ابن الجزيرة
كنت أحاضر على غرفة الساحة الحمراء عن موضوع هو المجتمع والسياسة وقد أبلغت بالطلب قبل ذلك بحوالي ساعتين مما غلّب في إلقائي الارتجال..
ولكني استطعت خلال ذلك أن أضع العناوين التالية وفق الترتيب المبين لتساعدني على تسلسلها – على الأقل-.
ليس خوفا من صعوبة العرض، وإنما خشية التوسع أكثر مما يتحمله الوقت والقدرة الاستيعابية لبعض المستمعين.
مخطط الأفكار:
قراءة الأبيات التالية:(1)
ولكني استطعت خلال ذلك أن أضع العناوين التالية وفق الترتيب المبين لتساعدني على تسلسلها – على الأقل-.
ليس خوفا من صعوبة العرض، وإنما خشية التوسع أكثر مما يتحمله الوقت والقدرة الاستيعابية لبعض المستمعين.
مخطط الأفكار:
قراءة الأبيات التالية:(1)
أحبـك لو صـح أن الهـوى * * * * تترجـمه أحـرف ومعانْ
أحبك للحـب، لو أعربـت * * * * عن الحب قافيــة وبيـانْ
أخال الهوى فـوق مـا في اللغى * * * * أو أن اللغى دون ما في الجنانْ
أحبك رباه فـوق الهــوى * * * * أيا من به كنت والحب كانْ
أحبك للحـب، لو أعربـت * * * * عن الحب قافيــة وبيـانْ
أخال الهوى فـوق مـا في اللغى * * * * أو أن اللغى دون ما في الجنانْ
أحبك رباه فـوق الهــوى * * * * أيا من به كنت والحب كانْ
ومن ثم تلوت الأبيات التالية:(2)
هل لي إلى مهد السلام سبـيـل * * * * الليل داج والطريق طويل
عصفت بي الأشواق عاتية اللـظى * * * * وا حر قلب بالدموع يسيل
لتكاد تغرق في الظلام سفيـنتي * * * * لولا بصيص للرجاء ضئيل
عصفت بي الأشواق عاتية اللـظى * * * * وا حر قلب بالدموع يسيل
لتكاد تغرق في الظلام سفيـنتي * * * * لولا بصيص للرجاء ضئيل
وقرأت مقطعا من قول غورباتشوف من الصفحة 5 من مقدمة بعنوان : إلى القارئ.
من كتابه: بيريسترويكا والتفكير الجديد(3)
(( علينا أن نتلاقى، علينا أن نحل مشاكلنا بروح التعاون لا بروح العداء..
إنني أدرك تماما أن أفكاري لن تلقى تأييدا من قبل الجميع.
بل أنا شخصيا لن أوافق على كل ما يطرحه الآخرون من آراء تتناول مختلف المشاكل..
ومع ذلك فالحوار يجب أن يجري..)).
ثم أوردت المثل الأوروبي القائل ((العنف هو صوت اختناق العقل في الحنجرة)).
وذكّرت بالشعار المدوّن في واجهة غرفة الساحة الحمراء وهو (( نحن مختلفون ولكننا اخترنا الحوار والتعبير الحر)).
وخلصت من سرد ذلك كله إلى أننا محكومون بالحوار.
ولتحقيق ذلك فلا بد من قيم قابلة للممارسة.
ولها انعكاسات إيجابية على تربية النفس، في علاقة جدلية (جدلية العلاقة بين تربية النفس للدخول في ممارسة تنتج تجارب تساهم في تربية النفس..وهكذا).
يسوقنا هذا إلى البحث في العلاقة بين المجتمع والسياسة ( وإني أفضل تقديم المجتمع على السياسة، لأن المجتمع هو الأساس، والسياسة هي أداة لإدارة المجتمع على أسس سليمة تضمن نمطا صحيحا للحياة المجتمعية..) ثم حاولت تعريف المجتمع على انه: الحالة التفاعلية بين جمع من الناس على أرض محددة ينتج عنها جميع فعاليات الحياة بدءا من الحب والزواج وتربية الأولاد.
ومرورا بالعمل والعلاقات المختلفة..
وانتهاء بالعلاقات على مستوى الإنسانية..) أما السياسة فهي قيادة الفعالية الأعلى للمجتمع.
أو (إدارة المجتمع في المستوى
الأعلى لفعالياته العامة) وكل إدارة ذات معنى سياسي، بشرط أن لا نخلط بين هذا المعنى وبين معنى الساسة في الفهم الدارج لها والذي يخصصها ويتركها غامضة الفحوى والصيغة…! ومعنى المجتمع قد يتوسع، ليشمل المجتمع البشري جميعا، وقد يضيق ليقتصر على الحي أو الحارة..الخ.
وكان لابد من مقدمة توضح أن الذي يميز الإنسان عن باقي الكائنات الأرضية هو العقل، ولذا نقول: المجتمع البشري المميّز، في حين أن الجماعات الحيوانية تسيّرها الغريزة.
أو التقدير الإلهي – بحسب الدكتور شوقي أبو خليل- لفت الانتباه إلى ضرورة أن نرى في وجودنا كبشر عاقلين يمييزون الفرق بين الحق والباطل، بأننا نتحمل المسؤولية عن فهم وتطوير هذه الحياة..!
كيف بدأت الحياة؟
يمكن تلخيص الإجابة وفق التالي:
هناك نظرتان أساسيتان:
1- نظرة دينية تعيد الحياة إلى خلق الله لآدم ومن تكاثر أولاده (هكذا في الكتب الدينية ومنها القرآن)
2- نظرة علماء (وقد تقال نظرة علمية) وهي أن الخلق بدأ صدفة تحت ضرورة القوانين الحياتية، فكانت الخلية الواحدة التي تطورت إلى كثيرات الخلايا، ثم كائنات وفق قانون النشوء والارتقاء، والبقاء للأصلح.
ومن أهم علماء هذا التفسير هو ” دارون ” وله كتاب مشهور اسمه ( أصل الأنواع) يتناول هذا الموضوع بالتفصيل.
الذي يهمنا من هذا السرد ليس الخوض في قضايا علمية حول نشأة الكون ومن ثم الإنسان.
وإنما هو سلوك الإنسان خلال تاريخ طويل مليء بالحروب والشرور و الكوارث.ونسأل:
لماذا هذا السلوك؟ هل هو جهل؟ هل هو فطرة مفروضة عليه؟ ونحن نعلم أن الحياة البدائية لم تخل أبدا من وجود حكماء فيها- بحسب المستوى والمعايير السائدة حينها- وفي كل الأزمنة التي درسنا عنها..! وإن الحروب الأكثر شراسة هي تلك التي قام بها من يعتبرون أنفسهم عصريون تقدميون..الخ.!
هل يمكن القبول برؤية ” فرويد” الذي يعتبر العدوان، نزوعا فطريا عند الإنسان..؟! ونجد بعض توافق – هنا – بين نظرته وبين الآية القرآنية القائلة ((إن النفس أماّرة بالسوء)).!.
في هذه الحالة ما دور التربية ومداها؟! والتربية هل هي وظيفة اجتماعية، أم هي وظيفة فردية وذاتية تماما؟! الباحثون وعلماء النفس مختلفون بشان دور كل من العوامل الذاتية ( الفردية والنفسية والبعد الاجتماعي المنعكس في ثقافة الفرد..الخ) وبين العوامل الموضوعية (أثر البيئة، أثر الوراثة..الخ) والوسطيون منهم يجمعون بين أثر العوامل الذاتية وأثر العوامل الموضوعية،كل وفق طبيعته ..
المهم في الأمر أن الجهد التربوي مطلوب، بل وضروري.
ومرتبط بمدى الوعي والمصداقية في العمل (تطبيق النظري إلى عملي) أو تطبيق القيم النظرية إلى سلوك عملي منتج اجتماعيا – ودون الدخول في شرح النظريات المختلفة- وكحدث لا تزال تأثيراته فاعلة.
نذكر بإحداث “11” سبتمبر والتي مر عليها خمسة أعوام وهي لا تزال في تفاعل مع كل مناطق العالم، على يد أقوى دولة – يمكن تشبيهها بالوحش الهائج.- وهي تقوم بكل ما يحفظ لها مصالحها على أبعد مدى والمشكلة أنها تبني فلسفتها على المصالح البحتة أكثر من القيم البشرية الإيجابية- وهنا مكمن الخطورة-.! وعلينا دوما أن نفرق بين سياسات الدول وطبيعة شعوب هذه الدول – ومنها أمريكا..
– وإن كانت هذه الشعوب بأسلوب اختيارها تبقى – بشكل ما تتحمل المسؤولية عن هذه السياسات إلى درجة معينة-إذا كانت ديمقراطية، وفي حال كون النظام غير ديمقراطي أيضا فإن الشعب ليس خلي المسؤولية بدرجة أو أخرى، فالإنسان مسؤول عن وجوده واختياراته إلى درجة يمكن أن ينظر مسؤوليته بنوع من المسؤولية الخفيفة مراعاة للظروف..! إلا أن ذلك بالرغم من كل شيء يبقى خيرا مما تفعله الأنظمة في الشرق وفي العالم العربي بشكل خاص..! فهي تصرح جهارا بمبادئها هذه، وتنادي جهارا بالمصالح الأمريكية..
في حين يلعب حكام الأنظمة العربية وفق حالة ازدواجية – بل وتعدد- المعايير.
فلهم تصريحات ظاهرة تتوافق مع بعض آمال الأمة، ولهم سلوك مختلف، غير صادق مع شعوبها..
مما أنتج نمطا فكريا وسلوكيا مشوها ومنحرفا انعكس تربويا على كل ميادين الحياة ومؤثرة في كل مكونات النفس والشخصية عموما.
فعم الفساد وفق سياسات مرسومة ومقصودة هدفها: إيجاد حالة شعبية سلبية، (عزل المجتمع عن ممارسة السياسة بأسلوب ديمقراطي يبنى على الحرية أساسا) وقد نجحت على حد بعيد في ذلك، ساعدها في ذلك طبيعة السيكولوجية لدى المجتمع العربي، والتي ترتد إلى مكونات غير متفاعلة مع الواقع ومن ثم التطور.
مكونات مشدودة إلى إرث القبيلة بكل ما فيها من تخلف عن مواكبة العصر..! تشكل الحالة مشكلة حقيقية لكل المجتمعات التي تتساكن أو تتجاور تحت خيمة سياسة العروبة التي أصبحت قومية متعصبة وفقا لمبدئها، ومجمل فلسفتها السياسية، وربما كان استغلال الإسلام سلبيا يحرفه، ويجهله ذا دور سلبي في هذا الأمر .! الخلط بين الإسلام كدين كوني، وبين العروبة كمفهوم قومي، كان مقصودا من مؤسسي التفكير القومي العربي منذ معاوية- الخليفة الأموي الأول- وانتهاء بمنظري العروبة من الناصريين والوحدويين والبعثيين، والاتجاه القومي السوري أيضا..وغيرهم.
كل هؤلاء يتجاهلون الواقع.
ويحاولون أن يفرضوا أيديولوجية قومية غير مدروسة علميا، وإنما هي انعكاس لطموحات وأهداف وأماني( وهي جميعا تستجيب لسيكولوجية مبنية على مصلحة خاصة ألبست لبوس المصلحة القومية تغريرا بالبسطاء من الشعوب العربية وهم كثر ما دامت نسبة الأمية تصل إلى 70% في بعض مجتمعاتها، لأن محاولة محو الأمية وما شابه يصطدم دوما بآليات الفساد مثلها مثل كل المحاولات التي قد تكون صادقة من البعض – على الأقل- وفي الميادين المختلفة..! ولكنها تقصر عن أداء وظيفتها على الوجه
المطلوب، بسبب الآليات الفاسدة والمكرسة –بقصد- من المنتفعين منها، وعلى رأسهم الأنظمة الحاكمة عموما..
إن أسلوب ممارسة الحكام للأداء السياسي هو منصب على ما يخدم مصالحهم، لذا فالحاكم فوقي جبار، ينظر إلى الشعب خادما وربما عدوا يهدد مصلحته في البقاء..! إلا إذا تنازل عن شخصيته لصالح سلوك الحاكم (يصفق، يتملق، يمارس الجاسوسية على أقرانه..
حتى
لقد تحولت المؤسسات كلها إلى أوكار لهؤلاء..) ولم يعد الإنتاج مطلوبا إلا بقدر ما يخدم مصلحة الحكام، ويبقي الشعب مشغولا بتأمين أقل حد من قوته اليومي (خير له أن يصلح حاله فيتطلع إلى السياسة، مما يتعارض تماما مع أيديولوجية الحكام وخاصة المستبدين منهم تحت تسميات مختلفة براقة..!)
إذن لا مناص من فعالية شعبية –لا سيما أن مستوى الوعي قد أصبح أفضل بفضل التكنولوجيا التي تسهل مهمة الشعب في زيادة وعيه، وحسن اختيار نمط حياته، والقدرة على بعض الحركة الفكرية خاصة، والممارسة العملية في بعض أداءات ضرورية..
لكن المشكلة تبقى في هذه السيكولوجية المشدودة إلى الماضي تحت عناوين مختلفة: التراث الدين، قيم المجتمع، قيم القبيلة..
الخ.وإلى الخوف الذي أوجدته هذه الأنظمة في نفوس شعوبها من التغيرات والتطورات الجارية في الكون..!
من كتابه: بيريسترويكا والتفكير الجديد(3)
(( علينا أن نتلاقى، علينا أن نحل مشاكلنا بروح التعاون لا بروح العداء..
إنني أدرك تماما أن أفكاري لن تلقى تأييدا من قبل الجميع.
بل أنا شخصيا لن أوافق على كل ما يطرحه الآخرون من آراء تتناول مختلف المشاكل..
ومع ذلك فالحوار يجب أن يجري..)).
ثم أوردت المثل الأوروبي القائل ((العنف هو صوت اختناق العقل في الحنجرة)).
وذكّرت بالشعار المدوّن في واجهة غرفة الساحة الحمراء وهو (( نحن مختلفون ولكننا اخترنا الحوار والتعبير الحر)).
وخلصت من سرد ذلك كله إلى أننا محكومون بالحوار.
ولتحقيق ذلك فلا بد من قيم قابلة للممارسة.
ولها انعكاسات إيجابية على تربية النفس، في علاقة جدلية (جدلية العلاقة بين تربية النفس للدخول في ممارسة تنتج تجارب تساهم في تربية النفس..وهكذا).
يسوقنا هذا إلى البحث في العلاقة بين المجتمع والسياسة ( وإني أفضل تقديم المجتمع على السياسة، لأن المجتمع هو الأساس، والسياسة هي أداة لإدارة المجتمع على أسس سليمة تضمن نمطا صحيحا للحياة المجتمعية..) ثم حاولت تعريف المجتمع على انه: الحالة التفاعلية بين جمع من الناس على أرض محددة ينتج عنها جميع فعاليات الحياة بدءا من الحب والزواج وتربية الأولاد.
ومرورا بالعمل والعلاقات المختلفة..
وانتهاء بالعلاقات على مستوى الإنسانية..) أما السياسة فهي قيادة الفعالية الأعلى للمجتمع.
أو (إدارة المجتمع في المستوى
الأعلى لفعالياته العامة) وكل إدارة ذات معنى سياسي، بشرط أن لا نخلط بين هذا المعنى وبين معنى الساسة في الفهم الدارج لها والذي يخصصها ويتركها غامضة الفحوى والصيغة…! ومعنى المجتمع قد يتوسع، ليشمل المجتمع البشري جميعا، وقد يضيق ليقتصر على الحي أو الحارة..الخ.
وكان لابد من مقدمة توضح أن الذي يميز الإنسان عن باقي الكائنات الأرضية هو العقل، ولذا نقول: المجتمع البشري المميّز، في حين أن الجماعات الحيوانية تسيّرها الغريزة.
أو التقدير الإلهي – بحسب الدكتور شوقي أبو خليل- لفت الانتباه إلى ضرورة أن نرى في وجودنا كبشر عاقلين يمييزون الفرق بين الحق والباطل، بأننا نتحمل المسؤولية عن فهم وتطوير هذه الحياة..!
كيف بدأت الحياة؟
يمكن تلخيص الإجابة وفق التالي:
هناك نظرتان أساسيتان:
1- نظرة دينية تعيد الحياة إلى خلق الله لآدم ومن تكاثر أولاده (هكذا في الكتب الدينية ومنها القرآن)
2- نظرة علماء (وقد تقال نظرة علمية) وهي أن الخلق بدأ صدفة تحت ضرورة القوانين الحياتية، فكانت الخلية الواحدة التي تطورت إلى كثيرات الخلايا، ثم كائنات وفق قانون النشوء والارتقاء، والبقاء للأصلح.
ومن أهم علماء هذا التفسير هو ” دارون ” وله كتاب مشهور اسمه ( أصل الأنواع) يتناول هذا الموضوع بالتفصيل.
الذي يهمنا من هذا السرد ليس الخوض في قضايا علمية حول نشأة الكون ومن ثم الإنسان.
وإنما هو سلوك الإنسان خلال تاريخ طويل مليء بالحروب والشرور و الكوارث.ونسأل:
لماذا هذا السلوك؟ هل هو جهل؟ هل هو فطرة مفروضة عليه؟ ونحن نعلم أن الحياة البدائية لم تخل أبدا من وجود حكماء فيها- بحسب المستوى والمعايير السائدة حينها- وفي كل الأزمنة التي درسنا عنها..! وإن الحروب الأكثر شراسة هي تلك التي قام بها من يعتبرون أنفسهم عصريون تقدميون..الخ.!
هل يمكن القبول برؤية ” فرويد” الذي يعتبر العدوان، نزوعا فطريا عند الإنسان..؟! ونجد بعض توافق – هنا – بين نظرته وبين الآية القرآنية القائلة ((إن النفس أماّرة بالسوء)).!.
في هذه الحالة ما دور التربية ومداها؟! والتربية هل هي وظيفة اجتماعية، أم هي وظيفة فردية وذاتية تماما؟! الباحثون وعلماء النفس مختلفون بشان دور كل من العوامل الذاتية ( الفردية والنفسية والبعد الاجتماعي المنعكس في ثقافة الفرد..الخ) وبين العوامل الموضوعية (أثر البيئة، أثر الوراثة..الخ) والوسطيون منهم يجمعون بين أثر العوامل الذاتية وأثر العوامل الموضوعية،كل وفق طبيعته ..
المهم في الأمر أن الجهد التربوي مطلوب، بل وضروري.
ومرتبط بمدى الوعي والمصداقية في العمل (تطبيق النظري إلى عملي) أو تطبيق القيم النظرية إلى سلوك عملي منتج اجتماعيا – ودون الدخول في شرح النظريات المختلفة- وكحدث لا تزال تأثيراته فاعلة.
نذكر بإحداث “11” سبتمبر والتي مر عليها خمسة أعوام وهي لا تزال في تفاعل مع كل مناطق العالم، على يد أقوى دولة – يمكن تشبيهها بالوحش الهائج.- وهي تقوم بكل ما يحفظ لها مصالحها على أبعد مدى والمشكلة أنها تبني فلسفتها على المصالح البحتة أكثر من القيم البشرية الإيجابية- وهنا مكمن الخطورة-.! وعلينا دوما أن نفرق بين سياسات الدول وطبيعة شعوب هذه الدول – ومنها أمريكا..
– وإن كانت هذه الشعوب بأسلوب اختيارها تبقى – بشكل ما تتحمل المسؤولية عن هذه السياسات إلى درجة معينة-إذا كانت ديمقراطية، وفي حال كون النظام غير ديمقراطي أيضا فإن الشعب ليس خلي المسؤولية بدرجة أو أخرى، فالإنسان مسؤول عن وجوده واختياراته إلى درجة يمكن أن ينظر مسؤوليته بنوع من المسؤولية الخفيفة مراعاة للظروف..! إلا أن ذلك بالرغم من كل شيء يبقى خيرا مما تفعله الأنظمة في الشرق وفي العالم العربي بشكل خاص..! فهي تصرح جهارا بمبادئها هذه، وتنادي جهارا بالمصالح الأمريكية..
في حين يلعب حكام الأنظمة العربية وفق حالة ازدواجية – بل وتعدد- المعايير.
فلهم تصريحات ظاهرة تتوافق مع بعض آمال الأمة، ولهم سلوك مختلف، غير صادق مع شعوبها..
مما أنتج نمطا فكريا وسلوكيا مشوها ومنحرفا انعكس تربويا على كل ميادين الحياة ومؤثرة في كل مكونات النفس والشخصية عموما.
فعم الفساد وفق سياسات مرسومة ومقصودة هدفها: إيجاد حالة شعبية سلبية، (عزل المجتمع عن ممارسة السياسة بأسلوب ديمقراطي يبنى على الحرية أساسا) وقد نجحت على حد بعيد في ذلك، ساعدها في ذلك طبيعة السيكولوجية لدى المجتمع العربي، والتي ترتد إلى مكونات غير متفاعلة مع الواقع ومن ثم التطور.
مكونات مشدودة إلى إرث القبيلة بكل ما فيها من تخلف عن مواكبة العصر..! تشكل الحالة مشكلة حقيقية لكل المجتمعات التي تتساكن أو تتجاور تحت خيمة سياسة العروبة التي أصبحت قومية متعصبة وفقا لمبدئها، ومجمل فلسفتها السياسية، وربما كان استغلال الإسلام سلبيا يحرفه، ويجهله ذا دور سلبي في هذا الأمر .! الخلط بين الإسلام كدين كوني، وبين العروبة كمفهوم قومي، كان مقصودا من مؤسسي التفكير القومي العربي منذ معاوية- الخليفة الأموي الأول- وانتهاء بمنظري العروبة من الناصريين والوحدويين والبعثيين، والاتجاه القومي السوري أيضا..وغيرهم.
كل هؤلاء يتجاهلون الواقع.
ويحاولون أن يفرضوا أيديولوجية قومية غير مدروسة علميا، وإنما هي انعكاس لطموحات وأهداف وأماني( وهي جميعا تستجيب لسيكولوجية مبنية على مصلحة خاصة ألبست لبوس المصلحة القومية تغريرا بالبسطاء من الشعوب العربية وهم كثر ما دامت نسبة الأمية تصل إلى 70% في بعض مجتمعاتها، لأن محاولة محو الأمية وما شابه يصطدم دوما بآليات الفساد مثلها مثل كل المحاولات التي قد تكون صادقة من البعض – على الأقل- وفي الميادين المختلفة..! ولكنها تقصر عن أداء وظيفتها على الوجه
المطلوب، بسبب الآليات الفاسدة والمكرسة –بقصد- من المنتفعين منها، وعلى رأسهم الأنظمة الحاكمة عموما..
إن أسلوب ممارسة الحكام للأداء السياسي هو منصب على ما يخدم مصالحهم، لذا فالحاكم فوقي جبار، ينظر إلى الشعب خادما وربما عدوا يهدد مصلحته في البقاء..! إلا إذا تنازل عن شخصيته لصالح سلوك الحاكم (يصفق، يتملق، يمارس الجاسوسية على أقرانه..
حتى
لقد تحولت المؤسسات كلها إلى أوكار لهؤلاء..) ولم يعد الإنتاج مطلوبا إلا بقدر ما يخدم مصلحة الحكام، ويبقي الشعب مشغولا بتأمين أقل حد من قوته اليومي (خير له أن يصلح حاله فيتطلع إلى السياسة، مما يتعارض تماما مع أيديولوجية الحكام وخاصة المستبدين منهم تحت تسميات مختلفة براقة..!)
إذن لا مناص من فعالية شعبية –لا سيما أن مستوى الوعي قد أصبح أفضل بفضل التكنولوجيا التي تسهل مهمة الشعب في زيادة وعيه، وحسن اختيار نمط حياته، والقدرة على بعض الحركة الفكرية خاصة، والممارسة العملية في بعض أداءات ضرورية..
لكن المشكلة تبقى في هذه السيكولوجية المشدودة إلى الماضي تحت عناوين مختلفة: التراث الدين، قيم المجتمع، قيم القبيلة..
الخ.وإلى الخوف الذي أوجدته هذه الأنظمة في نفوس شعوبها من التغيرات والتطورات الجارية في الكون..!