تصريح صادر عن ناطق باسم حزب الوحــدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)

   في البداية، نترحّمُ على شهدائنا الأبرار الذين سقطوا على درب الحرية والكرامة في كل من مدن درعا واللاذقية ودوما والصنمين ودمشق وريفها وبقية المدن السورية، متمنين في الوقت نفسه الشفاء العاجل للجرحى.

    نقول، بعدَ إراقة الدماء الطاهرة على مذبح الحرية والكرامة، فلم يعدْ سلوك النعامة والمماطلة والهروب من الاستحقاقات الوطنية مجدياً، وعلينا جميعاً، وعلى النظام بشكل خاص إذا أرادَ أن يعالج جميع القضايا الوطنية دون استثناءٍ أو تأجيل بحجج وذرائعَ لا يقبل بها المنطق، أن يواجهَ الحقيقة بشجاعة من دون مواربة أو تسويف.
 فالمدُّ الديمقراطي قادمٌ لا محال، وذلك بعد أن كسرَ الشعب السوري حاجزَ الخوف وانتفضَ ضد القمع والاستبداد والتسلط منشداً الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وهنا يجب علينا أن نذكَّرَ بأن استخدام الرصاص الحي في مواجهة متظاهرين عزّل لا ولن يستطيع إسكات الحناجر المنادية بالحرية ولن تستطيع إيقافَ الشعوب الثائرة ولن تكون سوريا إستثاءً.

   أما بخصوص ما وردَ في خطاب السيد رئيس الجمهورية، فالخطاب لم يكن إلا قرارات وتصوراتٍ صادرة عن القيادة القطرية لحزب البعث، هذه القيادة التي عملت على تعليق العمل بدستور البلاد لما يقارب النصف قرن من الزمن وعملتْ بموجب حالة الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية، وأطلقت العنان لعمليات التبعيث ونشر الفساد في أجهزة ومؤسسات الدولة بناءً على هيمنة عقلية الحزب الواحد القائد للدولة والمجتمع، وهذا ما خلقَ لدينا حالة من الاستياء والإحباط، حيث كنا نتوقع صدور ما يؤدي إلى حل جذري للأزمة لا تغطيتها بوعودٍ وأنصاف الحلول.

فإن الأزمة التي تعيشها سوريا (كنظام) هي أزمة بنيوية تتجاوز السلطة ومجالها لتمتدَّ إلى المجتمع والدولة وتتمظهرَ في شتى الحقول السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية.
   من هنا يمكن القول بأن حلَّ الأزمة تلك يكمن في اتخاذ إجراءاتٍ عملية جادة وفق آلية فعالة لإحداث إصلاحاتٍ حقيقية من شأنها تغيير طابعَ النظام ووظائفه وحاضنته السياسية والقانونية، وذلك من خلال تحريك حلقتي المجتمع والدولة اللتين أهملتا طوال العقود الخمسة الماضية:
الأولى، بنشر الديمقراطية والحريات العامة والإقرار بالتنوع والتعدد السياسي والقومي والثقافي والديني في سوريا، ونشر قيم العدالة وثقافة حقوق الإنسان والعمل الشريف.
الثانية، بسيادة دولة الحق والقانون والرقابة البرلمانية على عمل الحكومة وفصل السلطات وإرساء السياسة على تعاقدات تقونن حدود وعلاقات السلطة بالمجتمع والدولة، وعلاقتيهما مع بعضهما بعضاً، وكذلك فصل مصالح المجتمع والدولة عن مصالح  السلطة والقائمين عليها من قوى وأشخاص، كل ذلك عبر الدعوة لعقد مؤتمر وطني شامل تشارك فيه جميع القوى والأحزاب السياسية والفعاليات  المجتمعية دون إقصاءٍ لأي طرف لينبثق عنه عقدٌ اجتماعي جديد يعبّرُ عن مصالح جميع مكونات مجتمعنا السوري المتعدد قومياً وثقافياً ودينياً…
   أما بخصوص القضية الكردية في سوريا، نؤكد بأن القومية الكردية جزءٌ أساسي من النسيج الاجتماعي السوري وبأن الجزء لا يمكن أن يحدد الكلّ الاجتماعي بل يتحدد به، وأن حل القضية الكردية مرتبط بحل قضية الديمقراطية وفق مبدأ المساواة بين جميع مكونات مجتمعنا السوري وذلك عبر الاعتراف الدستوري بوجوده.
   ونذكَّر هنا بأن محاولات بعض الجهات الرسمية في السلطة لعزل الحركة الكردية عن الحراك الوطني الديمقراطي العام أو محاولات إيهام الرأي العام السوري نؤكد بأننا في حزب الوحــدة الديمقراطي الكردي في سوريا جزءٌ أساسي من الحراك الوطني الديمقراطي في البلاد وإننا من مؤسسي إئتلاف إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي السلمي ولنا علاقات وطيدة مع إخوتنا في التجمع الوطني الديمقراطي والمنظمة الديمقراطية الآثورية وغيرهما من الأحزاب وفعاليات المجتمع المدني ولجان حقوق الإنسان.
   إننا نؤمن بأن الحوار، حوار الكل مع الكل هو السبيل الأمثل لإيجاد الحلول لجميع قضايانا الوطنية ومنها القضية الكردية، ولا بديلَ عن النضال السياسي السلمي الجماهيري واحترام حق التظاهر السلمي، ذلك الحق المصان شرعاً وقانوناً، وهنا نجدد دعوتنا لمجمل فصائل الحركة الوطنية الكردية لعقد اجتماع وتشكيل لجنة تنسيق لمتابعة التطورات الراهنة واتخاذ المواقف المناسبة بصددها.
  واهمٌ من يعتقد بأن الشمسَ يمكن أن يحجبَ بالغربال.


المجد لشهدائنا الأبرار، شهداء الحرية والكرامة!.
 
عاشت سوريا حرة لكل مواطنيها!.
3/04/2011م
زردشت محمد

الناطق باسم حزب الوحــدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…