لماذا لم تشارك أحزابنا الكردية في الثورة السورية حتى الآن..

محمد سعيد آلوجي

لقد أصبح هذا السؤال مملاً سماعه لكثرة ما تم طرحه في أغلب المجالس العامة لأبناء شعبنا المباشرة والمفترضة ذات العلاقة بالمسيرات السلمية التي تنتشر في المدن السورية المختلفة المنادية بإصلاحات جذرية على كل مناحي الحياة فيها، والتي تكون قد حازت على تأييد شعبي عارم، وتقابل في الوقت ذاته من قبل أمن السلطات بردود أفعال شاذة وشديدة في غالب الأحيان مما تتسبب في سقوط عدد كبير من الشهداء..
هذا ويمكننا أن نقول بأن القائمين على أحزابنا الكردية لم يستطيعوا أن يردوا على هذا السؤال الذي يلاحقهم باستمرار بما يبرر بقاءهم بعيدين عملياً عن الحراك الشعبي السوري ومسيراته التي باتت تُعرف في الآونة الأخيرة بالثورة السورية.

وما شاهدناه اليوم الجمعة في 08.04.2011 من تحركات عارمة في أغلب المدن السورية إلا خير دليل على ذلك.
مرسوم إعادة الجنسية إلى أبناء شعبنا وتأثيره على حراك شعبنا تجاه الثورة السورية

أظن بأن المرسوم التشريعي الجديد “45 ـ 136″ الذي أصدره الرئيس الأسد قبل أيام سوف يساهم إلى حد كبير في تباطؤ تقارب أحزابنا عملياً نحو الثورة السورية، وبالمقابل لن يستطيع أبداً أن يثني شبابنا عن الانخراط فيها.

هذا المرسوم الذي صدر خصيصاً لإعادة الجنسية السورية لأبناء شعبنا الكردي ممن وردت أسماؤهم في سجلات الأجانب لمحافظة الحسكة كما تقول الجهات الرسمية السورية من دون أن يعرفهم ” كأكراد ” وهم الذين كانوا قد جردوا من جنسياتهم بموجب إحصاء استثنائي أُجري للغرض نفسه في عام 1962 حيث جرد في حينه أكثر من 150 ألف مواطن كوردي خلال 42 يوماً فقط.، وهي كامل المدة التي استغرقته الإحصاء وظهور نتائجه.”وقد تجاوز عددهم الآن أربعمائة ألف شخص”، وتدل تلك المدة القصيرة التي تكون قد سُحبت فيها جنسيات الأكراد منهم على شكلية ومسرحية تجريد أبناء شعبنا من جنسياتهم حيث لم يجري أي تحقيق مع من أُسقطت عنهم جنسياتهم ولم يحقق في ما تم إقراره بذلك الخصوص، ولم يجرى ذلك الإحصاء وفق أحسن المعايير الدولية كما صرح به قبل أيام البعثي المخضرم أحمد الحاج علي في مقابلته التلفزيونية بعد صدور المرسوم الجديد مباشرة  بقصد إبعاد شعبنا عن الانضمام إلى الثورة السورية.

هذا الشخص المصاب بمرض غرور العظمة والذي يعتبر نفسه منظراً للبعث والسلطة في آن واحد…

ما يمكننا قوله بخصوص هذا المرسوم الذي نعتبره خطوة في الطريق الصحيح وأن جاء متأخرة كثيراً كثيراً، كما يمكننا أن نقول بأن الأسد ما كان ليصدر مرسومه هذا لولا خوفه من انضمام الأكراد بثقلهم الكبير إلى صفوف الثورة السورية، ولم يلجاً إلى إصداره في هذا الوقت بالذات إلا من أجل أن يثني شعبنا الكردي عن الانضمام إلى الثورة السورية.

مهما حاول المسؤولون السوريون تفنيد هذا الافتراض..

ونريد هنا أن ننوه إلى أمر مهم للغاية بأن إعادة الجنسية إلى أصحابها ليس سوى إعادة جزء من حقوق شعبنا المغتصبة منهم.

فهناك الحزام العربي الذي يكون قد جرد بموجبه حوالي عشرة آلاف عائلة من أراضيهم بمحاذاة الحدود التركية العراقية منذ عام 1966 وما زالت المعاناة بموجبها مستمرة..

وهناك التعريب والمرسوم 49 الذي كف يد أبناء شعبنا من التصرف بأملاكهم وأدى إلى تشريد أكثر من مليون كردي من مناطقهم وأراضيهم، ووو.

..


هذا ونستطيع أن نقول بأن تبدأ معاناتنا لم تبدأ بشكل حقيقي في سوريا إلا بعد مطالبتنا لسلطاتها بأن تعترف بوجودنا دستوريا كشعب قائم بذاته وكثاني أكبر قومية تعيش في البلاد وتقر لذلك ضمانات قانونية.

فبدأت الويلات تنهال علينا دون طائل، ومن دون أية اعتبارات قانونية أم إنسانية أم أخلاقية.

ولهذا فإن إعادة الجنسية إلى عدد محدود أم إلى كل من يكون قد سحبت منهم جنسيتهم لا يعني بأنهم قد اعترفوا بوجودنا كشعب يعيش على أرضه التاريخية دستورياً.

كما أنهم لم يُزيلوا به عنا كل ما يكونوا قد اغتصبوه من حقوقنا القومية الكردية والوطنية السورية.
ولو فرضنا جدلاً بأن السلطات السورية بادرت إلى الاعتراف بوجودنا وأعادت لنا كل ما تكون قد اغتصبته منا جدلاً كأكراد، “والتي لن تقوم بذلك لأنها غير مؤهلة ديمقراطياً”.

عندها سنكون قد وصلنا إلى ذلك المستوى الذي يعيشه باقي المواطنون السوريون في الحقوق والواجبات وهو ما يفرض علينا بقوة أن نتضامن معهم في ثورتهم على الظلم والفساد المستشري في كل مناحي حياة المواطنين السوريين عملياً، ومن الأولى أن نتضامن معهم في حال اغتصاب السلطة لحقوقنا القومية والوطنية معاً..

هذا وكنت أترقب أن تبادر أحزابنا الكردية ومنذ اللحظات الأولى من انطلاقة شرارة ثورتنا السورية المباركة من درعا الأبية إلى القيام بما يلي:

  1. عقد اجتماعات مكثفة فيما بينها من دون كلل أو ملل حتى يتوصلوا إلى تحديد أساسيات شعبنا القومية والوطنية على حد سواء كما هي دون نقصان.
  2. إعلان تلك الأساسيات على الملأ ونشرها في وسائل الإعلام  المختلفة كي يغلقوا باب المساومة عليها أمام ضعاف النفوس أو المندسين بين الحركة الكردية و المتطفلين عليها.

    إن فُتحت لهم أبواب مفاوضات مع أية سلطة من السلطات السورية “الحالية أو ما يليها” لأي سبب من الأسباب.
3.

وضع استراتيجيات طويلة وقصيرة المدى لتفعيل تلك الأساسيات والمسارعة إلى تكثيف نشاطات للتعريف بها.

4.

تبادل الآراء مع مختلف الفعاليات النشطة حول ما يجري على الساحة السورية من مسيرات سلمية وانتفاضات شعبية بقصد ارضاخ السلطات السورية على القبول بإجراء إصلاحات شاملة في كل مناح الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وتبادل الآراء معهم حول ردود الأفعال الإقليمية والدولية بشأن ما يجري داخل الوطن، وخارجه.

كذلك التدارس معهم حول ردود أفعال السلطات السورية المختلفة ضد المحتجين، واتخاذ الخطوات اللازمة في الوقت المناسب.وو..

 وبالرغم من مرور ما يقارب العشرين يوما على بدء شرارة الثورة السورية لم نلمس حتى الآن من أحزابنا أية تحركات عملية موثقة لمساندة هذه الثورة سوى ببيانات لم تعد تجدي نفعاً في مثل هذه الأيام.؟؟..

ونود هنا أن نسألهم إن كانوا قد نذروا من أنفسهم حقاً للدفاع عن قضايانا القومية والوطنية، وهم الذين يصرحون دائماً بأنهم الممثلين الحقيقيين لشعبنا أن نسألهم .

ما الذي يكون قد أحبطكم عن تلبية نداء واجب تاريخي هذه المرة أيضاً يا ترى.؟؟.

في الوقت الذي تكون الثورة السورية قد استطاعت أن تهز الكيان البعثي من جذوره.؟؟.
وأمام كل هذا وذاك نرى بأن يسارعوا دون إي انتظار إلى اتخاذ مواقف عملية واضحة وجلية من السلطات ومن تلك التحركات والانتفاضات الشعبية.

حيث لم يعد موقفهم الحالي مقبولاً لا عند شبابنا ولا عند جماهيرنا الوطنية، ولا حتى عند غالبية قواعدهم الحزبية أيضاً.

فما زلنا نتلمس عندهم ميولاً إلى التفاوض مع السلطات السورية الشوفينة على حساب ميلهم إلى الحراك الشبابي ..

بالرغم مما تكون هذه السلطات قد ألحقت بشعبنا الكوردي من ويلات لا تقدر، وما زالت معاناتهم مستمرة من جراء استمرار تطبيقهم لكل أشكال الاضطهاد القومي والوطني بحقنا حتى أن اضطهادهم لشعبنا قد وصول ما يوازي التظهير العرقي..

على أحزابنا أن تدرك جيداً بأن الوقت أصبح ينفذ منهم ويجري بعكس ما يشتهون وهم ينتظرون سلطات القمع البعثية أن تقوم بإنصاف شعبهم بعد أكثر من أربعة عقود من اضطهادهم.
أظن بأن السؤال الذي نكون قد سوقنا عليه مقالنا هذا.

ما كان ليحظى بأهمية لو أن شعبنا أراد أن يتخطى أحزابها منذ الأيام الأولى للثورة السورية..
فهل تكون أحزابنا قد استعصت على التجديد والتطوير حقاً، أم أن أغلب القائمين عليها قد هرموا..

فإن كانت هذه الفرضية صحيحة.

فلا بد أن يفوتهم فرصة قيادة شعبهم، ولا بد أن يتخطاهم شبابنا بحراكهم وهذا ما بدأ يلوح لنا في الأُفق..

ما نرجوه لهم حتى هذه اللحظة هو.

أن يستفيقوا من أحلام اليقظة التي ما زالوا يعيشون فيها طور استجداء الحقوق من مغتصبها دون حول ولا قوة..

محمد سعيد آلوجي
08.04.201

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…