تناقضات على هامش الثورة السورية

 أمين عمر

ثمة مواقف وتناقضات ترافق ثورة الحرية التي تدق أبواب دمشق، تناقضات تفتح الباب على مصراعيه، لتـُسهل الإجابة على تساؤلات المتسائلين، فما تفسير أن يدافع رجل الدين في سوريا عن النظام و رجالاته، رجالات ينتهكون حرمة أماكن العبادة ويقتلون الشعب في المساجد، يقتلون الأبرياء المطالبين بالحرية والديمقراطية والمساواة، لا يكتفون بالدفاع عنهم فحسب، بل يهاجمون ويفتون بإنتهاك حقوق المحتمين بالمساجد والتحريض على المنتفضين في شوارع بلادهم وهم عزلٌ عزلٌ عزل، سلاحهم صرختهم الداعية للحرية، هل الصرخة تخيفهم إلى هذا الحد.
 و ما تفسير أن يجتمع الفنانون السوريون وبالإجماع على دعم الثورة الشعبية في مصر والنحيب على ميدان التحرير المصري، وفي الوقت ذاته يحاربون  ثورة لا تقل رِفعةً وعظمة عن أختها المصرية، الفارق الوحيد في المسافة، فالأخيرة تندلع في شوارع بلدهم و على مقربة مئة متر منهم، ما تفسير أن يصفق عضو مجلس الشعب للرئيس قبل أن يلقي الرئيس خطابه، لماذا كل الكلام الصادر عن الرئيس يستوجب التصفيق، هل سيصفقون له لو عاد بعد أيام وخاطبهم بنقيض خطابه السابق، أم هم معتادون على التطبيل لكل ما يصدر عن فخامته، وما تفسير التفسير، أن يهتف أعضاء مجلس الحيتان بالروح والدم لرئيسهم ودم الأبرياء لا يزال حاراً في جوامع البلد وشوارعه هل ما قاموا به بطولة تستوجب التصفيق، ما تفسير تهنئة الكرد في نوروز من المترجمة السابقة والوزيرة السابقة، المستشارة الحالية للرئيس، ونساجة قصص الخيال الديمقراطي والحرية الوهمية عن حكومة رئيسها، بثينة شعبان تهنئ الكرد بعيد النوروز وهي التي تعتبر الكرد وذِكرهم تجاوزاً بتجاوز، ما شعورها – إن كانت مشاعرها حية – عندما يصف أحدهم مجرد ذِكر العرب تجاوزاً، وما تفسير حضور مسؤولون سوريون نوروز الكرد وهم من هدموا مسارحهم – منصات العرض – السنة الماضية، ما تفسير هدوء و دلع، المندسون، المسلحون على المظاهرات المؤيدة – الإجبارية – للنظام وعدم إزعاجهم أو التعرض لهم حتى بوردة، وفي الجانب الآخر مهاجمتهم كالجنجويد والديناصورات على المظاهرات المطالبة بالحرية والديمقراطية، ما تفسير ان يعترف الرئيس بان بـِطانته تدفعه للإصلاح وهو لم يحقق أي إصلاح، إذن ماذا كان سيفعل بطل الإصلاح والشفافية لو إن بـِطانته كانت تدفعه للتريث، هل هو حقاً من يعيق الإصلاح وليست التماثيل التي تحيط به وتمنعه من التنفس كما روج له المروجون، أم الكل شركاء وما هي إلا تبادل أدوار اللوم، ما تفسير سكوت بعض الكتاب! المتواجدون في البلد والذين كانوا يحرضون ويلومون الأحزاب الكردية على عدم القيام بالنشاطات والإحتجاجات، أليس اليوم هو الوقت الحقيقي لتلك الكتابات والنقد والعتب.

 ما تفسير تعيين وزير مستقيل لتشكيل حكومة جديدة وهو الوزير الذي فشل قبل الجميع في مهمته الزراعية، فبإلقاء ربع  نظرة على الزراعة ومسيرتها المخضوضرة، فسترى البطل جفاف يهز برأسه في كل مكان وستلامس زعيم المرحلة التصحر يجول في أماكن الغابات، ألا يمكننا التنبأ بفشل الحكومة القادمة حتى وإن كانت جادة في الإصلاح، فما بالك إذا كانت حركة للمراوغة وتبادل أماكن الوزراء السابقين فلا تستبعد أن يحل وزير الأوقاف مكان وزير الصناعة وهكذا..
الثورة تكشف يومياً إجابات واضحة وهامة لما نحن فيه، والذي لا بد أن يتغير للأفضل بوجود الثورة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…