تمسك بنظام الأسد

  نايلة تويني 
nayla.tueni@annahar.com.lb

غالبا ما استمعت الى الكبيرة صباح أطال الله عمرها تغني “يا ناس الدنيي دولاب”، وها أنا أراقب اليوم ما يجري في سوريا من احداث دموية  تؤكد مضمون الأغنية، فالنظام السوري كان يحرك مجموعاته في لبنان للقيام بأعمال عسكرية وتخريبية ثم يعلن انه يتدخل فقط للتهدئة وتطييب الخواطر لأن من حق “الإخوة اللبنانيين” ان يعبّروا عن عدم رضاهم على الطريقة التي تدار بها الأمور في بلادهم، كما كان المسؤولون السوريون يشكون من لبنانيين وصلوا الى مواقع متقدمة بفضل الدعم الأميركي وحتى الاسرائيلي، من دون ذكر الكثيرين ممن لا حيثية لهم، وقد احتلوا مواقع متقدمة بعدما “حجّوا” الى عنجر زحفا لسلوك الطريق نحو دمشق.
لا نريد الشماتة إزاء ما يجري في سوريا، فهذا ليس من شيمتنا، لأننا اعتدنا المواجهة الشريفة وان كان الثمن باهظا كما دفعناه في “النهار” وفي العائلة، خصوصا ونحن نستذكر اليوم شهداء الصحافة اللبنانية والذين نكّل بهم النظام السوري وحلفاؤه، ولا نحرّض ولا نتدخّل، لأننا سئمنا تدخل الخارج، خصوصا متى كان سيئا، بعدما اختبرناه وقاسينا منه، ولكن من حقنا السؤال اليوم: ألا يحق للشعب السوري التعبير عن عدم رضاه؟ وعن رغبته في التغيير؟ وهل يجوز ان يقتل كل يوم من دولته العلية وهو الشعب الوطني العربي السوري المقاوم؟ ام ان هذه الكلمات كانت تردد اعلاميا فقط وهي تتبدد اليوم امام معركة المحافظة على السلطة كما في كل الأنظمة الديكتاتورية التي لا مكان فيها للشعب ولصوت الشعب الا اذا كان يصفق للحاكم؟ وماذا عن الدعم الخارجي؟ هل من يقرأ الصحافة الاسرائيلية هذه الأيام ويتابع قلقها على مصير نظام الأسد الذي يوفّر لاسرائيل حماية لحدودها منذ اكثر من اربعين عاما، وهل من يقرأ المواقف الاسرائيلية الداعية للإبقاء على النظام؟
ثم ماذا عن رئيسة الديبلوماسية الأميركية الوزيرة هيلاري كلينتون التي تدفع بالنظام السوري الى المضي في الاصلاحات التي تتيح له الاستمرار؟ أليست هذه السياسة الإمبريالية المتصهينة المعادية للصمود السوري ولكل أنواع المقاومة، فلماذا تعمل اليوم لإنقاذ النظام المقاوم والداعم للمقاومة؟ ولماذا لا تدعو الولايات المتحدة الرئيس السوري الى التنحي فورا كما تفعل وفعلت في مصر وليبيا وتونس؟
أسئلة كثيرة تضجّ في رؤوسنا ولا نجد لها إجابات واضحة، وكم كنا نتمنى ان يشرح لنا عباقرة المنظرين اللبنانيين عن الموقف السوري، والمدافعون والمفسّرون وحاملو الرسائل في اتجاه واحد، وناقلو النميمة والتحريض في الاتجاه المعاكس، والمنددون بالسياسات الاميركية، ويقولوا لنا اذا كانوا فعلا مع حق الشعوب في تقرير مصيرها في سوريا كما في مصر وتونس، واذا كانوا فعلا يرفضون الدعم الأميركي ويدينونه؟ فليعلنوا مواقفهم بالصوت العالي.

جريدة النهار

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…