كلمة ربحان رمضان في لقاء استانبول من أجل سوريا المنعقد بتاريخ 26-27/4/2011 في اساتانبول.. وجهة نظر وحلول عملية للأزمة التي صنعها النظام

  ربحان رمضان

في البدء اسمحوا لنا نحن وفد الجالية السورية القادمة من جمهورية النمسا الفيدرالية أن نقرأ الفاتحة على أرواح شهداء الحرية والكرامة الذين قضوا على أيدي أجهزة الأمن والجيش في شوارع مدننا ..

 درعا الباسلة ، بانياس الجريحة ، حمص بن الوليد ، دمشق الحزينة ، القامشلي ، حلب ، وكل المدن التي قررت أجهزة الأمن السورية القضاء عليها لأنها طالبت بالحرية ، والديمقراطية ، والعمل على تحويل سوريا إلى دولة مدنية تحترم حقوق الإنسان وتعمل من أجل سعادته .
اسمحوا لنا وباسم جاليتنا السورية في النمسا أن نحييكم أيها الإخوة المهتمين بوطننا الغالي سوريا .
لقد ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مايلي :

1  – لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حريته باعتناق الآراء دون مضايقة وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود.


( المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنســان ) .
2- لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعســفاً
( المادة /9/ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان )
3- كل شخص متهم بجريمة يتعتبر بريئاً إلى أن يثبت إرتكابه لها قانوناً في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه .
(المادة /14/ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية)
4- لا يجوز اعتقال أي إنسـان أو حجزه أو نفيه تعسـفاً
( المادة /9/ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسـان )
5- لكل فرد حق في الحرية والأمان على شـخصه و لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسـفاً ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقاً للإجراء المقرر فيه
( المادة 9/1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسـياسية )
أيها الاخوة الحضور :
    منذ وصول الفئة الحاكمة  للسلطة وسوريا تعاني من خرق للدستور يتمثل أولا وقبل أي شئ بمصادرة النظام للحريات الشخصية والعامة ، وبتنصيب فئة لتحكم البلاد ، وتتحكم بمصائر العباد ..
لكن ومع انتشار رياح الثورة السلمية التي أشعلها البوعزيزي في تونس وانتصارها في بلاده  وفي مصر ، ثم انتقالها إلى ليبيا ثم اليمن ، هبت جموع الشعب السوري في مدن وقصبات سوريا تطالب بالحرية ، لإنهاء قيادة البعث للسلطة والمجتمع .

       
وبالرغم من كل التعتيم الإعلامي الذي يمارسه النظام تجاه الانتفاضة الباسلة ، واتهاماته وافتراءاته الغير دقيقة الموجهة ضد الثورة السورية فقد أيدت الجاليات السورية في عواصم العالم كله خطوتها المباركة ، وبدأت في الحراك والمظاهرات من أجل تعرّية النظام واستنكار ممارساته الإجرامية بحق المواطنين العزل ، ومن أجل تأييد الثورة التي بدأت في درعا الباسلة وامتد لهيبها ليعم المدن السورية من أقصى الشمال في القامشلي إلى أقصى الجنوب في جبل العرب .
ورغم كل التبريرات التي حاول النظام تغطية جرائمه بها وخاصة اتهامه للمتظاهرين بالعمالة ، والاندساس …  وما شابه ، فقد تضافرت قوى السوريين جميعهم ، عربا وأكراد ، وآشوريين ، وتركمان ، وغيرهم من أجل الحرية ومن أجل الوصول إلى سوريا ديمقراطية ، مدنية .
لقد وصل الأمر بالنظام إلى اعتبار الحراك الشعبي استهداف خارجي لسوريا وذلك بغية ابتزاز المواطن في الجانب الوطني ، ذلك مع ممارسته لسياسة الترهيب بالوسائل القمعية البوليسية أو الترغيب بالمكاسب والمنافع الآنية البسيطة .
في الوقت الذي يرى فيه  الشعب السوري وبأطيافه المتعددة أن  ما يحصل في سوريا لا يمكن وصفه بمؤامرة أو تدخلات خارجية ، بل هو حراك وطني جماهيري أصيل يدعو بشكل واضح إلى تغيير جوهري من شأنه صيانة وحدة الوطن ، وتحرره ، وتطوره ، وذلك في الوصول به إلى المجتمع الديمقراطي الذي يؤسس لدولة مدنية تحترم الانسان ، وتدافع عنه.
إن إسقاط المادة الثامنة من الدستور والداعية إلى قيادة  الحزب الواحد للدولة والمجتمع ، من الأهداف الأساسية لنضالنا في المرحلة الراهنة .
وإن استفراد حزب البعث للسلطة في البلاد أنتج نتائج وخيمة على البلاد حيث خرج المواطن من فئة الرعية إلى فئة الرعاع ، وأصبح متهماً في حين أن أجهزة النظام مطلقة الصلاحية تفعل ماتشاء .
لقد أصدر الفريق أول الدكتور بشار الأسد وبتاريخ 30 / 9 / 2008 مرسوماً  تشريعياً تحت الرقم  / 69 / جرى بموجبه تعديل قانون العقوبات العسكرية في سوريا، بحيث نصت مواد هذا المرسوم على حصر قرار ملاحقة عناصر الشرطة والأمن السياسي والجمارك المتهمين بممارسة التعذيب بالقيادة العامة للجيش والقوات المسلحة رغم إنهم يتبعون إدارياً لوزارة الداخلية وليس للقيادة العامة للجيش والقوات المسلحة.
ومن الجدير ذكره  أن عناصر أجهزة المخابرات (المخابرات العسكرية والمخابرات الجوية والمخابرات العامة) لا يمكن ملاحقتهم وفق المادة / 16 / من قانون إحداث إدارة أمن الدولة الصادر بالمرسوم التشريعي رقم / 14 / تاريخ 25 / 1 / 1969 والمادة / 74 / من قانون التنظيمات الداخلية لإدارة أمن الدولة وقواعد خدمة العاملين فيها الصادر بالمرسوم التشريعي رقم / 549 / تاريخ 25 / 5 / 1969 وفيما يلي نص هاتين المادتين:
المادة ( 16 ) : ( لا يجوز ملاحقة أي من العاملين في إدارة أمن الدولة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمرملاحقة يصدر عن المدير )المادة ( 74 ): ( لا يجوز ملاحقة أي من العاملين في إدارة أمن الدولة أو المنتدبين أو المعارين إليها أو المتعاقدين معها مباشرة أمام القضاء، في الجرائم الناشئة عن الوظيفة، أو في معرض قيامه بها قبل إحالته على مجلس التأديب في الإدارة واستصدار أمر ملاحقة من قبل المدير )، ولكن كان من الممكن إقامة دعاوى ضد عناصر الشرطة والأمن السياسي وعناصر الجمارك على الانتهاكات التي تتعلق بالتعذيب ” أثناء ممارستهم عملهم ” أمام المحاكم العادية، حيث تم إغلاق هذا الباب بموجب المرسوم الجديد.
كما نص المرسوم التشريعي المذكور على ما يلي:
المادة ( 1 ): تضاف إلى آخر المادة / 47 / من قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 61 تاريخ 27 / 2 / 1950 وتعديلاته، الفقرة الآتي نصها:
 آ – الجرائم المرتكبة من ضباط وصف وأفراد قوى الأمن الداخلي، وعناصر شعبة الأمن السياسي، وعناصر الضابطة الجمركية، بسبب تأدية المهام الموكلة إليهم.


ب- تصدر أوامر الملاحقة بحق ضباط وصف ضباط وأفراد قوى الأمن الداخلي وعناصر شعبة الأمن السياسي وعناصر الضابطة الجمركية بقرار من القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة .

وفق أحكام المادة / 53 / من قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية وتعديلاته.
المادة ( 2 ): تحال الدعاوى المقامة أمام القضاء العادي المتعلقة في المادة / 1 /، إلى القضاء العسكري.
المادة ( 3 ): ينشر هذا المرسوم التشريعي في الجريدة الرسمية ويعتبر نافذا من تاريخ صدوره.
في نفس الوقت الذي تقوم أجهزة الأمن بقمع أي شكل من أشكال التعبير لا تتماثل مع سياسة النظام القائم ، وترمي الكثير من الكتاب والمدونين في المعتقلات والسجون مع الافتراء عليهم والتهامهم بتهم أقلها : وهن نفسية الأمة ” .
إضافة إلى كل أحدث القتل الجماعي المرتكب ضد المتظاهرين العزل أقدمت أجهزة الأمن في السنة الفائتة على اعتقال الآنسة طل الملوحي ، وأخفتها حتى عن والديها لأكثر من عام ، ثم أذاعت  السيدة بشرى كنفاني مديرة الإعلام الخارجي في وزارة الخارجية السورية خبرا الحكم على الفتاة الملوحي لمدة خمس سنوات استنادا إلى أكاذيب وافتراءات يمكننا دحضها  بسهولة  أمام حضراتكم .
ومن الضروري أن يعرف الرأي العام بأن تغيير حكومة بأخرى ليست مطلبا ولا هدف للشعب السوري لأنه يعرف بأن الحكومة مسيرة من جانب طغمة عسكرية وأمنية تسير البلاد ، حتى ولو تغيرت لأن تغييرها لايعني شيء للشعب السوري المعاني من القمع والاستبداد .
الشعب يريد أن يشارك في الحكم ، يشارك في صنع القرار السياسي ،  أن تطلق حريات السياسية ، أن تطلق حرية بناته وأبناءه المعتقلين في أقبية وزنازين السلطة ..
نريد من النظام التوقف عن سياسة التمييز القومي  المتبعة تجاه الأكراد في سوريا منذ الستينات حتى الآن ، وبحق بقية المكونات القومية الغير عربية كالآشوريين ، والشركس والتركمان ..

الخ ، لاسيما وان الحكومة السورية سبق لها وأن صادقت على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، الـتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقـم 206 ألف(د-20) بتاريخ 21/12/1965، وذلك بتاريخ 21/4/1969.


ويقصد بتعبير((التمييز العنصري)) وفقاً لنص المادة الأولى من هذه الاتفاقية، (( أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو أي من ميدان آخر من ميادين الحياة العامة)).وتتعهد الدول الأطراف في هذه الاتفاقية.
لقد طالبت فصائل المعارضة الوطنية السورية السلطة وعلى الدوام بالحوار منذ سنوات حكم الأسد الابن لكن لم يكن هناك أي تجاوب وقدمت قوى سياسية كردية وعربية مذكرات إلى مكتب القصر الجمهوري ، وأرسلوها إلى الرئيسين الأسد (الاب والابن) ولم يكن هناك تجاوب يذكر .


لهذا كله نرى ومن أجل وضع الحلول الأولية للأزمة أن يباشر النظام بالخطوات التالية  :
1 – أن يعترف اعترافاً علنياً صريحاً بشــــــــــرعية الحراك الجماهيري (مظاهرات ، مسيرات ، احتجاجات ..الخ) الذي تشهدها سوريا منذ الخامس عشر من شباط وحتى الآن ، وأن يعتبر الضحايا ، شهداء للوطن ، وأن تقوم السلطات المختصة بالتعويض لذويهم ولذوي كافة الجرحى والمصابين والمتضررين.
2 –  شجب وإدانة أساليب القتل والتنكيل في مواجهة المظاهرات السلمية التي هي حق دستوري للجميع ومحاكمة مصدري هذه الأوامر ومنفذيها عبر محاكم  دستورية مشروعة ..
 
3 –  أن يباشر بإلغاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية نهائيا ً ودون تراجع ، كما يقوم بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ، والكشف عن المفقودين في المعتقلات ، وإغلاق ملف الاعتقال السياسي ، وإفساح المجال لعودة كل المنفيين والملاحقين سياسياً.
4– أن يقوم بإطلاق الحريات العامة ولا سيما حرية التنظيم السياسي والنقابي وحرية الرأي والكلمة وحرية الصحافة والنشر وحرية التظاهر والاحتجاج والإضراب، وأن يقوم بإصدار قانون عصري للأحزاب والجمعيات ينظم الحياة السياسية في البلاد ، يعبر بشكلً صحيح عن التعددية السياسية والقومية والفكرية والاجتماعية ، وأن يصدر قانون جديد للأعلام والمطبوعات .
5 – أن يضمن وبقانون أو مرسوم يصدره فصل السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، واحترام سلطة القضاء واستقلاليته  7 – إقرار صيغة مشروع دستور جديد يلغي الامتياز لأية جهة سواء كان حزبا أو فرد أو قومية وأن يلغي المادة الثامنة من الدستور ويقر صراحة بالتداول السلمي للسلطة و يتضمن الاعتراف بالتعددية القومية والسياسية ، واعتبار سوريا دولة سورية تتعايش فيها عدة قوميات (عرب ، كرد ، سريان ، تركمان ..الخ ) ، وإقرار قانون جديد للانتخابات يضمن الفوز النسبي لمرشحي مختلف القوائم الانتخابية دون التمييز بسبب الدين أو العرق .
6 –  فصل السلطات الثلاث ، التشريعية والتنفيذية والقضائية ، واستقلالية القضاء وتعزيز دوره ..
7 – حل القضية القومية للشعب الكردي حل ديمقراطي عادل وفي إطار وحدة البلاد ، وليس اختزالها في مشكلة الإحصاء الاستثنائي بإعادة الجنسية للمجردين منها وتعويضهم ، ومرسوم 49 لعام 2008 وتبعاته ..
  
8 – وضع الأسس والمبادئ العامة لبناء الدولة المدنية الحديثة التي تكفل العدل والمساواة في الحقوق والواجبات وتفسح المجال واسعا للمساهمة في بناء الوطن وتطوره ، وتحقق الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة بين الجميع .
في هذه المبادرة من طرفنا نعتقد أننا نساهم في بداية حوار جدي بين أطياف العمل الوطني السوري لترسيخ فكرة الحوار والمشاركة بعيد عن سياسة الاستبداد وسياسة قيادة الحزب الواحد للدولة والمجتمع متلمسين ضمانا لحرية المواطن والوطن المنشودتين  ، وطريقا من أجل الوصول إلى المجتمع المدني المنشود .
أشـــــكركم لإنصاتكم .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…