل على ذلك من خروجهم المستمر.
بالأمس خرج الوزير المعلم بعد غياب ليعلن أن شيراك و بقية الزعماء الأوربيين تحدوا النظام السوري ـ لا أعلم بماذ، ربما بإنتخابات قيادة العالم ـ و كانت النتيجة أن سقطوا كلهم و بقي النظام، و إن العقوبات الأوربية على سوريا هي بمثابة الجزء الثاني من وعد بلفور، الغاية منها تثبيت يهودية إسرائيل بعد إن كان الوعد حجر الزاوية لإنشاء دولة إسرائيل.
هل فهم أحد شيئاً؟ و هل يستطيع أحد أن يرد على هذا التحليل العميق للحدث السوري ممن يعتبر كبير الدبلوماسيين السوريين؟
و يعد من وسائل التنكيل التي لها آثار نفسية و جسدية قاتلة في الوقت ذاته، ظهور مخلوقات عجيبة بصفة إعلاميين ومحللين سياسيين و إستراتيجيين سوريين، و هم لا يفقهون شيئاً لا في الإعلام و لا في السياسة و لا في الإستراتيجيا و لا في غيرها من العلوم الإنسانية المفيدة، يكررون و منذ ظهورهم الأول العزف على آلة النظام التي تصدر المعزوفة ذاتها دون زيادةٍ أو نقصان، و التي لم و لا و لن تقنع أحداً حتى لو تطهر هذا النظام بمياه المحيطات و إرتدى أنصع الثياب و حلف على كل الكتب المقدسة.
يعتبر هؤلاء إذاً أداة في حرب نفسية قذرة لها آثار مادية مدمرة أيضاً، حيث يؤدي التعاطي بها و معها إلى الإصابة بجلطات و إرتفاع ضغط الدم و إحتشاء العضلة القلبية و السكتة الدماغية و كل الأمراض التي وردت و لم ترد في القاموس الطبي و التي تعتبر مع ذلك موتاً رحيماً بالمقارنة مع جرائم السلطة التي لم يرد لها مثيلاً في علوم الجريمة وقواميسها، ففي الوقت الذي لا يرف لهؤلاء جفن و لا يتحرك لهم إحساس ينفثون سمومهم و يتجنون على الحقيقة و يشوشون عليها، ليس عبر تقديم المعلومة بل في عدم تقديم شئ أصلاً.
لقد دأب المهتمون بالثورة السورية في البداية على متابعة ما يقوله هؤلاء إحتراماً لمنطق الأمور في الإستماع لوجهتي النظر للوقوف على حكمٍ سليم، و هنا كانت إطلالة شبيحة الإعلام تحوز على بعض الإهتمام، لكن لوحظ يوماً بعد آخر أن أجوبتهم لم تكن تتعدى الشتائم و الشجارات مع المذيعين و وصف المتظاهرين بالحشرات و الدعوة لإبادتهم، و نسج الأكاذيب، و تبرير القتل، و اللف و الدوران، و الهروب من إستحقاقات الإسئلة إلى مواضيع جانبية بعيدة عن جوهر الموضوع، بحبث يضيع المرء معهم دون أن يفهم ما يريد أن يقوله هؤلاء، إذ لا جملةً مفيدة نطقوا بها، أو فكرة أحسنوا تسويقها، و لا وجهة نظر نجحوا بإبرازها، فيخرج المشاهد بنتيجة مفادها أنه أضاع وقته و فقد صحته وكاد يفقد عقله بحضوره حفلة تيأييس و إحباط سميت تجنياً لقاء مع محلل سياسي سوري.
أي قدرٍ قاسٍ عديم الرحمة هذا الذي أنزل هذه العاهات الممانعة على رأس الشعب السوري في هذا الوقت الحرج، و كأن النظام الممانع الجاثم على صدره طوال أربعة عقود لا يكفي لوحده؟
في الحقيقة هناك واحدٌ من إحتمالين يتوصل إليهما المرء من مراقبة هؤلاء:
الأول: أن النظام يعتقد فعلاً أن مستوى فهم المواطنين السوريين و كذلك العالم لا يتجاوز المستوى المتواضع الذي يقدمه هؤلاء، فدفع بهم ليخاطب مواطنيه باللغة التي يفهمونها، على مبدأ خاطب الناس على قدر عقولهم، و ليقول للناس أن هذا هو مستواكم العقلي و هو لا يتجاوز مستوى تحليلات هؤلاء للوضع.
الثاني:أن هذا هو المستوى السياسي و الثقافي الحقيقي للنظام السوري، و هؤلاء يمثلونه خير تمثيل، و ربما هم أفضل ما لديه، و القصص التي يروونها يقتنع بها النظام فعلاً أو أقنع نفسه بها لكثرة تكرارها، و يعتقد بأنها بتكرارها ستقنع الآخرين أيضاً، و ربما لو تعقدت القصص أكثر من ذلك و إرتفعت حبكتها لعجز النظام نفسه عن إستيعابها و بالتالي إقناع الآخرين بها، و لعجز هؤلاء عن إيصالها، لذلك إكتفى بما يفهم.
وفي كل الأحوال يشكل هؤلاء بالحالة البائسة التي يظهرون عليها، أداة تعذيب إضافية بيد النظام، تضاف إلى وسائل التعذيب التي يتجرعها السوريون ليل نهار، و التي غايتها تحطيم معنويات الناس و جعلهم يرضون بأقدارهم و يفقدون الأمل بالمستقبل.
يعتبر القتل العاري الذي يمارسه النظام و ينصب على الجسد أكثر رحمةً ربما من رصاصه الموجه للعقول و القلوب، لكنه لم يعد يخيف السوريين، و ليس أدل على ذلك من خروجهم المستمر.
بالأمس خرج الوزير المعلم بعد غياب ليعلن أن شيراك و بقية الزعماء الأوربيين تحدوا النظام السوري ـ لا أعلم بماذ، ربما بإنتخابات قيادة العالم ـ و كانت النتيجة أن سقطوا كلهم و بقي النظام، و إن العقوبات الأوربية على سوريا هي بمثابة الجزء الثاني من وعد بلفور، الغاية منها تثبيت يهودية إسرائيل بعد إن كان الوعد حجر الزاوية لإنشاء دولة إسرائيل.
هل فهم أحد شيئاً؟ و هل يستطيع أحد أن يرد على هذا التحليل العميق للحدث السوري ممن يعتبر كبير الدبلوماسيين السوريين؟
اللهم ثبت علينا العقول، و نجنا مما هو (أضخم).