لا وقت للمهاترات

إبراهيم يوسف
elyousef@gmail.com

يطلع علينا بين حين وآخر، بعض أخوتنا الذين نجلهم، ونقدر مواقفهم، ليحكم على المشهد الثوري السوري، من خلال وجهة نظر محددة، سواء أكانت مبنية على مصلحة ما، لهذا الصنف، أو ذاك ، لتتأسس على خلفية حزبية حقيقية، أو مفترضة، أو انطلاقاً من نرجسية عظمى، ليرمي بسهامه إلى سواه.
لايمكن التسليم بأن كل ما يكتب غير صحيح، إلا أن هناك ما يكتب وليس وقته الآن، كما أنني أجزم أن استنفار بعضهم لأقلام محددة مستعدة للدفاع عما غدا لديهم “عقدة” بأكثر من القضية التي تحتضننا جميعاً في فضائها، ناسين الوشائج التي ينبغي الحرص عليها -الآن- من أجل وحدة الكلمة، في مواجهة آلة الإبادة الجماعية التي يدعو إليها النظام، بهستريا شديدة، لإطالة أمد عمره، بعد أن تأكد للعالم أجمع أن قضية النظام الرئيسة “كرسيه”، وما يتشبث به شرقاً وغرباً من خلال الدفع بما تسمى بـ “المقاومات” وكان هو وراء اندلاعها غير المبدئي في أكثر من مكان،
ليس انطلاقاً من رؤى قومية صادقة، بل لإشعال بؤر توتر، وليلعب بعدها دور السمسار، المصلح، وهي كلها أساليب مكشوفة للعالم، سواء أكان ذلك في هذا البلد أو ذاك، وإني لأعفي هنا عن سرد التفاصيل المعروفة لكل ذي بصيرة وبصر، ليحارب على غير أرضه كما قلت ذلك قبل بضع سنوات،أجل، إن كل تلك الممارسات من قبل بعض أخوتنا الأعزاء لا وقت لها الآن، مادمنا في مرحلة بالغة الحساسية.

كما لا أريد أن أشير إلى هنات هؤلاء الأخوة التي يقعون فيها، ومنهم من له حضوره الحقيق نضالياً، إلا أنه يسعى من أجل ترسيخ قلم أوقدم، للذات أو للمؤسسة الحاضنة له-وهو من حقه- لذلك فهو لا يتورع عن أن يطالب العالم بأسره بأن يتبنى رأيه تحديداً، وكأن الثورة القادمة تضعنا أمام أفكار مستنسخة جديدة، لا بد من أن نؤمن بها، وكأن كل مايتم إنما جاء ليبرهن نظريته، مع أننا جميعاً نرى أن شبابنا يكتبون نظرية المستقبل بدمهم الطاهر.
ومن عجب أن يظهر بعضهم -ونكاية بخصوم حقيقيين أو مفترضين- ليراهن على طرف  من دون آخر، لاغياً سواه، حتى وإن كان الأكثر حضوراً، مؤسساً لمعارضة على قد” رغبته”، وبما يجعلنا نشير بالبنان إليه، من دون أن يكون له حضوره بالشكل المطلوب، وذلك لأنني أعتقد أن حتى من يمشي على الرصيف المحاذي لاعتصامات الشباب، في أي مدينة من مدننا، في أرض الوطن، ليقول لكل طرف: أنا معكم، فأنا أقدر وضعه -وهو أنموذج نادر- لأنه لن ينجو من رصاصة قد تأتيه، وهو محط احترام جم من قبلي، وهو خير في نظري من نداءات يطلقها واحد مثلي بعيد عن الساحة، ولاسيما أنه يطلق نداءه في الفضاء العام -وإن كانت هجرة الوطن فرضت علينا جميعاً كل بطريقته- ومن الأجدر به أن يترجم نداءه من خلال دعوة أسرته “هو” لاتخاذ الموقف، وأرى أن تضامن واحد مثلي “بعيد” يجب أن يكون بالقلم، وبالدعم المعنوي، والإعلامي، وبإيصال صوت معاناتنا إلى العالم، بروح عالية من نكران الذات والحزبية، والتخندق، لا من خلال المزاودة على أحد، من دون تقديم شيء غير الكلام.
أتوجه لمثل هذا الرهط الذي عليهم توجيه تحليلاتهم، في الاتجاه الصحيح، في اتجاه الحقيقة، لا التزييف، في اتجاه لمّ الشمل، لا التفريق، انطلاقاً من عقد ذاتية، فإما أن نكون-في هذه الفترة الحساسة والخطيرة- أصواتاً للجميع، أو أن نسكت، ولاسيما أنني أستطيع أن أدلي بأمثلة أبين فيها لهذا الأنموذج من كان في وسط مسيراتنا، ممن كان كثيرون منا يذمونهم حتى الأمس، ولا أقول..

أكثر، ولا يمنع أن نصحح أخطاء الثورة، ولكن ضمن إطار الحب، لا التزوير، وإلغاء الآخر، وتقديم الذات على حساب الآخرين، ولدي أمثلة ووقائع،متواضعة، لم أبخل في قولها لبعض الأخوة الأعزاء في رسائل خاصة إليهم، وليس للنشر، وكثيرون منهم من استجاب، بيد أن بعضهم لما يزل يفكر بـ ” كيف أكون حاضراً من دون تضحية حقيقية؟” وكيف ألغي من يضحي حقيقة؟” بدلاً من أن يسخر جلّ إمكاناته في الاتجاه الصحيح….!
13-5-2011

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…