ذكريات ومظاهرات

أمين عمر

نسمع يومياً بأشخاص، يطالبون السماح بالتظاهر وبسن قوانين للتظاهر واستغرب هذا التناقض الصارخ وكيف ينكر الشعب الحقيقة والواقع ، ولا يعترف بوجود التظاهر وقوانين التظاهر منذ عقود، أنا أحد الأشخاص الذي أمضى عمراً في التظاهر، كنت أتظاهر يومياً ومنذ الصغر و حتى الثمالة، فقد كنت أرتجف بمرور رجل أمن من جواري ولكن أتظاهر بالشجاعة وبأني لا أعرف شيء أسمه الخوف، كنت أحد الذين يحترقون كرهاً للنظام ومع ذلك أتظاهر أكثر من يومياً و دون أن يعترضني أحد، بالمحبة والسعادة وأهتف  للقائد في اقرب تجمع حتى  لو كانت إجتماع لمواطنين يتدافعون على باب الفرن، يتظاهرون بوجود أزمة الخبز أو أندس متظاهراً بين جمهور مباراة يتظاهر بالفرح لأن المنتخب كان جيداً رغم خسارته.
حتى إني تماديت وقمت بنقل تظاهراتي إلى البيت، فأتظاهر بعملي المريح ووضعي المالي الجيد ، وأنا فاض الجيبين ،عطالٌ بطالٌ، لا تهزني رياح فرص العمل العاتية والمغرية، لم أكتف بهذا بل نقلت تظاهراتي الى الأحلام ، فذات يومٍ حلمت بأنني أتظاهر في المنام فجاءني رجل أمن أشبه بالحمل الوديع ولكنه تظاهر تضامناً معي وأضاف بأنه لا يحب المظاهرات، لأنها تجهد المواطن وتفقد المطاليب جماليتها والتي ستتحقق في كل الأحوال، وروى لي صديق بأنه مرض فترة أسبوع ولم يخرج من البيت وفي الليلة السابعة جاءته في المنام، دورية حكومية تطمئن على صحته وتستفسر غيابه عن المظاهرات متمنين له الشفاء العاجل والعودة للممارسة حقه في التظاهر وبإن الشوارع قد إشتاقت لصرخاته العادلة، وروى آخر بأنه حلم بأنه يمارس عملاً ليس جيداً كما يود، فتظاهر قليلاً بإنه ليس على ما يرام، فقامت الدنيا وركض المسؤولون كي يتفهموا إمتعاضه، وتظاهروا بأنهم لا يدركون شيئاً عن هذه الجريمة وعن أوضاعه تلك، لسنا الوحيدين الذين كانوا يمارسون التظاهر ، أعرف شخصاً كان مخبر وعميل من الدرجة الممتازة ويتظاهر بانه شريف واشرف من الشرف ، وكلما رأيته، كنت أتظاهر بأنه كما يريد وكما يتظاهر أمامي ، أعرف آخراً كان يلعب بالأموال المشروعة وغير المشروعة ويتظاهر في مناسبة أو بدونها بأنه لا يملك قرشاً ، حتى أني كنت أتظاهر بالرغبة في مساعدته إن أراد ، شخص أخر لم يكن يتحدث إلا كذباً ويتظاهر….

إذاً رغم كل هذه المظاهرات ويأتيك شعب يطلب السماح بالتظاهر …لماذا النفاق وكل أيامكم أفراح و مظاهرات.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…