المسؤولية التاريخية لأحفاد الشيخ صالح العلي

المحامي مصطفى ابراهيم 

يكاد يتفق جميع المحللين و المراقبين المهتمين بالشأن و الأوضاع الراهنة السائدة في سوريا بأن الوطن بخريطته الجغرافية وبجميع مكوناته الأثنية و الدينية و المذهبية يمر في مرحلة حساسة بالغة الخطورة و التعقيد و في منعطف تاريخي ربما قد يقارب أو يتشابه و مرحلة الثورة من أجل الاستقلال و تحرير البلاد من نير الاستعمار الفرنسي مما يضع جميع الشرفاء و المخلصين أبناء هذا الوطن الغالي القيام بواجباته الوطنية بأعلى درجات المسؤولية قبل فوات الأوان و سقوط الهيكل على رؤوس الجميع و غرق السفينة بجميع ركابها.
ومن هذا المنطلق يتوجب النظر إلى المستقبل وطي صفحات الماضي بكل ماَسيه و تعقيداته و الكف عن سبر أغواره أو تسجيل الأهداف في مرمى هذا الفريق أو ذاك و إلا سنكون بأيدينا و بإرادتنا قد أدخلنا البلاد في أتون صراع طائفي و عرقي يسيرة بداياتها و كارثية نهاياتها و تداعياتها على البلاد وطناً و شعباً يخرج منها الجميع منكوبين وخاسرين و الماَساة اللبنانية مازالت حية في الأذهان و ماثلة للعيان فليس من العدل و الإنصاف تحميل الطائفة السنية الكريمة الأوزار و الخطايا التي مارستها و اقترفتها حفة من رموز الإقطاع الرجعي العفن أو شعارات و فتاوى بعض رموز التيارات المتخلفة بحق الطائفة العلوية الكريمة في الأربعينات و الخمسينات من القرن المنصرم و المدانة بجميع معايير الديانات السموية و الشرائع الدولية و شرعة حقوق الإنسان و يجب أن توازيها و تتساوى معها بذات الأهمية و الإعتبار بأنه من الظلم و الإجحاف تحميل الطائفة العلوية الكريمة كل الجرائم التي ارتكبها النظام في ثمانينيات القرن المنصرم و التي لازالت مستمرة بحق باقي مكونات الشعب السوري عرباً و كورداً و مسيحين فقد تمكنت قلة قليلة من أركان النظام من احتكار و استثمار الطائفة العلوية الكريمة و من شبابها أداةً ووقوداً لحروبها خدمةً لمصالحها السلطوية و منافعها المادية التي أثبتت الوقائع و البيانات بأن لا سقف و لا حدود لها .
فالنظام برموزه السابقة و الحالية و بالشراكة مع العديد من شخصيات الطوائف الأخرى كان عادلاً بتوزيع جوره و قهره و قمعه على جميع مكونات الشعب بما فيه المكون العلوي و في التاريخ شواهد عديدة في هذا المضمار التي لا تقل بشاعة و قساوة عن الجرائم التي ارتكبها بحق رموز ومناضلي الطوائف السنية و الدرزية و الإسماعيلية و المكونين الكوردي و المسيحي في طول البلاد و عرضها فخيال هذه الصورة و اللوحة ذات التلاوين السوداوية و الجروح العميقة التي نزفت دماءاً و دموعاً و التي لازالت تنزف .
فإن المسؤولية التاريخية و الوطنية لإنقاذ البلاد قبل سقوطه في الهاوية و هوعلى شفيرها كما تشير إليها الأحداث الجارية الاَن على ساحة الوطن تقع على عاتق الجميع و في المقدمة منهم حكماء و عقلاء و مثقفي أحفاد الشيخ صالح العلي بطل ثورة الاستقلال الوطني بالتحرك الجاد و السريع بلجم و كبح جماح قمة هرم السلطة وبطانته المنتفعة من أي مكون كانوا وثنيهم بكل الوسائل و السبل من العبث بمصير البلاد و العباد بطيشهم و جنونهم و غرورهم و إطفاء الحريق الملتهب ووقف نزيف الدم و إرغامهم للإصغاء إلى أصوات العقلاء و الوطنيين الشرفاء و قراءة الأحداث و أخذ الدروس و العبر من تجارب الأنظمة في تونس و مصر و اليمن و ليبيا فالعاصفة التي تجتاح المنطقة بأثرها قوية و هوجاء و قد تكون مجنونة وعمياء في بعض الأحيان فهي لن ترحم ملكاً أو رئيساً مهما طغى و تجبر و أمتلك من قوة و سطوة ولا تنفع معها المناورات و المداورات أو المهرجانات الخطابية و رقصات جوقة مجلس الشعب أو فتاوى و نداءات وعاظ السلاطين فالمصير و النهاية واحدة ومتطابقة مع مثيلاتها في البلدان الأخرى .
ويقيناً أن الموقف الشجاع و الحكيم لأحفاد الثائر صالح العلي في هذا المنعطف التاريخي لسوريا وطناً و شعباً سيجنب البلاد الكثير من الكوارث و الويلات فإن كان لابد من التغيير فليكن بأقل الخسائر من الدماء و الدموع و الدمار و الخراب و أن يكون بيدنا نحن أبناء سوريا و ليس بيد عمرو.
     08/04/2011

 سياسي كوردي سوري

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين

الان ولنا كلمة بعد انقضاء امد الدعاية الانتخابية او حلول الصمت الانتخابي ….

من الواضح ان الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان العراق : الحزب الديمقراطي الكردستاني ، والاتحاد الوطني الكردستاني قد دخلا مبكرا معترك الدعاية الانتخابية البرلمانية بكل قواهما البشرية ، والاعلامية ، حتى موعد اجرائها في العشرين من الشهر الجاري ، وقد وصلت نشاطات…

دلدار بدرخان

-مسعود البارزاني هذا الاسم الذي يتردد صداه في جبال كوردستان وسهولها ليس مجرد قائد سياسي عابر بل هو الزعيم والمرجع الكوردي الذي توارثته الأجيال واستودعته آمالها وتطلعاتها، و هو امتداد لتاريخ مجيد من النضال والتضحية، و حامل راية الكورد في كل معاركهم نحو الحرية والكرامة، و كما كان أسلافه العظام يقف البارزاني شامخاً صلباً…

أكد الرئيس مسعود بارزاني ، أن إقليم كوردستان قد حقق فخرا كبيرا بوصوله إلى مرحلة انتخاب نظام حكمه، معتبرا ذلك انتصارا ومنجزا عظيمين.

وقال بارزاني في كلمة له خلال مهرجان انتخابي ضخم في مدينة أربيل اليوم الثلاثاء ، إلى أن الانتخابات كانت مقررة قبل عامين، إلا أن بعض الأطراف وضعت عراقيل أمام العملية، مما أدى إلى…

شوان زنكَنة

قدّم حزبُ العدالة والتنمية مشروعَ قانون من 12 مادة، يتضمن تعديلاتٍ في قانون أصول الضرائب، تهدف إلى رفع حجم واردات صندوق الصناعات العسكرية، وبموجب هذه التعديلات، تمَّ فرضُ ضرائب على بطاقات الائتمان، ومعاملات كُتّاب العدل، ومعاملات الطابو، وكافة ضرائب الختم، وتهدف الحكومةُ من هذه التعديلات استحصالَ ضرائب مقدارها حوالي 80 مليار ليرة سنويا.. وسيتمّ العملُ بهذه…