الحوار الوطني كضرورة متى وبين من ؟

وليد حاج عبد القادر

هذا السؤال وردني من واحد من الشباب الذين أخذوا على عاتقهم رفع شعلة النضال بصدورهم العارية يتصدون بها الشبيحة والقناصة الذين استرخصوا الدم السوري في شوارع مدنها وقراها التي ثارت تنشد للحرية ـ والتي ـ يبدو أنها لن تنسحب إلاّ بتحقيقها ..

هذا السؤال جاءني من صديق شاب أفتخر به كمحاور ليعلّم أولا ومن يتعلم وبكل صدق وبإحساس مشوب بعاطفة صداقة متينة وهذا الشاب بجيله بدا لي سؤاله بأهميته لأكثر من عشرات المحطات الإعلامية التي ناقشتنا أو تناقشنا لابل أن كل كلمة وقفت عندها أتأمّلها، وأدقق في تآويلها ، لأنه الثائر ـ هذا الشاب ـ في أزقة ديركا حمكو ، عامودا ، قامشلو ..

وهنا لا بد من التأكيد أن صديقي ـ س .

د ـ هو ليس بصحفي وإن جاءه ردي على شكل إيجاز صحفي :
بالنسبة للحوار الوطني ـ أراه ـ ضروري جدا ولكن ما هو ذاك الحوار وكيف سيبدأ ومن سيدعو له أو سيترأسه وبالتالي من هي الأطراف التي ستشارك فيها وآلية تحديد الأبعاد أو السمات الوطنية ، ومقاييسها ومن ثم الجهات او الأطراف التي من المفترض أن تتحاور .

وبالطبع هذه الأمور يجب أن تكون مسبوقة بأجواء مهيأة لهكذا حوار .

وبخصوص الوضع السوري هناك جملة من المسلمات التي لابد من تنفيذها قبل أي حديث في هكذا اتجاه ، لعل أهمها سحب الجيش وإعادته الى ثكناته ، وإطلاق سراح السجناء والمعتقلين السياسيين ، وحق التظاهر وبالتالي إيجاد مسوغ قانوني لشرعنة نشاط الأحزاب حتى صدور القوانين المنظمة لذلك ومع هذا !! وبمعنى أوضح وبصيغة سؤال صريح ومباشر : هل يمكن الحوار مع هذه السلطة بعد كل هذا السفك غير المبرر لدماء المواطنين الأبرياء ؟ والرد ببساطة شديدة هو فقط عندما تقبل السلطة أن تؤسس مشروعا لخلق آلية مرحلية بديلة فتشرف على الحوار وآلياتها من دون استحواذ أو هيمنة وبالتالي تقرّ بأن وصايتها قد انتهت إن في قيادتها ـ الأزلية والمدسترة بقانونها الوضعي ـ للمجتمع والدولة حينها ـ وأسوة بغيرها ـ وعلى قاعدة ندية متساوية في الحقوق والواجبات وبالتالي مع جميع الكتل والأحزاب السياسية ، لها الحق في المشاركة ـ لا القيادة ـ ، ولكنه البعث ـ بقناعتي ـ وفكره المدمج بالنزعة الإنقلابية والعسكرية / الأمنية محال أن يتأقلم وهذا الواقع ، ولكن في المقابل ـ أرى ـ أن المفهوم الديمقراطي والحرص الوطني وبالتالي الإيمان الحقيقي بالتعددية ومن ثم الإقرار بالآخر هي من الناحية النظرية الخطوات التي يجب أن نسعى لها ، ونؤطرها ومن ثم نحافظ عليها ـ الديمقراطية ـ لأنها المعجم التطبيقي لا بل ـ روشيتة ـ الحل بالنسبة لأزمة سورية بأعراقها ومن ضمنها ، لابل وفي سلّم أولوياتها قضية شعبنا الكردي ، والتي هي في جوهرها قضية ديمقراطية بامتياز ، خصوصا وقد أفرزت ـ هذه الأزمة وحالتها الثورية ـ وهذا الحراك الجماهيري الهادر والمتحدية للموت بعنفوان قلّ مثيله ، أن هناك جملة من الأمور كانت في وارد مواقف ، بل جملة ممارسات السلطة ـ بدت أنها ـ  كانت في واد آخر ، وتوضحت ببساطة شديدة ـ وما زالت ـ آليات مركزة السلطة وجهودها في دكّ الأسافين بين مكونات المجتمع السوري وبالتالي تغييب الوحدة الوطنية وما تلاها من تحطيم للحواجز النفسية التي زرعت في سيكولوجية الإنسان السوري فإذا بالديري يهتف كما الحوراني ـ آزادي ـ ويقابله الديركي والعفريني بالحرية ورد فعل السلطة العنيفة في اعتقال الشرفاء العرب ومناضليها المشاركين في مظاهرات الحرية في قامشلو وما تلاه من الزحف والهجوم غير المقدّس على مقر الحزب الآثوري المناضل والتهديد المستمر ـ من السلطة ـ بأن لا يشاركوا الكرد في المظاهرات لأن التهمة الجاهزة والمطبوخة في فروعهم حكمت عليها الجماهير بالفشل , وهنا سقط شعار وإشاعة أن رأس السلطة محاط بعناصر شوفينية ..الخ فتبدو كل تلك الممارسات إنما مصدرها هي تلك الحلقة الضيقة ليس إلا .

وعود على بدء ومن هذه النقاط مجتمعة ـ بقناعتي ـ هو عدم صوابية أية خطوة قد تخطوها أية جهة منفردة مع السلطة، والواجب يحتم ـ لا بل ويفرض ـ موقفا جماعيا ، وطنيا لعموم فئات الشعب بعد هذا الإسترخاص للدم السوري وهذا ما نأمل ونسعى له كمجموعات ثقافية مستقلة ـ ولكنها تبقى ـ في دائرة لا بل ووسط الحركة الكردية ، على النقيض تماما من تلك الأبواق التي تجعجع على الفضائيات أوالأقلام التي تبشّر ـ بخيانة لم تقع بعدـ قد وقعت وبالأحرى لربما تنظر وتدوّن ما تدونه في المواقع برؤية ـ تنظيرية ليست إلا ـ ومن دون أية أرضية ميدانية واضحة لهم ، ـ بالرغم من وضوح موقف الجماهير الصريح وإلتزامها بحركتها ـ خصوصا أولئك اللاهثين خلف الأمواج ، ينتظرون الفرصة السانحة ليركبوها ، فيختزلون ـ أولئك ـ الحركة الكردية من خلال مواقفهم الأنانية وسيكولوجيتهم المقهورة ويجيّرونها كما يتمنونها ـ أو كانوا سيمارسونها هم ـ لو أنهم تملكوا القرار أو المصير ، فيرضوا بالقليل من الرشى أو ما شابه ومع كل هذا فأن دور الوطنيين ومهمتهم لا يقلله كل الضمانات الموجودة ، فلا بد من الضغط كيلا ، تنجرّ أية مجموعة ـ ومنها حركتنا الكردية ـ إلى أية مواقف أو أشباه حلول محنطة مع السلطة حتى وإن بدت على شاكلة مفاوضات أو تحت أية تسمية كانت ، فالوقت كما وكثرة الدم المراق تفرض علينا ـ وطنيا ـ عدم تغليب ـ الذات الكردية ـ والتشبث بها أمام مأساة سورية وشعوبها ككل بالرغم من أن كل المؤشرات ـ حتى هذه اللحظة ـ تدل على أن مجموع أحزاب الحركة الكردية غير معنية بمفاوضات أو حوارات منفردة مع السلطة وإن وجدت فسنكون جميعا صرخة قوية في وجه هكذا خطوات !! وطبيعي أننا في ذات السياق نقول ونسأل أين هي مفردات القضية الكردية في الرؤى والمشاريع المقترحة : بدءا من مجاميع إعلان دمشق ومرورا بجميع ال ـ كروبات ـ والجماعات التي تتقاطر في اجتماعاتها من استنبول الى …
ملاحظة : اثناء كتابتي لهذا المقال تردد كما كتب بعضهم حول لقاء مزعوم لربما قد تم بين بعض قيادات أحزاب من الحركة الكردية وتم تحديد كل من السيد عبد الحميد درويش والدكتور عبدالحكيم بشار والسيد شيخ آل كون الثلاثة تواجدوا في دمشق العاصمة في توقيت واحد .

وفي اتصال مباشر من قبلي مع السيدين عبدالحميد ود .

عبدالحكيم وكذلك مع السيد زرادشت الناطق الرسمي بإسم حزب الوحدة : نفوا بالإجماع أية خطوة كهذه سواءا بإسم الحركة الكردية أو أحزابهم ولا حتى بأسماءهم الشخصية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…