دولة الطوائف والقوميات, المحاصصة الطائفية والقومية ضرورة واقعية

مرشد اليوسف  


الأنظمة العسكرية والاستبدادية الشمولية والقومية الشوفينية و الفاشستية والثيوقراطية التي ابتليت بها منطقتنا منذ سنوات الاستقلال الأولى وما بعد قوضت – بشكل منهجي- الوحدة الوطنية وبناء الديمقراطية وثقافة المواطنة وكيان الدولة,وأصبح الوطن بقعة جغرافية أو مزرعة كبيرة (سميه ما شئت) بلا عنوان , وأصبح الشعب مجموعة بشرية بلا هوية ولا حقوق, يتصرف بمقدراته حفنة من المتسلطين الخارجين على القانون بالقوة وغالبا بالانقلابات العسكرية, وحتى لا يتحول الوطن الى كيان الدولة المعاصرة القائمة على العقد الاجتماعي مارس المتسلطون شتى أنواع التضليل والأساليب اللاشرعية واللاقانونية التي من شأنها ابقاء الوطن والشعب رهينة في قبضتهم الاجرامية
لقد سن هؤلاء الدساتير وفق ارادتهم الخاصة واستولوا على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية, وفرضوا قوانين الطوارئ  والأحكام العرفية على البلاد ووأدوا الاستحقاقات الوطنية في مهدها ,وأطاحوا بالمجتمع المدني وحقوق الانسان والأقليات والمذاهب ,ومارسوا بشكل همجي ومنهجي سياسة الاستقصاء والتهميش وانكار الهويات والثقافات المخالفة واحترفوا القتل الجماعي والتطهير العرقي (الجينوسايد) ونظام المقابر الجماعية, واستولوا على خيرات البلاد والعباد,ونشروا ثقافة الفساد والافساد في كل مكان من أرض الوطن,وتأتي سياسة فرق تسد القائمة على خلق النعرات الطائفية والمذهبية والعنصرية والعشائرية والمناطقية على رأس ممارسات الأنظمة التسلطية تلك وذلك من أجل كسر أجنحة الوطن وتعطيل محركات دولة الوطنية والمواطنة ,وعلى هذا الأساس لم تتحول الأوطان في منطقتنا الى دول بالمفهوم العصري للكلمة,ووقعت الأوطان برمتها أسيرة النظام التسلطي,وفقد الشعب ملاذ الدولة الآمن,وطالما أن المعارضة الوطنية الحزبية عجزت أمام الأله الأمنية الجهنمية التابعة لأنظمة التسلط ,فان المنطق يستدعي ايجاد آليات أخرى ناجعة وفعالة للمواجهه, وأقصد هنا تفعيل النزعة الطائفية والمذهبية والقومية ضمن اطار وطني تحالفي اتحادي ضد نظام التسلط  انطلاقا من مبدأ- وداويها بالتي كانت هي الداء- ولا أعتقد أن المواطن الشيعي أو السني أو العلوي أو المسيحي أو الدرزي أو السرياني الآشوري أوالكردي أو التركي أو الفارسي أو التركماني ينكر على الآخر حقه في الوطن والمواطنة,و الحامل الداخلي موجود بما فيه الكفاية ولا يحتاج سوى الى  تفعيل وبذلك ينقلب السحر على الساحر, ان لجوء الشعب الى ملاذات الطائفة والمذهب والقومية ضرورة في مواجهة الأنظمة الاستبدادية,ورغم أنها ملاذات أدنى بالمقارنة مع ملاذ الدولة الا أنها بنظر الكثيرين ملاذات آمنة في دولة متعددة الطوائف والمذاهب والقوميات,وتشكل المحاصصة الطائفية والمذهبية والقومية في ادارة الدولة المتعددة الطوائف والقوميات والمذاهب الضمانة الأكيدة للوحدة الوطنية والديمقراطية وحماية حقوق الانسان.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…