النظام السوري يريد مهلة وإيقاف التظاهرات لينقض على الجميع

  ريزان محمد

أصبح يوم الجمعة مؤرقاً كثيراً ومجلباً للهم والغم، ومآلاً للكآبة وفقد الأعصاب للنظم الاستبدادية في العالم العربي، وأثبتت الجوامع أنها خير مكان لانطلاق شرارة الثورات الشعبية العربية ضد هذه النظم، ولو استطاع الحكام المستبدون العرب القيام بإلغاء يوم الجمعة من روزنامة الأسبوع لما وفروا جهداً في سبيل ذلك..

ولكن هيهات لهم ذلك، فالجماهير العربية عرفت طريقها ، ولن تضل السبيل، وهاهي تدفع الشهداء والضحايا للفوز بحريتها، والعيش بكرامة وشرف.
وسورية أثبتت أنها ليست استثناء من هذه المعادلة رغم آلة البطش والنظام الأمني الاستخباراتي الذي يحكم سورية بالحديد والنار طوال عقود سوداء عديدة.
وهاهو اليوم ورغم آلة بطشه وسفكه للدماء دون رحمة يترنح تحت ضغط الشارع السوري والجماهير السورية المنتفضة الوفية لدماء الشهداء من أقصى الجنوب في درعا المناضلة إلى أقصى الشمال في القامشلي الثائرة، ورغم انه يرتكب في كل جمعة جديدة فظائع جديدة، وترتكب أجهزة الأمن من مخابرات وقناصة وشبيحة، وبعض القطع العسكرية حماقات جديدة بحق المتظاهرين الآمنين إلا أن ذلك يزيد الشعب تصميماً على المواجهة مهما كانت التضحيات كبيرة، وقرر المضي نحو الحرية مهما كانت الأكلاف باهظة، حيث يواجه بصدور عارية آلة الغدر والقتل دون أن يرأف هؤلاء لا كبير ولا بصغير ولا كهل، وأضحى الآن وكأن المعركة الحقيقية أندلعت بين الشعب والنظام، وليس بين النظام وأي دولة معادية أخرى كإسرائيل على سبيل التذكير فقط.
قبل أيام أصدر مئات المثقفين السوريين بياناً قالوا فيه لا يمثلون النظام ولا المعارضة المحتجة، ودعوا في جملة ما دعوا إلى وقف التظاهرات وإعطاء مهلة للحكومة ولو أسبوعين، وإذا شعر المحتجون أن الحكومة لا تستجيب لمطالب الشارع السوري عادوا من جديد للشارع وبصورة أقوى، ووعد هؤلاء المثقفون أنهم سيصفون إلى جانب المتظاهرين وقتئذ ضد النظام.
ربما نوايا هؤلاء المثقفين نظيفة وطيبة، لكن يُشم في حنايا الموضوع أن ثمة مصلحة للنظام في إيقاف المظاهرات لأن الشعب خبر النظام ووعوده لعقود طويلة، فالنظام يريد أن يلتقط أنفاسه للانقضاض على الشعب السوري “المجرم” بحق الإنسانية لأنه طلب حقه في حياة أفضل، وعندما تعود الناس إلى بيوتها سيباشر النظام بالقبض على جميع الناشطين – كما يفعل حالياً- وهو مستعد بأن يضع كل الشعب السوري في السجن..

والمهم أن يستمر في حكمه بأي شكل، بل مستعد بأن يعيد إلى الذاكرة السورية التي لا تنسى أبداً أحداث الثمانينات في حماة وجسر الشغور وحلب وادلب وسجن تدمر.
سيضع النظام الجميع في المعتقلات، ويبدأ بحملة كبيرة لإخافة المتبقين، ويعيد تفعيل قانون الطوارئ الذي رفع شكلاً وعلى الورق، لأنه بعد إلغائه بيوم واحد فقط تم قتل أكثر من مئة وستين سورياً في مختلف المحافظات.
لذلك أرجو وأرجو وأقبل أيدي المنتفضين السوريين أن لا ينصاعوا لرغبات وتوصيات بعض المثقفين السوريين أو أوساط من النظام سواء من رجال دين مأجورين ” البوطي والحسون ومن لف لفهما” عند النظام أو من بعض الوجهاء ورؤساء العشائر وغيرهم.
 يستطيع النظام لو كان صادق النوايا أن يقدم حزمة واسعة وكبيرة من الإصلاحات للشعب ودفعة واحدة دون الإحساس بالتسرع،  لأنه يقدم هذه الإصلاحات تحت ضغط أصوات وصرخات ودماء المحتجين السوريين، وما المشكلة إذا تنازل النظام لشعبه؟؟  هل هذا يعتبر ضعفاً للنظام وأركانه؟؟ لا أظن.

النظام السوري، وبعد أن تُخمد الانتفاضة لجمعتين يكون قد استعاد الثقة بنفسه ووضع مَن وضع في المعتقلات، وبذلك يخسر الشعب السوري فرصة ذهبية ليعيش مثل كل البشر بحياة الحرية والكرامة والمساواة والعدل، وتذهب أرواح عشرات الشهداء في الهباء.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…